02-مارس-2022

أعلنت روسيا السيطرة على خيرسون (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

قال الجيش الروسي، في وقت متأخر من صباح اليوم الأربعاء، إنه استطاع السيطرة على مناطق أوكرانية أساسية، بما في ذلك مدينة خيرسون الساحلية جنوب البلاد. فيما نفت السلطات الأوكرانية هذا الادعاء، مؤكدة أن المعارك لا تزال مستمرة للسيطرة على المدينة.

قال الجيش الروسي، في وقت متأخر من صباح اليوم الأربعاء، إنه استطاع السيطرة على مناطق أوكرانية أساسية، بما في ذلك مدينة خيرسون الساحلية جنوب البلاد

وما زالت روسيا تقوم بتحركات حاسمة من أجل تطويق المدن الأساسية في أوكرانيا والاستيلاء عليها. وحسب صحيفة نيويورك تايمز، فقد تسارعت هذه المساعي اليوم الأربعاء، إذ زعم الجيش الروسي أن قواته تسيطر بشكل كامل على مدينة خيرسون الساحلية ذات الموقع الاستراتيجي بالقرب من البحر الأسود، شمال غرب شبه جزيرة القرم.

اقرأ/ي أيضًا: أوكرانيا: عن الاعتداء على الحياة التي تستحق العزاء

فيما قال مسؤولون أوكرانيون إنه رغم أن المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة محاصرة تمامًا، إلا أن المعارك من أجل السيطرة عليها لا تزال مستمرة. وفي حال كانت المزاعم الروسية صحيحة، فستكون خيرسون أول مدينة أوكرانية كبرى تحتلها روسيا منذ بداية الحرب الخميس الماضي.

في سياق التحركات الدبلوماسية، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، سيدفع ثمن الحرب التي يخوضها في أوكرانيا على المدى الطويل،  بغض النظر عن المكاسب التي قد يحققها في ساحة المعركة. وأضاف الرئيس الأمريكي، حسب وكالة الأناضول، أنه و"في حين أنه قد يحقق مكاسب في ساحة المعركة، سيدفع ثمنًا باهظًا يستمر على المدى الطويل"، في إشارة ربما إلى العقوبات الاقتصادية التي بدأها الغرب على موسكو.

من جانب آخر، أكدت روسيا على أن وفدها مستعد لاستكمال المفاوضات بشأن أوكرانيا. وقالت موسكو على لسان المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن "وفدنا سيكون جاهزًا لمتابعة المحداثات"، التي توقع أن تستمر اليوم الأربعاء.

يأتي هذا الحديث بشأن استكمال المفاوضات، بالتزامن مع نبرة مستمرة من التهديد من جهة روسيا. حيث قال وزير الخارجية الروسي إن حربًا عالمية ثالثة، في حال نشوبها، ستؤدي إلى استخدام أسلحة نووية، مما ينتج عنه دمار شامل. فيما أكد أن روسيا لن تسمح بامتلاك كييف لأسلحة نووية.

ستصوت الجمعية العامة اليوم على مشروع قرار مشابه للنص الأمريكي- الألباني الذي قدم إلى مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي

مساعٍ نحو قرار أممي

تتواصل الجلسة الاستثنائية الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي بدأت قبل يومين، بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث من المتوقع أن يصدر عنها إدانة للحرب الروسية والمطالبة بوقف الحرب وانسحاب الجيش الروسي من أوكرانيا. وستصوت الجمعية العامة اليوم على مشروع قرار مشابه للنص الأمريكي- الألباني الذي قدم إلى مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي، وأبطلت روسيا صدوره باستخدمها لحق النقض (الفيتو)، فيما من المتوقع اعتماد القرار الذي يحتاج إلى دعم ثلثي الأعضاء.

روسيا في قفص الاتّهام بشأن أوكرانيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة

ورغم أن القرارات الصادرة عن الجمعية العامة غير ملزمة إلا أنها تحمل وزنًا سياسيًا، حيث تتوقع الولايات المتحدة وحلفاؤها أن هذا التحرك قد يساهم في إظهار عزلة روسيا. ومن المقرر أن تتحدث 110 دول عن الحرب قبل التوجه نحو التصويت على مشروع القرار.

