31-مايو-2023
مرحلة جديدة تحمل تحديات للرئيس رجب طيب أردوغان (GETTY)

مرحلة جديدة تحمل تحديات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان (GETTY)

يفتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فترة رئاسته الجديدة، وسط ترقب لكيفية تعامله مع ثلاثة ملفات رئيسية سيطرت على المشهد الداخلي التركي، وكانت أوراقًا لتجاذبات واسعة مع المعارضة التركية، خاصة في الفترة التي رافقت الحملة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

3 ملفات رئيسية سيطرت على المشهد الداخلي التركي، سيتعامل معها الرئيس التركي بعد الانتخابات

الملف الاقتصادي

تمثل الحالة الاقتصادية في تركيا، واحدةً من أبرز التحديات الداخلية التي يتعين على الرئيس التركي أردوغان التعامل معها بشكل سريع، وذلك مع ارتفاع  مستويات التخضم.

ويمر الاقتصاد التركي بمرحلة صعبة، فقد وصل معدل التضخم رسميًا إلى نحو 44%، بالترافق مع ذلك تفقد الليرة التركية قيمتها بشكلٍ كبير، ومنذ يوم الأحد تواصل الليرة نزيفها عند مستويات قياسية، وصلت إلى 20.2 ليرة مقابل الدولار الواحد، في أسوأ تراجع لها منذ ثمانية أشهر، فيما خسرت الليرة 7.3% من قيمتها منذ بداية العام، وفقدت أكثر من 90% من قيمتها على مدار العقد الماضي، بسبب الكساد، وارتفاع التضخم.

واستقر التضخم السنوي  في تركيا إلى مستوى 10% طوال الأعوام الماضية، وتحديدًا منذ انتخابات عام 2018، لكن الارتفاعات بشكل كبير، بدأت بالظهور بعد أزمة العملة أواخر عام 2021، التي نجمت وفق التقديرات الاقتصادية عن سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة، ضمن سياسة اقتصادية غير تقليدية.

وقال الرئيس التركي أردوغان، بعد الإعلان عن فوزه بولاية رئاسية جديدة، يوم الأحد الماضي، إن "التضخم هو القضية الأكثر إلحاحًا في البلاد"، ويصر الرئيس التركي على أن تكاليف الاقتراض المرتفعة تسبب تضخمًا مرتفعًا، رافضًا التفكير الاقتصادي الذي يشير إلى أن رفع أسعار الفائدة يساعد في كبح زيادات الأسعار.

ومن المتوقع الإعلان عن الحكومة الجديدة نهاية الأسبوع الجاري، ويدور الاهتمام بشكل خاص حول الوزير الذي سيتسلم الملف الاقتصادي، وذكرت مصادر مطلعة بأن أبرز المرشحين هو وزير المالية السابق محمد شيمشك، الذي اجتمع مؤخرًا مع الرئيس التركي أردوغان.

وكان أردوغان قد ألمح قبل الانتخابات إلى إمكانية تعديل تشكيلة فريقه الاقتصادي، حيث قال إن شيمشك، معروف جيدًا لأوساط المستثمرين الدوليين. ووفق تقديرات تركية، فإن أردوغان كان يضع خططه، لتعيين أردوغان نائبًا للرئيس، لكن شيمشك يفضل الأدوار المرتبطة في السياسة الاقتصادية مباشرة، لذا قد يعود إلى الحكومة بمنصب وزير المالية، أو للإشراف على الفريق الاقتصادي، المختص في صياغة السياسات الاقتصادية القادمة، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء.

الرئيس أردوغان ومحمد شيشمك في لقاءٍ سابقٍ

من جهتها، أشارت صحيفة "صباح" التركية، إلى أن أردوغان يخطط لإعادة الحرس القديم من أجل إدارة الاقتصاد التركي، حيث قال أحد أكبر المعلقين السياسيين في الصحيفة، إن الوزيرين السابقين جودت يلماز ولطفي إيلفان سيشاركان في الإدارة المالية الجديدة، تحت قيادة شيمشك.

عودة اللاجئين

شكل ملف وجود اللاجئين في تركيا، أكبر التحديات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، طوال فترة الانتخابات، خاصةً مع تحريض المعارض الواسع على اللاجئين، واستخدامهم كورقة في محاولة لجذب الأصوات القومية، في حالة عنصرية، شملت وعود إعادة اللاجئين إلى سوريا.

تصاعد الخطاب العنصري المتطرف، مع الأزمة الاقتصادية في تركيا، حيث تزايد خطاب الكراهية، الذي يحمل اللاجئين المسؤولية عن ذلك،وفي خضم الحملة الانتخابية، صرح أردوغان أكثر من مرة بأنه لا يخطط لترحيل اللاجئين جماعيًا أو بالقوة ، معتبرًا ذلك خطوة غير إنسانية.

في المقابل، شدد أردوغان على التزامه بسياسة قائمة على العودة الطوعية للاجئين، وذكر أن هناك 600 ألف سوري عادوا إلى مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة المعارضة بالفعل، وتحدث الرئيس التركي عن خطة تستهدف تسهيل عودة مليون لاجئ سوري خلال السنوات المقبلة.

الانتخابات البلدية

تُعد الانتخابات البلدية، الاختبار السياسي الأهم للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث ينظر أردوغان للانتخابات المقررة في آذار/ مارس 2024، باعتبارها اختبارًا لإثبات الثقة التي حصل عليها في الانتخابات الرئاسية. ولعل التحدي الأهم في هذه الانتخابات، يتمثل في المدن الكبرى، التي أظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية في تلك المدن استمرار تقدم المعارضة.  

وفي هذا الإطار، وجه أردوغان نداءً لأنصاره بعد إعلان فوزه، "لاستكمال المسيرة، واستعادة رئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة" في الانتخابات البلدية القادمة، والتي خسرها لصالح المعارضة عام 2019.

والانتخابات البلدية، ورغم أنها من بين التحديات السياسية الصعبة التي يختبرها أردوغان، إلّا أنه الميزة التي يتقدم بها، هي التصدعات التي تضرب تحالف المعارضة، وبالأخص تحالف "الأمة" المعروف إعلاميا باسم "الطاولة السداسية"، حيث أن استمراره هو موضع شك، خاصة بعد التحالفات التي عقدها كمال كليجدار أوغلو، قبيل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وأثارت حفيظة بعض أطراف المعارضة.

تُعد الانتخابات البلدية، الاختبار السياسي الأهم للرئيس التركي رجب طيب أردوغان

نقطة أفضلية تضاف إلى أردوغان، في هذا الملف، الحكم القضائي المُعلّق بحق رئيس بلدية إسطنبول أكرام إمام أوغلو، الذي يُعد أبرز وجوه المعارضة، والشخصية الأبرز في حزب الشعب الجمهوري، بتهمة إهانة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات خلال الانتخابات المحلية التي فاز فيها برئاسة البلدية عام 2019، مما قد يؤدي إلى إبعاده عن الحياة السياسة لبضع سنوات.