15-مارس-2023
getty

تقلل معظم التحليلات من استراتيجية منطقة باخموت (Getty)

أعلن الرئيس الأوكراني  فولوديمير زيلينسكي أن "القيادة العليا للقوات المسلحة قررت مواصلة الحفاظ على مدينة باخموت وحمايتها"، خلال اجتماع عقدته القيادة الأوكرانية يوم الثلاثاء، وذلك على وقع معارك هي الأعنف في باخموت شرق أوكرانيا. 

اشتدت المعارك داخل البلدة التي تطوقها مجموعات فاغنر، والتي أعلنت سيطرتها على كامل شرق المدينة

واشتدت المعارك داخل البلدة التي تطوقها مجموعات فاغنر، والتي أعلنت سيطرتها على كامل شرق المدينة، وفي آخر تصريح لمالك المجموعة يفغيني بريغوجين، أكد وجود مقاتليه على مقربة من مجلس مدينة باخموت، وأضاف خلال تسجيل صوتي نشر على حساب مكتبه الإعلامي على تليغرام، أن القوات الأوكرانية تحضّر لهجوم معاكس في المدينة.

وذكر بريغوجين أن "نحو 50 ألف جندي أوكراني يتواجدون داخل باخموت وفي محيطها بشكل دائم، وأن ما بين 12 و20 ألف عسكري أوكراني داخل حدود المدينة"، وأشار مالك المجموعة، إلى أنه بالإضافة لهذا العدد، "تحشد القوات الأوكرانية 20 ألف جندي تحضيرًا للهجوم المرتقب"، مما يرفع إجمالي عدد الجنود الأوكرانيين إلى 70 ألفًا، وبما يمكن أن يكون محاولةً من مالك فاغنر من أجل الضغط على القيادة العسكرية الروسية من أجل الحصول على الذخيرة.

getty

ما قيمة المعارك الدائرة في باخموت؟

يتواصل القتال منذ عدة أشهر  للسيطرة على المدينة الواقعة شرق أوكرانيا، فيما تحدثت مصادر غربية أن المدينة باتت على وشك السقوط بيد مجموعات فاغنر. وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، خلال مؤتمر صحفي عقده في ستوكهولم، على هامش اجتماع ضم وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، إنه "لا يستبعد أن تسقط باخموت أخيرًا في الأيام المقبلة"، لكنه شدد على أنه "من المهم أيضًا التأكيد على أن هذا لا يعكس بالضرورة أي نقطة تحول في مسار الحرب".

وبحسب التحليلات فإن الاستيلاء على مدينة باخموت سيسمح بإطلاق "عمليات هجومية جديدة في العمق الأوكراني". وفي الأسابيع الأخيرة، وجدت القوات الأوكرانية نفسها في موقف دفاعي عن المدينة، بعد  المكاسب التي حققتها مجموعات فاغنر في  محيط باخموت. وخلال الثلاثة أشهر الماضية  سقطت أهم البلدات حول باخموت، وهي سوليدار في بداية العام، تلتها كراسنا غورا الشهر الماضي.

getty

المعركة الأطول 

منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا قبل عام، تُعد معركة باخموت هي الأطول والأشد شراسة والأكثر دموية، وذلك في ضوء الخسائر الفادحة التي تكبدتها أوكرانيا وروسيا في باخموت التي تحولت إلى ركام.

وتتحدث المصادر الإعلامية، عن أن كل تقدم في المعركة يعاني خسائر بشرية ومادية كبيرة، كما أن مسار المعارك في المدينة لا يشير لنهاية قريبة، وذلك بعد قرار القيادة الأوكرانية الصمود داخل باخموت. وهو ما أكده بريغوجين، في تصريحات سابقة عندما قال "باخموت لن تسقط غدًا، لأن هناك مقاومة قوية والقصف المتبادل مستمر".

getty

خسائر فادحة 

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، موسكو بإرسال جنودها إلى حتفهم، قائلًا: "روسيا لا تحسب عدد رجالها على الإطلاق، وترسلهم باستمرار للاعتداء على مواقعنا". 