وفي كلمته أمام الجمعية العامة، وصف سفير أوكرانيا لدى الأمم المتحدة سيرجي كيسليتسيا قرار بوتين بوضع القوات النووية الروسية في حالة تأهب "بالجنون". مضيفًا "إذا كان يريد الانتحار، فلن يضطر إلى استخدام ترسانة نووية. عليه أن يفعل ما فعله الرجل في برلين في قبو عام 1945"، في إشارةٍ إلى انتحار أدولف هتلر عقب هزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.

بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنه يأمل في أن تؤدي المفاوضات "ليس إلى وقف فوري للقتال فقط، ولكن إلى طريق نحو حل دبلوماسي". ووصف قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الأحد بوضع الردع النووي الروسي في حالة تأهب قصوى بأنه "تطور مروع". كما حذر جوتيريش من تأثير الصراع على المدنيين ومن تحوله إلى أسوأ أزمة إنسانية وأزمة لاجئين في أوروبا منذ عقود. يأتي هذا التحذير بعد ارتفاع عدد اللاجئين الأوكرانيين إلى ما يزيد عن نصف مليون لاجئ، أكثر من 300 ألف منهم اتجهوا نحو بولندا، في موجة هجرة داخلية هي الأكبر منذ حرب البلقان.

Ukraine crisis: Live updates as Russia's invasion enters its fifth day - CNA

ومشروع القرار الذي سيتم التصويت عليه، سيعمل على إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا، ويطالب بالوقف الفوري للحرب والانسحاب من الأراضي الأوكرانية، ومطالبة روسيا بإلغاء الاعتراف بدونيتسك ولوهانسك كمجهوريات مستقلة، والتوصل إلى حل سلمي للنزاع من خلال المفاوضات.

وكان السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، قد اعتبر أن التحرك الروسي في أوكرانيا يتعرض للتشويه، قائلًا إن "الجيش الروسي لا يشكل خطرًا على المدنيين في أوكرانيا، ولا يقصف مناطق مدنية". وأعلن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة خلال مؤتمر صحفي أن السلطات الأمريكية أبلغت البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة بأنها تعتبر 12 من أعضاء البعثة "أشخاصًا غير مرغوب فيهم بأمريكا"، وتطالب بمغادرتها بحلول 7 مارس/ آذار، معتبرًا القرار انتهاكًا صارخًا من قبل أمريكا لمكانتها كبلدٍ مضيف للأمم المتحدة. فيما قالت السلطات الأمريكية أن الدبلوماسيين الروس يشكلون تهديدًا للأمن القومي.

 أدان ممثل الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة أولوف سكوج الغزو الروسي لأوكرانيا مشيرًا إلى أن ما يحصل "هو أكبر عدوان في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية"

وخلال كلمته أمام الجمعية العامة قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، إن بلاده لا تنوي "احتلال أوكرانيا" وأن الهدف من العملية هو حماية سكان دونباس و"تصفية النزعة العسكرية عند أوكرانيا وإيقاف الإبادة الجماعية فيها". معتبرًا أن الولايات المتحدة والغرب قاموا بإغراق  أوكرانيا بالأسلحة وتحريض الشعب الأوكراني على القتال.

من جانبه أدان ممثل الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة أولوف سكوج الغزو الروسي لأوكرانيا، وشمل بيلاروسيا في إدانته لتورطها في حرب أوكرانيا مشيرًا إلى أن ما يحصل "هو أكبر عدوان في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية". أما السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فقد قال إن بلاده تدعم المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا لكنها لا توافق على أي إجراءات قد تؤدي إلى تفاقم التوترات. فيما كانت الصين قد امتنعت عن التصويت لصالح قرار إدانة الغزو الروسي يوم الجمعة الماضي في مجلس الأمن.

في السياق ذاته، أطلع منسق مساعدات الأمم المتحدة مارتن غريفيث مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق يوم الاثنين على الوضع الإنساني في أوكرانيا. فيما أشارت فرنسا إلى نيتها طرح مشروع قرار لمجلس الأمن بشأن وصول المساعدات وحماية المدنيين في أوكرانيا. فيما تبنى مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2624، والذي ينص على فرض حظر أسلحة على جماعة الحوثيين في اليمن، وكانت بريطانيا وبالتعاون مع الإمارات قد طرحت هذا القرار، الذي حصل على موافقة 11 عضوًا في مجلس الأمن، مع امتناع 4 أعضاء عن التصويت عليه. فيما يظهر أن القرار انطوى في جزءٍ منه على توافق بين الإمارات وروسيا، التي أيدت القرار.

