04-أغسطس-2022
beirut explosion

قريبة إحدى الضحايا من أمام المرفأ (Getty)

 يحيي اللبنانيون الذكرى السنوية الثانية للانفجار الذي أصاب مرفأ بيروت في الرابع من شهر آب/أغسطس من العام 2020، أو ما بات يُعرف باسم انفجار 4 آب. فقد هزّ العاصمة يومها انفجار مزدوج أصاب العنبر رقم الـ 12 في مرفأ بيروت، الذي كان يضمّ كميات كبيرة من نترات الأمونيوم حملتها إحدى السفن التي أصابها عطل  لدى مرورها في المرفأ في العام 2013، ففرغت حمولتها من المادة شديدة الانفجار في العنبر.

LEBANON-BLAST

تضاربت المعلومات حول مصدر تلك الشحنة ووجهتها والجهة التي استفادت منها، خاصة وأن كميات كبيرة من النترات قد أُخرجت من المرفأ خلال السنوات السبع التي سبقت الانفجار، وقد وُجهت أصابع الاتهام من قبل جهات صحفية مستقلة إلى عدة أطراف، من بينها حزب الله والنظام السوري، والتي اتهمت باستخدام هذه المواد لصناعة المتفجرات.

مئات القتلى وآلاف الجرحى

الانفجار المهول الذي هزّ الواجهة البحرية لمدينة بيروت، وسمعت أصداؤه ضمن قطر بطول عشرات الكيلومترات، شكّل سحابة دخان مرعبة فوق العاصمة شوهدت من أماكن بعيدة، وتسبّب بمقتل 270 شخصًا معظمهم من اللبنانيين، بالإضافة إلى عدد من السوريين وبعض الأجانب، وأدى إلى إصابة أكثر من سبعة آلاف آخرين. ونتيجة للانفجار، وجد حوالي 300 ألف شخص أنفسهم بلا مأوى لفترة طويلة، بسبب تضرّر أكثر من خمسين ألف وحدة سكينة بشكل جزئي أو كلّي، بالإضافة إلى أضرار جسيمة أصابت المحال التجارية والأسواق، حيث قدّرت الخسائر الناجمة عن ذلك بقرابة 15 مليار دولار أمريكي.

beirut blast

ماذا حصل في 4 آب ؟

في حوالي الساعة السادسة من مساء الثلاثاء في الرابع من آب 2020، دوّى انفجار متوسط القوة في مرفأ بيروت، لتهرع قوة من فوج الإطفاء القريب من المرفأ لمحاصرة النيران المندلعة. 

بعدها بدقائق دوى انفجار مهول مشكّلًا سحابة دخانية كبيرة، محولًا بيروت إلى مدينة أشباح. سالت الدماء في كل مكان، وتناثرت الجثث والأشلاء في الشوارع وعلى الأسطح، وتخطّى عدد الجرحى السعة الاستيعابية لمستشفيات مدينة بيروت التي يقطنها أكثر من مليوني شخص. في تلك الأوقات، انتشرت على مواقع التواصل صور ومقاطع فيديو تظهر الدمار الكبير الذي لحق بالعاصمة، وتراكض المواطنين في الشوارع كالمجانين بحثًا عن أحبائهم وأقاربهم، وتناثر الزجاج وسقوط الشرفات والأعمدة، فيما سابقت سيارات الإسعاف الزمن في محاولة لإنقاذ أرواح ممكن إنقاذها، وهرع المتطوعون من أطباء وممرضين ومسعفين ورجال إطفاء من كافة المناطق اللبنانية إلى العاصمة لتقديم العون، وخيّم الحزن فوق مدينة بيروت لأسابيع وأشهر طويلة، في وقت قدّرت مراكز دراسات عالمية قوة الانفجار بـ 5% من انفجار القنبلة النووية فوق هيروشيما، وصنّف انفجار بيروت كأكبر انفجار غير نووي في العالم بالتاريخ الحديث.

beirut blast

كيف استحضر اللبنانيون كارثتهم؟

في بلد صغير ومتداخل كلبنان، يمكن لانفجار بحجم انفجار الرابع من آب 2020، أن يصيب معظم اللبنانيين بشكل مباشر أو غير مباشر، فقلّما تصادف أحدًا في لبنان، لا يمتلك قصته الخاصة عمّا جرى في ذلك اليوم، ممن نجا أو فقد قريبًا، أو أصيب بالذعر وتعرضت ممتلكات له أو لأقاربه للدمار. وقد استحضر اللبنانيون هذه المناسبة من خلال وسم #4_آب الذي انتشر بشكل واسع في الأيام الأخيرة، وعبّروا من خلاله عن حزنهم المتواصل بسبب ما أصاب عاصمتهم، وعن غضبهم نتية لعدم توصّل التحقيقات لأية نتائج جدية تكشف وتدين المتورطين بإدخال نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وتخزينه طوال هذه المدة، كذلك نشر المواطنون صورًا تعود لذلك اليوم، التقطوها بهواتفهم وكاميراتهم ليوثّقوا ما حصل.

https://www.youtube.com/watch?v=93tV6-0Ugwk&ab_channel=GuardianNews

 

في أبرز التغريدات اليوم، نشر المخرج سعيد الماروق مقطع فيديو يظهر اللحظات الأولى لانفجار 4 آب، ومواطنين مضرجين بدمائهم أمام المستشفيات وعلق بالقول  " 4 آب شقفة من كل لبناني 4 آب جريمة ".

