07-فبراير-2024
تبادل للأسرة

(Getty) أكدت حماس على شرط انسحاب الاحتلال ووقف إطلاق النار الدائم من أجل استمرار المفاوضات

سلمت حركة حماس ردها على اتفاق باريس الإطاري لعقد صفقة تبادل للأسرى، للوسطاء القطريين والمصريين يوم أمس، في رد وصف بـ"الإيجابي" ويبعث على "التفاؤل".

وجاء الرد الذي صاغته حركة حماس مع فصائل المقاومة الفلسطينية، ليقوم بوضع عدة تعديلات وملاحظات على النص المطروح، في خطة يمكن أن تساهم في هدنة لمدة أربعة أشهر ونص، تكون نهايتها وقف الحرب.

وبحسب مسودة وثيقة اطلعت عليها "رويترز" فإن اقتراح حماس يتضمن ثلاث مراحل مدة كل منها 45 يومًا.

قال قيادي في حماس للتلفزيون العربي: "وضعنا رؤيتنا وتصورنا أمام الأطراف الراعية والوسيطة والضامنة وننتظر الخطوة التالية"

وينص الاقتراح على قيام فصائل المقاومة بتبادل الأسرى الإسرائيليين المتبقين مع الأسرى فلسطينيين، بالإضافة إلى بداية عملية إعادة الإعمار، وانسحاب قوات الاحتلال من غزة بشكلٍ كامل، كما تشمل الخطة تبادلًا للجثامين، مع السماح بزيادة مستوى المساعدات.

ووفقًا لرد حماس، سيتم إطلاق سراح جميع الذكور دون سن 19 عامًا والمسنين والمرضى الذين تحتجزهم فصائل المقاومة، خلال المرحلة الأولى التي مدتها 45 يومًا مقابل إطلاق سراح النساء والأطفال الفلسطينيين وكبار السن من السجون الإسرائيلية.

وسيتم إطلاق سراح الأسرى الجنود خلال المرحلة الثانية، فيما ستكون المرحلة الثالثة مخصصة لتبادل الجثامين، وبحلول نهاية المرحلة الثالثة تتوقع حماس أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق بشأن إنهاء الحرب.

وقالت الحركة في ملحق للاقتراح إنها ترغب في إطلاق سراح 1500 من الأسرى، ثلثهم تختارهم الحركة من أسرى المؤبدات. كما تشمل الخطة إدخال المنازل المتنقلة والمستشفيات الميدانية.

بدوره، قال القيادي في حماس محمد نزال للتلفزيون العربي: "المسودة المنتشرة في وسائل الإعلام صحيحة في غالبها، ومقترح الحركة يتضمن 3 مراحل تستغرق كل مرحلة 45 يومًا".

وأضاف: "المرحلة الأولى تشمل إطلاق سراح النساء والأطفال غير المجندين دون 19 عامًا، والمرحلة الثانية تنص على انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة".

وأوضح نزال لـ"العربي": "وضعنا رؤيتنا وتصورنا أمام الأطراف الراعية والوسيطة والضامنة وننتظر الخطوة التالية"، مؤكدًا على أن المرحلة الأولى تتضمن وقفًا لإطلاق النار قبل التفاهم لاحقا على وقف دائم.

كما أشار إلى أن لا يمكن استمرار المفاوضات، إذا لم ينسحب الاحتلال من قطاع غزة، يوافق على وقف دائم لإطلاق النار.

وفي أول تعليق علني على رد حماس، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن: "هناك بعض التحرك، وكان هناك رد من حماس، ولكن يبدو أنه مبالغ فيه قليلًا. هناك مفاوضات مستمرة الآن".

وأكّد رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري تسلّّم ردّ حماس متضمِّنًا ملاحظات، وقال إنه جرى تسليمه للإسرائيليين. واصفًا الرد بأنه "إيجابي في مجمله"، و"يبعث على التفاؤل".

من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مؤتمره الصحافي مع المسؤول القطري، إنّهم سيراجعون رد حماس على اتفاق الإطار، وسيناقشه مع الحكومة الإسرائيلية يوم الأربعاء.

وقال جهاز الموساد الإسرائيلي، في بيان، إنه تلقى رد حماس من قطر: "ويجري فحص تفاصيله بعمق من قبل جميع المسؤولين المشاركين في المفاوضات".