Russia-Ukraine Tensions Grow. What Is the Mood in Ukraine? | Wilson Center

على جانب آخر، اختتمت الاثنين الجلسة الأولى من المفاوضات الأولية بين كييف وموسكو، دون التوصل إلى نتيجة، مع الاتفاق على استمرار المحادثات. فيما تحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي مشيرًا إلى تكثيف الجيش الروسي للقصف خلال إجراء المحادثات في محاولةٍ لإجبار حكومته على تقديم تنازلات خلال المفاوضات، دون أن يكشف عن تفاصيل المفاوضات. وفيما ظهر كرد أوكراني على المفاوضات في بيلاروسيا، قدمت كييف طلبًا رسميًا من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بشكلٍ عاجل. كما ألغى الرئيس الأوكراني مؤقتًا شرط الحصول على تأشيرة الدخول لأي أجنبي يرغب في الانضمام إلى الفيلق الدولي والقتال إلى جانب أوكرانيا ضد الجيش الروسي.

وفي سياق استمرار الضغط الدولي على روسيا، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، عن بدء التحقيق في جرائم حرب محتملة أو جرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا.

في الوقت ذاته يستمر الضغط الأوروبي على روسيا، فقد قال مسؤول فرنسي كبير إن العمل مستمر من أجل فرض عقوبات جديدة ضد روسيا، مشيرًا إلى أن الهدف منها "زيادة تكلفة الحرب على بوتين، على أمل أن يغير حساباته". مضيفًا أن بوتين لم يكن يتوقع "أن يكون رد الفعل سريعًا وضخمًا".

هذا وحركت الحرب دولًا كانت تصنف باعتبارها محايدةً، فقد قررت فنلندا التي رفضت سابقًا إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، المساهمة في تقديم 2500 بندقية و1500 صاروخ مضاد للدبابات إلى جانب دروع واقية وإمدادات غذائية. فيما أعلنت وزارة الدفاع النرويجية هي الأخرى، والتي كانت كانت قد رفضت إرسال أسلحة إلى أوكرانيا لأنها ليست عضوًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إرسال  2000 صاروخ مضادة للدبابات إلى أوكرانيا. وقال وزير الدفاع النرويجي أود روجر إينوكسن إن الشحنة تهدف إلى دعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي. هذا وصرح رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو عن نية بلاده تزويد الجيش الأوكراني بالذخيرة والأسلحة المضادة للدبابات، والعمل من أجل إيقاف استيراد واردات النفط الخام من روسيا. والتحول من هذه الناحية يظهر في دخول دول جديدة مجال تزويد أوكرانيا بأسلحة قتالية، بعد اقتصارها على مدها بمعدات عسكرية مساعدة.

حراك دولي أوسع ضد روسيا

هذه التصعيدات، جنبًا إلى جنب مع المساعي الدبلوماسية، تأتي بالتزامن مع توسع مستمر للحراك الدولي ضد الحرب الروسية. حيث أعلنت تركيا مساء الإثنين إخطارها جميع الدول بمنع عبور السفن الحربية مضيقَي البوسفور والدردنيل في خطوة سبق أن طالبت بها أوكرانيا بعد الهجوم الروسي على أراضيها.

وعقب اجتماع الحكومة التركية قال وزير الخارجية التركي جاووش أوغلو في تصريح صحفي إن "اتفاقية مونترو تمنح تركيا صلاحية مطلقة في إغلاق المضائق إذا كانت طرفًا في الحرب"، وأضاف "أما إذا لم تكن تركيا طرفًا في الحرب، فلديها صلاحية عدم السماح لسفن الدول المتحاربة بالعبور من مضائقها". وتابع "أخطرنا جميع الدول المشاطئة وغير المشاطئة للبحر الأسود بألا ترسل سفنها الحربية لتمر عبر مضائقنا". واستطرد "الاتفاقية لا تحظر عبور السفن الحربية العائدة إلى قواعدها في البحر الأسود". وأكد أوغلو على مواصلة تركيا التزامها ببنود اتفاقية مونترو، مشيرًا إلى أن "الروس كانوا يتساءلون عما إذا كنا سنطبق الاتفاقية إن لزم الأمر أم لا، قلنا لهم إننا سنطبق الاتفاقية بحذافيرها".

