09-يونيو-2018

يعتبر هابرماس من آخر فلاسفة مدرسة فرانكفورت النقدية (Getty)

عرف يورغن هابرماس، وهو فيلسوف وعالم اجتماع ألماني من موالد عام 1928، بدوره الفاعل، كآخر سليلي مدرسة فرانكفورت النقدية. وتعكس حياته المليئة بالتحولات، تجربته الفلسفية الغنية، فقد عاصر مراحل وتقلبات جذرية في التاريخ الألماني، بدءًا من النازية والشيوعية، وصولًا إلى تأسيس الجمهورية الاتحادية، التي تلعب مؤخرًا دورًا رائدًا في التكتل السياسي والاقتصادي الجديد بين دول غرب ووسط أوروبا.

إذا جاز تحقيب فكر هابرماس، فيمكن القول إنه من فلاسفة ما بعد الحرب العالمية الثانية

إذا جاز تحقيب فكر هابرماس، فيمكن القول إنه من فلاسفة ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذين دفعهم التغيير الكبير بعد الحرب، إلى التفكير في الأساسات العملية للمجتمعات الأوروبية الخارج معظمها من الدمار. لكنه لم يمارس نقدًا لاذعًا وحسب ضد الحداثة ومجازر العقلانية، التي أنتجت فيما أنتجته، صراعات كبرى، لا يمكن استثناء حتى التجربة النازية منها، لكنه أسس لنزعة تميل إلى إصلاح قيم الحداثة والعقلانية نفسهما، من خلال إسنادهما إلى أساس أخلاقي واضح ومشترك، لا مكان فيه للحقيقة المطلقة، ويعتمد فقط على الحوار العام والحجج المتبادلة، وهو ما تجلى في مفهومه الشهير "أخلاقيات الخطاب" (Discourse ethics).

قد يكون هابرماس ماركسيًا، وقد أحب أن يصنف نفسه كذلك، لكنه ليس بالتأكيد ثوريًا بالمعنى الجامد الذي تتبناه الصوابية السياسية (political correctness)، ولكن المطلع على شغله النظري ونشاطه السياسي، قد يجد على العكس من ذلك، أنه أميل ما يكون إلى التشخيص الجزئي والإصلاح، لذلك فإنه يدافع عن نموذج مثل نموذج الاتحاد الأوروبي، باعتباره فرصة لمواجهة هيمنة السوق الحر المطلقة. وهو بالتالي أقرب إلى الفهم الإجرائي لهذه المفاهيم الكبرى على غرار الرأس مالية والسوق الحر والهيمنة، وأبعد عن الإيمان بالسرديات الكلية، التي تلتزم بإجابات كلية أيضًا.

اشتهر هابرماس بشغله المؤسس فيما يتعلق بالفضاء العام وآليات التواصل العقلاني فيه. وقد دأب على الخوض في النقاشات العامة خاصة في المجتمع الألماني، وقد كان بالتالي مثقفًا عموميًا، من ناحية تواصله مع الراهن السياسي والاجتماعي. وتجيء أهمية هذه المقابلة المنشورة على صحيفة "El País" الإسبانية، من هذه الفكرة بالتحديد، حيث أنها تناقش مواضيع سياسية واقتصادية راهنة، مثل صعود اليمين المتطرف في أمريكا وأوروبا، والنزعة العدائية نحو اللاجئين، بالإضافة إلى صعود بعض أحزاب الوسط إلى السلطة في بعض الدول مثل فرنسا، وإلى التكنولوجيا وتأثيرها على دور الإعلام والثقافة التقليديين، وبالتأكيد، موقع الفلسفة التي يقاتل هابرماس للحفاظ على دورها، من ذلك كله.


المقابلة بأسئلة "El País":

هناك الكثير من القيل والقال هذه الأيام عن تلاشي المثقف الملتزم. لكن هل تعتقد أنه يصح لنا القول بأن موضوع هذه النقاشات نادرًا ما يُطرح خارج المجال الثقافي؟

 بناء على النموذج الفرنسي، من زولا انتهاءً بسارتر وبورديو، يعد المجال العام حيويًا بالنسبة للمثقف، بالرغم من أن بنية هذا المجال الهشة هي في حقيقتها عبارة عن عملية مستمرة ومتسارعة من الاضمحلال والتلاشي. لذا أرى بأن السؤال التقليدي المنبعث من حالة الحنين إلى الماضي (النوستالجيا) والذي يتساءل "أين ذهب كل المفكرين؟" ليس له أي قدر من الوجاهة. لا يمكنك أن تحظى بمفكرين ملتزمين إن لم يكن لديك قراء يتلقون هذه الأفكار.