ووفق تقدير لمسؤول عسكري في حلف شمال الأطلسي، فإن "القوات الروسية فقدت خمسة جنود على الأقل مقابل كل جندي أوكراني يُقتل دفاعًا عن باخموت"، مشيرًا إلى أن هذا التقدير يستند إلى مؤشرات مختلف أجهزة الاستخبارات في بلدان التحالف. بينما يقول سكرتير الأمن القومي الأوكراني أوليكسي دانيلوف إن "المعدل أعلى ذلك، ويبلغ سبعة مقابل واحد".

ماذا يعني الدفاع عن باخموت؟

الهدف الاستراتيجي الرئيسي بالنسبة للقيادة العسكرية الأوكرانية، هو استخدام المعركة لإضعاف الجيش الروسي، بسبب التكتيكات التي يتبعها، وتمنح باخموت فرصة مواتية لإلحاق الخسائر بالجنود الروس، لكن أوكرانيا في نفس الوقت تخسر المئات من جنودها في المعركة.

وخلال زيارته لباخموت في كانون الأول/ديسمبر 2022 تعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بالدفاع عن "المدينة الحصينة لأطول فترة ممكنة"، حيث تمنح أوكرانيا أهمية رمزية وسياسية لباخموت، فقد صنع الرئيس الأوكراني من المدينة "رمزًا للمقاومة"، مقدمًا الثناء لشجاعة ومقاومة الجنود الأوكرانيين في المدينة، التي وصفها خلال زيارته الأخيرة لواشنطن بأنها "قلعة لمعنوياتنا"، ومنح علم باخموت للكونغرس الأمريكي.

كما أن الصمود في المدينة يدعم الرأي الذي يقول إن "الأسلحة الغربية هي ما يساعد على إحداث فرق في المعارك"، رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترى أهمية في صمود الجيش الأوكراني في باخموت، وقدر معهد دراسة الحرب مؤخرًا في تقرير له، بأن الدفاع عن باخموت لا يزال في الواقع أمرًا "معقولًا استراتيجيًا"، لأنه يستمر في استنزاف القوات الروسية.

getty

ماذا يعني الاستيلاء على باخموت روسيًا

بحسب التحليلات فإن روسيا تحتاج للنصر في باخموت لتوظيفه سياسيًا، فهي تخسر جنودها بشكلٍ كبير في عملية عسكرية متعثرة، مما يمنح دفعةً معنويةً للجيش الروسي، بالإضافة إلى تبرير جديد للحرب وشرعيتها. 

أما عسكريًا، فهذا يعني أن المدينة تشكل منصة انطلاق نحو المزيد من المكاسب الميدانية، ووفق ما أشارت إليه وزارة الدفاع البريطانية في كانون الثاني/ديسمبر، فإن الاستيلاء على المدينة "قد يمكن روسيا من تهديد مناطق أكبر مثل كراماتورسك وسلوفيانسك".

روسيا تحتاج للنصر في باخموت لتوظيفه سياسيًا، فهي تخسر جنودها بشكلٍ كبير في عملية عسكرية متعثرة، مما يمنح دفعةً معنويةً للجيش الروسي، بالإضافة إلى تبرير جديد للحرب وشرعيتها

وفي سياق متصل، توظف "فاغنر" كل طاقتها البشرية، ومواردها العسكرية  للاستيلاء على المدينة، وتقدر المصادر الغربية بأن فاغنر خسرت على جبهات باخموت ومحيطها ما بين 20 إلى 30 ألفًا من عناصرها بين قتيل وجريح. فيما يراهن مالك مجموعة فاغنر بأن الاستيلاء على باخموت، سيؤكد أن مقاتليه يستطيعون القيام بما هو أفضل مما يقوم به الجيش الروسي.