19-فبراير-2024
مواصلة العدوان على قطاع غزة

(Getty) يتواجد في مدينة رفح 1.5 مليون شخص في رفح الآن، فيما يتواصل التهديد الإسرائيلي بتنفيذ عملية واسعة في المدينة

يخطط جيش الاحتلال الإسرائيلي، إلى مواصلة عدوانه في قطاع غزة، وتوسيعه إلى مدينة رفح، بوتيرة مرتفعة، لمدة ستة إلى ثمانية أسابيع، رغم عشرات التحذيرات الدولية من الهجوم على رفح.

وقال أربعة مسؤولين مطلعين لـ"رويترز"، إن إسرائيل تتوقع مواصلة العمليات العسكرية واسعة النطاق في غزة لمدة ستة إلى ثمانية أسابيع أخرى، في إطار استعدادها لشن غزو بري لمدينة رفح في أقصى جنوب القطاع.

ويعتقد القادة العسكريون الإسرائيليون، أن بـ"إمكانهم إلحاق ضرر كبير بقدرات حماس المتبقية"، مما يمهد التحول إلى مرحلة أقل حدة من الحرب، تعتمد على نمط العمليات الخاصة.

قال مسؤول أمني إسرائيلي، إنه لن يُسمح للفلسطينيين بالعودة إلى شمال غزة بشكل جماعي

وفي وقت سابق، قال وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، يوم الجمعة، إن "القوات الإسرائيلية تخطط لعمليات في رفح تستهدف مقاتلي حماس ومراكز القيادة والأنفاق"، لكنه لم يحدد جدولًا زمنيًا للعدوان. 

من جانبه، قال آفي ميلاميد، مسؤول المخابرات الإسرائيلية السابق، إن هناك "فرصة ضئيلة في أن تستجيب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للانتقادات الدولية لإلغاء الهجوم البري على رفح".

وأضاف أن "رفح هي آخر معقل لسيطرة حماس، ولا تزال هناك كتائب في رفح يجب على إسرائيل تفكيكها لتحقيق أهدافها في هذه الحرب"، وفق قوله.

يأتي ذلك، بعد تحذيرات صدرت عن معظم دول العالم، تطلب من إسرائيل عدم الإقدام على توسيع عدوانها على رفح، خشيةً على حياة المدنيين ومن أجل عدم مفاقمة الحالة الإنسانية الصعبة في القطاع المحاصر.

وفي الأسبوع الماضي، اتصل الرئيس الأميركي جو بايدن هاتفيًا، في نتنياهو مرتين لتحذيره من شن عملية عسكرية في رفح دون خطة موثوقة لضمان سلامة المدنيين.

ووفقًا لمصدر أمني إسرائيلي ومسؤول إغاثة دولي، يمكن "فحص سكان غزة للتخلص من أي مقاتلين من حماس قبل إرسالهم شمالًا". وقال مصدر إسرائيلي منفصل إن "إسرائيل قد تبني أيضًا رصيفًا عائمًا شمال رفح لتمكين وصول المساعدات الدولية وسفن المستشفيات عن طريق البحر"، بحسب ما ورد في رويترز.

وقال مسؤول أمني إسرائيلي، إنه لن يُسمح للفلسطينيين بالعودة إلى شمال غزة بشكل جماعي. وقال المسؤولون الإقليميون أيضًا إنه "لن يكون من الآمن نقل عدد كبير من الأشخاص إلى منطقة شمالية بدون كهرباء ومياه جارية، ولم يتم تطهيرها من الذخائر غير المنفجرة".

وقال عدد من المسؤولين المطلعين على المحادثات بين الحكومتين، إن "واشنطن تشك في أن إسرائيل قامت باستعدادات كافية لإجلاء مدني آمن".

من جانبه، قال عضو المجلس الحربي الإسرائيلي بيني غانتس، إن "إسرائيل ستشن هجومها الذي هددت به منذ فترة طويلة على رفح الشهر المقبل إذا لم تطلق حماس سراح الرهائن المتبقين المحتجزين في غزة بحلول بداية شهر رمضان".

وأضاف غانتس، أن الهجوم سيتم تنفيذه بطريقة منسقة وبالتحدث مع الأمريكيين والمصريين لتسهيل عملية الإخلاء و"تقليل الخسائر في صفوف المدنيين قدر الإمكان".

في المقابل، قال مسؤول من حماس، لـ"رويترز"، إن الحركة تقدر أنها فقدت ستة آلاف مقاتل خلال العدوان الإسرائيلي، وهو نصف العدد الذي تزعم إسرائيل قتله.

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن الحركة يمكنها مواصلة القتال وهي مستعدة لحرب طويلة في رفح وغزة. متابعًا القول: "خيارات نتنياهو صعبة وخياراتنا صعبة أيضًا. يمكنه احتلال غزة لكن حماس ما زالت صامدة وتقاتل. لم يحقق أهدافه بقتل قيادة حماس أو القضاء على حماس".

