26-فبراير-2024
مخترع النظارة الطبية

مخترع النظارة الطبية ومراحل تطورها

 

تُعدّ النظارات الطبية من أهم الاختراعات الطبية؛ إذّ أصبح بإمكان عدد كبير من الناس التمتّع برؤية جيدة رغم المشكلات البصرية التي يعانون منها في الوقت الحالي. ولكن كيف كان الأمر في الزمن البعيد وفي القرون الماضية؟ ومن هو مخترع النظارة الطبية؟ يُعتبر العالم العربي المسلم الحسن بن الهيثم هو مخترع النظارات الطبية رغم أنّ بعض المراجع تُشير إلى أنّ مخترع النظارة هو العالم الإيطالي ساليفينو دراماتي الذي يعتبر أول من صنّع زوجًا من النظارات بالشكل الحديث، وقد مرّت النظارات الطبية في العديد من المراحل لتطويرها حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم. سندرج في هذا المقال أهم المعلومات حول مخترع النظارات الطبية، ونذكر دور كل عالم في صناعة النظارة الطبية.

 

الحسن بن الهيثم مخترع النظارة الطبية

يُعدّ الحسن بن الهيثم المعروف باسم (ابن الهيثم) أحد أهم الباحثين في علم البصريات على مر العصور، ويُعدّ أعظم وأفضل طبيب مسلم. 

ولد الحسن بن الهيثم في العراق وتحديدًا في مدينة البصرة قبل ألف عام من الآن، وفي عهد الخليفة الحاكم هاجر إلى مصر. اشتهر ابن الهيثم بسعة علمه فقد كان عالمًا في مجالات الرياضيات، والفلك، وبالطب، وهو أول عالم قال إن "الضوء لا يصدر من العين بل يدخل إلى العين من الجهة المعاكسة" وهذه النظرية تُعاكس رأي العلماء اليونانيين الذين كانوا يعتبرون أن الضوء يصدر من العين باتجاه الجسم الذي تود رؤيته. وقد شرح ابن الهيثم أن شبكية العين هي مركز الرؤية التي تلتقط الصورة وترسلها إلى الدماغ عبر العصب البصري، ثم يُكوّن الدماغ صورة بصرية.

كان لابن الهيثم العديد من التجارب التي عملها في غرف مظلمة ليتأكد من خصائص الضوء مثل التمدد في خطوط مستقيمة، وانكسار وانعكاس أشعة الضوء. وكانت وجهة نظره الأساسية أن الرؤية عبارة عن الانطباع الذي يتركه الضوء على حاسة البصر. يجدر الذكر أن نظريات ابن الهيثم التي كتبها في النصف الأول من القرن الحادي عشر في مصر تتفوق على نظريات كل من بطليموس، وإقليدس، وجالينوس.

يُعدّ الحسن  بن الهيثم مخترع النظارة الطبية وتعود قصة اختراعه إلى أنّه عندما كبر أصبح بصره ضعيفًا ولا يمكنه القراءة بوضوح؛ الأمر الذي جعله يجري تجارب متعددة باستخدام الزجاج ليصنع نظّارة تُساعده على القراءة؛ حتى تمكّن من اختراع عدسة محدّبة تُظهر الكتابة والصور بشكلٍ واضح. استمر ابن الهيثم في تطوير العدسات ولم يغفل عن أهمية وجود تفاوت واختلافات بين عين وأخرى وقد ساعده على ذلك معرفته بتركيب العين ووظائف أعضائها. 

لا بد من الإشارة إلى أنّ النظارة في بداية اختراعها كانت عبارة عن قرص من الزجاج المحدّب تُثبّت أثناء القراءة أمام العين.

ألف العالم ابن الهيثم العديد من الكتب في مجال البصريات وأهمها "كتاب المناظر"، كما أن أفكاره أثّرت في العديد من العلماء الأوروبيين في عصر النهضة إذ أُطلق عليه اسم "أبو علم البصريات الحديث". 

أصبحت إيطاليا في القرن الـ15 رائدة في صناعة العدسات التي تناسب قصر النظر بقياسات مختلفة

دور سالفينو دراماتي في صناعة النظارة الطبية الحديثة

يعود الفضل إلى العالم الإيطالي ساليفينو دراماتي (Salvino D'Armate) في تصنيع أول زوج من النظارات الطبية الحديثة. إذ صمم عدسات مصنوعة من الزجاج أو الحجر الشبيه بالكريستال وركّب هذه العدسات على مقبض وإطارات لتثبت أمام العينين. وكانت الإطارات والمقبض مصنوعة من المعدن. كانت العدسات التي يستخدمها سالفينو دراماتي لعلاج طول النظر (أي لتسهيل رؤية الأشياء القريبة غير الواضحة)، وطول النظر الشيخوخي. 

استمر استخدام هذه النظارات التي صنعها دراماتي بين عام 1284 إلى القرن الخامس عشر الميلادي، وانتشرت في جميع أرجاء أوروبا، وقد أُنشئت نقابة وضعت معايير عدسات النظارات في كل من إيطاليا والبندقية.

ابتكر العالم البريطاني جورج إيري (George Airy) أول عدسة لتصحيح انحراف النظر وذلك في عام 1825.

