30-يناير-2023
زيارة ميلوني لليبيا تأتي بعد زيارة الجزائر والغاز على رأس الأولويات (Getty)

زيارة ميلوني لليبيا تأتي بعد زيارة الجزائر والغاز على رأس الأولويات (Getty)

تحظى زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى ليبيا بأهمية كبيرة، نظرًا لخلفياتها المتمثلة أساسا بملفات الطاقة والهجرة والوضع السياسي الداخلي في ليبيا وعلى رأسه قضية الانتخابات والانقسام بين غرب ليبيا وشرقها.

زيارة ميلوني إلى ليبيا هي الثانية لها خارج أوروبا وذلك بعد زيارتها للجزائر من أجل مناقشة ملفات متشابهة

ووصفت الصحافة الغربية توقيع عقد الطاقة البالغة قيمته 8 مليارات دولار بين حكومة الوحدة الوطنية والحكومة الإيطالية بالصفقة التاريخية. وتأتي زيارة ميلوني لليبيا، بعد زيارتها للجزائر، وذلك في أول رحلاتها الخارجية.

صفقة غاز تاريخية

وبدأت ميلوني زيارتها إلى ليبيا، يوم السبت، قادمة من الجزائر التي أبرمت فيها أيضًا عدة اتفاقيات في مجالات الطاقة المختلفة. والتقت ميلوني في طرابلس نظيرها في حكومة الوحدة الوطنية (معترف بها دوليًا) عبد الحميد الدبيبة "لإبرام صفقة غاز بقيمة ثمانية مليارات دولار"، وتهدف الصفقة حسب وكالة رويترز ووكالة فرانس برس إلى "تعزيز إمدادات الطاقة إلى أوروبا على الرغم من تدهور الوضع الأمني والفوضى السياسية في ليبيا، وإجراء محادثات ركزت أيضا على الهجرة عبر البحر المتوسط"، والبند الأخير يُعد من ضمن أولويات اليمين المتطرف في أوروبا.

في حين قال الجانبان الليبي والإيطالي إن الصفقة تسعى "لتطوير قطاع الغاز والطاقة الشمسية ومشاريع لالتقاط الكربون بهدف تعزيز إمدادات الطاقة إلى أوروبا". وتشمل الصفقة إنتاج ما يصل إلى 850 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز البحري من البحر المتوسط. 

تسعى إيطاليا إلى جعل نفسها مركزًا لإمدادات الطاقة في أوروبا

وأعلن كل من رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة والرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية كلاوديو ديسكالسي خلال توقيع الاتفاق، أنّه "سيجري ضخ استثمارات بقيمة ثمانية مليارات دولار في تطوير قطاع الغاز، وكذلك في الطاقة الشمسية ومشاريع لالتقاط الكربون".

وأضاف ابن قدارة أن اتفاق الغاز، الذي تبلغ مدته 25 عامًا، "سيؤدي إلى إنتاج يصل إلى 800 مليون قدم مكعب يوميًا، واصفًا إياه بأنه أهم استثمار جديد في قطاع الطاقة الليبي خلال ربع قرن".

وتسعى الدول الأوروبية بشكلٍ حثيث منذ العام الماضي إلى توفير إمدادات للغاز بديلةً عن الغاز الروسي ومصادر الطاقة الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا. واتخذت إيطاليا، حسب فرانس برس "زمام المبادرة بالحصول على الغاز من الجزائر، حيث أقامت شراكة استراتيجية جديدة هناك تشمل الاستثمار لمساعدة شركة الطاقة الحكومية سوناطراك على وقف تراجع الإنتاج الذي استمر لسنوات".

وقالت ميلوني إن اتفاقية الغاز الموقعة في ليبيا، ستمكن بلادها من أن تكون مركزًا لإمدادات الطاقة في أوروبا.

