24-أغسطس-2019

استمرت المعارك في ريفي إدلب واللاذقية (Getty)

الترا صوت - فريق التحرير

لا تزال المواجهات بين قوات النظام السوري المدعومة من حلفائها الروس من جهة، وفصائل المعارضة السورية من جهةٍ ثانية، مستمرّة وعلى أشدّها في ريفي إدلب واللاذقية شمال غرب سورية. معارك كرّ وفرّ محتدمة بين الطرفين وسط قصفٍ روسي عنيف لا يهدأ على المنطقة التي تُعتبر، شكليًا، آخر مناطق خفض التصعيد التي أقرّتها محادثات أستانا في الـ 4 من أيار/مايو 2017.

شهد الأسبوع الأخير معارك عنيفة توزّعت على عدّة محاور قتال، دارت أعنفها على محور شرق وغرب مدينة خان شيخون، حيث تقدّمت قوات النظام، وسط قصف جوي وبري هستيري، إلى بلدة سكيك وتّلتها شرق المدينة

ويُسفر قصف المقاتلات الحربية الروسية للمنطقة، يوميًا، عن مقتل عشرات المدنيين، وتدمير المراكز الصحية والمستشفيات والمدارس التي يُستخدم أكثرها كمراكز لإيواء النازحين من ريف إدلب الجنوبي وحماة الشمالي. ويُقدر عدد النازحين، منذ 2 شباط/فبراير 2019 إلى الآن، بأكثر من 800 ألف نازح، وفقًا لإحصائيات "فريق منسقو الاستجابة" في الشمال السوري. 

اقرأ/ي أيضًا: رهان موسكو الأخير.. المال مقابل السلام في إدلب

المواجهات بين الطرفين، بالإضافة إلى استهداف المدنيين، بلغت ذروتها خلال الأيام القليلة الماضية، بعد هدنة هشّة تمخّضت عن الجولة الثالثة عشرة من محادثات أستانا مطلع آب/أغسطس الجاري، نقضتها ميليشيات النظام بإعلانها في الـ 5 من الشهر الجاري استئناف حملتها على المنطقة منزوعة السلاح. وسعيها، مدعومةً بمقاتلين من الميليشيات الإيرانية الطائفية وميليشيا حزب الله اللبناني الذين دخلوا على خط المعركة لأول مرّة منذ بدايتها؛ للسيطرة على مدينة خان شيخون الاستراتيجية. وبالتالي، عزل ريف حماة الشمالي عن ريف إدلب الجنوبي، وقطع طرق الإمداد عنه أيضًا، وحصاره تمهيدًا لقضمه.

وشهد الأسبوع الأخير معارك عنيفة توزّعت على عدّة محاور قتال، دارت أعنفها على محور شرق وغرب مدينة خان شيخون، حيث تقدّمت قوات النظام، وسط قصف جوي وبري هستيري، إلى بلدة سكيك وتّلتها شرق المدينة، محاولة الوصول إلى بلدة التمانعة. كما تقدّمت باتّجاه بلدات مدايا والنقير محاولة السيطرة على تلّة النمر، وبالتالي إطباق الحصار على المدينة من الجهة الشمالية الغربية، وتضييق الخناق على فصائل المعارضة التي انحازت عن بلدات سكيك وتلّتها، ومدايا، والنقير، وبعض النقاط المُحيطة بالخان، منها حاجز الفقير، وحاجز السلام، تحت تأثير القصف الجوي والمدفعي الكثيف.

انسحاب الفصائل، فتح الطريق أمام ميليشيات النظام للوصول إلى تخوم خان شيخون، حيث باشرت التحرّك باتجاهها سريعًا، وتحت غطاءٍ ناري غير مسبوق من الطائرات الحربية الروسية التي تتبّع سياسية الأرض المحروقة قبل أي تقدّم برّي. كما وتعتمد الميليشيات بدورها على تكثيف القصف الجوي من المقاتلات الحربية والطائرات المروحية، بالإضافة إلى القصف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة قبل التحرّك بريًا بالمدرعات والدبابات. تكتيكات قوات الأسد هذه، أضف إلى ذلك القوة التدميرية الضخمة التي توفّرها لها روسيا، ناهيك عن تزويدها بأسلحة نوعية وتجهيزات للمعارك الليلية لا تتوفّر عند فصائل المعارضة؛ مكّنتها من السيطرة على أجزاء واسعة من مدينة خان شيخون بعد معارك عنيفة وغير متكافئة بدأت ليلة يوم الاثنين، 19 آب/أغسطس الجاري، واستمرّت حتّى ساعات الفجر من يوم الثلاثاء، بعد التفافها على الأحياء الشمالية للمدينة، شرق الطريق الدولي دمشق – حلب، انطلاقًا من محوَري تلّة النمر وحاجز الفقير.

