02-يناير-2018

طلال بن عبدالعزيز مضرب عن الطعام منذ نحو شهرين بسبب سياسات ابن سلمان (يوتيوب)

كشف موقع "ميدل إيست آي" في تقرير له، تفاصيل جديدة مثيرة للاهتمام، حول تبعات حملة الاعتقالات التي نفذها ابن سلمان ضد أمراء ورجال أعمال سعوديين. من بين أبرز تلك التفاصيل، دخول أحد الأمراء السعوديين الكبار (أبناء المؤسس عبدالعزيز) إضرابًا عن الطعام منذ نحو شهرين، بسبب أن ثلاثة من أبنائه معتقلين. في السطور التالية ترجمة بتصرف للتقرير.


دخل الأمير طلال بن عبد العزيز، والد الوليد بن طلال، وأول مصلح تحرري في آل سعود، في إضرابٍ عن الطعام، احتجاجًا على حملة الاعتقالات التي قام بها ابن أخيه وولي العهد محمد بن سلمان، والتي أسفرت عن اعتقال ثلاثة من أبنائه.

دخل الأمير طلال بن عبدالعزيز والد الوليد بن طلال، إضرابًا عن الطعام منذ نحو شهرين، بسبب حملة اعتقالات ابن سلمان

وتوقف الأمير طلال بن عبد العزيز البالغ من العمر 86 عامًا، وهو الأخ غير الشقيق للملك سلمان، عن تناول الطعام منذ العاشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر، بعد وقتٍ قصيرٍ من اعتقال ابنه الأول، الوليد، في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، وقد فقد بالفعل 10 كيلوغرامات من وزنه في شهرٍ واحدٍ.

اقرأ/ي أيضًا: 6 مليارات دولار.. فدية الوليد بن طلال من قبضة ابن سلمان

وفي الأسبوع الماضي، تم توصيل بعض المحاليل إلى جسده لتغذيته، ولكن حالته الصحية لا تزال ضعيفة، وهو متواجد في مستشفى الملك فيصل بالرياض، وفقًا لعددٍ من الأشخاص الذين زاروه.

وقد عبّر العديد من أفراد العائلة المالكة الذين زاروه هم وبعض رجال الأعمال، عن احترامهم وتقديرهم للأمير الواهن. وتحدث أحدهم عما قام به الأمير إلى موقع "ميدل إيست آي" شريطة عدم الكشف عن هويته.

وقال إن الأمير طلال بن عبد العزيز لم يصدر أي تصريح عام حول إضرابه عن الطعام. وعندما زاره أخوه غير الشقيق الملك سلمان، في أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر، ليعرب عن تعازيه لوفاة أختهما، التقطت بعض عدسات الكاميرات الملك وهو يقبل يد طلال، الذي كان حينها جالسًا على كرسيٍّ متحرك.

سلمان يقبل يد طلال خلال مناسبة العزاء في أختهما (سبق)
سلمان يقبل يد طلال خلال مناسبة العزاء في أختهما (سبق)

وقال المصدر، إن الأمير طلال بن عبد العزيز لم يثِر قضية اعتقال أبنائه الثلاثة، مع سلمان في تلك المناسبة، لأن طلال لم يرغب في استخدام قدرته على التواصل مع الملك للضغط من أجل إطلاق سراح أبنائه، في حين يظل باقي المعتقلين الآخرين في السجن. بيد أنّ المصدر قد أكّد على أنّ إضراب طلال عن الطعام بسبب اعتقال أبنائه، قائلًا: "نحن نعرفه جيدًا، ونعرف لماذا يفعل هذا. ليس هناك سببٌ طبي يحول بينه وبين الطعام".

