07-نوفمبر-2023
مخيم المغازي بعد المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال

ارتكبت قوات الاحتلال منذ بداية عدوانها على قطاع غزة 1071 مجزرة (Getty)

دخل عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة شهره الثاني على وقع مجازر جديدة ارتكبها بحق الفلسطينيين في القطاع، إذ لا تتوقف جرائمه حتى تُستأنف من جديد على نحوٍ أكثر ترويعًا وأشد فتكًا وإرهابًا. فالاحتلال لا يؤمن سوى بعقيدة القتل والحرق والإبادة الجماعية، التي لطالما جاهر بها قادته. 

وهذا ما عكسه تصريح وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، الذي قال في مقابلة مع إذاعة "كول باراما"، نقلتها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الأحد، ردًّا على سؤال الصحفي حول ما إذا كان ينبغي إسقاط قنبلة ذرية على غزة: "هذا أحد الاحتمالات، كما أنني أتمنى عودة الأسرى، لكن هناك أثمانًا في الحرب، هذه طريقة لفحص ما يخيفهم وما الذي سيخلق الردع".

والعدوان الحالي على القطاع ليس إلا فصلًا آخر من فصول الفتك القتل والترويع بحق الفلسطينيين، الذي ازداد بعد عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت. 

1071 مجزرة في 32 يومًا

ومنذ ذلك اليوم، ارتكبت قوات الاحتلال 1071 مجزرة راح ضحيتها الآلاف بين شهيد وجريح، بينها 21 مجزرة ارتكبتها خلال الساعات القليلة الماضية وأسفرت عن استشهاد 548 فلسطينيًا على الأقل بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة. 

قصف الاحتلال قطاع غزة بأكثر من 30 ألف طن من المتفجرات، ما يعادل قنبلتين نوويتين 

ونذكر من هذه المجازر تلك التي ارتكبتها قوات الاحتلال، في 11 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، بقصف منازل عائلتي الآغا وأبو شاب في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد 16 شخصًا على الأقل. 

وفي الـ17 من الشهر نفسه، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة جديدة وجريمة حرب متكاملة الأركان، وغير مسبوقة تاريخيًا، بقصف المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في حي الزيتون بمدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 500 فلسطيني وإصابة المئات جلّهم من النساء والأطفال، إذ كانت المستشفى تأوي آلاف النازحين الذين لجأوا إليها باعتبارها "مكانًا آمنًا". 

وبعد يومين فقط، قصفت طائرات الاحتلال كنيسة الروم الأرثوذكس، ثالث أقدم كنائس العالم، وسط مدينة غزة مخلفةً عشرات الشهداء والجرحى. 

ورصدت مشاهد التقطتها كاميرات المراقبة لحظة استهداف سوق مخيم النصيرات وسط قطاع غزة بغارة إسرائيلية، أدت إلى استشهاد وإصابة العشرات. وكانت وزارة الداخلية في القطاع قد أصدرت بيانًا أعلنت فيه: "سقوط عشرات الشهداء وإصابات بأعداد كبيرة جراء استهداف طائرات الاحتلال منزلًا بجوار مركز أبو دلال التجاري في شارع السوق بمخيم النصيرات". 

ومع نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة مروّعة في مخيم جباليا، شمالي غزة، إثر قصفه مربعًا سكنيًا قرب المستشفى الإندونيسي، ما أسفر عن وقوع مئات الشهداء والجرحى من عائلات:  أبو شقفة، وأبو شكيان، والغوراني، ورابعة، وسعد. 

ومساء اليوم نفسه، قصفت الطائرات الحربية برج المهندسين، شرق مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، المكوّن من 24 شقة سكنية، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 45 فلسطينيًا وإصابة المئات. 

وبعد أقل من 24 ساعة على وقوع مجزرة مخيم جباليا، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة جديدة في منطقة الفالوجا في المخيم، راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى. وقد بلغ عدد ضحايا المجزرتين، بحسب وزارة الصحة في غزة، أكثر من ألف شخص بين شهد وجريح ومفقود. 

وبين الثاني والخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، ارتكبت قوات الاحتلال عدة مجازر في مناطق متفرقة في قطاع غزة، حيث قصفت طائراتها عددًا من المنازل في مخيم البريج وسط القطاع مخلفةً عشرات الشهداء والجرحى. كما استهدفت تجمعًا للمواطنين ومطعمًا ومنزلًا لعائلة البربراوي في مخيم المغازي، بالمنطقة الوسطى، بعدة غارات أسفرت عن استشهاد وإصابة العشرات. 

الترا فلسطين

ونفّذت طائرات الاحتلال في الثالث من الجاري سلسلة غارات عنيفة استهدفت محيط 3 مستشفيات في القطاع، أبرزها مستشفى الشفاء الذي ارتكب الاحتلال مجزرة على بوابته بقصف سيارات إسعاف كانت تقل جرحى باتجاه جنوب القطاع تمهيدًا لنقلهم إلى مصر لأجل العلاج. 

وارتكب في اليوم نفس مجزرة بقصف مدرسة تابعة لـ"الأونروا"، وتأوي نازحين، في منطقة الصفطاوي بغزة. ناهيك عن استهداف العائلات أثناء نزوحها من شمال القطاع إلى جنوبه عبر شارع الرشيد (شارع البحر).