دور نيكولاس الكوسا في صناعة النظارة الطبية

كان للعالم نيكولاس كوسا (Nicholas of Cusa) دور كبير في تطوّر صناعة النظارة الطبية؛ إذ اكتشف طريقة تصحيح قصر النظر (عدم رؤية الأجسام البعيدة) باستخدام العدسات المقعّرة وذلك في القرن 15 الميلادي.

أصبحت إيطاليا في تلك الفترة رائدة في صناعة العدسات التي تناسب قصر النظر بقياسات مختلفة، وطول النظر بقياسات متعددة أيضًا، إلى جانب طول النظر الشيخوخي. 

انتشر في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي الباعة المتجولين في عموم أوروبا لبيع النظارات، وأصبح امتلاك النظارة في تلك الفترة أمرًا يدل على الذكاء والثروة.

تطور شكل النظارات في القرن السابع عشر فأصبحت تُصنع باستخدام أشرطة أو خيوط متصلة لتمر من فوق الأذنين. وبسبب الحاجة إلى استخدام النظارات لفترات طويلة صنع أخصائي بصريات في لندن يُدعى إدوارد سكارليت (Edward Scarlett) هيكلًا صلبًا خفيف الوزن يوضع فوق الأذنين في عام 1730. وبحلول عام 1752 ابتكر العالم جيمس أيسكوف (James Ayscough) قطعة أذن بمفصلات مزدوجة، كما أضاف إلى العدسات القليل من اللون الأخضر واللون الأزرق لمنحها القليل من التوهّج.

افتُتح أول متجر للبصريات والنظارات في عام 1799م على يد جون مكاليستر (John McAllister) في مدينة فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية

دور بنيامين فرانكلين في صناعة النظارة الطبية 

وصلت النظارة الطبية إلى الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي. وابتكر بنجامين فرانكلين (Benjamin Franklin) عدسات ثنائية البؤرة في عام 1784، وذلك باستخدام أجزاء العدسة المنفصلة الموجودة في الإطار وذلك لتصحيح قصر النظر، وطول النظر، وطول النظر الشيخوخي.

افتُتح أول متجر للبصريات والنظارات في عام 1799م على يد جون مكاليستر (John McAllister) في مدينة فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية والذي كان يستورد النظارات من أوروبا، ولكن بحلول عام 1815 كان يصنع نظارات بعدساته الخاصّة.

انتشرت النظارات في القرن التاسع عشر وأصبحت موضة شائعة كقطع الأزياء المختلفة. وفي هذه الفترة صُنعت أول نظارة أُحادية بحيث توضع على عين واحدة فقط وكانت هذه النظارة شائعة لدى الطبقات الغنية في القرن التاسع عشر.

ابتكر العالم البريطاني جورج إيري (George Airy) أول عدسة لتصحيح انحراف النظر وذلك في عام 1825. وكان دور جون مكاليستر مالك أول متجر للبصريات في الولايات المتحدة أن يوزّع هذه العدسات في الولايات المتحدة وذلك بعد مرور 3 سنوات من اختراعها. 

استمرت صناعة النظارة الطبية في الازدهار حتى افتُتح ما يزيد عن 300 متجرًا في الولايات المتحدة في الفترة الممتدة بين عشرينيات وثلاثينيات القرن التاسع عشر.

 

دور الدكتور جون بورش في تطوّر النظارة الطبية

ابتكر الدكتور جون بورش (John Borsch) أول عدسات ثنائية البؤرة مدمجة وذلك في بداية القرن العشرين. وتتميز هذه العدسات بأنّها خفيفة الوزن، وذات شكل جذّاب وأكثر جمالًا من العدسات المتوفرة آنذاك.

ظهرت العديد من التحسينات على النظارات في هذه الفترة الزمنية فأصبحت تُصنّع من مواد أخف؛ إذ استخدم في صناعتها إما معادن خفيفة الوزن أو مواد بلاستيكية لتصبح أكثر راحة لمستخدمها، كما أصبح تصميمها أكثر جمالًا وأناقة. ودرجت النظارات في إكسسوارات الموضة الشائعة. 

استمر التعديل على النظارات في القرن العشرين فظهرت نظارات تُصنع من الفولاذ عالي الجودة، أو من التيتانيوم الأمر الذي جعلها أقل وزنًا وأكثر متانة. كما تم تحسين المواد المصنوعة منها العدسات؛ الأمر الذي مكنّ من إنتاج عدسات رقيقة جدًا، وتمتاز بأنّها مقاومة للخدش. 

 

يُعدّ ابن الهيثم مخترع النظارة الطبية، ثم عمل العالم الإيطالي ساليفينو دراماتي على تصنيع النظارة الطبية بشكلها الصحيح وذلك في عام ،1285 واخترع أيضًا عدسة لعلاج طول النظر. وقد استمر التحسين على النظارات الطبية على يد العلماء نيكولاس كوسا، وبنيامين فرانكلين، جورج إيري والدكتور جون بورش، حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، فأصبحت تُصنّع من مواد خفيفة الوزن، وبعدسات رقيقة جدًا مقاومة للخدش.