07-مايو-2024
العدوان على رفح وصفقة التبادل

(Getty) بعد موافقة حماس على وقف إطلاق النار، اتجه نتنياهو إلى الهجوم على رفح

وافقت حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية على مقترح الوسطاء لوقف إطلاق النار، بينما تتحدث مصادر إسرائيلية عن الهجوم على مدينة رفح بهدف "الضغط على حماس".

وقال مصدر مطلع على الخطط الإسرائيلية، لشبكة "سي إن إن"، إن عملية إسرائيلية محدودة في رفح تهدف إلى مواصلة الضغط على حماس للموافقة على صفقة من شأنها أن تؤدي إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى. وأضاف المصدر أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بخطط إخلاء المنطقة شرق رفح وتنفيذ العملية قبل الاتصال الهاتفي، يوم الإثنين، بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ووصف المصدر العملية بأنها "محدودة للغاية"، وقال إنها ليست التوغل الأكبر في رفح الذي كانت إسرائيل تبث رسائل علنية منذ أسابيع.

بدوره، قال القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق للتلفزيون العربي: "الاحتلال لم ينجز أيًا من أهدافه التي وضعها للحرب على غزة"، مضيفًا أن "إقفال معبر رفح خطوة بسيطة مقارنة بجرائم الاحتلال في قطاع غزة".

موافقة حركة حماس على مقترح وقف إطلاق النار، وضعت نتنياهو في مأزق سياسي ودولي

وأضاف أبو مرزوق: "لم نتفق على شيء إلى حد الآن والاحتلال لم يوافق على أي مقترح قدمه الوسطاء"، مشيرًا إلى أن كل دول العالم تدعم وقف إطلاق النار حتى الإسرائيليين باستثناء نتنياهو.

وتابع أبو مرزوق: "إن أراد نتنياهو الحفاظ على حياة من تبقى من الرهائن فعليه القبول بالمقترح القطري المصري"، مؤكدًا على أن الحركة تفاوض بجدية ومسؤولية وقبلت تنازلات كبيرة إلى حد الآن. وقال: "نتنياهو يرسل وفدًا بلا صلاحيات لإفشال الاتفاق ويقصف رفح بزعم الضغط على حماس".

ورفض مسؤول أميركي كبير التصريحات الإسرائيلية عن "الصدمة" من موافقة حماس على مقترح مختلف، وقال إن مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية على اتصال وثيق مع نظرائهم الإسرائيليين بشأن هذه القضية، موضحًا "لم تكن هناك مفاجآت".

هل يرفض نتنياهو؟

وقال المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "فوجئت إسرائيل ليلة الإثنين عندما أعلنت حماس أنها قبلت اقتراح الوسطاء بشأن صفقة التبادل. خلال الأيام القليلة الماضية، بدت المفاوضات وكأنها على وشك الانهيار التام. وفي وقت سابق، طالب الجيش الإسرائيلي حوالي 100 ألف فلسطيني بإخلاء منازلهم في الأطراف الشرقية لرفح، فيما بدا أنه استعدادات لغزو المدينة الذي تم الترويج له كثيرًا. ولكن بعد ذلك جاء التحول. وموافقة إسرائيل على الاقتراح ستكون مطلوبة أولًا".

وأضاف هارئيل: "السؤال الكبير يتعلق بطبيعة وقف إطلاق النار. خلال الأشهر القليلة الماضية، كانت العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق هي مطالبة حماس بأن يتضمن الاتفاق انسحابًا كاملًا لقوات الجيش الإسرائيلي إلى جانب وقف كامل للقتال. وطالبت حماس مؤخرًا بضمانات أميركية في ضوء التصريحات المتكررة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه ينوي إصدار أمر للجيش الإسرائيلي بالاستيلاء على رفح".