يشار إلى أن إسرائيل وافقت من حيث المبدأ على الإطار. وكانت نقطة الخلاف الرئيسية هي رغبة حماس والمقاومة الفلسطينية، في أن تؤدي أي صفقة تبادل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وهو الأمر الذي رفض نتنياهو بشدة أخذه في الاعتبار، وتعهد بدلًا من ذلك بمواصلة القتال حتى تحقيق "النصر الكامل". 

ويتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي لضغوط من عائلات الأسرى، الذين قال بعضهم إن إطلاق سراحهم يجب أن يكون على رأس أولويات إسرائيل.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن رد حماس هو في "الواقع سلبي، لأن الشروط التي وضعتها الحركة غير مقبولة". 

وأشار مصدر إسرائيلي آخر لـ"هآرتس" إلى أن "الجانبين أوضحا أنه من المستحيل حاليًا التوافق النزاع الرئيسي الذي يمنع الصفقة، وهو المطالبة بإنهاء الحرب".

وفي وقت سابق من يوم أمس، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن إسرائيل "تتحدث عن مقتل ما لا يقل عن 30 من الأسرى الـ 136" في قطاع غزة.

من جانبه، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري: "لقد أبلغنا 31 عائلة أن أحبائهم الذين تم أسرهم لم يعودوا على قيد الحياة وأننا أعلنا وفاتهم".

وقال أربعة مسؤولين إن ضباط المخابرات الإسرائيلية يقومون أيضًا بتقييم معلومات غير مؤكدة تشير إلى أن ما لا يقل عن 20 أسيرًا ربما قُتلوا أيضًا.

نتنياهو لا يفضل الصفقة

في تحليل للمعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، أشار إلى التقرير الإعلامية التي تتحدث عن مقتل الأسرى في قطاع غزة، وقال: "حتى قبل نشر التقارير، كانت عائلات الأسرى تخوض معركة صعبة لمطالبة الحكومة بالتوقيع على الفور على اتفاق يعيدهم جميعهم. الآن ستستخدم العائلات بلا شك هذا التقرير للتأكيد على مدى إلحاح هذا الأمر".

وأضاف: "بينما يخصص أهالي الرهائن ووسائل الإعلام معظم اهتمامهم للرهائن، تحاول الحكومة تسليط الضوء على إنجازات العملية العسكرية في غزة. ويتم ذلك جزئيًا لكسب الوقت لمواصلة القتال، طالما لم يكن هناك تقدم حقيقي في المفاوضات بشأن صفقة التبادل".

واستعرض هارئيل تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، عن التقدم في خانيونس والضغط على يحيى السنوار، علق عليها بالقول: "تعليقات غالانت تعكس التقييمات المتفائلة لجهاز الأمن بشأن التقدم في عملية خان يونس. ومع ذلك، فإن كل ذلك لا يزال بعيدًا جدًا عن القبض على القادة العسكريين للتنظيم أو قتلهم. وليس من الواضح على الإطلاق أنهم ما زالوا في الأنفاق تحت خان يونس".

أمّا عن موقف نتنياهو من الصفقة فقال: "منذ عشرة أيام، منذ قمة باريس، يبث نتنياهو وموظفوه موقفًا عدائيًا تجاه الاقتراح. كما عارض وزراء آخرون، من حزب الليكود بزعامة نتنياهو والأحزاب اليمينية المتطرفة في الائتلاف الحاكم، بشدة تقديم تنازلات كبيرة كجزء من الصفقة".

مضيفًا: "يمكن، كالعادة، العثور على العلامة الحقيقية لميول نتنياهو في استوديوهات القناة 14 التلفزيونية. وكان المزاج هناك عاصفًا أكثر من المعتاد في الأيام الأخيرة، حيث تنافس المتحدثون مع بعضهم البعض في إدانة الصفقة. ولم يتردد البعض حتى في شن هجمات على عائلات الرهائن".

وتابع هارئيل: "لا يزال من الممكن أن تتغير الأمور. وربما تكثف العائلات جهودها العامة إذا بدا التوصل إلى اتفاق أقل احتمالًا. كما أن الإدارة الأمريكية لم تتخل عن جهودها، وسوف تحاول جعل إطلاق سراح الأسرى جزءًا من صفقة دبلوماسية أوسع تستهدف المنطقة بأكملها".