المعلومات حول حقيقة الموقف العسكري في ريف إدلب الجنوبي ومعه ريف حماة الشمالي أيضًا، كانت لا تزال وحتّى صباح يوم الخميس 22 آب/ أغسطس، متضاربة وغير واضحة. على أنّ المؤكّد حتّى ذلك الوقت هو عدم وجود سيطرة كاملة ومُطلقة لقوات الأسد على مدينة خان شيخون، وهذا رغم إعلان عددٍ كبير من وسائل الإعلام العربية والمحلّية، موالية ومعارضة، سيطرة الميليشيات على المدينة، وانسحاب الفصائل منها ومن ريف حماة، لتُسارع غرفة عمليات "الفتح المبين" (الجبهة الوطنية للتحرير، هيئة تحرير الشام)، وعلى لسان المتحدّث العسكري باسمها أبو خالد الشامي، لنفي انسحاب الفصائل، مؤكّدًا أنّه "بعد القصف الشديد من قبل قوات العدو الذي يتجنّب المواجهة مع المجاهدين باتبّاع سياسة الأرض المحروقة، أعاد المجاهدون التمركز في جنوب مدينة خان شيخون، مع بقاء الجيب الجنوبي تحت سيطرة المجاهدين (مورك، اللطامنة، كفرزيتا)".

تصريح غرفة "الفتح المبين" جاء بعد انسحاب مجموعات كبيرة من الفصائل المتواجدة في خان شيخون وريف حماة من مواقعها العسكرية فجر يوم الثلاثاء، تخوفًا من حصارها وقطع طرق الإمداد عنها. بينما أكّدت عدّة مصادر عسكرية معارضة أنّ من الأسباب التي دفعت المقاتلين للانسحاب هو ندرة السلاح الثقيل، والقصف الشديد، وكذا الضغط النفسي الكبير الذي تعرّضوا له إثر وجودهم في مناطق ذاهبة نحو الحصار. بينما أشار البعض إلى الخذلان الذي تعرّض له المقاتلون من قبل الفصائل المتواجدة خارج جيب ريف حماة، والتي كان من المقرّر أن تبدأ حملة عسكرية على الخطوط الخلفية لقوات الأسد وميليشياته انطلاقًا من مواقعها في ريف الجنوبي لإدلب.

اقرأ/ي أيضًا: معركة إدلب الكبرى.. تحرير الشام عتبة لـ"حمام دم" الأسد

وسائل الإعلام المحلّية تناقلت أخبارًا عن عودة المجموعات المنسحبة إلى موقعها في ريف حماة مع بدء مفاوضات روسية تركية للبتّ في مصير المدينة، عوّلت عليها الفصائل لإعادة الأمور إلى نصابها، وانسحاب ميليشيات النظام التي كانت تقف على أطراف خان شيخون، منتظرةً الأوامر الروسية لدخولها، أو الانسحاب والانحياز عنها. وكانت سيطرة الميليشيات على "تل ترعي" شرق المدينة والوصول إلى منطقة الخزانات الاستراتيجية الواقعة بين مدينتي خان شيخون ومورك، ولقائها بالقوات المتمركزة في الأحياء الشمالية، بمثابة إعلان واضح وصريح عن فشل المفاوضات الروسية التركية التي ما لبثت أن انتهت حتّى دخلت قوات النظام إلى المدينة بأوامر روسية مباشرة يوم الخميس، وبالتالي إطباق الحصار على ريف حماة الشمالي ومعه نقطة المراقبة التركية التاسعة في مدينة مورك، والتي باتت معزولة تمامًا دون خطوط إمداد.

فتح انسحاب الفصائل المعارضة الطريق أمام ميليشيات النظام السوري للوصول إلى تخوم خان شيخون، حيث باشرت التحرّك باتجاهها سريعًا، تحت غطاءٍ ناري غير مسبوق من الطائرات الحربية الروسية التي تتبّع سياسية الأرض المحروقة

إلى ذلك، كانت ميليشيات الأسد قد كثّفت من غاراتها الجوية على مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي، ومحيط الطريق الدولي دمشق – حلب صباح اليوم، تزامنًا مع معارك عنيفة تدور على محور الكبينة في ريف اللاذقية الشمالي، ودخول قوات النظام إلى مدن ريف حماة الشمالي (كفرزيتا، اللطامنة، لطمين، مورك)، ومحاصرتها لنقطة المراقبة التركية التاسعة في مدينة مورك.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

إدلب.. حصن المعارضة الأخير في مواجهة جحيم النظام السوري

إدلب من جديد.. هل سيكرر الأسد "جحيم" حلب؟