بدوره، رد عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق، على الصريح السابق، بالقول: إنه "لا صحة للذي ورد في تقرير وكالة رويترز، عن عدد شهداء كتائب القسّام".

الهجوم على رفح.. كارثة تصنعها إسرائيل

ويتواجد في مدينة رفح 1.5 مليون شخص في رفح الآن، فيما يتواصل التهديد الإسرائيلي بتنفيذ عملية واسعة في المدينة، التي تحولت إلى "مخيم كبير"، نتيجة القصف الإسرائيلي المدمر على مناطق القطاع الأخرى.

وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء للعديد من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وطلب منهم التوجه جنوبًا.

وأعقب ذلك أوامر إخلاء متعددة، وتشير التقديرات الآن إلى أن أكثر من 1.5 مليون فلسطيني لجأوا إلى مدينة رفح الجنوبية وما حولها، مما أدى إلى تضخم عدد سكانها قبل الحرب والذي كان يبلغ 280 ألف نسمة.

ويعيش العديد من الأشخاص الموجودين الآن في رفح، التي تقع على الحدود الجنوبية لغزة مع مصر، في مساكن مؤقتة. وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركة Planet Labs، والتي يعود تاريخها إلى 13 تشرين الأول/أكتوبر و14 كانون الثاني/يناير، زيادة كبيرة في الخيام حول المدينة، بحسب ما ورد في "الغارديان".

ويكشف تحليل بيانات الأقمار الصناعية، الذي أجراه كوري شير من جامعة مدينة نيويورك وجامون فان دن هوك من جامعة ولاية أوريغون، أنه لم يتبق الكثير لهؤلاء الأشخاص للعودة إلى أماكن أخرى في غزة.

واعتبارًا من 2 شباط/فبراير، تشير التقديرات إلى أن ما بين 53% إلى 65% من جميع المباني في قطاع غزة، ربما تكون قد تعرضت لأضرار أو دمرت.

ويختلف حجم الضرر من الشمال إلى الجنوب. وبينما من المحتمل أن يكون ما بين 73% و84% من المباني في مدينة غزة و69-81% من المباني في شمال غزة قد تضررت أو دمرت، فإن المعدل كان أقل في مدينة خان يونس الجنوبية حيث بلغ 50-63%. ومن المرجح أن يكون هذا العدد أعلى الآن حيث أن خانيونس كانت محور التركيز الأخير للعدوان الإسرائيلي.

وفي رفح، تشير التقديرات إلى أن ما بين 29 إلى 40% من المباني قد تم تدميرها اعتبارًا من 2 فبراير/شباط، مما يعزز الشعور بأنها آخر مكان آمن نسبيًا في الأراضي الفلسطينية.

من جانبه، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، يوم الجمعة، إنه يجب "تجنب النزوح الجماعي للفلسطينيين إلى مصر بأي ثمن"، إذ يمكن أن يكون "المسمار في نعش" عملية السلام المستقبلية.

وأضاف: "موقف مصر كان واضحًا للغاية. لا ينبغي للناس أن يعبروا الحدود. أعتقد أن مصر لديها أسباب وجيهة للغاية. سيكون الأمر كارثيًا بالنسبة للفلسطينيين… أن يتم تهجيرهم مرة أخرى. سيكون الأمر كارثيًا بالنسبة لمصر من جميع وجهات النظر، والأهم من أي شيء آخر، أن حدوث أزمة لاجئين أخرى سيكون بمثابة المسمار الذي يدق في نعش عملية السلام المستقبلية بالفعل".

وأكد غراندي، أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي مقرها في جنيف لا تشارك في أي استعدادات قد تقوم بها مصر تحسبًا لعبور الأشخاص الحدود. مضيفًا: "محنة النازحين في رفح مأساوية للغاية. لذا آمل أن تستجيب الأطراف لنداءات المجتمع الدولي بأسره لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية وتحرير الرهائن؛ من قبل إسرائيل، من قبل حماس".

قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، يوم الجمعة، إنه يجب "تجنب النزوح الجماعي للفلسطينيين إلى مصر بأي ثمن"

بدوره، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، يوم الجمعة، إن إسرائيل ستنسق مع مصر بشأن اللاجئين الفلسطينيين وستجد طريقة لعدم الإضرار بالمصالح المصرية.

وقال كاتس على هامش مؤتمر ميونخ للأمن: "سيتعين على دولة إسرائيل أن تتعامل مع رفح لأننا لا نستطيع أن نترك حماس هناك" .

وعندما سُئل عن المكان الذي سيذهب إليه اللاجئون في رفح، اقترح مدينة خان يونس، ثاني أكبر مدن غزة، لكنه قال إن إسرائيل ستنسق مع مصر لضمان عدم الإضرار بمصالح القاهرة، موضحًا: "سننسق مع مصر".