وبالعودة إلى نتنياهو، قال هارئيل: "في الوقت الحالي، يبدو نتنياهو أكثر اهتمامًا بالحاجة إلى الحفاظ على ائتلافه الحاكم، بما في ذلك شركائه من اليمين المتطرف". موضحًا: "في هذه الأثناء ينشغل نتنياهو بشكل مكثف بالتسويق لشعاره الجديد وهدفه ’النصر الكامل’. وهذه العبارة تستخدم في كل ظهوراته العامة وفي كل تغريداته وفي تغريدات الناطقين باسمه. ولكن من غير المرجح أن يقتنع عامة الناس بذلك". موضحًا: "نتنياهو منخرط بالفعل في حملة سياسية تهدف إلى إعادة قاعدته اليمينية إلى حظيرته".

وحول ذلك، أضاف: "سألت الإذاعة العامة مؤخرًا غادي ياركوني، رئيس المجلس الإقليمي أشكول في النقب، عن رأيه في هدف نتنياهو المعلن. أجاب يركوني، الذي شهد العديد من العمليات العسكرية في غزة طوال حياته: انسوا النصر الكامل. هذا شعار. هل تعلم كم شعارًا نسمع؟".

نتنياهو يدرس الاستطلاعات

بحسب أحد كتاب سيرة غير ذاتية لنتنياهو والصحفي الإسرائيلي أنشيل فيفر: فإن "تبادل الأسرى بأي حجم أو نطاق هو في النهاية قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي. يتم عرضه على مجلس الوزراء للموافقة عليه، لكن المسؤولية الحقيقية في هذا الشأن تقع على عاتق شخص واحد فقط".

وأضاف: "مع اقتراب اللحظة التي يتعين فيها على إسرائيل الاتفاق على اتفاق ثانٍ لإطلاق سراح الأسرى مع حماس، فإن موقف بنيامين نتنياهو من هذه المسألة يظل غامضًا".

أوضح فيفر، أن نتنياهو كان حاضرًا في ثلاث صفقات تبادل، الأولى في عام 1985، والثانية عام 2011، والأخيرة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر.

وبينما عارض نتنياهو صفقة 1985 بشدة وقام بالهجوم عليها بشكلٍ علني، رغم منصبه الرسمي، إلّا أنّه كان وراء الدفع بصفقة 2011، فيما كان موقفه "محايدًا" الصفقة الأخيرة.

قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن إسرائيل "تتحدث عن مقتل ما لا يقل عن 30 من الأسرى الـ 136" في قطاع غزة

وقال فيفر: "هذه المرة أيضًا، يقوم نتنياهو بالتحوط في رهاناته. فمن ناحية يقول إنه لن يوافق على وقف الحرب أو إطلاق سراح آلاف الأسرى، وقد بدأت أبواقه على القناة 14 التلفزيونية الفاشية بشكل متزايد حملة في الأيام الأخيرة لمهاجمة عائلات الأسرى، وحتى الدعوة إلى إطلاق سراحهم، وبأنه يجب التضحية بهم إذا لزم الأمر من أجل الصالح العام المتمثل في مواصلة الحرب".

وأضاف: "هذا هو نتنياهو الذي يحاول التمسك باليمين المتطرف الذي سبق أن أعلن قادته أن وقف الحرب سيكون (خطًا أحمر) سيخرجهم من الحكومة وسيعني خسارة نتنياهو أغلبيته. ومن ناحية أخرى، فهو لا يريد أن يخسر غانتس، الذي سيغادر بشكل شبه مؤكد مع حزب الوحدة الوطنية إذا رفض نتنياهو اتفاق التبادل. لذا، فقد منح ممثل إسرائيل في المحادثات، رئيس الموساد ديفيد بارنيا، ترخيصًا لمواصلة التفاوض على صفقة ستعني بشكل شبه مؤكد إطلاق سراح عدد كبير، على الأرجح بالآلاف، من الأسرى الفلسطينيين ووقف مؤقت للحرب، وربما أطول من ذلك بكثير".

وختم الصحفي الإسرائيلي مقالته، بالقول: "يمكنك أن تكون على يقين من أن نتنياهو يدرس استطلاعات الرأي عن كثب لمحاولة تحديد المسار الذي سيمنحه فرصة أفضل للحفاظ على حكومته سليمة والفوز في الانتخابات إذا اضطر إلى خوضها".