24-يناير-2021

من هزيمة الريدز الأخيرة أمام بيرنلي (Getty)

يمر ليفربول بفترة تخبّط أدت إلى فقدانه لصدارة الترتيب وتراجعه للمركز الرابع بفارق ست نقاطٍ كاملة عن المتصدر مانشستر يونايتد، حيث تفاقمت المشاكل الدفاعية والهجومية للفريق، علاوة على الخلافات المتعددة بين نجوم الفريق من جهة وبين الإدارة والمدير الفني يورغن كلوب من جهة أخرى.

بعد الانتصار الساحق على كريستال بالاس بسبعة أهدافٍ نظيفة، خاض الفريق خمس مباريات عجاف تخللتها هزيمتان وثلاث تعادلات مخيبةٍ للآمال، ولم يتمكن ثلاثي النار الهجومي من تسجيل الأهداف لمدة تجاوزت الألف دقيقة من اللعب حسب مجموع دقائق لعب الثلاثي، وشهدت المباريات السابقة هبوطاً ملحوظاً في المستوى لكتيبة الريدز، فما هي الأسباب التي أدت إلى ذلك وكيف وصل بطل الدوري إلى هذا الحال؟

اتّهم محمد أبو تريكة إدارة ليفربول بعدم معاملة محمّد صلاح كنجم أوّل للفريق، من حينها لم ينجح صلاح في تسجيل أيّ هدف بالمباريات  الخمس التالية

في الواقع، بدأ الهبوط التدريجي في المستوى منذ عودة الدوري بعد التوقف الذي حصل الموسم الماضي بسبب تفشي فايروس كورونا، صحيح أن ليفربول حسم اللقب باكراً، إلا أن مستوى الفريق بعد التوقف لم يرقى إلى التوقعات وظل بعيداً عن  ما قدمه الفريق في مسابقة الدوري قبل التوقف.

وبعد انتهاء الموسم الماضي بكافة تعقيداته وتوقفاته المتواصلة جاءت الفترة الصيفية التي لم تكن كغيرها، حيث انتهى الموسم متأخراً ولم تتمكن جميع الفرق الأوروبية من إقامة فترة الإعداد للموسم الجديد أو ما يسمى "Pre-Season" وهي الفترة التي تلي الاستراحة الصيفية، حيث يجتمع اللاعبون وتتم إقامة معسكرات التحضير الفنية والوقوف على الحالة البدنية للاعبين لتقييمها بهدف رفع السوية اللياقية للمجموعة قبل انطلاقة الموسم الجديد، وبغياب هذه الفترة تأثرت كافة الفرق الأوروبية الكبرى، وهو ما يظهر جلياً على المستويات الفنية والبدنية لكبار القارة الأوروبية، فريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونخ ويوفنتوس وغيرهم لا يمرون بأفضل مستوياتهم، ورغم تعدد الأسباب لتراجع المستويات إلا أن غياب التحضير والإعداد البدني الجيد يبقى أحد أهم المسببات لذلك.

اقرأ/ي أيضًا: هل انتهت فرص كوتينيو مع برشلونة؟

إضافة إلى ذلك، لم يتمكن ليفربول من استغلال سوق الانتقالات الصيفي لسد الثغرات الدفاعية، حيث تم انتداب كل من ديوغو جوتا وتياغو الكانتارا والظهير الأيسر البديل "تسيميكاس"، في الوقت الذي غادر فيه المدافع ديجان لوفرن بعد سنوات عدة، ولم يجلب ليفربول بديلاً له، مما يعني وجود ثلاثة مدافعين فقط في النادي وهم فيرجيل فان دايك، جو غوميز وجويل ماتيب، فبدأ ليفربول الموسم منقوصاً من البدلاء اللازمين وفاقداً لعمق التشكيل في خط الدفاع الذي شكل أساس عودته إلى منصات التتويج بعد غياب.

لعنة الإصابات

كان الاستقرار في تشكيلة الفريق أحد أهم العوامل التي ساهمت في حصد الألقاب خلال الموسمين الماضيين، حيث مر الفريق بحالة ثبات في المجموعة وبلغ التفاهم بين أعضاء الفريق ذروته، من خلال الثبات المستمر على مدى موسمين تقريبا، إلا أن هذا الموسم لم يكن كسابقيه، فتعرض العديد من اللاعبين لإصابات متعددة في الأشهر الأولى من الموسم، حيث أصيب كل من محمد صلاح وساديو ماني وغيرهما بفايروس كورونا، بينما كان اليوم الأصعب في موسم ليفربول هو السابع عشر من أكتوبر بلقاء الغريم إيفرتون، حين تعرض "وزير الدفاع" العملاق الهولندي فيرجيل فان دايك لإصابة قوية بعد تدخل الحارس جوردان بيكفورد، كانت هذه الإصابة كفيلة بإبعاد فان دايك حتى نهاية الموسم.

 ليس هذا وحسب، فالتدخل العنيف من البرازيلي ريتشارليسون على تياغو ألكانتارا أدى لإصابة الأخير وابتعاده لمدة 3 أشهر تقريبا.

وخلال التوقف الدولي بعد مباراة إيفرتون، أصيب المدافع الأساسي الثاني في الفريق جو غوميز في تدريبات المنتخب الإنكليزي في أوتار الركبة ليتأكد غيابه حتى الموسم القادم، خسارة أخرى تقصم ظهر ليفربول دفاعياً وتبقي كلوب في حيرةٍ من أمره.

