20-فبراير-2020

(Getty) فتاة سورية تركب في شاحنة تغادر إدلب

قد تشكّل إدلب نهاية التعاون التركي - الروسي، الذي يشمل ملفات معقدة تمتد لأبعد من سوريا، لكنها تمر من خلال ما يجري في الشمال السوري، الذي أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه أمن قومي، مدعومًا من واشنطن التي حذّرت من نذر نزاع عسكري بين تركيا وروسيا، واتهمت نظام الأسد بمواصلة مهاجمة المدنيين السورين.

قال أردوغان إن المحادثات مع روسيا بخصوص منطقة إدلب بشمال غرب سوريا كانت بعيدة جدًا عن تلبية مطالب بلاده

قال المتحدث باسم البنتاغون شون روبرتسون في مؤتمر صحفي أمس "إن نظام الأسد يواصل مهاجمة شعبه، والروس والأتراك يقتربون من الدخول في نزاع عسكري، ونأمل في أن تجد الدولتان حلًّا لتفادي تلك المواجهة".

فشل مباحثات إدلب

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء إن المحادثات مع روسيا بخصوص منطقة إدلب بشمال غرب سوريا كانت بعيدة جدًا عن تلبية مطالب بلاده، وحذّر من أن شن عملية عسكرية هناك "مسألة وقت". بحسب وكالة الأناضول.

اقرأ/ي أيضًا: شمال شرق سوريا.. تنافس ثلاثي على ترسيم حدود السيطرة

وأضاف أردوغان مخاطبًا نوابًا من حزب العدالة والتنمية أن تركيا عازمة على جعل إدلب منطقة آمنة "مهما كلف الأمر" حتى مع استمرار المحادثات مع روسيا، التي تدعم قوات النظام السوري. وحول تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التعاون في ملف إدلب، أوضح أنه "يمكن أن يكون هناك تضامن بيننا على مختلف الصعد".

في المقابل قال الكرملين إن تنفيذ عملية عسكرية تركية ضد قوات النظام في منطقة إدلب سيكون أسوأ سيناريو. وأضاف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في تصريحات للصحفيين إن موسكو تعارض بشدة تنفيذ هذه العملية، لكن روسيا وتركيا ستبقيان على تواصل لمحاولة منع تصاعد التوتر في إدلب أكثر.

فشل مباحثات إدلب التي استمرت ثلاث جولات تحولت إلى مواجهة في مجلس الأمن، إذ قال المندوب التركي الدائم لدى الأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو، إن تركيا تمنح النظام السوري مهلة لنهاية شباط/ فبرايرالجاري، للانسحاب من المناطق التي سيطر عليها مؤخرًا في منطقة خفض التصعيد بإدلب. وأوضح سينيرلي أوغلو، أن بلاده ستضرب كافة الأهداف التي تشكل تهديدًا عليها في إدلب، وأنها لن تسحب جنودها ولن تغير مواقع نقاط المراقبة.

ورغم التحذير التركية، يصر نظام الأسد على مواصلة حملته العسكرية والسيطرة على كامل مدينة إدلب، حيث أدت العمليات العسكرية الأخيرة لقوات النظام بدعم جوي روسي إلى تدفق أكثر من مليون نازح سوري إلى قرب الحدود التركية، وهو ما تخشاه أنقرة ففي حال سيطر نظام الأسد على مدينة إدلب، فسوف يتدفق مئات الآلاف من اللاجئين شمالًا إلى تركيا، وقد يسعى النظام بعد إغلاق ملف إدلب، إلى استعادة مناطق أخرى شمالًا مثل عفرين ورأس العين، أي مناطق عمليتي نبع السلام ودرع الفرات، وزيادة نفوذ الميليشيات الكردية المعروفة بقوات سوريا الديمقراطية التي تفاوض نظام الأسد، فبعد أن كانت قوات النظام تقاتل على جبهات عدة في سوريا، انحصر عملها على جبهة واحدة فقط، وهو ما يعطي النظام أملًا بالتحرك أبعد من إدلب، وما تصريحات رأس النطام بشار الأسد عن "الفقاعات" القادمة من الشمال سوى رسالة من موسكو إلى أنقرة التي تتحرك عسكريًا بكثافة في الأيام الماضية.

تطاب تركيا روسيا بالضغط على نظام الأسد الذي قتلت قذائفه 13 جنديًا تركيًا، لكن موسكو أثبتت أنها غير راغبة بذلك

تطاب تركيا روسيا بالضغط على نظام الأسد الذي قتلت قذائفه 13 جنديًا تركيًا، لكن موسكو أثبتت أنها غير راغبة بذلك. وقد تشعر موسكو بأنها مضطرة لدعم تصرفات نظام الأسد خشية فقدان نفوذها لصالح إيران، والأسوأ من ذلك هو الخوف من هزيمة على يد الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، ويمكن لهذا أن ينهي آمال موسكو في وقف الأعمال العسكرية بما يكفي لجذب الاستثمارات الاقتصادية من الخليج العربي، وحتى من الغرب الذي اشترط تحقيق تقدم في عملية الانتقال السياسي، يمكن أن تؤدي نكسة تصيب نظام الأسد إلى إعادة إحياء المعارضة بشكل عام، وهو ما لا ترغب موسكو في رؤيته.