وقبل شهر من ردة فعله تلك، قال طلال بن عبد العزيز لبعض أصدقائه، إنه من الصواب الشروع في احتجاجٍ مدني، لجذب الانتباه إلى الاستبداد الذي يؤسس له ابن أخيه محمد بن سلمان بحجة مكافحة الفساد. وقد أشار المصدر إلى أنّ وجود طلال في المستشفى، بات نقطة التقاءٍ للعديد من أفراد آل سعود، وطريقة يتمكنون من خلالها مناقشة ما يحدث في البلاد.

"الأمير الأحمر"

يُعرف الأمير طلال بن عبد العزيز الذي شغل منصب وزير المالية في حكومة الملك سعود -ثاني ملوك الدولة السعودية الثالثة بعد المؤسس عبدالعزيز- ما بين عامي 1953 و1964، بأنه ليبرالي. واشتهر باسم "الأمير الأحمر" في ستينيات القرن الماضي، لقيادته حركة الأمراء الأحرار التي دعت إلى إنهاء الملكية المطلقة.

لكن العائلة المالكة رفضت تلك الحركة وجابهتها بقوة، ونُفي الأمير طلال بن عبد العزيز إلى القاهرة، حتى تمكنت والدته من عقد مصالحة مع الأسرة الحاكمة، سمحت له بالعودة إلى السعودية.

ودافع الأمير طلال بن عبد العزيز عن حقوق المرأة قبل وقتٍ طويل من صدور قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، في أيلول/سبتمبر الماضي. وقال طلال بن عبد العزيز في مقابلة له، إن "النساء السعوديات سيأخذن حقوقهن في نهاية المطاف، ولكن يجب أن لا تتوقف المسيرة نحو تحقيق تلك الغاية أبدًا، بل يجب علينا أن نسرعها قليلًا".

وواصل طلال بن عبد العزيز حملته من أجل تحقيق الملكية الدستورية في بلاده، والدعوة للفصل بين السلطات، التي يقول إنها حق دستوري، ففي مقابلة له مع قناة المحور المصرية، في 2007، قال طلال: "آمنت دائمًا بمبدأ الفصل بين السلطات المتمثلة في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية".

كان الأمير طلال من أوائل من طالبوا بإقامة ملكية دستورية في السعودية، وقاد لذلك حركة الأمراء الأحرار ونفي إلى القاهرة على إثر ذلك

وأضاف طلال بن عبد العزيز: "وقد طبَّق الملك فهد ذلك في عام 1992، عندما اعتمد الدستور السعودي الذي هو القانون الأساسي للحكومة، حيث تم الفصل بين السلطات صراحة، وما نطالب به الآن هو أن تصبح تلك السلطات مستقلة".

ثلاثة أبناء له رهن الاعتقال

اُعتُقل ثلاثة من أبناء طلال بن عبد العزيز في حملة الاعتقالات التي شنها ابن سلمان على أمراء ورجال أعمال سعوديين. وعلى رأس أبنائه الثلاثة، ورأس قائمة المعتقلين، الأمير الوليد بن طلال، أحد أغنى أغنياء العالم، رئيس مجلس إدارة شركة المملكة القابضة، والذي تقدر أصوله بنحو 19 مليار دولار.

اقرأ/ي أيضًا: محمد بن سلمان.. صعود سريع لأمير طائش يهدد البلاد والمنطقة!

ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن محمد بن سلمان يُطالب الوليد بالتخلي عن ملكية شركة المملكة القابضة بالكامل، أو دفع ست مليارات دولار، مقابل إطلاق سراحه، وهو ما يرفضه ابن طلال حتى الآن، مطالبًا إجراء محاكمة.

وضغط خالد، شقيق الوليد، من أجل إطلاق سراح الأخير، إذ تقول مصادر إن خالد بن طلال دخل في مشادة مع مسؤول حكومي حول مصير أخيه، ما أدى لاعتقاله هو الآخر. ثم اتهم أخ ثالث لهما بالمشاركة في المشاجرة، فاعتقل أيضًا.

