28-يوليو-2023
gettyimages

اعتمد مجلس النواب الليبي بالأغلبية خريطة الطريق المقترحة من لجنة 6+6 الخاصة بقوانين الانتخابات (Getty)

رغم إقرار مجلس النواب الليبي، خريطة الطريق المقترحة من قبل لجنة 6+6، مما يشي بإمكانية حدوث انفراجة سياسية، تساهم في حلحلة الانسداد السياسي في ليبيا، والذي يتجلى في أوضح صوره، في عرقلة إجراء الانتخابات، التي كانت مقررة، قبل ما يزيد عن العام والنصف.

واعتمد مجلس النواب الليبي بالأغلبية خريطة الطريق المقترحة من لجنة 6+6 الخاصة بقوانين الانتخابات، بالإضافة لتكوين حكومة وطنية جديدة للإشراف على الانتخابات.

استبعد أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الإستراتيجية إسماعيل المحيشي أن تُجرى الانتخابات في ظل "الفوضى التي تعيشها ليبيا منذ سنتين أو ثلاثة"

وجرى إقرار هذه القرارات خلال جلسة لمجلس النواب ترأسها عقيلة صالح في بنغازي، وكانت الجلسات قد علّقت لمدة أسبوعين بسبب الخلافات بين قطاع كبير من النواب ورئيس المجلس.

أمّا، الأزمة التي تحيق في هذا الإقرار، هو وضع مجلس النواب الليبي عدة ملاحظات على خريطة الطريق، مما يشي إمكانية عرقلة الاتفاق.

وقال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح إن خريطة الطريق التي أقرّها البرلمان "تنص على إجراء الانتخابات في مدة 240 يومًا من تاريخ صدور القوانين الانتخابية عن لجنة 6+6 المكونة بالتناصف بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، عبر ثلاثة مسارات، تنفيذية ودستورية وأمنية. لكن عقيلة صالح أعلن أنّ لمجلس النواب بعض الملاحظات حول خريطة الطريق الصادرة عن لجنة 6+6، معلنًا أن الملاحظات أحيلت للجنة "لتضمينها في القوانين الانتخابية وإعادتها إلى مجلس النواب حتى الاعتماد النهائي".

زكي وزكية الصناعي

تحذير البعثة الأممية

وفي ظل الملاحظات من قبل مجلس النواب، حذرت البعثة الأممية في ليبيا، اليوم الخميس، مجلس النواب من الاستمرار في خريطة الطريق، وطالبت بضرورة وجود اتفاق سياسي جديد. 

وأضافت البعثة، أنها حذرت "مرارًا وتكرارًا من أي مبادرات أحادية الجانب لمعالجة الانسداد السياسي في ليبيا"، وعليه جدّدت تحذيرها "من أي إجراءات أحادية الجانب أو محاولة لتقويض تطلعات الليبيين إلى إجراء انتخابات وطنية". 

وذكرت البعثة الأممية بأنّ رئيسها عبد الله باتيلي يواصل لقاءاته مع جميع المؤسسات والأطراف الليبية "من أجل الاتفاق على خريطة طريق لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن في جميع أنحاء البلاد، على أساس دستوري وقانوني"، مضيفةً أن باتيلي "يعمل من خلال الحوار والحلول الوسط والمشاركة البناءة بطريقة شفافة وشاملة للجميع، بهدف تشكيل حكومة ليبية موحدة قادرة على إدارة البلاد". 

وأشارت البعثة إلى أنّ العملية السياسية في ليبيا "تمر بمرحلة حرجة تستلزم اتفاقًا سياسيًا شاملًا، مع قبول ومشاركة من جميع الأطراف الفاعلة"، وعليه فإن "أي إجراءات أحادية على غرار محاولات سابقة في الماضي، من شأنها أن تؤدي إلى عواقب وخيمة على ليبيا، وتتسبب في مزيد من عدم الاستقرار وإثارة العنف". 

واعتبرت البعثة أنّ أي تحركات أحادية "من شأنها أن تعمق حدة التجاذبات في أوساط الليبيين الذين يرزحون تحت وطأة المعاناة منذ أكثر من عقد". 

وجدّدت البعثة تذكيرها باستمرار لقاءات باتيلي مع جميع الأطراف لـ"التوصل إلى تسوية سياسية تجعل مشاريع قوانين الانتخابات قابلة للتنفيذ، والاتفاق على إنشاء حكومة موحدة جديدة، والتمكين من إجراء انتخابات ناجحة دون تأخير"، شددت على ضرورة تضمين ملاحظات باتيلي في قوانين لجنة 6+6 المتعلقة بالانتخابات، مضيفةً:  أنّ هذه الملاحظات "عبارة عن خلاصة للمناقشات مع مختلف الأطراف، وقد ركزت على قضايا موضع الخلاف في الإطار القانوني للانتخابات".

