18-أغسطس-2023
gettyimages

التوترات تتصاعد في أعقاب انتهاء اتفاقية الحبوب (Getty)

بعد انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا، تزايدت عمليات الاعتراض التي تقوم بها البحرية الروسية في البحر الأسود، للسفن المتجهة للموانئ الأوكرانية.

وفي هذا الإطار، طالبت تركيا، من روسيا تفادي المزيد في التصعيد، عبر اعتراض السفن في البحر الأسود، وقالت الرئاسة التركية: "تم تحذير محاورينا في روسيا لتجنب مثل هذه الإجراءات التي قد تصعّد التوترات في البحر الأسود". 

قالت الرئاسة التركية: "تم تحذير محاورينا في روسيا لتجنب مثل هذه الإجراءات التي قد تصعّد التوترات في البحر الأسود"

وجاء الرد التركي، بعد الانتقادات التي وجهت للرئيس التركي، على صمته إزاء الحادثة، وقالت الرئاسة التركية، إن "الرد على الحادث متروك من الناحية الفنية لبالاو"، مضيفةً أنه "حتى لو كان مالك السفينة سوكرو أوكان تركيًا، فإن السفينة لا ترفع العلم التركي".

وتابعت الرئاسة ردها قائلةً: "في القانون الدولي، تعتبر دولة العلم أهم من اسم السفينة أو جنسية طاقمها".

وتحدث مسؤول بوزارة الدفاع التركية، لوكالة "رويترز"، طلب عدم ذكر اسمه، أن "أنقرة تدرس الغارة على البحر الأسود"، لكنه لم يذكر المزيد من التفاصيل.

بودكاست مسموعة

اعتراض السفينة التركية

وكانت البحرية الروسية، قد أطلقت أعيرة نارية تحذيرية تجاه سفينة شحن مملوكة لشركة تركية، تسمى "سوكرو أوكان"، وترفع علم جمهورية بالاو.

ما أجبر سفينة الشحن التركية على التوقف، وبعد ذلك، صعد أفراد من البحرية الروسية على متن السفينة، وأمروا طاقم السفينة بالجلوس على سطحها، وقاموا بإجراء عملية تفتيش، قبل السماح لها بمواصلة طريقها باتجاه ميناء إزمائيل الأوكراني.

وتعتبر هذه المرة الأولى التي يطلق فيها الروس النار تجاه سفن الشحن، بعد انسحابهم من اتفاق الحبوب.

وأصدرت روسيا، بيانًا الأحد، قالت فيه إن "سفينة الدورية فاسيلي بيكوف التابعة للبحرية الروسية، أطلقت أعيرة من أسلحة آلية على السفينة سوكرو أوكان، التي ترفع علم جمهورية بالاو، لعدم استجابة قبطان السفينة لطلب التوقف من أجل التفتيش".

ويقول المسؤولون الروس، إنهم يعتبرون الآن جميع سفن الشحن في البحر الأسود تحمل أسلحة محتملة إلى أوكرانيا.

getty

تداعيات الحادث

وبحسب تحليل لوكالة "رويترز" للأنباء، فإن هذه الحادثة جرت قبالة السواحل التركية، وتجلب تداعيات حرب أوكرانيا إلى حدود أخرى لحلف شمال الأطلسي، وترفع المخاطر في الوقت الذي تسعى فيه أنقرة لإقناع موسكو بالعودة إلى اتفاق  الحبوب.

ووفق الوكالة، كانت سفينة الشحن على بُعد 60 كلم تقريبًا من الساحل الشمالي الغربي لتركيا، في المياه الدولية، لكن على مقربة من إسطنبول، عندما اعترضها الجنود الروس للتفتيش.