تسعى إيطاليا إلى جعل نفسها مركزًا لإمدادات الطاقة في أوروبا

لكن في ليبيا، تشير بعض وسائل الإعلام الغربية، إلى فرضية أن تُقوّض تلك الاتفاقيات المبرمة مع حكومة الوحدة الوطنية في أي لحظة، بسبب الصراع الداخلي والانقسام في ليبيا. وفي مؤشر على الانقسامات السياسية هذه الانقسامات، حسب رويترز، في رفض وزير النفط بحكومة الدبيبة، محمد عون، "أي صفقة تبرمها المؤسسة الوطنية للنفط مع إيطاليا، حيث قال في مقطع مصور على موقع الوزارة على الإنترنت إن مثل هذه الاتفاقات يجب أن تعقدها الوزارة".

كما أشارت فرانس برس إلى إعلان برلمان طبرق والفصائل الداعمة له في شرق ليبيا أوائل العام الماضي "أن الحكومة في طرابلس لم تعد شرعية، ورفضوا تعيين بن قدارة والصفقات التي تبرمها طرابلس مع دول أجنبية".

ملف الهجرة على طاولة ميلوني والدبيبة

تأتي قضية الهجرة على رأس أجندة اليمينية المتطرفة ميلوني الانتخابية وتعدّ ليبيا ممرًا رئيسيًا للمهاجرين القادمين إلى إيطاليا عبر جزيرة لامبيدوسا الإيطالية بنسبة 50% تقريبًا، مع الإشارة إلى أنه في كثير من الأحيان يلقى المئات منهم حتفهم كل عام في أثناء محاولتهم القيام بتلك الرحلة.

 وخلال مؤتمرهما الصحفي المشترك أكّد الدبيبة وميلوني أنهما ناقشا "قضية الهجرة من ليبيا إلى إيطاليا"، وقال الدبيبة في هذا الصدد "بأن روما ستدعم ليبيا من خلال توفير سفن جديدة للبحث والإنقاذ".

تسعى إيطاليا إلى جعل نفسها مركزًا لإمدادات الطاقة في أوروبا

يشار إلى أنّ وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي الذي يشرف على الكثير من إجراءات قضية الهجرة، يرافق رئيسة الوزراء ميلوني في زيارتها إلى ليبيا. كما تم توقيع اتفاقيات مرتبطة في الهجرة وزيادة التعاون في المجال البحري.

يذكر أن رئيسة الوزراء اليمينية ميلوني دعت عندما كانت نائبة في البرلمان إلى "فرض حصار بحري على شمال إفريقيا لمنع تدفقات الهجرة"، لكنها تراجعت بعد نجاحها في الوصول إلى الحكم قائلةً: "لم أقم بتنفيذ الحصار البحري كما ورد في السنوات الأخيرة، لقد كنت أنوي دائمًا إرسال بعثة الاتحاد الأوروبي إلى شمال إفريقيا لمنع تدفقات الهجرة".

حسب تحليلات بحثية، فإن زيارة ميلوني إلى إيطاليا تأتي ضمن تقليد راسخ في السياسة الإيطالية، تكون فيه زيارة ليبيا، من بين الأولويات على جدول رؤساء الوزراء الإيطاليين

وبحسب تحليلات بحثية، فإن زيارة ميلوني إلى إيطاليا تأتي ضمن تقليد راسخ في السياسة الإيطالية، تكون فيه زيارة ليبيا، من بين الأولويات على جدول رؤساء الوزراء الإيطاليين. وتتزايد هذه الأهمية، مع نية إيطاليا زيادة وزن ليبيا في أمن الطاقة الخاصة بها وأوروبا، خاصةً أنه ينظر إلى أن هذه الصفقات يمكن أن تساهم في تحقيق الاستقرار السياسي داخل ليبيا، من خلال زيادة الإيرادات الاقتصادية. وجانب آخر من الزيارة يرتبط في الحديث عن زيادة نشاط قوات فاغنر في ليبيا المتواجدة هناك منذ عام 2018 وسط الخشية من تمدد نفوذ موسكو.