01-أغسطس-2022
beirut explosion

كارثة انفجار المرفأ حاضرة في أذهان اللبنانيين (Getty)

قبل أيام من الذكرى السنوية الثانية للانفجار المهول الذي هزّ مرفأ بيروت، وأودى بحياة مئات الاشخاص، وتسبب بجرح الآلاف وتدمير المنازل والمحال والأسواق التجارية، شهد اللبنانيون بشكل مباشر عصر الأحد، 31 من شهر تموز/يوليو، عبر شاشات التلفزة والمنصات الإلكترونية، انهيار عدد من صوامع القمح في مرفأ بيروت، والتي اندلعت النيران فيها منذ عدة أسابيع، ما خلق لدى المواطنين مشاعر ممزوجة من الحزن والغضب. 

الإهراءات في وجدان اللبنانيين

كانت إهراءات القمح قد تصدعت بشكل كبير بعد انفجار أطنان نيترات الأمونيوم المخزن في مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020، وهي تحمل رمزية كبيرة بالنسبة للبنانيين وخاصة أولئك الذي نجوا من الموت بأعجوبة في ذلك اليوم المشؤوم من تاريخ لبنان، أو الذين فقدوا أحباء لهم ومنازلهم ومحالهم التجارية، وذلك لأسباب رئيسية ثلاث.

أولًا: تحمل الإهراءات رمزية كبيرة  بكونها الشاهد الأكبر المتبقي على الانفجار، فقد اعتبرت على الدوام أحد المعالم المهمة في الواجهة البحرية، وبعد انفجار المرفأ والتصدّع الذي أصابها، اكتست رمزية إضافية  لدى اللبنانيين.

ثانيًا، كان يمكن أن يكون لانفجار المرفأ نتائج كارثية أكبر، لولا الإهراءات العملاقة التي تلقت عصف الانفجار، وحمت الشطر الغربي لمدينة بيروت من كارثة حقيقية.

ثالثًا، يعتبر اللبنانيون أن سقوط الإهراءات اليوم، سيخرّب معلمًا جديدًا من معالم الجريمة، ويسهم في تخريب مسرح الجريمة وطمس الحقيقة، ما سيساعد المتهمين بالتفجير، من متورطين، متواطئين، ومهملين بالإفلات من العقاب.

اللبنانيون كانوا يترقبون انهيار الأهراءات في أية لحظة، بسبب الحريق الذي شبّ بداخلها منذ عدة أسابيع، مع فشل السلطات اللبنانية، وربما تقاعسها، في إخماد الحريق وبالتالي إنقاذ الإهراءات، وقد انبعثت روائح كريهة طوال تلك الفترة سببها القمح الفساد الذي وصلته النيران، بالتزامن مع موجة الحر  الشديد التي تشهدها بيروت، ما اضطر المواطنون لإغلاق نوافذ بيوتهم ووضع الكمامات.

لا تقدّم بالتحقيقات

بعد سنتين من انفجار  المرفأ، لم تصل التحقيقات بالملف إلى أية نتائج ملموسة، وكانت هناك محاولات من أهل السلطة لطمس معالم الجريمة، الأمر الذي ووجه باعتراضات بشكل خاص من ذوي ضحايا المرفأ الذين قاموا بأكثر من تحرك للمطالبة بحماية مسرح الجريمة ورفض أية محاولة للعبث به، مع العلم أن القرار  الظني لم يصدر  حتى الآن بسبب الضغوطات التي مارستها القوى السياسية وفي مقدمها حزب الله، على المحقق العدلي طارق البيطار، المسؤول عن التحقيق بتفجير  المرفأ.

وقد انتشر خلال الأيام الأخيرة  وسم #الإهراءات بشكل واسع في لبنان، واستخدمه الناشطون والمغردون للتعبير عن حزنهم وغضبهم مما يجري. في أبرز التعليقات، كتب الناشط سلمان العنداري : " قبل أيام من ذكرى تفجير #٤_آب، جريمة جديدة ارتكبتها السلطة تستهدف ضرب الذاكرة الجماعية عبر تدمير #الاهراءات. حتى وان دمروا الشاهد الصامت في ساحة الجريمة، لن يتمكنوا من ضرب ذاكرتنا، نحن الشهود الأحياء على جريمتهم. لن يسقطوا الحقيقة والعدالة، مهما حاولوا تعطيلها. (اهالي الضحايا )

ونشر الناشط سلمان العنداري  لائحة بالإرشادات للسكان المحيطين بالمرفأ، لتجنب التسمم والاختناق نتيجة الدخان والغبار المنبعث نتيجة للانهيار المتواصل للصوامع.

الناشط حسين فواز نشر مقطع فيديو يظهر انهيار بعض الصوامع في الإهراءات، وعلّق بالقول : " في حزن وسع المدا #مرفأ_بيروت المارد يتهاوى والعالم ينظر مدهوش ولا يحرك ساكن.!!! #تفجير_مرفأ_بيروت مش صدفة وتدمير #الإهراءات مش صدفة #٤_آب مات ضمير الناس.

 ضمن السياق نفسه، كتب الناشط جورج جوفيلكيان : " سخرية قدرنا انو بعد سنتين عالقد قاعدين ننظر بقضية الاهراءات و ما حدا و بالاخص المنظرين عم يسأل وين صرنا بالقرار الظني! و كأنو الانفجار ما كفّى، الانبعاثات من الحريق المستمر و انهيار الاهراءات رح يشكل خطر صحي اضافي عنفس الضحايا! كم حدا من "المنظرين" ساكن حدن؟#مرفأ_بيروت #الإهراءات.

يّذكر أن قرار بناء  إهراءات في مرفأ بيروت اتخذ في العام 1965 بهبة كويتية، وتم افتتاحها في العام 1970، وهي تضمّ عشرات المخازن التي تتسع لآلاف الأطنان من القمح، ما يشكل حوالى 85 % من مخزون القمح الاستراتيجي في لبنان، وقد قدرت كميات القمح يوم الإنفجار بـ 15 ألف طنّ احترق القسم الأكبر منها.