ليبيا.. ساحة صراع ثانية

اتّهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم أمس السبت، روسيا بأنها ما زالت ترسل الأسلحة إلى ميليشيا حفتر في ليبيا، وأن المسؤولين العسكريين الروس هم مَن يديرون مرتزقة "فاغنر" التي تقاتل إلى جانب حفتر.

اقرأ/ي أيضًا: حملة النظام السوري للسيطرة على الطريق الدولي.. هدف أم ذريعة؟

وقال أردوغان، في تصريح للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية أثناء عودته من باكستان إلى تركيا، "هنالك ألفان و500 عنصر من مرتزقة فاغنر الروسية موجودون إلى جانب حفتر.. بعض الدول ما زالت تُرسل السلاح إلى قوات حفتر رغم دعوات مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار في ليبيا".

وأطلع أردوغان الصحفيين على صورة تجمع رئيس مرتزقة فاغنر مع حفتر، ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ورئيس هيئة الأركان الروسية فاليري غيراسيموف، مؤكدًا أن من في الصورة هم القادة العسكريون الأعلى مستوى في روسيا، وأن هؤلاء هم من يُديرون مرتزقة فاغنر في ليبيا رغم إنكارهم ذلك.

التعاون الإيجابي الذي بدأ بين بوتين وأردوغان إثر توتر العلاقات بين البلدين عقب إسقاط القوات التركية لطائرة حربية روسية عام 2015، يبدو الآن مهددًا، وغضب تركيا وروسيا من السياسات الأمريكية والأوروبية قد يصبح غير فعال أمام الأزمة الحالية في إدلب وفي ليبيا.

ملف الطاقة

دخول تركيا وروسيا في نزاع عسكري بسبب إدلب كما حذّر البنتاغون، يهدد اتفاقيات حساسة بين أنقرة وموسكو مثل ملف الطاقة، حيث ينقل خط أنابيب السيل التركي، 506.3 ملايين متر مكعب من الغاز الروسي إلى أوروبا، خلال كانون الثاني/ يناير الماضي.

وفقًا لمعلومات حصلت عليها وكالة الأناضول، فإن خط السيل التركي، نقل 506.3 ملايين متر مكعب من الغاز إلى أوروبا، عبر خطه المار من بلغاريا.

وتتلقى تركيا أجرًا محددًا عن كل متر مربع من الغاز الطبيعي الذي ينقل عبر أراضيها. ويشار إلى أن السيل التركي دخل الخدمة في 8 من كانون الثاني/ يناير الماضي، وسط مراسم افتتاح رسمية أقيمت بمدينة إسطنبول، بحضور الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين.

"السيل التركي" خطان لنقل الغاز من روسيا إلى كل من تركيا وأوروبا، مرورًا بالبحر الأسود، ويغذي الأنبوب الأول تركيا، والثاني دول شرقي وجنوبي أوروبا، وهو من الملفات التي يستفيد منها الأتراك إلا أن الفائدة الروسية هي الأكبر.

دخول تركيا وروسيا في نزاع عسكري بسبب إدلب يهدد اتفاقيات حساسة بينهما مثل ملف الطاقة

روسيا التي شعرت بجدية التهديدات التركية أعلنت عن التحضير لقمة مرتقبة في طهران دون تحديد موعدها، ما يترك التوقعات مفتوحة على جميع الخيارات.

اقرأ/ي أيضًا: إدلب في وجه المأساة

وقد قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن التجهيزات لقمة روسيا وتركيا وإيران حول سوريا جارية، مؤكدًا إنه لم يتم الاتفاق على الموعد بعد، بحسب وكالة سبوتنيك.

أضاف بيسكوف الخميس: "في الواقع، جرت مفاوضات مع الجانب الإيراني حول هذا الموضوع، وهذه القمة قيد الإعداد. في هذه الحالة هناك موافقة من الجانب الروسي على تواريخ معينة. ولكنكم تعلمون أنه من الضروري تنسيق المواعيد مع الرؤساء الثلاث، وحتى الآن لم ننتهِ من هذا، وبمجرد أن يتم سنبلغ الجميع".

إلى ذلك قال مسؤول تركي لوكالة رويترز في وقت سابق من اليوم إن إيران وتركيا وروسيا تخطط للاجتماع في طهران مطلع شهر آذار/مارس المقبل لمواصلة مناقشة الوضع المتأزم في إدلب، والأزمة السورية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إدلب في سياق التوتر التركي الروسي.. ماذا يحدث؟