31-يوليو-2020

تواجد مصري عسكري في سوريا يمثل رسالة سياسية (الأناضول)

من المرجح أن العدّ التنازليّ لعملية عسكرية جديدة في محافظة إدلب شمال غربيّ سوريا، بدأ رسميًا في ظلّ التصعيد المُتبادل بين ميليشيات النظام وحلفائه من جهة وفصائل المعارضة السورية المسلّحة المدعومة من القوّات التركية المتواجدة في المنطقة، من جهةٍ أخرى. وهو الأمر الذي يُهدِّد التفاهمات الروسية – التركية المُبرمة في الـ 5 من آذار/مارس الفائت، بعد أن توصّل الرئيس التركيّ رجب طيب أردوغان ونظيره الروسيّ فلاديمير بوتين إلى اتّفاق لوقف إطلاق نار شامل باتت احتمالية انهياره واردة جدًا، في ظلّ خروقات ميليشيات النظام المستمرّة التي عكست نيّته وحلفائه، الإيرانيين خصوصًا، استئناف المعارك والوصول إلى جبل الزاوية لإحكام سيطرته على مدينة أريحا والطريق الدوليّ حلب – اللاذقية (M4).

نقلت "الأناضول" يوم الخميس 30 تمّوز/يوليو الجاري، عن مصادر عسكرية موثوقة قولها إنّ النظام المصريّ أرسل قوّات مسلّحة إلى محافظة إدلب وريف حلب الغربيّ في ظروف غامضة

القصف المتواصل لقرى وبلدات منطقة جبل الزاوية، أسفر عن تأجيل الدورية الروسية – التركية المُشتركة التي كان مُقرَّرًا أن تُسيَّر في الـ 23 من الشهر الجاري، وفقًا للتفاهمات التي توصّل إليها الطرفان بهدف إعادة الحركة التجارية والطبيعية إلى الطريق تمهيدًا لفرض الاستقرار في منطقة خفض التصعيد التي تشمل محافظة إدلب وأجزاءً من أرياف حلب وحماة واللاذقية.

اقرأ/ي أيضًا: تعديلات السيسي القانونية.. عسكرة أكثر في السياسة والمجتمع والتعليم

أمر يبدو وفقًا للمعطيات الميدانية والتطوّرات الأخيرة مسارًا معقّدًا في ظلّ سعي أطراف معيّنة إلى الالتفاف على اتّفاق وقف إطلاق النار، خصوصًا الميليشيات التابعة لإيران التي تبين وكالة "الأناضول" أنّها بدأت العمل على إبطال الاتّفاقية بسبب ضيقها من تفاهمات أنقرة وموسكو التي تستثنيها وتحيدها بهدف إخراجها من اللعبة السياسية.

تشير الوكالة إلى أنّ الميليشيات الإيرانية قامت بتعزيز تواجدها عسكريًا إلى جانب ميليشيات النظام في مدينة معرة النعمان وكفرنبل وسراقب بالإضافة إلى ريف حماة الغربيّ استعدادًا لاستئناف المواجهات العسكرية في المنطقة بهدف خلق مشهدٍ جديد يُعيد إيران من الهامش إلى متن أي تفاهمات سياسية جديدة بشأن المنطقة، الأمر الذي سيمكّنها من إعادة العمل على مشروعها الأيديولوجيّ التوسعّي الذي تعارضه روسيا وتركيا.

في سياق لا ينفصل كثيرًا عن المساعي الإيرانية، نقلت "الأناضول" يوم الخميس 30 تمّوز/يوليو الجاري، عن مصادر عسكرية موثوقة قولها إنّ النظام المصريّ أرسل قوّات مسلّحة إلى محافظة إدلب وريف حلب الغربيّ في ظروف غامضة. وذكرت الوكالة أنّ القوّات المصرية البالغ عددها نحو 150 جنديًا، دخلت إلى سوريا عبر مطار حماة العسكريّ، وانتشرت في مدينة سراقب وسط إدلب، وبلدة خان العسل في ريف حلب الغربيّ، وذلك بالتنسيق بين النظام المصريّ والحرس الثوريّ الإيرانيّ الذي باتت تتحرّك ميليشياته في المنطقة إلى جانب القوّات المصريّة.

وكان الناطق باسم الجيش الوطني السوريّ الرائد يوسف حمود، قد ذكر بدوره في تغريدة نشرها على حسابه في "تويتر" أنّ قوّات خاصّة مصرية دخلت إلى سوريا عبر ثلاث دفعات، وصلت دفعتان منها، 98 عنصرًا معظمهم ضبّاط برتب مختلفة، يوم الأحد الماضي إلى مطار حماة العسكري قادمةً من مدينة الإسماعيلية، قبل أن تُنقلا إلى مدينة حلب، ومنها باتّجاه بلدة خان العسل في ريفها الغربيّ. بينما وصلت الدفعة الثالثة القادمة من مطار القاهرة إلى مطار حماة صبيحة اليوم التالي، الإثنين 27 من الشهر الجاري، ونُقلت في اليوم ذاته إلى مدينة سراقب، مُشيرًا إلى أنّها ضمّت نحو 50 عنصرًا.

رسالة سياسية؟

تقرأ بعض الآراء الخطوة المصرية الجديدة، من خلال الارتباط بين الملفين السوري والليبي، وطبيعة الاستقطاب الإقليمي بشأنهما. على سبيل المثال، أرجع القيادي في فصائل المعارضة السورية المسلّحة، العميد فاتح حسون، في تصريح لصحيفة العربي الجديد، التدخّل المصريّ غير الرسميّ حتّى هذه اللحظة إلى العلاقة بين الملفين، خصوصًا وأنّ اللاعبين في الملفّ الأوّل المعقّد سياسيًا وعسكريًا وله ارتباطات إقليمية، متواجدون أيضًا في الملفّ الثاني، الأمر الذي يجعل من سوريا في هذا الوقت الذي يشهد تصعيدًا خطابيًا مُتبادلًا بين مصر وتركيا، ساحة لتبادل الرسائل السياسية والعسكرية، ووسيلة ضغط على الجانب التركيّ.

تعيد بعض الآراء الخطوة المصرية الجديدة، إلى الارتباط بين الملفين السوري والليبي، وطبيعة الاستقطاب الإقليمي بشأنهما

من جهة أخرى، يؤكد بعض الخبراء أنّ هذا التدخّل يأتي بطلبٍ من الإمارات العربية المتّحدة التي تُحاول أيضًا إبطال وقف إطلاق النار والتفاهمات التركية الروسية للحدّ من النفوذ التركيّ في المنطقة، وهي المحاولات التي أشار إليها موقع "ميدل إيست آي" في تقرير سابق، كشف فيه أنّ الحاكم الفعليّ لدولة الإمارات محمد بن زايد قدّم عرضًا لرئيس النظام السوريّ بشّار الأسد مفاده مواصلة الأخير لمعاركه في محافظة إدلب مقابل 3 مليارات دولار أمريكيّ، وحزمة من المساعدات الاقتصادية والأمنية.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تصعيد جديد في إدلب ومخاوف من "كارثة" نزوح جديدة

ملفات مشتركة ومصالح مختلفة.. هل تُنهي إدلب التعاون التركي – الروسي؟