من ناحية أخرى، ألقى العديد من المتابعين اللوم على يورغن كلوب في إصابة النجم الجديد ديوغو جوتا، حيث قام بإقحامه في مباراة تعتبر تحصيل حاصل أمام نادي مايتلاند في دوري الأبطال تعرض خلالها البرتغالي لإصابة قوية في الركبة ستبقيه بعيداً عن الملاعب حتى منتصف شهر فبراير القادم، حيث كان ليفربول قد حسم صدارة المجموعة ولم يكن كلوب بحاجة للزج بلاعبين أساسيين في تلك المواجهة.

خسارة خطي الوسط والدفاع

كان لغياب الخيارات الدفاعية البديلة تأثيرٌ كبير على شكل الفريق، حيث اضطر يورغن كلوب لإعادة لاعب الوسط البرازيلي فابينيو إلى مركز قلب الدفاع، ومع الغياب المتكرر لقلب الدفاع الوحيد المتبقي جويل ماتيب، حاول كلوب إقحام المدافعين الشباب مثل ناثانيال فيليبس وريس ويليامز إلى جانب فابينيو في عدة مباريات، إلا أن هذه المحاولات أثبتت فشلها لغياب عنصر الخبرة والتجربة، فكان الحل هو بإعادة كابتن الفريق جوردان هندرسون إلى مركز قلب الدفاع. وبذلك يكون ليفربول قد خسر خطّي الوسط والدفاع معاً!

في واقعةٍ غير مسبوقة، لم ينشر الموقع الرسمي للنادي تصريحات كلوب حول سوق الانتقالات

وبسبب طريقة لعب ليفربول القائمة على تقدم الأطراف الدفاعية، كان لغياب الثنائي هندرسون وفابينيو في خط الوسط تأثير مباشر على أداء أظهرة الفريق وتحديداً الظهير الأيمن ترينت أليكسندر أرنولد، حيث أن الأظهرة في ليفربول يتمتعون بحرية كبيرة في التقدم وتبقى تغطية المساحات التي يتركونها خلفهم مهمة كل من فابينيو وهندرسون، وعند غياب هذه التغطية الدفاعية انكشف خط الدفاع أمام الهجمات المرتدة للخصوم، مما أثر أيضاً على الصناعة الهجومية لأرنولد وروبيرتسون الذان يمثلا مفاتيح اللعب الأساسية في المجموعة بعد زيادة مهماتهم الدفاعية، الأمر الذي زاد الطين بلةً وذلك بالإضافةً لتراجع مستوى أرنولد منذ عودة كرة القدم بعد التوقف في الموسم الماضي.

خلافات داخلية على مستويات عدة

خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية، تعددت الإشاعات والأقاويل حول كون هذا الموسم هو الأخير للثلاثي الهجومي معاً، ولم تعد هذه التسريبات مجرد أوهام بعد انطلاقة الموسم الحالي، حيث اتضحت الحساسية الزائدة بين المهاجمين، خصوصاً بعد قدوم ديوغو جوتا وإثبات جدارته باللعب أساسياً، الأمر الذي أدى لاتباع سياسة التدوير بين المهاجمين وتبديل محمد صلاح وساديو ماني في مناسباتٍ عدة، ولم يخفي اللاعبان انزعاجمها من التبديلات المتكررة. بلغت هذه الحالة ذروتها قبل مباراة كريستال بالاس، والتي تبعها تصريحاتٍ من النجم المصري محمد أبو تريكه الذي اتهم ليفربول بعدم معاملة محمد صلاح كنجم الفريق الأول، حيث أثارت هذه التصريحات بلبلةً كبيرة في الأوساط الإعلامية وفي أروقة النادي، ولم يتمكن صلاح من التسجيل بعدها في كل المباريات التي لعبها.

وأخيراً، كشف المؤتمر الصحفي الأخير الذي عقده يورغن كلوب بعد الخسارة من بيرنلي عن خلاف بينه وبين الإدارة حول موضوع الانتقالات، حيث ازدادت الانتقادات الجماهيرية للألماني بعد عدم استغلال فترة الانتقالات الشتوية لتعزيز الصفوف الدفاعية للفريق، حيث صرح كلوب بأنه قدم العديد من الاقتراحات ولكن "شخصاً آخر هو المسؤول عن الانتقالات في النادي"، وفي واقعةٍ غير مسبوقة، لم ينشر الموقع الرسمي للنادي تصريحات كلوب حول سوق الانتقالات، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول العلاقة بين اللاعبين من جهة، وبين الإدارة والمدير الفني من ناحية أخرى.

وسط هذه المعمعة والأزمات، يبقى التحدي الأكبر أمام ليفربول هو إظهار شخصية البطل لتجاوز المرحلة الضبابية التي يمر بها، وإعادة التماسك إلى المجموعة، وكما ذكر النجم جيمس ميلنر فإن الفريق بحاجة شعاره الأزلي "لن تسير وحدك أبداً" أكثر من أي فترة مضت.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد 68 مباراة من الصمود.. قلعة الأنفيلد تنهار في الدوري الإنجليزي

اليونايتد يحافظ على صدارة البريميرليغ.. لا غالب ولا مغلوب في مباراة الموسم