هابرماس: الطريقة الوحيدة للتعامل مع أمواج الهجرة هي علاج مسبباتها الاقتصادية

 هل أضعف الانترنت من المجال العام الذي دعم وسائل الإعلام التقليدية، وهو ما أثر بدوره سلبًا على الفلاسفة والمفكرين؟

أجل، منذ هاينرش هاينه تزايدت مكانة المثقف ضمن الترتيبات الكلاسيكية للمجال العام الليبرالي. إلا أن ذلك اعتمد بالأساس على وجود افتراضات اجتماعية وثقافية غير معقولة، مثلت الصحافة اليقظة جزءًا أساسيًا منها وذلك بوجود صحف موثقة ووسائل إعلام جماهيرية، قادرة على توجيه انتباه الأغلبية تجاه الموضوعات المتعلقة بتشكيل الرأي السياسي العام؛ وكذلك وجود شريحة سكانية قارئة مهتمة بالسياسة ومتعلمة ومعتادة على عملية تشكيل الآراء التي تنطوي على التضارب والتناقضات الداخلية، والتي تقتطع جزءًا من وقتها لقراءة الصحافة المستقلة المتعمقة.

اقرأ/ي أيضًا: حقل علمي وأربع مدارس: محاضرات في الأنثروبولوجيا

في أيامنا هذه لم تعد هذه البنية التحتية متماسكة كالسابق، على الرغم من أنها ما زالت موجودة على حد علمي في دول مثل إسبانيا وفرنسا وألمانيا. لكن حتى في تلك البلدان، غيَّر الإنترنت بتأثيره الباعث على التشظي والتفتت من طبيعة ودور وسائل الإعلام التقليدية، خصوصًا لدى الأجيال الشابة. حتى قبل ظهور نزعات التمركز حول الذات والتذري (atomic tendencies) لوسائل الإعلام الجديدة، أدى تسليع الانتباه العام ورسملته إلى بدء عملية تفكك المجال العام. الولايات المتحدة واستخدامها الحصري للقنوات التلفزيونية الخاصة مثال على ذلك. واليوم تسلك وسائل التواصل الجديدة طرقًا أخبث وأكثر إغواءً في التسويق، لا تستهدف جذب انتباه المستهلك بشكل صريح وعلني بل استغلال المعلومات المكنونة في حيزه وحسابه الشخصي الخاص. يسرقون بيانات العملاء الشخصية دون علمهم بهدف التلاعب بهم بشكل أفضل، وفي بعض الأوقات يكون ذلك بغرض تحقيق غايات سياسية فاسدة كما جرى في فضيحة فيسبوك الأخيرة.

 برغم ميزاته الواضحة، هل تعتقد أن الإنترنت يستحث نوعًا جديدًا من الأمية؟

هل تعني الموضوعات العدائية المثيرة للجدل، أو الفقاعات أو أكاذيب ترامب في تغريداته؟ لا تستطيع حتى القول بأن هذا الشخص بالتحديد دون مستوى الثقافة السياسية لبلاده. إنه يحطم هذا المستوى إلى الأبد. منذ اللحظة التي اُخترعت فيها الصفحة المطبوعة، وحولت الجميع إلى قراء محتملين، تطلب الأمر قرونًا حتى يكون بإمكان شعب كامل القراءة. يحولنا الإنترنت جميعًا إلى مؤلفين محتملين، مع أن عمره لم يتجاوز العقدين. ربما مع الوقت سنتعلم كيف نتعامل على شبكات التواصل الاجتماعي بطريقة متحضرة. لقد فتح لنا الإنترنت بالفعل قنوات ثقافية فرعية يتم من خلالها تبادل المعلومات الموثقة والأراء المحكمة، ليس فقط من خلال المدونات العلمية التي تضاعف حجم إنجازاتها الأكاديمية بفضل هذه الوسائل، بل خذ على سبيل المثال منتديات المرضى الذين يعانون من الأمراض النادرة الذين يستطيعون الآن التواصل مع آخرين يعانون من نفس ما يعانون هم منه في قارات أخرى، وتبادل النصائح والخبرات. هناك ميزات تواصلية عظيمة بلا شك، وليس فقط زيادة سرعة تجارة الأسهم والمضاربة فيها. أنا أكبر سنًا من أن أحكم على الدوافع الثقافية التي تولدها وسائل الإعلام الجديدة. لكن ما يزعجني هو أنها أول ثورة في وسائل الإعلام والتواصل في تاريخ البشرية تسعى في المقام الأول وقبل كل شيء لتحقيق غايات اقتصادية على حساب الأهداف الثقافية.

