04-أغسطس-2022
غرافيتي في بيروت

غرافيتي في بيروت

لم يكن الوقت رجلًا

لما تناثرت بيروت

بين البرزخ والجحيم

لم تكن الساعة امرأة

وفيّة لعشيقها الانتظار

لمّا اجتمع الصبية في الساحات

وانطلقت الأعراس في بقع

بيروت الصامتة...

أو لمّا حاول رجال الإطفاء محاورة

الدخان المتصاعد من رئة المرفأ!

*

 

لم يكن الله متفرّجًا لما دخلت

نقطة من الأبجديّة العبريّة

ورمت لهيب أحرفها

على دفاتر من نيترات "المقاولين"

لم يكن الله حياديّا

بل عارفًا شاعرًا عاصرًا لأنفاس المتنهدين

من تعب صنعوه بأنفسهم

ناثرًا لكل الشجون التي توارثناها

بسبب أخطاء عاقلة...

السادسة وخمس دقائق...

كان الله يجهّز الغمام العقيمة

يمهد لها الأخبار، يودعها الكثير من الدموع

يتفحص أرحامها

ويجعل بيوضاتها الهشّة مرايا

تعكس صورة بيروت، ووجه بيروت

وألسنة بيروت الهامدة...

وفجأة... بوووووووم

تناثرت بيروت...انتفضت على السكوت

وارتدت أحياؤها مراييل المرضى

وتزيّنت بالدماء الباردة

لم تكن بيروت وقتها عطشى

رغم حقد شمس آب

لكنّها ارتشفت السموم والدماء

ووقاحة مسؤوليها

لم يكن الله حياديّا

بل ساعد الشباب على الصعود نحوه دون

سلالم

وأنقذ رؤوس المرضى الخاضعة من أحذية

المسؤولين المدخرين للدواء

وأعفى الآباء من طوابير فيها الكثير من اللاءات

وكرّم دموع الأمهات بعيدًا من خطابات المكلف من الله

والنبي والبيك والشيخ والمير والحكيم والصهر

أرسلهم جميعًا ضمن بعثة سماوية

اصطفاهم باسم قاسٍ لكنه مريح...

اصطفاهم ليكونوا باسم الموت

شعراء السماء... شعراء الحياة الأخرى.

*

 

في الرابع من آب

كان التلفاز

ينقل الدخان..

يرسم الدمار وينحت المعنى

ولا يترك للمتفرج التأويل

أما الإستديوهات فكانت

سراب المجرمين... ومدى الضحايا

كم كانت سخرية القدر ثقيلة

كم كانت حيلة الدهر خبيثة

أن تستضيف باسم الانسانية

ملائكة وشياطين

أن تعلم الناس بصراع أزلي

بين آلهة بشروا بالسواد

وعبيد ذنبهم أنهم حلموا بالضوء...

*

 

انتبهوا من فضلكم الإهراءات التي

نصنع من جوفها القذر خبزها

ليست جدار برلين

فلتنهار يا سادة

اتركوا جدران تنفض... لتعيش

*

 

في 4 أب تاجر الكثير من العشاق

الجزارين الذين لم يصل من

الواقعة إليهم سوى الصدى أو الصوت

أو رائحة الموت والبكاء المتفشية في غرفة

المعيشة...

في 4 آب حاول كل عاشق كسر حبيبته

العودة إليها بمفتاح الفناء...

في آب 4 كسرت القلوب وجبرت

كأنها صحون على موائد الحظ...

*

 

أتى الحسين إلينا هذا العام

واحتار أي كربلاء

من هذه الكربلاءات هي العزيزة...

أيها يا الله تحتاج الى دمي لترتوي؟

*

 

كل الساحات جاهزة

كل 4 آب هو فرصة ثورة...

كل 4 آب هو رصاصة

تستحق خرق قلب تاريخنا

القاتم...