يذكر أن وزير الخارجية التركي قال في مقابلة مع محطة سي أن أن تركيا الأحد الماضي إن "الأوضاع في أوكرانيا تحولت إلى حرب"، مؤكدًا أن "بلاده ستطبق أحكام معاهدة مونترو بشأن المضائق بكل شفافية".

Walking past the main television tower in Kyiv, Ukraine, on Wednesday. It was hit by a projectile on Tuesday.

وأوضح أن الجانب التركي توصل إلى قناعة حول المستجدات في أوكرانيا بسبب المعارك العنيفة بين الطرفين. قائلًا "هذه ليست عملية عسكرية، وليست غارة جوية مؤقتة أو اثنتين، هناك حالة حرب رسمية في البلاد الآن".

كما لفت  أوغلو أن المادة 19 من معاهدة مونترو تعطي استثناء للسفن الحربية التابعة للدول المشاطئة المشاركة في الحرب، وقال "إذا كانت السفينة الحربية ستذهب إلى قاعدتها أو مينائها في الدولة التي هي طرف في الحرب، فلا يمكن منع عبورها".

لكنه شدد في هذا الإطار على أهمية الشفافية الكاملة لتنظيم حركات العبور من المضائق في ظل هذه الظروف، مشيرا أن "روسيا لديها حاليا سفن تابعة لقواعدها بالبحر الأسود لكنها في مياه البحر المتوسط"، مؤكدًا على "أهمية عدم استغلال أحكام المعاهدة في هذا الشأن، من خلال مشاركة السفينة في الحرب بعد عبورها من المضيق إلى البحر الأسود بزعم أنها عائدة إلى قواعدها".

وفي في وقت سابق قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "بلاده تساند أوكرانيا في الدفاع عن وحدة أراضيها"، واعتبر أردوغان أن "هجوم روسيا  يتعارض مع القانون الدولي وضربة كبرى للاستقرار والسلام في المنطقة"، مضيفًا أنه "أبلغ الرئيس الأوكراني خلال مكالمة هاتفية بدعم تركيا"، مكررًا  دعوته إلى "حل الأزمة عبر الحوار". وأشار أردوغان إلى أن "تركيا تعتبر أوكرانيا وروسيا دولتين صديقتين"، وتابع أنه "يشعر بحزن حقيقي بسبب الصراع بين موسكو وكييف". 

وكان سفير أوكرانيا لدى تركيا فاسيل بودنار قد كشف أن كييف طلبت من أنقرة بشكل رسمي إغلاق مضيقَي البوسفور والدردنيل أمام روسيا، وأن بلاده تتوقع التضامن من أنقرة. وقال بودنار في مقابلة إن "السفن تشكل تهديدًا خطيرًا لكييف"، مضيفًا أن "تركيز قوات بحرية روسية في البحر الأسود كان هائلًا".

اقرأ/ي أيضًا: أوكرانيا تفتح النقاش

وبموجب اتفاقية مونترو الموقعة بين دول الاتحاد السوفياتي وتركيا وبريطانيا وفرنسا واليونان وبلغاريا ورومانيا ويوغوسلافيا واليابان وأستراليا في مدينة مونترو السويسرية في تموز/يوليو 1936، استعادت تركيا سيادتها الكاملة على المضائق البحرية، حيث منحت الاتفاقية أنقرة سلطة تنظيم عبور السفن الحربية على مضيقي البوسفور والدردنيل اللذين يربطان البحر المتوسط بالبحر الأسود، وإغلاق المضيقين أمام هذه السفن في وقت الحرب أو عندما تتعرض لتهديد، وتقييد مرور السفن البحرية التي لا تنتمي إلى دول البحر الأسود.

 قال أردوغان إن "بلاده تساند أوكرانيا في الدفاع عن وحدة أراضيها"، واعتبر أردوغان أن "هجوم روسيا  يتعارض مع القانون الدولي وضربة كبرى للاستقرار والسلام في المنطقة"

وحاول الاتحاد السوفياتي مرارًا تغيير بعض شروط الاتفاقية؛ ففي عامي 1945 و1946، احتج  على التضييق الذي طال مرور السفن الحربية، ودعا لمراجعة الاتفاقية. ويُعد مضيقا البسفور والدردنيل بوابة روسيا للعبور من البحر الأسود إلى البحر المتوسط عن طريق بحر إيجة.