 في مشهدنا الحالي الذي تهمين عليه التكنولوجيا، ما هو مستقبل الفلسفة؟

 ما زلت مع الرأي العتيق القائل بأن على الفلسفة أن تستمر في محاولة الإجابة على أسئلة كانط: ماذا بإمكاني أن أعرف؟ ما الذي يجب علي معرفته؟ ماذا علي أن أتوقع؟ ماذا يعني أن تكون إنسانًا؟ لكني لست واثقًا من أن الفلسفة كما نعرفها لديها أفق مستقبلي. في الوقت الحالي تتبع الفلسفة نزعة التخصص المتزايدة كما هو الحال في كل المجالات والفروع الأخرى. وهذا طريق مسدود بالنسبة لها لأن الفلسفة يجب عليها أن تحاول تفسير ما هو كلي، والإسهام في الوصول لتفسيرات عقلانية للطرق التي نفهم بها أنفسنا والعالم من حولنا.

ما الذي حدث لارتباطاتك القديمة بالماركسية؟ هل ما زلت يساريًا؟

قضيت 65 عامًا من عمري في العمل والنضال من أجل المسلمات اليسارية في الجامعات وفي المجال العام. وقضيت ربع قرن من النضال لأجل تكامل سياسي أكبر للاتحاد الأوروبي. فعلت ذلك وفي ذهني فكرة مفادها بأن هذه المنظمة القارية هي الوحيدة القادرة على إخضاع الرأسمالية المنفلتة من عقالها. لم أتوقف يومًا عن نقد الرأسمالية ولم أتوقف أيضًا عن إدراكي بأن التشخيص العفوي المجرد ليس كافيًا. لست من أولئك المثقفين الذين يطلقون النار دون أن يصوّبوا.

اشتهر هابرماس بشغله المؤسس فيما يتعلق بالفضاء العام وآليات التواصل العقلاني فيه

كانط + هيجل + التنوير + الماركسية مُخيبة الآمال = هابرماس. هل هذا صحيح؟

 إذا كان عليك أن تعبر عن الأمر باختصار شديد، إذن نعم هذا صحيح، لكن عليك أن تضيف لمحة من منطق (جدل) أدورنو السلبي.

في عام 1986، أبدعت مفهوم الوطنية الدستورية السياسي، والذي يبدو في أيامنا هذه مثل مصطلح طبي معالج تقريبًا، في مقابل أنواع أخرى مفترضة من الوطنية  تتضمن أعلامًا وأناشيد. هل كنت لتقول إنه من الصعب تحقيق هذه الوطنية الدستورية؟

 عام 1984، دعيت لإلقاء خطاب في الكونغرس الإسباني. بعدها ذهبنا لتناول الطعام في مطعم أسس منذ زمن طويل. إذا كنت أتذكر جيدًا كان المطعم واقعًا بين الكونغرس وبويرتا ديل سول، في الناحية اليسرى من الطريق. خلال حوارنا الشيق مع مستضيفينا المرموقين، الذين كان العديد منهم من الاشتراكيين الديمقراطيين ممن انخرطوا في كتابة الدستور الجديد للبلاد، أخبرونا أنا وزوجتي أنه في هذه المؤسسة جرى التآمر لإعلان الجمهورية الإسبانية الأولى عام 1873. ما إن عرفنا ذلك حتى انتابنا شعور مختلف تمامًا. دائمًا ما تحتاج الدستورية الوطنية لخلفية درامية مناسبة تجعلنا ندرك دائمًا أن الدستور هو إنجاز وطني في المقام الأول.  

