07-نوفمبر-2018

إلهان عمر تلقي خطاب الفوز (أ.ف.ب)

مثلت انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي في هذه المرة، تجسيدًا عمليًا للصراع المحموم بين جناحي السياسة الأمريكية حول التأثير والسيطرة على القرار الأمريكي، الذي يمكن وصفه مؤخرًا بالمنقسم على نفسه أو المتناقض. وقد أظهرت ليالي الانتخابات عديد المفاجآت، في بعض الولايات فيما لم تخرج ولايات أخرى عن المسار المتوقع لها.

حصل الديمقراطيون على أكثر من 23 مقعدًا في مجلس النواب كانوا بحاجة إليها لتأمين السيطرة عليه، لكن الحزب عانى من هزائم لاذعة في مجلس الشيوخ

الديمقراطيون يحققون هدفهم.. لكن دون موجة رزقاء

حقق الديمقراطيون هدفهم المتمثل في استعادة أغلبية المقاعد في مجلس النواب، لكن الحزب فشل في توليد "موجة زرقاء" كبيرة بما يكفي لاستعادة مجلس الشيوخ.

حصل الديمقراطيون على أكثر من 23 مقعدًا في مجلس النواب كانوا بحاجة إليها لتأمين السيطرة عليه، لكن الحزب عانى من هزائم لاذعة في مجلس الشيوخ، تاركًا الجمهوريين مستعدين لتعزيز قبضتهم. وفي خيبة أمل كبيرة للديمقراطيين، احتفظ تيد كروز المرشح الجمهوري كوبي الأصل المعروف بتصريحاته العنصرية ضد المهاجرين والأقليات، بمقعده في مجلس الشيوخ في ولاية تكساس بعد تحدٍ كبير من منافسه الديمقراطي بيتو ورورك، حيث بدا أن لدى ورورك  فرصة للقيام بمعجزة. لكن كروز نجح في التصدي لهذا التحدي من جانب منافس حظي بدعم قوي من الناخبين الشباب والأقليات.

اقرأ/ي أيضًا: في 3 أسئلة.. كل ما تحتاج معرفته عن الانتخابات النصفية الأمريكية

إجمالًا، وحسب ما تفيد تقارير صحفية، فإن الديمقراطيين سوف يسيطرون على مجلس النواب، حيث ستغلق صناديق الاقتراع في ولايات الغرب الأوسط والغرب، بعد تغلبهم على مقاعد متعددة كانت بحوزة الجمهوريين. ويعد هذا التغيير مهمًا، لأنه ستكون لدى الديمقراطيين القدرة على التحقيق مع دونالد ترامب، بما في ذلك سلطة استدعاء الإدارة. وكان هذا أول ما صرحت به نانسي بيلوسي زعيمة الديمقراطيين في المجلس لدى إعلان فوزها، حيث وعدت بفرض "ضوابط ومحاسبة" من جديد على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، متعهدة في المقابل بالعمل على حلول تجمع الأمريكيين الذين سئموا جميعًا من الانقسامات، على حد قولها.

من جانبه، هنأ ترامب في اتصال هاتفي بيلوسي بفوز حزبها بأغلبية مقاعد مجلس النواب، فيما أعلنت الأخيرة في مؤتمر صحافي عقدته بعد انتقال السيطرة في مجلس النواب إلى الديمقراطيين في الانتخابات التشريعية النصفية، أن "الأمر اليوم يتخطى الديمقراطيين والجمهوريين. الأمر يتعلق بإعادة تفعيل الضوابط والمحاسبة التي نص عليها الدستور على إدارة ترامب"، متعهدة في المقابل بـ"العمل على حلول تجمعنا، لأننا سئمنا جميعا الانقسامات".

وعلى الرغم من فشل حزبه في السيطرة على مجلس النواب، وصف ترامب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، بأنها "نجاح هائل".

كان هناك حضور نسوي قياسي في الكونغرس لأول مرة في تاريخه، منهن مهاجرات من أصول عربية مسلمة وأخريات ملونات

أما أبرزالصراعات الهامة على هامش "حرب" استعادة الكونغرس بين الفريقين، كانت في ولاية فلوريدا، حيث فاز الجمهوري رون ديسانتيس على طريقة ترامب، بعد حملة مشحونة بالعنصرية ضد الديموقراطي الأسود التقدمي أندرو غيلوم، الذي لو فاز لكان أول حاكم أسود لولاية فلوريدا ذات المزاج الجمهوري. وعلى أية حال، فإن الديمقراطيين لن يفوزوا بمجلس الشيوخ، لكنهم حصلوا على بعض المقاعد مع مرشحين متنوعين.

النساء يقتحمن: مهاجرات وملونات في الكونغرس الأمريكي

كان هناك حضور نسوي قياسي في الكونغرس لأول مرة في تاريخه، منهن مهاجرات من أصول عربية مسلمة وأخريات ملونات. أبرزهن على سبيل المثال ألكساندريا كورتيز، وهي مهاجرة من أصول لاتينية وأصغر امرأة تُنتخب للكونغرس، حيث تبلغ من العمر 29 عامًا، كما وصلت إلى الكونجرس أيانا بريسلي، و هي أول امرأة سوداء في مجلس النواب عن ولاية ماساتشوستس.

اقرأ/ي أيضًا: جوليا سالازار.. شباب الهامش في مركز السياسة الأمريكية

أما رشيدة طالب، فقد أصبحت أول امرأة أمريكية فلسطينية في الكونغرس، وهي ديمقراطية اشتراكية خدمت في المجلس التشريعي للولاية في الفترة من 2009 إلى 2014، ونفذت حملتها التمهيدية في الكونغرس لدعم الرعاية الطبية للجميع، والحد الأدنى للأجور. وكانت إلهان عمر من الفائزات، وهي أول أمريكية صومالية في الكونغرس، دفعت بأجندة تقدمية ودافعت عن دعم تكاليف التعليم العالي للطلاب ذوي الدخل المنخفض. بالإضافة إلى شاريس دايفيدز، وهي محامية ومناضلة سابقة في مجلس العمل المتحد، وأول عضو في الكونغرس من السكان الأصليين لأمريكا، وأول امرأة عضو في مجلس الشيوخ عن ولاية كانساس.

وإلى جانب ديفيدز في نيو مكسيكو، أصبحت ديب هالاند أول امرأة أمريكية من السكان الأصليين ترأس حزبًا سياسيًا، وهي تنحدر من إحدى القبائل المعروفة، كما أنها ناشطة مجتمعية تبنت أجندة تقدمية عن الرعاية الصحية الطبية للجميع.

تغيير جديد قادم في البيت الأبيض؟ هذا ما لا يمكن الجزم به، وستبينه الأيام القادمة، لكن الواضح أن تغييرًا قد حدث في ذائقة الناخب الأمريكي شهدته قاعات الانتخابات النصفية، التي وشت بحرب للاحتفاظ أو السيطرة على القرار الأمريكي بأجنداته الداخلية والخارجية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بيرني ساندرز في مواجهة الفصل العنصري.. سيرة غير مروية لمناضل أتقن التواضع

جوليا سالازار.. شباب الهامش في مركز السياسة الأمريكية

هالة الانتخابات الأمريكية