29-يوليو-2020

مخاوف من موجة نزوح كبيرة من إدلب (Getty)

وصل التصعيد في محافظة إدلب شمال غربيّ سوريا مرحلة حرجة بفعل الخروقات المُستمرّة من قبل ميليشيات النظام لاتّفاق وقف إطلاق النار الذي توصّلت إليه تركيا وروسيا في الـ 5 من آذار/مارس الفائت، الأمر الذي يُعزِّز من احتمالية عودة المواجهات العسكرية بين ميليشيات النظام وحلفائه من جهة، وفصائل المعارضة المسلّحة المدعومة تركيًّا من جهةٍ أخرى، وذلك في ظلّ استقدام كلا الطرفين لتعزيزات عسكرية ضخمة إلى جبهات القتال خلال الأيام القليلة الماضية.

وصل التصعيد في محافظة إدلب شمال غربيّ سوريا مرحلة حرجة بفعل الخروقات المُستمرّة من قبل ميليشيات النظام لاتّفاق وقف إطلاق النار

الاتّفاق الروسيّ – التركيّ الذي أوقف هجمات النظام البرّية على المنطقة، دخل وسط هذه التطوّرات مرحلةً كفيلة بتحديد مصيره وكشف مدى التزام الجانب الروسيّ به، لا سيما بعد تطبيق البند المتعلّق بتسيير دورياتٍ روسية – تركية مُشتركة على الطريق الدوليّ حلب – اللاذقية (M4)، حيث قطعت الدورية المشتركة المسافة الكاملة المُحدّدة لها انطلاقًا من قرية "الترنبة" بالقرب من مدينة سراقب، وصولًا إلى قرية "عين الحور" في ريف اللاذقية الشماليّ، لتكون الدورية الأولى التي تُكمل مسارها بعد 21 دورية سُيِّرت خلال الشهور الثلاثة الماضية.

اقرأ/ي أيضًا: ملفات مشتركة ومصالح مختلفة.. هل تُنهي إدلب التعاون التركي – الروسي؟

ولكنّ إكمال هذه الخطوة بالغة الأهمية بصفتها مُفتاحًا لتطبيق بقيّة بنود اتّفاق موسكو، لم تكن كفيلةً بإنهاء خروقات الميليشيات التابعة للنظام، التي كثّفت منذ نحو أسبوعين قصفها لقرى وبلدات بينين ومجدليا ودير سنبل وكفر عويد وكنصفرة في جبل الزاوية، بالإضافة إلى قرية عين لاروز في ريف إدلب الجنوبيّ، وقرى سان داديخ وكفربطيخ القريبة من مدينة سراقب، حيث شهدت هذه المناطق حركة نزوح جديدة بفعل القصف والمخاوف من حملة عسكرية روّجت لها وسائل إعلام النظام مؤخّرًا، وأشارت إليها المعطيات الميدانية ومحاولات التسلّل باتّجاه تمركزات فصائل المعارضة، الأمر الذي دفعها إلى رفع الجاهزية بطلبٍ من القوّات التركية الني أخذت الخطوة نفسها تحسّبًا لأيّ عملٍ برّي تشنّه الميليشيات باتّجاه ما تبقى من محافظة إدلب وأرياف حماة وحلب.

فصائل المعارضة المنضوية ضمن غرفة عمليات "الفتح المُبين" ردّت إلى جانب القوّات التركية على خروقات النظام بقصف مواقعه في مدينة كفرنبل وبلدات حاس والجرادة وبابيلا في ريف إدلب الجنوبيّ، وذلك بعد ساعاتٍ من إعلانها قتل وإصابة مجموعة تابعة للميليشيات خلال محاولتها التسلّل باتّجاه حرش كفرنبل الذي تُسيطر عليه.

اقرأ/ي أيضًا: إدلب من جديد.. هل سيكرر الأسد "جحيم" حلب؟

ووسط الأحاديث المتداولة عن العملية العسكرية المُرتقبة، استنكر فريق "منسقو استجابة سورية" في بيانٍ له التصريحات الروسية بشأنها، وأكّد أنّ الجانب الروسيّ يغضّ الطرف عن مساعي ميليشيات النظام لخرق وقف إطلاق النار في الوقت الذي لم تعد فيه المنطقة قادرة على استيعاب موجات نزوحٍ جديدة، كما أنّ المخيمات التي تُعدّ وجهة النازحين الأولى باتت في ظلّ ظروفها المتردّية عاجزةً عن استقبال المزيد. وأشار البيان إلى أنّ الجانب الروسيّ لم يُبد حتّى اللحظة التزامه باتّفاقية وقف إطلاق النار في المنطقة إذ إنّ الانتهاكات المُرتكبة بحقّ المدنيين لا تزال مُستمرّة بدعمٍ منه، حيث وصل عدد الخروقات إلى 1600 خرق منذ الإعلان عن الاتّفاقية في العاصمة الروسية موسكو.

طالب بيان فريق "منسقو استجابة سورية" المجتمع الدوليّ باتّخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون ممارسة روسيا لأعمالٍ عدائية جديدة في مناطق الشمال السوريّ المُحرَّر، الأمر الذي سيؤدّي إلى زيادة حالات النزوح

وطالب بيان فريق "منسقو استجابة سورية" المجتمع الدوليّ باتّخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون ممارسة روسيا لأعمالٍ عدائية جديدة في مناطق الشمال السوريّ المُحرَّر، الأمر الذي سيؤدّي إلى زيادة حالات النزوح باتّجاه المناطق الحدودية الآمنة، وزيادة الكثافة السكانية في المنطقة بشكلٍ عام، وذلك في ظلّ انعدام وسائل الحماية اللازمة والتباعد الاجتماعيّ، في الوقت الذي تشهد فيه محافظة إدلب وأرياف مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة ارتفاعًا بأعداد المُصابين بفيروس كورونا، إذ أعلنت وزارة الصحّة في الحكومة السورية المؤقّتة بالإضافة إلى "شبكة الإنذار المبكّر" ارتفاع عدد الإصابات إلى 30 إصابة، في الوقت الذي فرضت فيه وزارة الصحّة التابعة لحكومة الإنقاذ المحسوبة على "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة) حجرًا صحيًّا على بلدة "سرمين" شرق مدينة إدلب.