وتابع هارئيل: "يبدو أن هذه إشارة أولية من نتنياهو بأنه سيرفض الاقتراح بعد الرد الإيجابي من حماس. قبل يومين فقط، ادعى نتنياهو والمتحدثون باسمه أن وسائل الإعلام الإسرائيلية وجهت إليه اتهامات كاذبة بأنه يحاول تخريب المحادثات بينما يلقي اللوم على حماس. ويبدو الآن أنه سيعطي إجابة سلبية مرة أخرى. وسوف يتم تبرير هذه الخطوة بالادعاء بأن إسرائيل تحتاج إلى ضمان هزيمة حماس، والادعاءات المشكوك فيها بوجود خداع أميركي (ادعاءات ضد نفس الإدارة الأميركية التي وافقت في الشهر الماضي على تقديم مساعدات إضافية لإسرائيل بقيمة 14 مليار دولار). ومن الناحية العملية، سيكون السبب الرئيسي هو خوف نتنياهو من انهيار ائتلافه وخسارة قاعدته الانتخابية اليمينية".

في سياق المفاوضات والصفقة، قال المعلق العسكري في الصحيفة الإسرائيلية: "في النهاية يبدو أن الوسطاء قاموا بواجباتهم بأمانة. وعرضوا على حماس اقتراحًا وافقت عليه إسرائيل بالفعل، لكنها أدخلت عددًا صغيرًا من التغييرات. لم ينحازوا إلى أي جانب، بل قدموا اقتراح تسوية كلاسيكيًا لا يزال مشروطًا بموافقة إسرائيل. بمعنى آخر، فرص تحقيق انفراجة في المفاوضات لا تزال منخفضة. ولكن ربما تكون قيادة حماس، من خلال ردها الإيجابي، قد تمكنت من دق إسفين بين إسرائيل والولايات المتحدة. وطالبت العديد من عائلات المحتجزين، ليلة الإثنين، إسرائيل بقبول الاقتراح المصري في ضوء رد حماس، حتى يتمكن الرهائن من البدء في العودة. ويبقى أن نرى كيف سيرد بيني غانتس وغادي آيزنكوت، على التغيير في موقف حماس وعلى رد فعل نتنياهو السلبي الواضح".

وتابع هارئيل: "هناك أهمية هائلة لعودة الرهائن، ولكن لا ينبغي لنا أن نخدع: فقبول الصفقة لن يشكل نصرًا إسرائيليًا أو استسلامًا لحماس، بل اعترافًا إسرائيليًا بحدود القوة". مشيرًا إلى أن حال انسحاب إسرائيل من غزة وممر نتساريم، فإن ذلك سيكون "إنجازًا كبيرًا" لحماس، رغم الدمار الكبير في غزة، موضحًا: "لكن إذا كانت هذه هي الطريقة التي انتهت بها الحرب، فلن تكون هذه هزيمة مؤلمة لحماس".

وتطرق هارئيل إلى الهجوم الإسرائيلية على رفح، قائلًا: "هذه خطوة عدوانية إلى حد ما، تم اتخاذها بعد يوم من مقتل أربعة جنود بنيران صواريخ حماس بالقرب من معبر كرم أبو سالم. ولكن هذا لا يعني أن إسرائيل على وشك غزو رفح". مضيفًا: "بصرف النظر عن التوترات بشأن صفقة الرهائن، فمن المرجح أن يؤدي الإجلاء القسري للسكان من منطقة قريبة من الحدود المصرية إلى إثارة التوترات بين إسرائيل وواشنطن وبين إسرائيل والقاهرة. منذ أن بدأت الحرب، كان المصريون يخشون أن تؤدي كارثة إنسانية أكبر إلى دفع مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية".

وتحدث عن التصريحات الأميركية، والمطالبة بضمان إسرائيل "إخلاءً دقيقًا لسكان رفح من المدينة إذا كان الجيش الإسرائيلي يعتزم العمل هناك. وفي محادثات مغلقة، يبدو أن الأميركيين كانوا يحذرون نتنياهو بعبارات أقوى".

أمّا عن الجبهة الشمالية، قال هارئيل: "إن استمرار القتال في غزة من شأنه أن يزيد من صعوبة التوصل إلى أي نوع من الاتفاق لإنهاء القتال على الحدود اللبنانية"، مؤكدًا تزايد فعالية الطائرات المُسيّرة التي يطلقها حزب الله.

نتنياهو في مأزق

بدوره، قال المعلق الإسرائيلي ناحوم برنيع، إن السنوار "يعلم أن الحكومة الحالية لا تستطيع الموافقة على الاقتراح. ومن أجل طمأنة الأميركيين، ربما ترسل إسرائيل وفدًا فنيًا إلى القاهرة. وهذا مهم لنتنياهو على الجبهة الداخلية أيضًا: في الوضع الذي نشأ، لا يستطيع أن يُنظر إليه على أنه شخص يخرب الاتفاق ويتخلى عن الرهائن، ولا يستطيع أن يُنظر إليه على أنه شخص مستعد للتسوية والاتفاق ويخون شركائه في اليمين".

