03-مايو-2021

الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس (Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير

خسرت دولة الإمارات العربية المتحدة يوم أمس، الأحد 2 أيار/ مايو، جولة جديدة من جولات استثمار الفعاليات والأنشطة الثقافية في تجميل صورتها عالميًا، بعد رفض الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس استلام جائزة "شخصية العام الثقافية"، التي تمنحها "جائزة الشيخ زايد للكتاب" الممولة من قبل حكومة أبو ظبي، والتي يرعاها ولي عهد الإمارة، والحاكم الفعلي للدولة، محمد بن زايد.

أدان الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس عبر رفضه للجائزة النظام الإماراتي القمعي، ودحض ادعاءاته حول التسامح وضمان الحريات واحترام حقوق الإنسان

رفضُ يورغن هابرماس للجائزة التي أبدى استعداده لقبولها نهاية نيسان/ أبريل الفائت، جاء في بيانٍ سلّمه ناشره، دار "سوركامب"، إلى مجلة "دير شبيغل" الألمانية التي نشرته صباح يوم أمس، اعتبر فيه الفيلسوف الألماني أن قبوله الجائزة كان قرارًا خاطئًا، وأن رفضه لها ليس إلا تصحيحًا لهذا الخطأ.

اقرأ/ي أيضًا: الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس يرفض جائزة الشيخ زايد للكتاب

وأعاد صاحب "المعرفة والمصلحة" سبب رفضه، إلى اكتشافه الصلة الوثيقة بين المؤسسة المانحة للجائزة، والنظام السياسي القائم في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك في نقدٍ صريحٍ ومباشر للنظام السياسي الإماراتي، وإشارة إلى عدم مصداقية الجائزة التي ترعاها جهاتٌ تسعى عبرها، وعبر غيرها من الأنشطة المشابهة، إلى بناء صورةٍ مضللة تصرف الانتباه عن انتهاكاتها الحقوقية المرعبة خلف بذخ الفعاليات والجوائز الثقافية.

الجائزة التي تبلغ قيمتها المادية نحو ربع مليون دولار أمريكي، أعربت في بيانٍ مقتضب عن أسفها لتراجع هابرماس عن قبوله المسبق لجائزة "شخصية العام الثقافية"، دون المجيء على ذكر الأسباب التي دفعته لرفضها، حيث أنهت بيانها الإنشائي بالقول إنها تجسد: "قيم التسامح والمعرفة والإبداع وبناء الجسور بين الثقافات".

ولكن القيم التي ذُكرت في البيان، هي ذاتها القيم التي فقدت مصداقيتها بعد رفض الفيلسوف الألماني للجائزة، ذلك أن رفضه مبني على موقفه من النظام السياسي الإماراتي الذي يملك سجلًا حقوقيًا قاتمًا، داخل البلاد وخارجها، أعاد موقف يورغن هابرماس هذا تسليط الضوء عليه، لتتحول الجائزة من فعالية ثقافية هدفها التضليل وتزييف الصورة الأصلية للإمارات، إلى مناسبة لتعرية ممارسات نظامها وإدانته بصفته نظامًا قمعيًا لا يتسامح، وعلى العكس مما يدعيه تمامًا، مع الأصوات المعارضة له.

وبرفضه للجائزة، يواصل مؤلف "نظرية الفعل التواصلي" الذي يعدُّ من أبرز منظري مدرسة فرانكفورت النقدية، التزامه بالمبادئ التي لطالما نادى بها حول الحرية والعدالة والديمقراطية، وهي مبادئ لا تتسق مع ممارسات النظام الإماراتي، وتقف على النقيض منها تمامًا، الأمر الذي دفعه إلى تدارك الأمور وتجنب أن يكون ضحية من ضحايا الآلة الدعائية الإماراتية، التي تسعى إلى إخفاء وحشية النظام القائم خلف دخان وبذخ الفعاليات الثقافية.

أدان يورغن هابرماس النظام الإماراتي القمعي عبر موقفه هذا، ودحض في الوقت نفسه ادعاءاته حول التسامح وضمان حرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الإنسان، كما نزع أيضًا المصداقية عن "جائزة الشيخ زايد للكتاب" بصفتها، شأنها شأن الكثير من الفعاليات الثقافية في الإمارات، وسيلة من وسائل التعتيم على ما يحدث خلفها من انتهاكاتٍ حقوقية مخيفة.

اعتبر الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس قبوله جائزة "الشيخ زايد للكتاب" قرارًا خائطًا، وأن رفضه لها ليس إلا تصحيحًا لهذا الخطأ

في المقابل، أعادت الحادثة إلى الأذهان قضية تحرش واعتداء وزير التسامح الإماراتي نهيان بن مبارك آل نهيان، على مسؤولة تنظيم مهرجان "هاي أبو ظبي" كايتلين ماكنمارا، أثناء تواجدها في الإمارة خلال فترة إقامة المهرجان الذي سلك مسارًا عكس الذي رسمته له السلطات الإماراتية، إذ تحول إلى مناسبة لفضح ممارساتها وإدانتها، بدلًا من التعتيم عليها، تمامًا كما هو حال مع "جائزة الشيخ زايد للكتاب" هذا العام.

اقرأ/ي أيضًا: يورغن هابرماس: الأصولية الدينية ظاهرة حديثة وليدة للرأسمالية والاستعمار

وشهد المهرجان الذي أُقيمت فعالياته أواخر شباط/ فبراير من العام الفائت 2020، إدانة عددٍ من الشخصيات الحقوقية المشاركة، سجل حرية الرأي في الإمارات، بالإضافة إلى مطالبة نحو 50 مثقفًا ومنظمة السلطات الإماراتية بضمان ودعم حرية التعبير، وإطلاق سراح المدافعين عن حقوق الإنسان، وذلك في بيانٍ أشاروا فيه إلى استمرار السلطات في إخفاء انتهاكات حقوق الإنسان بدلًا من معالجتها، عبر رعاية ودعم هذه الفعاليات التي تهدف إلى تصدير صورة حسنة عن نفسها للعالم الخارجي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الإمارات وجوائزها.. بالونات اختبار صهيونية

عن المطالبة بفك ارتباط البوكر بالإمارات