وأشار المصدر (زائر الأمير طلال بن عبد العزيز)، إلى أنّ بعضًا من أفراد العائلة المالكة، والذين عرفوا بالفساد، تُركوا دون مساس، بينما وُجّهت معظم الاعتقالات إلى أبناء الملك الراحل عبدالله، وأبناء طلال بن عبدالعزيز.

وأضاف المصدر: "لقد قال الأمير بندر على التلفاز بالحرف الواحد، إنَّ بعض أفرع الأسرة عُرِفَت بفسادها منذ عقود. فأين إذن خالد بن سلطان؟ ومحمد بن فهد؟ لماذا لم تشملهم هذه الاعتقالات وتلك التحقيقات؟ أخبرني، هل من العدل أن تلقي القبض على البعض وتترك البعض الآخر بفساده؟".

فزع وغضب

وبالإضافة إلى الوليد وأخويه، لا يزال أمراء آخرون رهن الاعتقال، من بينهم تركي بن ​​ناصر، وتركي بن ​​عبدالله، وفهد بن عبدالله بن عبد الرحمن.

وليست هناك معلومات قاطعة عن مصير عبد العزيز بن فهد، فهناك روايات تشير إلى أنَّه قاوم الاعتقال وتعرَّض لسكتة دماغية أو نوبة قلبية في أثناء العراك الذي نشب بسبب ذلك. ووفقًا لمصادر عدة، لا يزال يُعتقد بأنه على قيد الحياة، لكن في غيبوبة.

جديرٌ بالذكر أنَّ هناك تقارير تُفيد بالإفراج عن الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السابق الذي عُزِل من منصبه بموجب مرسومٍ ملكي مفاجئ. كما تُفيد تقارير بالإفراج عن متعب بن عبدالله الذي كان قد اعتقل أيضًا ضمن حملة اعتقالات الأمراء، وكان ثمن إطلاق سراحه مليار دولار.

ويُذكَر أنَّ مسؤولين مقرَّبين من محمد بن سلمان دبَّروا ظهور متعب في عدة لقطات عامة، من بينها لقاءٌ ظهر فيه محمد بن سلمان وهو يقبّل متعب، الرجل الذي سجنه ابن سلمان وأساء معاملته جسديًا. ونُظِّم هذا المشهد المسرحي في سباق خيلٍ سنوي لخيولٍ محلية ومستوردة في مهرجان الجنادرية.

وسُمِح لمتعب كذلك بزيارة مستشفى الحرس الوطني في العاصمة السعودية الرياض، وتقديم هدايا لأفراد الجهاز العسكري الذي كان يرأسه.

وفي الواقع، يخضع ابن نايف ومتعب لتقييد حريتهما. ويتعيَّن على كليهما الاستئذان قبل الخروج من قصريهما، على أن يرافقهما أفرادٌ تابعون للحرس الملكي يُقدِّمون تقارير مباشرة عنهما لابن سلمان. وقال مصدرٌ آخر طلب عدم ذكر اسمه، إنَّ الرجلين ممنوعان من السفر.

هناك حالة من الفزع والغضب بين كبار أفراد آل سعود، بسبب سياسات ابن سلمان وتصرفاته الطائشة لفرض سيطرته المطلقة

وقال المصدر إنَّ هناك فزعًا وغضبًا بين كبار أعضاء عائلة آل سعود المالكة بسبب ما يفعله ابن سلمان، والسيطرة المطلقة التي يحاول فرضها على البلاد، في حين أنَّ هناك الكثير من التعاطف مع ابن نايف، مُضيفًا: "ما حدث لمحمد بن نايف يوضحِّ أنَّك لا يمكنك الاعتقاد بأنَّك مُقرَّبٌ من محمد بن سلمان ولا يمكنك الوثوق به أبدًا".

 

اقرأ/ي أيضًا:

تأسيس مملكة محمد بن سلمان "المتهوّرة".. الحكاية من أولها

"التدخل السافر".. سياسة بن سلمان لجر السعودية نحو الهاوية