21-أبريل-2023
Getty

الخلافات بين البرهان وحميدتي كان السمة الأبرز للأشهر الماضية في السودان وعطلت الاتفاق السياسي (Getty)

برز اسم عبد الفتاح البرهان في المشهد السياسي السوداني، في نيسان/ أبريل 2019، وذلك بعد قيام الجيش بعزل المخلوع عمر البشير، حيث تولى رئاسة المجلس العسكري الانتقالي خلفًا لوزير الدفاع الفريق أحمد عوض بن عوف، الذي استقال من منصبه بعد يوم واحد فقط من توليه رئاسة المجلس.

وقبل توليه هذا المنصب بشهرين، عينه عمر البشير وبالتحديد في شباط/فبراير 2019، مفتشًا عامًا للقوات المسلحة، بعد ترقيته لرتبة فريق أول ركن.

برز اسم عبد الفتاح البرهان في المشهد السياسي السوداني، في نيسان/ أبريل 2019، وذلك بعد قيام الجيش بعزل المخلوع عمر البشير

ولد عبد الفتاح البرهان في عام 1960 في قرية قندتو بولاية نهر النيل الواقعة إلى الشمال من العاصمة الخرطوم، من أسرة دينية تتبع الطريقة الختمية، وهي إحدى الطرق الصوفية الكبرى في السودان، والتي مثل واجهتها السياسية الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي تزعمه محمد عثمان الميرغني.

ودرس البرهان الابتدائية والمتوسطة في مدارس قريته التي ينتمي معظم سكانها لقبيلة الشايقية، إحدى أشهر القبائل العربية السودانية، ثم بعد ذلك انتقل إلى مدينة شندي أحد أهم مدن شمال السودان، وفيها درس المرحلة الثانوية، قبل أن ينضم للكلية الحربية السودانية، ويتخرج ضمن ضباط "الدفعة 31".

https://t.me/ultrasudan

المسار العسكري

بعد تخرّجه من الكلية الحربية، عمل البرهان بالخرطوم في  وحدة المشاة بالجيش السوداني، كما شارك في قتال الحركة الشعبية لتحرير السودان التي كانت تقود تمردًا مسلحًا في جنوب السودان قبل انفصاله عن السودان، كما قاتل التمرد في إقليم دارفور الواقع غربي السودان.

وشارك البرهان في عدد من الدورات التدريبية خارج السودان، في مصر والأردن، ومن ثم عُيّن ملحقًا  عسكريًا في سفارة السودان بالصين.

وأشرف على القوات السودانية في اليمن عام 2015، ضمن قوات التحالف وبالتنسيق مع محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد "قوات الدعم السريع". ولاحقًا، أصبح قائدًا لقوات حرس الحدود، ثم قائد أركان عمليات القوات البرية السودانية عام 2018، ومن ثم رئيس أركان القوات البرية في الجيش السوداني. ومما يعرف عنه، وهو عدم الانتماء لأي حزب سياسي، أو توجهات إيديولوجية واضحة.

Getty

التصدر سياسيًا ومجزرة القيادة العامة

وبعد تأديته لليمين الدستوري في 12 نيسان/أبريل 2019 رئيسًا للمجلس العسكري المؤقت، وأصبح البرهان الرئيس الفعلي للسودان خلال المرحلة الانتقالية، وعين حميدتي نائبًا له.

قبل ذلك، وبعد الإطاحة بنظام البشير، وعدم توقف المظاهرات التي رفضت استلام العسكر للحكم، وفي 3 حزيران/ يونيو 2019، قامت وحدة من قوات الجيش بالتعاون مع قوات الدعم السريع بمهاجمة خيم الاعتصام أمام مقر القيادة العامة لفض الاعتصام بالقوة، وأدى الهجوم إلى مقتل أكثر 100 متظاهر، بالإضافة إلى سقوط مئات الجرحى والمفقودين وحالات اغتصاب وعنف جنسي.

واتهم المتظاهرون والقوى السياسية المعارضة، الجيش والدعم السريع  بإخفاء جريمتهم عبر رمي الجثث في نهر النيل، لكن الأمر كشف بعد استخراج الجثث من النهر.

وشكلت لجنة للتحقيق في حادثة فك اعتصام القيادة العامة، لكنها لم تتمكن من تسليم خلاصة ما وصلت إليه، فقد تم إيقاف عمل اللجنة بعد الانقلاب الذي قاده البرهان وحميدتي ضد المكون المدني وحكومة عبد الله حمدوك. 

Getty

الانقلاب على المكون المدني

نفذ الشق العسكري في مجلس السيادة بقيادة البرهان انقلابًا على المكون المدني في 25 تشرين أول/ أكتوبر 2021. وأعلن البرهان حالة الطوارئ، وحل مجلس السيادة، والحكومة الانتقالية، وقام باعتقال رئيس الحكومة عبد الله حمدوك ومعظم الوزراء، وعددًا من المسؤولين والعاملين في قطاع الإعلام.

وبعد احتجاجات ومظاهرات في شوارع المدن السودانية رفضًا لحكم العسكر، توصل الشق العسكري والمدني ممثلًا في البرهان وحمدوك إلى اتفاق سياسي بعد مبادرة واسعة من القوى السياسية والاجتماعية في تشرين الثاني/نوفمبر 2021.  

Getty

الخلاف بين البرهان وحميدتي

بدأت بوادر الخلاف بين شريكي الحكم تظهر منذ توقيع الاتفاق مع المكون المدني، إذ ظهر التناقض في مواقف الرجلين، وخرج الخلاف للعلن، فقد حاول حميدتي التنصل من مشاركته في الانقلاب، زاعمًا وقوفه مع خيارات ومطالب الشارع السوداني.   

وبعد توقيع الجيش وبعض القوى المدنية اتفاقًا سياسيًا في كانون الأول /ديسمبر 2022، عرف بالاتفاق الإطاري، شدد البرهان على ضرورة أن تدمج قوات الدعم السريع في مؤسسة الجيش، في حين أكد حميدتي على وضع آلية تحدد الإطار الزمني لهذه العملية.

أصوات من تحت الركام

كانت النقطة السابقة، كافية لتفجير العلاقة المتوترة بين البرهان وحميدتي منذ أشهر طويلة، لتندلع صبيحة يوم 15 نيسان/ أبريل الماضي، المواجهة الأوضح بين البرهان وحميدتي، لتظهر تصارع طموح البرهان السياسي مع طموح وانتهازية حميدتي.