05-فبراير-2024
تقدم الشبكة الأمريكية انحيازًا كاملًا للرواية الإسرائيلية (GETTY)

(Getty) تقدم الشبكة الأمريكية انحيازًا كاملًا للرواية الإسرائيلية

كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن شبكة "سي إن إن" الأمريكية تواجه ردود فعل غاضبة من قبل موظفيها بشأن السياسة التحريرية المنحازة للرواية الإسرائيلية، بينما تفرض رقابة شديدة على وجهات نظر المؤيدة للفلسطينيين خلال تغطيتها للحرب على غزة.

وبحسب تقرير الصحيفة البريطانية، فإن الصحفيين في غرف أخبار الشبكة، داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، يقولون إن البث قد "انحرف بسبب قوانين الإدارة وعملية الموافقة على المواضيع"، ونتج عنه "تغطية جزئية للغاية" لهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، والعدوان الإسرائيلي على غزة.

واستندت الصحيفة البريطانية لشهادة أحد موظفي "سي إن إن" الذي قال: إن "معظم الأخبار منذ بدء الحرب، وبغض النظر عن مدى دقة التقارير الأولية، قد انحرفت بسبب التحيز المنهجي والمؤسسي داخل الشبكة تجاه إسرائيل"، وأضاف: "تغطية الشبكة للحرب الإسرائيلية على غزة ترقى إلى سوء الممارسة الصحفية".

بالإضافة لذلك، ووفقًا لست روايات قدمها موظفون يعملون في غرف الأخبار المتعددة للشبكة، وأكثر من اثنتي عشرة مذكرة داخلية ورسائل بريد إلكتروني حصلت عليها "الغارديان"، تتشكل قرارات المتعقلة بالأخبار اليومية من خلال تدفق التوجيهات التي تصدر من إدارة "سي إن إن" في أتلانتا، التي وضعت مبادئ توجيهية صارمة بشأن التغطية.

وتشمل تلك التوجيهات قيودًا صارمة على أخذ اقتباسات من حركة حماس، ونقل وجهات النظر الفلسطينية أخرى، في حين تؤخذ تصريحات الحكومة الإسرائيلية في ظاهرها. بالإضافة إلى ذلك، يتم فحص كل خبر أو قصة عن الحرب تأتي من مكتب القدس قبل النشر أو البث.

تواجه شبكة "سي إن إن" الأمريكية ردود فعل غاضبة من قبل موظفيها بشأن السياسة التحريرية المنحازة للرواية الإسرائيلية، بينما تفرض رقابة شديدة على وجهات نظر المؤيدة للفلسطينيين

يقول صحفيو "سي إن إن" إن نبرة التغطية تم تحديدها من قبل رئيس التحرير الجديد والرئيس التنفيذي، مارك تومسون، الذي تولى منصبه بعد يومين من هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر. ويشعر بعض الموظفين بالقلق إزاء استعداد تومسون لتحمل المحاولات الخارجية للتأثير على التغطية. وهذا، بالنظر إلى دوره السابق كمدير عام لهيئة "الإذاعة البريطانية"، حين اتهم بالرضوخ لضغوط الحكومة الإسرائيلية في عدد من المناسبات، بما في ذلك المطالبة بإقالة أحد أبرز مراسلي الهيئة من منصبه في القدس عام 2005.

كما كشف بعض الصحفيين، الذين لديهم خبرة في الصراع والمنطقة، بأنهم تجنبوا تكاليف المهمات إلى "إسرائيل"، لأنهم لا يعتقدون بقدرتهم على سرد القصة الكاملة بكل حرية. فيما تكهن آخرون بأن كبار المحررين يبقونهم بعيدًا.

وقال أحد المطلعين: "من الواضح أن البعض لا يريدون تغطية الحرب، والبعض الآخر لا يريدونهم".

وتشير "الغارديان" إلى أن مدير المعايير والممارسات الإخبارية في الشبكة، ديفيد ليندسي، أصدر في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر، توجيهًا يحظر نشر معظم تصريحات قادة حركة حماس، ووصفها بأنها "خطاب تحريضي ودعاية". واعترفت مصادر في CNN""، بأنها لم تجرِ أية مقابلات مع قادة حركة حماس منذ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر.

فيما واجهت مراسلة الشبكة، سارة سيندر، انتقادات لترديدها الدعاية الإسرائيلية بأن حماس قطعت رؤوس عشرات الأطفال خلال هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، ثم اعتذرت لاحقًا.

وسارع موظفو "سي إن إن" الذين تحدثوا إلى الصحيفة البريطانية إلى الإشادة بالتقارير الشاملة والصعبة التي يقوم بها المراسلون على الأرض. وأشاروا إلى أن هذه التقارير غالبًا ما يتم بثها على القناة الدولية التي تشاهد خارج الولايات المتحدة، وأما على قناة المتاحة في الولايات المتحدة فغالبًا ما تكون التقارير أقل وضوحًا، وفي بعض الأحيان يتم تهميشها، من خلال إعطاء ساعات من المقابلات مع المسؤولين الإسرائيليين ومؤيدي الحرب في غزة الذين أطلقوا العنان للإدلاء بمواقفهم، وكثيرًا ما يبادلهم مقدمو البرامج الدعم. وفي الوقت نفسه، كانت الأصوات والآراء الفلسطينية أقل سماعًا، ويتم فحصها بشكل أكثر صرامة.

وأشار أحد الموظفين إلى ظهور رامي إيغرا، وهو مسؤول كبير سابق في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، في حصة مقدم البرامج والصحفي أندرسون كوبر، حيث ادعى أن جميع السكان الفلسطينيين في غزة يمكن اعتبارهم مقاتلين، قائلًا: إن "السكان غير المقاتلين في قطاع غزة مصطلح غير موجود أصلًا، لأن جميع سكان غزة وقفوا مع حماس، وكما رأينا في 7 تشرين الأول/أكتوبر، فإن معظم سكان غزة هم من حماس"، وأضاف: "ومع ذلك، فإننا نعاملهم على أنهم غير مقاتلين، ونعاملهم كمدنيين عاديين، وهم بمنأى عن القتال."

ولم يعترض كوبر على أي من النقطتين. وبحلول وقت بث المقابلة في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، كان عدد الضحايا في غزة يتجاوز 13 ألف شخص، معظمهم من المدنيين.

يخشى بعض العاملين في الشبكة الأمريكية من أن تغطيتها للحرب على غزة تضر بالسمعة التي بنتها من خلال تقاريرها عن غزو روسيا لأوكرانيا، الذي أدى إلى زيادة عدد المشاهدين. لكن في المقابل يقول آخرون: "إن الحرب الأوكرانية قد تكون جزءًا من المشكلة، لأن معايير التحرير أصبحت متساهلة في تحديد توجه الشبكة والعديد من صحفييها، بوضوح إلى جانب أوكرانيا، خاصةً في بداية الصراع".

وقال أحد موظفي "سي إن إن": إن "التغطية للحرب الأوكرانية وضعت سابقة خطيرة عادت لتطارد الشبكة مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لأنه أكثر إثارة للانقسام".

وقال موظف آخر في الشبكة إن المعايير المزدوجة صارخة، وأضاف: "لا بأس أن نكون جزءًا لا يتجزأ من الجيش الإسرائيلي، وننتج تقارير خاضعة لرقابة الجيش، ولكن لا يمكننا التحدث إلى المنظمة التي فازت بأغلبية الأصوات في غزة سواء أحببنا ذلك أم لا"، وتابع: إن "مشاهدي سي إن إن يتم منعهم من الاستماع إلى لاعب مركزي في هذه القصة".