وأدانت منظمة الصحة العالمية الهجمات التي وقعت في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري بالقرب من مجمع الشفاء ومستشفى القدس والمستشفى الإندونيسي في محافظتي غزة والشمال.

وقالت وزارة الصحة في غزة، في الخامس من الجاري، إن قصفًا إسرائيليًا مباشرًا استهدف منازل المواطنين في مخيم المغازي، ما أسفر عن وقوع مجزرة جديدة تُضاف إلى أخرى وقعت في اليوم نفسه قرب منطقة ميناء غزة. 

ووفقًا لتقارير محلية ودولية، فإنه من الصعب إحصاء عدد المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال بسبب كثرتها، إذ يُسجّل في اليوم الواحد من 20 إلى 30 مجزرة في أحياء مختلفة من القطاع المحاصر، الذي تتنوع فيه أشكال القتل والدمار وسفك الدماء.

وبحسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في غزة، فقد بلغ عدد ضحايا العدوان على القطاع 10.328 شهيدًا، بينهم 4237 طفلًا و2719 سيدة و631 مسنًا، إضافةً إلى إصابة 25،956 مصابًا بجراح مختلفة. 

تستقبل مستشفيات غزة جريحًا كل دقيقة و15 شهيدًا كل ساعة منذ بداية العدوان

ومن بين الشهداء 192 كادرًا طبيًا وصحيًا، و47 صحفيًا، و18 من كوادر الدفاع المدني وفرق الإنقاذ الذين يتعمّد الاحتلال استهدافهم. 

دمار غير مسبوق

وعلى مدار 32 يومًا، ألقى الاحتلال 30 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة، بمعدل 82 طنًا لكل كيلو متر مربع، أي ما يعادل قنبلتين نوويتين بحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.

وأدى القصف الإسرائيلي الوحشي خلال هذه الفترة إلى تضرر أكثر من 222 ألف وحدة سكنية، أي ما يعادل 50 بالمئة من الوحدات السكنية في القطاع. وذلك مقابل 40 ألف وحدة جرى تدميرها بالكامل. 

ووثّق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة تدمير الاحتلال 222 مدرسة، و88 مقرًا حكوميًا، إضافةً إلى استهداف 192 مسجدًا، بينها 56 مسجدًا دُمّر بشكل كامل، و3 كنائس، و120 مؤسسة صحية.

وأشار المكتب في آخر إحصائية صادرة عنه حول أضرار العدوان، إلى استهداف الاحتلال 120 مؤسسة صحية، وإخراج 18 مستشفى و40 مركزًا للرعاية الأولية عن الخدمة إما بسبب القصف أو نفاد الوقود، عدا عن تدمير 40 سيارة إسعاف. 

ونشر المكتب ليلة أمس، الإثنين، إحصائيات وأرقام جاء فيها أن مستشفيات غزة تستقبل بالمتوسط جريحًا كل دقيقة، و15 شهيدًا كل ساعة، منذ بداية العدوان. كما أشار إلى أن متوسط الشهداء من الأطفال 6 في كل ساعة، ومن الإناث 5 في الساعة الواحدة. 

أوضاع إنسانية كارثية والمستشفيات تلفظ أنفاسها الأخيرة

وأجبر القصف الإسرائيلي نحو 1.5 مليون فلسطيني على النزوح، بينهم 117 ألف نازح يقيمون في المستشفيات، فيما يقيم أكثر من 70 ألف في ملاجئ تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".  

إلى ذلك، تزداد الأوضاع الإنسانية سوءًا كل لحظة بسبب القصف والحصار الشامل الذي فرضه الاحتلال على القطاع بعد عملية "طوفان الأقصى"، وقلة المساعدات التي تدخل إلى القطاع بين وقت وآخر عبر معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة، دون أن تشمل الوقود. 

وفي هذا السياق، قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أمس الإثنين، إن مخزون الوقود الخاص بمستشفى القدس سينفد خلال 48 ساعة، ما يؤدي إلى توقف أجهزة الإنعاش وحضانات الأطفال وغرف العناية المركزة عن العمل.

ارتكبت قوات الاحتلال منذ بداية عدوانها على قطاع غزة 1071 مجزرة راح ضحيتها الآلاف بين شهيد وجريح

وقال مدير مستشفى العودة في غزة أحمد مهنا في تصريحات تلفزيونية، أمس، إن المستشفى سيتوقف عن العمل تمامًا مساء اليوم بسبب نفاد مخزون السولار، مشيرًا إلى أن الإمدادات اللوجستية في المستشفى شارفت على النفاد. 

من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، نقلًا عن مصادر طبية، أن مخزون الوقود في مستشفى القدس يكفي لـ48 ساعة فقط. 

وأوضحت الوكالة أن مخزون الوقود في مستشفى العودة بدأ في النفاد، وسيصل إلى الصفر خلال 30 ساعة. فيما أكدت مصادر في المستشفى الإندونيسي أنه بقي 24 ساعة فقط على توقف المستشفى بشكل كامل جراء نفاد الوقود.