اختبار لأردوغان

رأى محللون أن هذه الحادثة تختبر عزم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للحفاظ على علاقاته الجيدة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي دعاه إلى زيارة تركيا هذا الشهر، لبحث استئناف الاتفاق الذي توسطت به الأمم المتحدة وتركيا، لحماية صادرات الحبوب من أوكرانيا، وانسحبت منه روسيا الشهر الماضي.

getty

وقال المحلل الجيوسياسي التركي بشركة "بوسفور أوبزرفر للاستشارات" يوروك إيشيك: "هذا النوع من العدوان على مقربة من إسطنبول مر دون رادع ولا يحترم حقوق تركيا بصورة عامة"، مضيفًا أن "صمت أنقرة غريب، لكنه يُظهر أنها لا تزال تعول على زيارة بوتين وعودته إلى اتفاق الحبوب".

مسارات بديلة

بينما تشجع كييف وبعض الدول الغربية مسارات بديلة للصادرات الأوكرانية، لفت تحليل "رويترز" إلى أن أنقرة، التي تحافظ على علاقات جيدة مع كييف أيضًا، تعارض هذه المسارات لأسباب تتعلق بالسلامة، وتريد من الغرب قبول بعض المطالب الروسية، وتخلي موسكو عن البعض الآخر، لإعادة بدء تصدير الحبوب تحت  إشرافها، وإشراف الأمم المتحدة.

ويوم الأربعاء، قصفت روسيا المزيد من منشآت الموانئ الأوكرانية، في الوقت الذي أعلنت فيه كييف عن مغادرة سفينة حاويات لأوديسا في "الممر الإنساني" لأوكرانيا، الذي يُعدّ أحد الخيارات البديلة.

زكي وزكية الصناعي

فهم الصمت التركي

تشير "رويترز" إلى أن البحر الأسود والمضائق التركية هي المسار الرئيس لأوكرانيا وروسيا للوصول إلى الأسواق العالمية. ومنذ انهيار اتفاق الحبوب، الذي رفع أسعار السلع العالمية، وأثار مخاوف الأمم المتحدة من حدوث مجاعة عالمية، قالت روسيا وأوكرانيا إنهما "سيعاملان السفن التي تقترب من موانئهما كسفن عسكرية محتملة".

وفي هذا السياق، ولفهم الصمت التركي إزاء الحادثة، قال الدبلوماسي التركي السابق ومحلل السياسة الخارجية آيدن سيزر، إن "تفتيش روسيا لسفينة سوكرو أوكان حدث في منطقة حرب، نظرًا إلى التحذيرات المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا"، وأضاف أنه "نظرًا إلى أن تركيا أرسلت مسيّرات، وأسلحة إلى أوكرانيا، في حين ادعت أنها محايدة تجاه الحرب"، وتابع "من الصعب جدًا على تركيا التعبير عن رأيها في هذه المسألة".

لكن تركيا، اتخذت خطوات لتسهيل أي محادثات سلام بين أوكرانيا وروسيا، وعارضت الغزو الروسي، ولكنها أيضًا عارضت العقوبات الغربية على موسكو ، وعززت التعاون الاقتصادي مع روسيا  خلال الحرب.

كانت البحرية الروسية، قد أطلقت أعيرة نارية تحذيرية تجاه سفينة شحن مملوكة لشركة تركية، تسمى "سوكرو أوكان"، وترفع علم جمهورية بالاو

شروط روسيا للعودة إلى اتفاق الحبوب

تطرح روسيا عدة شروط للعودة إلى اتفاق الحبوب، حيث تطلب من الغرب أن يفي  بالتزاماته التي تهدف إلى "ضمان التصدير السلس" لحبوبها وأسمدتها، ويشمل ذلك المدفوعات "سويفت" واللوجيستيات، 

وتعقيبًا على ذلك، أشار سيزر إلى أن المطلبين الرئيسيين لروسيا هما إدراج بنك روسي في نظام مدفوعات "سويفت" العالمي، والسماح لها باستيراد البضائع المرتبطة بالزراعة، وقال: "هنا ينبغي على أردوغان إن يتفاوض ويحاول إقناع الدول الغربية، وليس بوتين، من أجل العودة لاتفاق الحبوب".