04-أغسطس-2023
gettyimages

تسعى السلطات اللبنانية إلى دفن التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت (Getty)

تمر على لبنان ذكرى انفجار مرفأ بيروت الثلاثة، في ظل غياب وعرقلة أي تحقيقات جدية، تحاول الكشف عن جوانب قضية الانفجار، التي تحمل في طياتها مسؤوليات متعددة ومتشابكة، مما دفع أطراف السلطة في لبنان، للتوافق على إماتة القضية.

وفي هذا السياق، قالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، آية مجذوب: "أتيحت للسلطات اللبنانية ثلاث سنوات للتحقيق في أسباب الانفجار المدمر الذي وقع في مرفأ بيروت ولإخضاع المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية للمحاسبة. ومع ذلك، فإنه لغاية اليوم، لم يُحمَّل أحد بتاتًا المسؤولية عن المأساة التي وقعت في 4 أغسطس/آب 2020".

قالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أمنستي آية مجذوب: "أتيحت للسلطات اللبنانية ثلاث سنوات للتحقيق في أسباب الانفجار المدمر الذي وقع في مرفأ بيروت ولإخضاع المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية للمحاسبة. ومع ذلك، فإنه لغاية اليوم، لم يُحمَّل أحد بتاتًا المسؤولية عن المأساة"

وأضافت مجذوب: "بدلًا من ذلك، استخدمت السلطات كل السبل التي في متناولها لتقويض التحقيق المحلي وعرقلته بوقاحة لحماية نفسها من المسؤولية – وترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في البلاد".

وأودى الانفجار بحياة ما لا يقل عن 235 شخصًا ودمّر أكثر من نصف المدينة، مع وجود آلاف الإصابات، التي تعاني من ناحية صحية، يضاف إليها غياب تحقيقات جدية.

بودكاست مسموعة

عدالة معطلة

عقب انفجار مرفأ بيروت، اتجه الحديث مباشرةً نحو التحقيق في القضية، والكشف عن ملابسات الانفجار، من ناحية كيفية حدوثه، ومسؤولية السلطات اللبنانية، وترك المواد القابلة للانفجار عدة سنوات في المرفأ.

ولم يستمر التحقيق طويلًا، حيث تم إيقافه في كانون الأول/ ديسمبر 2021 بسبب سلسلة من الدعاوى القانونية التي قدمها سياسيون مدّعى عليهم في التحقيق ضد المحقق العدلي القاضي طارق بيطار وغيره من القضاة العاملين على القضية.

وجاء كل ما سبق، في إطار محاولة إفقاد القاضي بيطار، أهليته القانونية من أجل الاستمرار في التحقيق.

وحاول القاضي بيطار استئناف التحقيق في كانون الثاني/ يناير من عام 2023، ووجه بدعوى قضائية ومذكرة منع سفر من جانب النائب العام التمييزي غسان عويدات الذي وُجهت إليه تهم في تحقيق المرفأ. 

وأمر عويدات بإطلاق سراح جميع الأشخاص الموقوفين الذين يُشتبه في تورطهم في الانفجار، وقد فرّ من البلاد واحد منهم على الأقل.

اعتبرت نقابة المحامين في بيروت ونادي قضاة لبنان إجراءات عويدات غير قانونية ومع ذلك، لم يُحرز أي تقدم من أجل استئناف التحقيق منذ ذلك الحين.

زكي وزكية الصناعي

وتجاوز الأمر ذلك، وصولًا إلى أن ادعى عويدات على البيطار بتهمة اغتصاب السلطة ومنعه من السفر.

وقدمت أطراف سياسية أكثر من 25 طلبًا من أجل عزل القاضي البيطار من منصبه، وهي أطراف قد تلاقي اتهامات في قضية انفجار المرفأ.

قالت الباحثة في أمنستي سحر مندور: "إن هناك سعيًا من قبل السلطات لحماية السياسيين والأمنيين والموظفين الرسميين المعنيين من الاستجواب والملاحقة القضائية والتوقيف، والوضع مؤسف جدًا، وكأن هناك إمعانًا بالجريمة عبر منع الوصول إلى العدالة"

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قالت الباحثة في أمنستي سحر مندور: "إن هناك سعيًا من قبل السلطات لحماية السياسيين والأمنيين والموظفين الرسميين المعنيين من الاستجواب والملاحقة القضائية والتوقيف، والوضع مؤسف جدًا، وكأن هناك إمعانًا بالجريمة عبر منع الوصول إلى العدالة، إذ إن مدة تجميد التحقيق أطول بكثير من فترة سريانه خلال هذه السنوات الثلاث، ما يجعلنا أمام جريمة مستمرة".

قال رمزي قيس، باحث لبنان في هيومن رايتس ووتش: "عرقلت السلطات اللبنانية بشكل متكرر ومتعمد التحقيق في الانفجار طوال ثلاث سنوات، متجاهلةً تماما حق الضحايا وعائلاتهم في الحقيقة والعدالة. ثمة حاجة إلى تحرك دولي لكسر ثقافة الإفلات من العقاب في لبنان".