وأضاف برنيع في مقالة على "يديعوت أحرونوت": "منذ الأسبوع الأول للحرب، حذر عسكريون سابقون وحاليون من أن نتنياهو ليس لديه استراتيجية خروج. لنفترض أننا تمكنا من السيطرة على محور فيلادلفيا بثمن دم منخفض نسبيًا. ماذا سيحدث بعد ذلك؟ باستثناء عدد قليل من أمثال سموتريتش، لا أحد في إسرائيل يريد له أو لأولاده أن يخدموا في حكومة عسكرية في غزة. وماذا في ذلك؟ إن إرسال المقاتلين إلى المعركة دون خطة لليوم التالي للمعركة هو خروج على القانون لا يجب التسامح معه".

وأشار إلى أنه "مثلما أدركنا في جميع حروب إسرائيل، وبشكل أكبر في حرب غزة، فإن ما يخطط له الجيش الإسرائيلي وما يحدث على أرض الواقع هما قصتان مختلفتان"، وذلك بسبب المقاومة الفلسطينية وتوحل القوات الإسرائيلية.

هل تتخلص إسرائيل من الوهم؟

من جانبه، كتب المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلي آفي غيل، مقالة بعنوان "لا نصر ولا مطلق: إنها مجرد جولة أخرى ضد غزة، وليست الأخيرة". وقال: "يتمسك نتنياهو بوهم «النصر الشامل»، لأنه يطيل أمد الحرب ويبعده عن الانكشاف كزعيم فاشل هاجم حماس. إن الوهم على وشك أن يتبدد، وذلك لسبب بسيط وهو أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من غير الممكن أن ينتهي من خلال القرار العسكري، بل من خلال التسوية السياسية فقط. حل الدولتين هو الضربة القاضية. وفي غياب أفق سياسي يمكن الاعتماد عليه، فإن الجولة المقبلة لن تكون سوى مسألة وقت".

وأوضح غيل: "وهم النصر المطلق، الذي يحمي الآن عرش نتنياهو ويمنع الرهائن من العودة، تجلى في اليوم التالي من 7 تشرين الأول/أكتوبر. قرار اجتياح غزة عبر عن قرار يقضي بأن تفكك حماس يسبق الصفقة. وتناول مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي التناقض بين الهدفين بصراحة غير معتادة في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2023، قائلًا إنه ’ليس لدينا حاليًا أي وسيلة لإجراء مفاوضات مع عدو نريد أن نمسحه عن وجه الأرض’. والأصوات التي ارتفعت حينها، والتي تنادي بأولوية عودة الرهائن، لقيت رفضًا قاطعًا. وكانت القيادة الإسرائيلية، السياسية منها والعسكرية، تتوق إلى محو وصمة الفشل الذريع التي لصقت بها وانغمست في وهم "النصر المطلق". كما صيغ تحت هذا العنوان الادعاء الفارغ بأن ضرب حماس سيؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن".

وختم مقالته، بالقول: "لقد ساعدت صدمة السابع من تشرين الأول/أكتوبر في دفع الواقع المرير إلى الوراء، إلا أنها لا تملك القدرة على تغييره: فالحرب الحالية مع حماس لن تنهي الصراع التاريخي. لقد مررنا بجولة قاتلة من القتال لا مثيل لها، لكنها جولة أخرى من بين العديد من الجولات. لو كان قادة إسرائيل قد أدركوا هذه الحقيقة، لربما وضعوا يوم السبت الرهائن كأولوية وأجلوا جولة القتال إلى موعد لاحق. إن التوقعات بأن السياسيين الذين يقودوننا سوف يمارسون مثل هذه السلطة التقديرية في الأيام المؤلمة الأولى بعد السابع من أكتوبر هي بالطبع مجرد أمنيات ساذجة. أما الآن، وبعد أن صفعنا الواقع على وجوهنا، ألم يحن الوقت لنتخلص من وهم "النصر المطلق" ونعطي الأولوية لخلاص الأسرى؟"، وفق قوله.