واستكملت البعثة، بيانها، داعيةً: "جميع الفاعلين الليبيين لاستخلاص العبر من الماضي، والعمل معًا بروح من التوافق من أجل الوصول إلى مرحلة إجراء الانتخابات". 

وسبق أن أعلنت البعثة عن إحالتها ملاحظات أعدها باتيلي حول القوانين الانتخابية التي صاغتها لجنة 6+6، معتبرةً أن القوانين الانتخابية بشكلها الحالي لن تمكن من الوصول إلى انتخابات ناجحة. 

من جانبها، ردت لجنة 6+6، يوم الإثنين الماضي، برفض ملاحظات باتيلي واتهمته بدعم وتغليب طرف على الآخر. 

توتر اللجنة

ويبدو أن هذه النقطة هي السبب التوتر بالنسبة للجنة 6+6 التي أصدرت بيانًا رفضت فيه "ملاحظات البعثة الأممية حول القوانين الانتخابية"، متهمةً باتيلي "بدعم وتغليب طرف على الآخر وهو ما ساهم في تعميق حالة الانقسام السياسي وتدهور الوضع الأمني واستمرار حالة الفساد وعرقلة الوصول لدولة المؤسسات والقانون"، وفق تعبيرها.

وعبرت اللجنة في بيانها عن قلقها العميق إزاء ما وصفته "حالة التخبط السائدة بعمل البعثة الأممية في ليبيا"، مردفةً في بيانها أن "باتيلي لم يُحاول التواصل مع اللجنة للاستماع للمبررات والتصورات والمقاربات التي اعتمدتها لحل مختلف النقاط الخلافية".

وتابع البيان: "يبدو واضحًا عدم استماعه لمستشاره لشؤون الانتخابات، والذي تابع عمل اللجنة التي اتفقت معه بعد عودتها حول بعض النقاط التي أبداها بشأن مشروعات القوانين".

انسداد مستمر

من جانبه، قال رئيس تجمع تكنوقراط ليبيا أشرف بلها لـ"التلفزيون العربي": إن ما حدث بين مجلسي النواب والدولة هو استكمال لما كان يسعى إليه المجلسان منذ مدة طويلة، معتبرًا أن الوصول إلى الاتفاق استغرق وقتًا طويلًا في ظل ضياع الكثير من الفرص.  

بودكاست مسموعة

ورغم تأكيده على أهمية الاتفاق، إلا أنه اعتبر أن المشهد السياسي في ليبيا لا يُختزل في المجلسين، فالاتفاق بينهما لا يحل الصراع في البلاد، موضحًا أن "التوافق بين مجلسي النواب والدولة جاء نتيجة ضغط من البعثة الأممية التي هددت باعتماد وسائل أخرى".

وفي السياق نفسه، استبعد أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الإستراتيجية إسماعيل المحيشي أن تُجرى الانتخابات في ظل "الفوضى التي تعيشها ليبيا منذ سنتين أو ثلاثة"، وأضاف المحيشي لـ"التلفزيون العربي": أن أطرافًا إقليمية تدير الملف الليبي، وأن الأطراف المحلية لا تمتلك قدرة تحريك الوضع القائم.

وأضاف أن أي توافق سيكون مدعومًا من البعثة الأممية في ليبيا ومن الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في البلاد.

الانتخابات مدخلًا

وعلى مدار الأشهر الماضية، ركزت المواقف الدولية من ليبيا، على ضرورة عقد الانتخابات، من أجل تشكيل حكومة جديدة، وبرلمان قادر على ممارسة مهامه الدستورية، كمدخل لتوحيد البلاد، في ظل الانقسام القائم حاليًا.

على مدار الأشهر الماضية، ركزت المواقف الدولية من ليبيا، على ضرورة عقد الانتخابات، من أجل تشكيل حكومة جديدة، وبرلمان قادر على ممارسة مهامه الدستورية، كمدخل لتوحيد البلاد، في ظل الانقسام القائم حاليًا

ورغم التأكيد الدولي، على ضرورة انعقاد الانتخابات، إلّا أنّ الخلافات العميقة، ساهمت في إرجاء التوصل إلى اتفاق على آلية الانتخابات، وسط خلافات على بنود قانونية، حول ترشح العسكر ومزدوجي الجنسية، ومع إقرار الخطة السابقة من مجلس النواب، والتي تعد تقادمًا هامًا في العملية السياسية في ليبيا، فإن الرهان يدور حاليًا حول إمكانية إعادة توحيد البلاد وجسر الخلافات، وإتمام عملية انتقالية، على أساس ديمقراطي، قادرة على إفراز شخصيات سياسية، تساهم في قيادة ليبيا خلال هذه المرحلة الحرجة.

وتبقى التحديات القائمة أمام العملية السياسية، حاضرة بشكلٍ كبير، في ظل التباينات الكبيرة في المواقف، وإمكانية انفراط الاتفاق، مع بروز أي جوانب إشكالية خلال الفترة المقبلة.