26-أبريل-2023
Getty

ضمن الاستعداد لهجوم الربيع تنفذ القوات الأوكرانية هجمات متزايدة على الجهة الشرقية من نهر دنيبرو (Getty)

تتزايد الأسئلة والتوقعات، حول الهجوم الأوكراني المضاد في الربيع، مع مخاوف من احتمال فشله، وانعكاساته على حلفاء أوكرانيا. وتذهب التقديرات للحديث عن أن الهجوم المضاد بدون تقدم أوكراني حاسم سيضعف الدعم الغربي لأوكرانيا، وقد تتعرض كييف لضغوط متزايدة للدخول في مفاوضات مع روسيا  لإنهاء الصراع.

هناك قلق أمريكي وأوكراني من نجاح الهجوم الأوكراني بشكلٍ محدود أو فشله

وتشير صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية إلى أن إدارة بايدن تخشى من تداعيات الهجوم المضاد الأوكراني، فإن كان الفشل مصيره، فقد يرتبط بعدم قدرة الولايات المتحدة على "مواجهة طموحات روسيا والصين معًا لتغير النظام العالمي القائم منذ 75 عامًا".

وعلى الرغم من عرض إدارة بايدن دعمًا ثابتًا لأوكرانيا، والتعهد بتزويدها بالأسلحة والمساعدات الاقتصادية للمدة التي تحتاجها. ولكن، إذا حقق الهجوم الوشيك مكاسب محدودة أو فشل، فإن المسؤولين في الإدارة الأمريكية، أعربوا عن مخاوفهم من مواجهة محتملة مع الصقور والحمائم داخل الكونغرس.

وظهرت هذه المخاوف مؤخرًا إلى العلن بعد تسريبات وثائق البنتاغون السرية على وسائل التواصل الاجتماعي. وجاء في وثيقة سرية في أوائل شباط/فبراير الماضي، أن المسؤولين الأمريكيين اكتشفوا نقاط ضعف خطيرة في الدفاعات الجوية الأوكرانية، كما تشير المزيد من التقييمات الأمريكية الحالية إلى أن أوكرانيا قد تحقق بعض التقدم في الجنوب والشرق، لكنها لن تتمكن من تكرار نجاح العام الماضي.

Getty

آمال وسط المخاوف

على الجانب الأوكراني، تأمل كييف بأن يساهم هجومها الربيعي في قطع الجسر البري الروسي إلى شبه جزيرة القرم، لكن التقديرات الأمريكية تشكك في حدوث ذلك، لكن لا تزال هناك آمال في البنتاغون بأن أوكرانيا ستعيق عمل خطوط الإمداد الروسية هناك، حتى لو انتهى الأمر بصعوبة لتحقيق نصر كامل على القوات الروسية التي حصنت من تواجدها مؤخرًا في شبه الجزيرة.

كما سيحاول الهجوم المضاد الوشيك لأوكرانيا استعادة الأراضي التي تحتلها روسيا على الأرجح في الشرق والجنوب، على الرغم من أنه لأسباب عملية، لم يكن لدى كبار المسؤولين الأمريكيين تفاصيل دقيقة من كييف.

وتشير الاستخبارات الأمريكية، إلى أن أوكرانيا ببساطة لا تملك القدرة على دفع القوات الروسية إلى مسافة بعيدة عن المواقع التي رسخت فيها تواجدها. وهناك شعور مماثل حول ساحات المعركة في أماكن أخرى من أوكرانيا، رغم أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجادل بأن الولايات المتحدة لم تسلح قواته بشكل كافٍ، ولذا حتى ذلك الحين، لا يمكن أن يبدأ الهجوم المضاد، إلا أن الاعتقاد السائد داخل الإدارة الأمريكية مفاده استعداد كييف للنظر في تعديل أهدافها، وقد يكون من الأسهل وضع أهداف أكثر تواضعًا واعتبارها مكاسبًا.

Getty

المساعدات مفتاح الهجوم الناجح

في المقابل، تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" أن اللهجة تغيرت حاليًا في أوساط الإدارة الأمريكية، التي كانت تتحدث قبل فترة عن صعوبات تواجه عملية تزويد أوكرانيا بالمعدات العسكرية اللازمة لهجومها الربيعي المضاد، إذ تقول التقديرات الآن أنهم يأملون في أن تستمر تلك الإمدادات، بما يضمن تحقيق الأهداف.

