15-ديسمبر-2018

تتزايد الضغوط على دونالد ترامب من الكونغرس بشأن ابن سلمان (Getty)

بدا الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال اليومين الماضيين في مأزق، حيث إن الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء لن يسيروا على هواه في مسألة دعمه لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أو موقفه من حرب اليمن، فقد صوت مجلس الشيوخ على إنهاء المساعدات العسكرية الأمريكية للحرب السعودية في اليمن في أقوى مظاهر التحدي الحزبي ضد دفاع الرئيس ترامب عن المملكة، وعن ولي العهد في قضية مقتل خاشقجي.

مثلت إدانة مجلس الشيوخ الأمريكي لولي العهد السعودي في قتل جمال خاشقجي، تحديًا لإرادة دونالد ترامب

تصويت بالأغلبية يضع ترامب تحت ضغوط كبيرة

جاء التصويت في المجلس بأغلبية 56 صوتًا مقابل 41 صوتًا في إجراء نادر من جانب مجلس الشيوخ للحد من صلاحيات السلطة الرئاسية، ورسالة قوية بعدم الموافقة على الصراع الذي استمر قرابة أربعة أعوام وأسفر عن مقتل الآلاف من المدنيين وجلب المجاعة إلى اليمن. بعد ذلك بقليل، وافق أعضاء مجلس الشيوخ بالإجماع على قرار منفصل يحمل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مسؤولية شخصية عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

شكلت هذه الأصوات تحديًا غير عادي لترامب الذي رفض إدانة الأمير ورفض استنتاجات وكالات الاستخبارات الأمريكية بأن وريث العرش السعودي هو "وجه القتل المروع"، على حد تعبير صحيفة نيويورك تايمز، ويشير هذا الإجراء إلى رغبة متزايدة بين المشرعين في كلا الحزبين لمعاقبة المملكة العربية السعودية على مقتل خاشقجي، والتشكيك في سلوك الإدارة في واشنطن التي تشيح بنظرها عن انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة من أجل الحفاظ على علاقة ذات أهمية استراتيجية.

اقرأ/ي أيضًا: ملف خاشقجي لم يغلق بعد.. المقاطعة مستمرة ومطالبات بتحقيق أممي

مثل هذا التحدي للإدارة الأمريكية الذي قاده السيناتور الجمهوري مايك لي والاشتراكي الديمقراطي بيرني ساندرز، تمسكًا بقانون صلاحيات الحرب، وهو قانون صدرعام 1973 سعى بموجبه الكونغرس في نهاية حرب فيتنام إلى إعادة تأكيد دوره الدستوري في تقرير متى ستخوض الولايات المتحدة الحرب. وقد وصف ساندرز ذلك بأنها المرة الأولى التي يستخدم فيها الكونغرس القانون ليوضح "أن المسؤولية الدستورية عن صنع الحرب تقع على عاتق كونغرس الولايات المتحدة، وليس على البيت الأبيض"، وأضاف موضحًا: "اليوم، نحن نقول للنظام الاستبدادي في المملكة العربية السعودية إننا لن نكون جزءًا من مغامرتهم العسكرية".
بيرني ساندرز: اليوم، نحن نقول للنظام الاستبدادي في المملكة العربية السعودية إننا لن نكون جزءًا من مغامرتهم العسكرية
هذا الإجراء الذي يحد من صلاحيات الحرب في اليمن ظل قيد الدراسة لعدة أشهر، لكن أعضاء مجلس الشيوخ احتجوا قبل أسبوعين بتصويت إجرائي أشار إلى إحباطهم العميق من رفض إدارة ترامب إلقاء اللوم على الأمير محمد بسبب مقتل خاشقجي.

وقال السناتور ليندسي جراهام عضو مجلس النواب الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا للصحفيين، إن "العلاقة مع ولي العهد مليئة بالثغرات والعيوب بحيث لا أستطيع أن أرى نفسي أتعامل مع السعودية في المستقبل ما لم يكن هناك تغيير".

من الجدير بالذكر أن غراهام وغيره من أعضاء مجلس الشيوخ سعوا للفصل بين أهمية الحفاظ على تحالف وشراكة وثيقتين مع المملكة العربية السعودية ومعاقبة محمد بن سلمان.

إنهاء أزمة اليمن.. الحرب التي هزت عرش بن سلمان

في هذا السياق، يبدو أن المحادثات التي توسطت فيها الأمم المتحدة في السويد توصلت إلى اتفاق لتخفيف الأعمال العدائية. وينص الاتفاق على تبادل ما يصل إلى 15000 سجين، وإنشاء ممر إنساني في مدينة تعز، والأهم من ذلك، سحب القوات من الحديدة. تلك المدينة، الواقعة على البحر الأحمر، التي تشكل نقطة دخول رئيسية إلى اليمن وخاصة للضرورات الأساسية مثل الغذاء والدواء.

سيقدم أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي تشريعات في وقت مبكر من العام المقبل لفرض عقوبات أوسع على المملكة العربية السعودية

من المتوقع أن تستمر محادثات السلام في كانون الأول/يناير في محاولة لحل ما أصبح أزمة إنسانية في واحدة من أفقر الدول على وجه الأرض. وقد قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في ختام حديثه: "تعني الاتفاقات اليوم الكثير، ليس فقط للشعب اليمني بل للبشرية، إذا كان هذا يمكن أن يكون نقطة انطلاق للسلام وإنهاء الأزمة الإنسانية في اليمن".

اقرأ/ي أيضًا: لماذا أثار "ملف خاشقجي" قلق إسرائيل على السعودية؟

يتزامن ذلك مع تحركات جدية ومناهضة للسعودية من داخل واشنطن، خاصة بشأن اليمن و بشأن قضية خاشقجي، حيث قال مينينندز وهو عضو ديمقراطي بارز في لجنة العلاقات الخارجية، وجراهام الجمهوري الذي غالبًا ما يشير إلى محمد بن سلمان "بأداة التدمير"، إنهم وأعضاء آخرين في مجلس الشيوخ سيقدمون تشريعات في وقت مبكر من العام المقبل لفرض عقوبات أوسع ضد المملكة العربية السعودية، بما في ذلك وقف مبيعات الأسلحة وتدعيم الحظر على إعادة تزويد الولايات المتحدة بالوقود، لإعادة شحن طائرات التحالف السعودي في اليمن.

على الرغم من رمزية تحركات يوم الخميس إلا أنها تشكل صفعة لإدارة ترامب في طريقة إدراته للعلاقات مع السعودية و دفاعه عن محمد بن سلمان، و تبين أن المزاج العام السياسي في الولايات المتحدة يميل بشكل كبير إلى إدانته، ووقف حرب اليمن بكل ما سببته من أزمات إنسانية وإحراج واضح للنظام السعودي، الذي يُعد في ورطة إلى حد كبير الآن خاصة بعدما سيطر الديمقراطيون على مجلس النواب في عام 2019.

 

اقرأ/ي أيضًا:

محمد بن سلمان.. صعود سريع لأمير طائش يهدد البلاد والمنطقة!

توماس فريدمان.. تنظيف دكتاتورية ابن سلمان القذرة بالجملة