هل تعتبر نفسك وطنيًا؟

أشعر أنني وطني تجاه بلد تمكن أخيرًا بعد الحرب العالمية الثانية من إقامة ديمقراطية مستقرة، وتمكن على مدى عقود لاحقة من الاستقطاب السياسي من تأسيس ثقافة سياسية ليبرالية. هذه المرة الأولى التي أقول فيها هذا، لكن من هذا المنظور، أجل، أنا وطني ألماني وكذلك أنا نتاج الثقافة الألمانية.

 بوجود هذا التدفق من المهاجرين، هل ما زال لألمانيا ثقافة واحدة فقط؟

أنا فخور بثقافتنا التي تضم جيلًا ثانيًا وثالثًا من المهاجرين الأتراك والإيرانيين واليونانيين، الذين قدموا لنا صناع أفلام وصحفيين وشخصيات تلفزيونة وكذلك مديرين مذهلين، بالإضافة إلى أطباء بارعين وكتاب وسياسيين وموسيقيين وأساتذة. هذا عرض واضح لمدى قوة ثقافتنا وقدرتها على التجديد. رفض اليمين الشعبوي العدائي لهؤلاء الناس، الذين لم يكن تحقيق ذلك ممكنًا من دونهم، هو مجرد هراء لا معنى له.

 هل يمكنك أن تخبرنا عن كتابك الجديد عن الدين وقدرته الرمزية على علاج أمراض معينة من أمراض العصر الحديث؟

 لا يتحدث الكتاب عن الدين بقدر ما يتحدث عن الفلسفة. آمل أن يتمكن التشريح الجينالوجي للأفكار ما بعد الميتافيزيقة القائمة على جدل استمر عصرًا كاملًا حول الاعتقاد والمعرفة، من منع الفلسفة، التي تزداد أوضاعها تدهورًا في الساحة العلمية، من أن تنسى دورها التنويري.

اقرأ/ي أيضًا: هايدغر في الفكر العربي

 بالحديث عن الدين والحروب الدينية والثقافية، هل تعتقد أننا متجهون نحو صدام للحضارات؟

 بالنسبة لي، تجانب هذه الفكرة الصواب تمامًا. تميزت أقدم الحضارات وأكثرها تأثيرًا بالأفكار الميتافيزيقية والأديان العظيمة التي درسها ماكس فيبر. تحظى جميعها بإمكانات عالمية، ولعل هذا هو السبب الذي يجعلها تزدهر عبر الانفتاح والإدماج. الحقيقة هي أن الأصولية الدينية ظاهرة حديثة تمامًا، نمت من بطن الاجتثاث والاستئصال الاجتماعي الذي بدأته الكولونيالية ونهاية الكولونيالية والرأسمالية العالمية.

الأصولية الدينية ظاهرة حديثة تمامًا، نمت من بطن الاجتثاث والاستئصال الاجتماعي الذي بدأته الكولونيالية ونهاية الكولونيالية والرأسمالية العالمية

كتبت في بعض المناسبات أن أوروبا يجب أن تتعهد نسختها الخاصة من الإسلام بالرعاية. هل تعتقد أن هذا يحدث بالفعل؟

في جمهورية ألمانيا الاتحادية، نبذل جهودًا لتدريس العلوم الدينية الإسلامية في جامعاتنا، مما يعني أن بإمكاننا أن نخرج معلمين للدين من بلدنا بدل استيرادهم من تركيا وأماكن أخرى. لكن هذه العملية تعتمد حقًا على قدرتنا على دمج العائلات المهاجرة. إلا أن هذا الأمر لا يحل مشكلة أمواج الهجرة العالمية. الطريقة الوحيدة لحل هذه المشكلة هو بعلاج مسبباتها الاقتصادية في البلاد التي تنشأ منها.

 كيف يمكن فعل ذلك؟

 دون إجراء تغييرات في النظام العالمي الرأسمالي، لن يكون ذلك ممكنًا. تعود جذور هذه المشكلة إلى قرون خلت. أنا لست خبيرًا في الأمر لكن إن قرأت كتاب ستيفان لينيش "مجتمع التخريج Die Externalisierungsgesellschaft" سترى بأن جذور هذه الأمواج التي تجتاح أوروبا والعالم الغربي تكمن في أوروبا نفسها.

نُقل عنك قولك إن أوروبا عملاق اقتصادي وقزم سياسي. لا يبدو أن شيئًا قد تغير ــ شهدنا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وموجات الشعبوية والتطرف والقومية.