وزودت الولايات المتحدة والحلفاء في حلف شمال الأطلسي، أوكرانيا بمدفعية وذخيرة بشكلٍ كبير للاستعداد للمعركة القادمة. ومن المتوقع أن يكون 12 لواءً قتاليًا أوكرانيًا قوام كل لواء حوالي 4000 جندي، جاهزًا في نهاية نيسان/أبريل، وفقًا لوثائق البنتاغون المسربة التي تقدم تلميحًا للجدول الزمني الذي تضعه كييف لهجومها المضاد، وتحدثت الوثائق عن أن الولايات المتحدة والحلفاء في الناتو يقومون بتدريب وإمداد 9 من تلك الألوية التي ستشارك في الهجوم.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، هناك تفاؤل بين المسؤولين العسكريين الأمريكيين بأن الجيش الأوكراني  من الممكن أن يفاجئهم مرة أخرى، وهو الآن مسلح بالدبابات الأوروبية وناقلات الجند المدرعة الأمريكية، ولديه وحدات جديدة مدربة ومجهزة من قبل الولايات المتحدة وحلف الناتو.

وتوجهت وحدات أوكرانية منتقاة بعناية فائقة إلى معسكرات تدريب في ألمانيا لتعلم كيفية استخدام المعدات الجديدة وكيفية إجراء ما يسميه الجيش الأمريكي مناورات الأسلحة المشتركة. وسار التدريب على هذه التكتيكات بشكل جيد، وفقًا للعديد من المسؤولين الأمريكيين. وتدور التقديرات الأمريكية أن الجيش الأوكراني وفي حال استخدامه التكتيكات الجديدة بشكلٍ ناجح، فقد يتمكن من التغلب على القوات الروسية المتفوقة عدديًا.

Getty

بداية هجوم الربيع؟

وتماشيًا مع هذا السياق، كشف مسؤول عسكري أوكراني في منطقة دنيبرو، أمس الثلاثاء، لوكالة "رويترز"، بأن القوات الأوكرانية المتمركزة على الجانب الغربي من نهر دنيبرو، تنفذ هجمات بشكل متكرر على الضفة الشرقية بالقرب من مدينة خيرسون في محاولة لطرد القوات الروسية.

بدوره، قال نائب رئيس إدارة منطقة خيرسون يوري سوبوليفسكي، إن "هدف الهجمات تقليل القدرة القتالية للقوات الروسية التي تواصل قصف مدينة خيرسون منذ إجبارها على الانسحاب". 

أصوات من تحت الركام

وأضاف في حديث للتلفزيون الأوكراني، "يزور جيشنا الضفة اليسرى (الشرقية) كثيرًا، لتنفيذ غارات، وتعمل القوات المسلحة الأوكرانية بشكل فعال جدًا". وتابع "النتائج ستأتي وستكون مماثلة لما حدث على الجانب الأيمن (الغربي) لمنطقة خيرسون عندما تمكنت القوات الأوكرانية، بفضل عملية معقدة وطويلة، من تحرير أراضينا بأقل خسائر ممكنة لجيشنا"، مؤكدًا أن "نفس الشيء يحدث الآن على الجانب الأيسر".

وسيطرت القوات الروسية على الجانب الشرقي من نهر دنيبرو بالقرب من خيرسون منذ انسحابها من المدينة الجنوبية في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي بعد احتلال دام عدة شهور، ومن المتوقع أن تشن أوكرانيا هجومًا مضادًا في الربيع لمحاولة استعادة المزيد من الأراضي، وفقًا لـ"رويترز".

زودت الولايات المتحدة والحلفاء في حلف شمال الأطلسي، أوكرانيا بمدفعية وذخيرة بشكلٍ كبير للاستعداد للمعركة القادمة

أما السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا وروسيا، والمسؤول البارز في حلف الناتو، ألكسندر فيرشبو، فقال "كل شيء يتوقف على هذا الهجوم المضاد، الجميع متفائل، وربما مفرط في التفاؤل".