26-مايو-2023
مهرجان خطابي لتحالف الجمهور في أنقرة (GETTY)

مهرجان خطابي لتحالف الجمهور في أنقرة (GETTY)

قبل يومين من موعد انطلاق الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التركية، بدأت صورة خريطة التحالفات الانتخابية تتضح، مع بناء تحالفات جديدة أو إعادة التأكيد على المواقف السابقة، وذلك في الطريق لواحدة من أهم الانتخابات في تاريخ تركيا الحديث.

اكتملت عملية إعادة بناء التحالفات، قبيل جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التركية

سنان أوغان إلى تحالف "الجمهور"

بعد خروج مرشح تحالف "الأجداد" القومي العنصري سنان أوغان من السباق الرئاسي، كانت المؤشرات تشير إلى احتمال دعمه لمرشح المعارضة التركية كمال كليجدار، رغم إعلانه الانفتاحه على أردوغان وكليجدار أوغلو بنفس المقدار، في حال تم التوافق على برنامج يلبي رغباته، والتي تتمثل في إعادة اللاجئين إلى بلدانهم، ومحاربة ’الإرهاب’ في إشارة إلى الأحزاب الكردية، وإنشاء وزارة لمواجهة الكوارث بعد الزلازل، والعمل على استقرار الوضع الاقتصادي.

ومع هذه المعطيات وعشرات التقارير التي تحدثت عن أوغان باعتباره "صانع الملوك المحتمل في تركيا"، توجه أوغان إلى لقاء غير متوقع ومبرمج مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ليعلن عقب اللقاء المفاجئ في الأوساط السياسية التركية، عن دعمه لمرشح تحالف "الجمهور" رجب طيب أردوغان، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية.

الانتخابات التركية 2023

وقال أوغان في مؤتمر صحفي: "أعلن أننا سندعم رجب طيب أردوغان، مرشح تحالف الجمهور، في الجولة الثانية من الانتخابات. أطالب الناخبين الذين صوتوا لنا أيضًا بدعم السيد رجب طيب أردوغان". وأضاف أوغان، أن "تحالف الأمة بقيادة كليجدار أوغلو فشل في إقناعنا بالمستقبل"، في حين أن قرار دعم أردوغان استند إلى مبدأ "النضال بلا توقف ضد الإرهاب"، وفق وصفه.

وفي سياق شرحه لهذا الخيار، قال أوغان إن "الرئيس الجديد يجب أن يكون في حالة توافق مع البرلمان"، مشيرًا إلى "حصول العدالة والتنمية وتحالف الجمهور على أغلبية برلمانية".

وفي لقاءٍ على قناة "TRT" التركية، أكد سنان أوغان أنه لم يعقد أي صفقة مع أردوغان، مؤكدًا أن اللقاء بينهما تمحور حول "جعل تركيا أقوى".

وأوضح أوغان، أنه لم يكن لديه أي مطالب من كليجدار أوغلو لمنحه دعمه، مشيرًا إلى العائق يتعلق بالمبدأ، موضحًا: "الخط الأحمر لدي هو حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، كيف ستفوز بالانتخابات من خلال إطلاق سراحهم؟"، في إشارة إلى حديث مرشح المعارضة عن إطلاق سراح زعيم حزب الشعوب صلاح الدين دميرتاش في حال فوزه بالانتخابات.

هل انفرط عقد تحالف الأجداد؟

بالمقابل، برز موقف مناقض لخيار سنان أوغان داخل تحالف "الأجداد" العنصري، وتمثل في دعم حزب النصر (الظفر) اليميني المتطرف، وأحد أبرز مكونات التحالف، مرشح المعارضة كليجدار أوغلو، وذلك بعد لقاء جمع زعيم الحزب النائب البرلماني السابق الذي خسر مقعده في الانتخابات البرلمانية والمعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة أوميت أوزداغ، مع مرشح تحالف "الأمة" المعارض كمال كليحدار أوغلو.

وقال أوزداغ في مؤتمر صحفي مشترك مع كليجدار أوغلو: "أكبر مشكلة في تركيا هي عودة 13 مليون لاجئ ومهاجر الذين يعيشون في بلدنا إلى وطنهم. لا يمكن لتركيا التغلب على مشاكلها الاقتصادية قبل حل هذه المسألة"، على حدِّ تعبيره.

من جهته، أكد مرشح المعارضة التركية كليجدار أوغلو، التوصل إلى اتفاق مع أوزداغ، دون تقديم أي تفاصيل عنه.