 مع بدء استخدام اليورو، انقسم المجتمع المالي إلى شمال وجنوب، إلى خاسرين وفائزين. إذ أن  الاختلافات الهيكلية بين اقتصادات المناطق القومية لا يمكنها أن تعوض النقص لدى بعضها البعض دون تحقيق أي تقدم على صعيد الوحدة السياسية. ويفتقد الاتحاد صمامات الأمان اللازمة مثل القدرة على الحركة في سوق عمل موحد ونظام أمان اجتماعي مشترك. وتفتقد أوروبا كذلك القدرة على الوصول لسياسة مالية موحدة. أضف إلى ذلك النماذج السياسية النيوليبرالية التي استدمجت في المعاهدات الأوروبية والتي تزيد من اعتمادية الدول القومية على السوق العالمية. معدلات توظيف الشباب في الدول الجنوبية مريعة. وتزايد معدلات انعدام المساواة في أرجاء الاتحاد أسفر عن تفكك التماسك الاجتماعي. تولى نموذج الليبرالية الاقتصادية زمام الأمور في الدول التي استطاعت التكيف، بينما واجهت الدول التي وجدت نفسها في موقف خطير، نزعات انتكاس وردود أفعال لا عقلانية وساد في أرجائها غضب باعث على تدمير الذات.

 مع بدء استخدام اليورو، انقسم المجتمع المالي إلى شمال وجنوب، إلى خاسرين وفائزين

ما رأيك في قضية استقلال كاتالونيا؟

لا أفهم لماذا يرغب شعب متقدم ومثقف مثل كاتالونيا أن يخوض غمار الأمر وحيدًا في أوروبا. لدي هذا الشعور بأن الأمر كله متعلق بالاقتصاد. لا أدري ما الذي سيحدث. ما رأيك؟

اقرأ/ي أيضًا: "الطبقات والتراصف الطبقي" بحسب روزماري كرومبتون

أعتقد أن عزل شريحة من السكان تبلغ 2 مليون مواطن سياسيًا بوجود تطلعاتهم  للاستقلال أمر غير واقعي، وليس سهلًا أيضًا.

هذه مشكلة بالتأكيد.

هابرماس: الدول القومية كانت شيئًا لم يؤمن أحد بنجاعته لكن كان عليها أن تُخترع في الوقت الذي اخترعت فيه

هل تعتقد أن الدول القومية أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى؟

 ربما لا يجب علي قول ذلك، لكني أعتقد أن الدول القومية كانت شيئًا لم يؤمن أحد بنجاعته لكن كان عليها أن تُخترع في الوقت الذي اخترعت فيه، لأساب براغماتية وعملية بالكامل. 

دائمًا ما نلوم السياسيين على المشاكل التي تواجه عملية بناء أوروبا، لكن ربما يقع اللوم أيضًا على الجمهور لنقص إيمانه؟

 حتى الآن دفع القادة السياسيون والحكومات المشروع قدمًا على نحو نخبوي دون إشراك الناس في الإجابة على الأسئلة المعقدة. لدي شعور بأنه حتى الأحزاب السياسية والنواب القوميين ليس لديهم فكرة عن الموضوعات المعقدة التي تشكل السياسة الأوروبية. تحت شعار "الأم ترعى أموالك" تمكنت ميركل وشويبله من إخفاء الإجراءات التي اُتخُذت خلال الأزمة عن المجال العام على نحو نموذجي، يضرب به المثل.

 هل خلطت ألمانيا أحيانًا بين مفهومي القيادة والهيمنة على نحو خاطئ؟ وما موقف فرنسا من ذلك؟

تكمن المشكلة بالتأكيد في أن الحكومة الاتحادية في ألمانيا لا تمتلك لا الموهبة ولا الخبرة الكافية لتصبح قوة مهيمنة. لو فعلت ذلك لعرفت أنه من غير الممكن أن تحافظ على وحدة أوروبا دون أن تأخذ في حسبانك مصالح الدول الأخرى. في العقدين الأخيرين، تصرفت الجمهورية الاتحادية باعتبارها قوة قومية على نحو متزايد خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد. 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

العنصرية تلاحق شبح مارتن لوثر كينغ.. عين الأكاديميا الأمريكية المغمضة

ثمار الإعدام "الشعبي" الغريبة.. تاريخ الأفارقة الأمريكيين على المقصلة البيضاء