٤ اب شقفة من كل لبناني ٤ اب جريمة تفجير مدينة بيروت #ما_رح_نسامحكم #ما_رح_ننسى #تفجير_مرفأ_بيروت #جريمة_٤_اب #بيروت #لبنان #العدالة #الحق pic.twitter.com/5aSIxiqmhc

— sᴀɪᴅ ᴇʟ ᴍᴀʀᴏᴜᴋ (@Saidelmarouk) August 4, 2022

وعدّدت الناشطة هبة الزيناتي بعض القصص الحزينة من تفجير 4 آب فكتبت: "كان الصباح الأخير قبل أن تفترق الأم عن ابنها والوالد عن عائلته وألكساندرا الثائرة عن كتفي والدها الذي لطالما حملها في ساحات الحرية وسحر البطلة المسعفة عن خطيبها.كانت الساعات الأخيرة قبل يتجه علي مشيك نحو مرفأ الموت ليعيل عائلته ب ٢٥ ألف ليرة وشوقي علوش حارس القمح الذي أمضى سنوات يحرس رغيفنا رفقة رفاقه في الإهراءات.كانت الابتسامة الأخيرة للياس الخوري.

سنوات يحرس رغيفنا رفقة رفاقه في الإهراءات.كانت الابتسامة الأخيرة للياس الخوري.
كان فنجان القهوة الأخير لعائلة حتي مع ٣ من فوج اطفاء بيروت الذين تطوعوا لنجدة وطن فغدر بهم كل حزب في هذا الوطن البائس.
كان اليوم الأخير لأكثر من ٢٠٠ عامل وأب وأم وأخت وطفل وأخ وجد قبل أن يتحولوا لضحايا

— Hiba Zinati (@hibazinati) August 4, 2022

من جهتها كتبت الناشطة ماري : " لا أجد الكلمات الكافيةلوصف ما جرى في ذلك اليوم، أنا فقط أصلي لكي تخفّ آلامنا وكي تتحقق العدالة، أصلي للناس العالقين لا زالاو هناك ويتمنون أنه لو كان مجر كابوس".

I honestly don’t have words to describe what I’m feeling. I just pray to whoever is up there to ease our pain and to allow justice to be served. A lot of us are still stuck in time hoping that it’s just a nightmare #beirutexplosion #انفجار_مرفأ_بيروت pic.twitter.com/XGj0KFAJXI

— Marie (@CalLebanon) August 3, 2022

وضمن السياق نفسه، علّقت المغرّدة ريتا الريس على مقطع فيديو يظهر الإنفجار بالقول : " حكومتنا فعلت هذا ويجب أن يُحاسبوا، مرت سنتان ولا زلنا لم نحصل على العدالة التي نستحقها. حكومتنا قتلت شعبنا بدم بارد".

Our government did this. They should be held accountable already.
Two years and still we didn’t get the justice we deserve.
Our government MURDERED our people with cold blood. #BeirutBlast #انفجار_مرفأ_بيروت #beirutexplosion #justiceforbeirut #beirutport pic.twitter.com/SJkHPHmHrW

— Rita R. (@ritaelrayess) August 3, 2022

ونشر الناشط علي مريم مقطع فيديو يظهر اللحظات الأولى للانفجار مأخوذة من عدة كاميرات مراقبة، وعلّق بالقول : " ما رح نسامحكم "

حكاية حزن متواصلة

بعد سنتين من انفجار مرفأ بيروت ، لم تتوصل التحقيقات إلى أية نتائج ملموسة، في ظل الضغوطات التي تمارسها الجهات السياسية النافذة على القضاء، فيما يصر ذوو الضحايا على معرفة الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن الانفجار.

لسان حال اللبنانيين على وسائل التواصل في ذكرى الانفجار: "ما رح نسامحكم" 

بالتزامن، تشهد أهراءات القمح حالات تصدّع وسقوط نتيجة للنيران المندلعة في الصوامع منذ عدة أسابيع، وقد سقطت اثنتان منها بالفعل بانتظار سقوط صوامع اخرى، ما يزيد من حزن اللبنانيين وخاصةً ذوي الضحايا، الذي يعتبرون الإهراءات شاهدًا على الجريمة المروعة التي حلت بلبنان، بالإضافة إلى دورها في امتصاص عصف الانفجار وتجنيب لبنان كارثة أكبر من تلك التي حلت به.