وفي وقت لاحق، كشف أوميت أوزداغ عن تلقيه وعدًا من كليجدار أوغلو، بمنحه منصب وزير الداخلية في حال فوزه بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

لكن حزب الشعب الجمهوري الذي يتزعمه كليجدار أوغلو نفى هذا التعهد، مؤكدًا أن الاتفاق مع حزب النصر لم يتجاوز المذكرة المؤلفة من سبعة بنود.

مؤتمر صحفي لكليجدار أوغلو وأوميت أوزداغ

بنود اتفاق أوزداغ وكليجدار أوغلو

ونصت مذكرة الاتفاق بين حزب النصر وتحالف "الامة" على سبعة بنود وهي: "الحفاظ على تعريف ومضمون الجنسية التركية وفقًا للمواد الأربع الأولى والمادة 66 من الدستور". بالإضافة إلى عدم السماح بالمساومة على "مبدأ قومية وعلمانية الدولة التركية التي تأسست عام 1923".

بالإضافة إلى "إعادة جميع اللاجئين والمهاجرين وخاصة السوريين، إلى بلدانهم في غضون عام واحد على أبعد تقدير". كما أضاف الاتفاق بندًا متعلقًا في الأكراد، تمثل في ما وصف بـ "خوض كفاح فعال وحازم ضد جميع التنظيمات الإرهابية دون استثناء (حزب العمال الكردستاني، تنظيم غولن، داعش)".

كما نص الاتفاق على "استمرار تطبيق سياسة الوصاية على البلديات التي يثبت تورط إدارتها في دعم الإرهاب بموجب قرار قضائي. ومحاربة ومكافحة جميع أشكال الفساد بشكل فعال وصارم وفق القانون، وضمان شفافية الدولة وانفتاحها على جميع مواطنيها".

بودكاست مسموعة

رفض كردي للمذكرة ومواصلة دعم كليجدار أوغلو

وردًا على مذكرة التفاهم بين كليجدار أوغلو وأوميت أوزداغ، كشف تحالف "العمل والحرية" اليساري المؤيد للأكراد، والداعم لمرشح تحالف "الأمة" عن رفضه لهذا التفاهم.

وجاء في بيان مشترك لحزب الشعوب الديمقراطي وحزب اليسار الأخضر المكون لهذا التحالف، أن هذه المذكرة "تتعارض مع مبادئ الديمقراطية العالمية"، وأشارت الأحزاب الكردية إلى أنها على "دراية بالألعاب الخفية والفخاخ التي تم وضعها لانتخابات 28 أيار/ مايو التي تحولت لاستفتاء للبلاد".

وعلى الرغم من رفض تحالف الأحزاب الكردية المعارض لهذا الاتفاق المبرم بين مرشح تحالف "الأمة" والحزب القومي المترطف، إلا أنه خرج في مؤتمر صحفي، مساء الخميس، يعلن استمراره في دعم مرشح المعارضة التركية كليجدار أوغلو، في جولة الإعادة المزمع عقدها يوم 28 أيار/ مايو الجاري.

وخلال المؤتمر الصحفي، انتقد تحالف "العمل والحرية"، الحديث عن "تعيين أوصياء على البلديات ذات الأغلبية الكردية، كما انتقد استخدام المهاجرين واللاجئين ’كآلة للمصالح السياسية’"، في إشارة إلى مذكرة الاتفاق بين كليجدار أوغلو وأوميت أوزداغ.

كما أكد التحالف الكردي أن الرئيس التركي أردوغان "ليس خيارهم"، وأن خيارهم الوحيد "هو تغييره وحكومته"، متعهدًا بالذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم 28 أيار/مايو لتغيير "نظام الرجل الواحد".

كشف تحالف "العمل والحرية" اليساري المؤيد للأكراد، والداعم لمرشح تحالف "الأمة" عن رفضه مذكرة التفاهم بين كليجدار أوغلو وأوميت أوزداغ

وحل تحالف "العمل والحرية" ثالثًا بحصوله على 65 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية التي جرت قبل أسبوعين، وراء كل من تحالف "الجمهور" وتحالف "الأمة".

وأسفرت نتائج الانتخابات الرئاسية التركية، التي أجريت يوم 14 أيار/ مايو 2023، عن جولة ثانية ستعقد في 28 أيار/مايو الجاري، بين مرشح تحالف "الجمهور" الحاكم الرئيس رجب طيب أردوغان، ومرشح تحالف "الأمة" المعارض كمال كليجدار أوغلو، حيث لم يتمكن أي منهما من تحقيق نسبة الحسم.