30-ديسمبر-2022
gettyimages

لم نشهد عربيًا محاولات انقلاب لكن في تونس استكمل الرئيس التونسي مساره الانقلابي (Getty)

لم نشهد الكثير من الانقلابات والصراعات المباشرة على الحكم في عام 2022. مع ذلك لم يكن العام خاليًا منها، ورغم أننا في الوطن العربي لم نشهد أيّ محاولة انقلاب على الحكم طوال العام، فقد شهدنا استكمال انقلاب قيس سعيّد في تونس، بعد تغيير الدستور والانتخابات التشريعية. أمّا في السودان فإن المكون العسكري وقع مع "قوى الحرية والتغيير" اتفاقًا إطاريًا، بعد ما يقارب العام من انقلاب العسكر في البلاد، في محاولةٍ لتجاوز ما نتج عن انقلاب المكون العسكري، فيما تعارض وقوى سودانية الاتفاق.

لم نشهد الكثير من الانقلابات والصراعات المباشرة على الحكم في عام 2022 مع ذلك لم يكن العام خاليًا منها

عالميًا، شهدنا انقلابات متفرقة على مدار العام، وقد نالت منطقة غرب ووسط أفريقيا النصيب الأكبر من تلك الانقلابات، بمعدل 4 محاولات للانقلاب نجحت منها اثنتان وباءت محاولتان بالفشل. 

أمّا في جنوب آسيا، فقد شهدنا صراعًا بين رئيس الوزراء السابق عمران خان والبرلمان، بعد سحب الثقة منه. وفي البيرو غرب أمريكا اللاتينية أدّت الإطاحة برئيس البلاد من خلال البرلمان "المحسوب على اليمين" إلى ما يشبه بوادر ثورة شعبية احتجاجًا على الإطاحة بالرئيس اليساري المنتخب بيدرو كاستيلو واعتقاله وتنصيب نائبته دينا بولوارت بدلًا عنه. أمّا أكثر ما كان لافتًا للانتباه هذا العام، هو إعلان ألمانيا عن اعتقال حوالي 25 شخصًا ينتمون لليمين المتطرف بتهمة التخطيط "للانقلاب على الحكومة".

getty

انقلابان في بوركينا فاسو خلال 9 أشهر

شهدت بوركينا فاسو في غضون عام فقط انقلابين عسكريين، الأول منهما كان في كانون الأول/ يناير حيث انقلب الجيش على الرئيس روك كابوري بسبب "تقاعسه عن حماية البلاد من هجمات المسلحين"، بحسب بيان الانقلابيين الذي كان يقودهم العقيد بول هنري داميبا الذي تعهد في خطاب الانقلاب بـ"بإعادة الأمن"، إلّا أنّه هو الآخر عجز عن احتواء عنف الجماعات المسلّحة، لتتم الإطاحة به هو الآخر بواسطة انقلاب قاده النقيب إبراهيم تراوري في 30 أيلول/سبتمبر 2022.

وتسبب الانقلاب في قيام المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" (ECOWAS) إلى تعليق عضوية بوركينا فاسو فيها بعد الانقلاب الأول، لتعدل عن ذلك القرار بشرط أن لا تتجاوز الفترة الانتقالية للعودة إلى الحكم المدني مدة عامين.

محاولتين انقلابييتين فاشلتين في غينيا بيساو وغامبيا

شهدت غينيا بيساو الواقعة في غرب إفريقيا مطلع شباط/ فبراير 2022 محاولةً انقلابيةً دمويةً فاشلةً قام بها ضبّاط في الجيش الغيني، كانوا يستهدفون الإطاحة برئيس البلاد أومارو سيسوكو إمبالو وحكومته، حيث جرت محاصرة الرئيس في مقر الحكومة، ما أدى إلى وقوع اشتباكات بالأعيرة النارية والأسلحة أسفرت عن سقوط قتلى في صفوف قوات الأمن، بحسب بيان أصدره الرئيس أومارو سيسوكو إمبالو، بعد ساعات من الحادث، جاء فيه ما نصّه "لقد قتل عدد من أفراد قوات أمننا الباسلة في هجوم فاشل على الديمقراطية".

ليخرج بعدها الرئيس إمبالو في مقطع مصور معلنا  القبض "على بعض المتورطين في محاولة الانقلاب"، معلنا أنّ "الوضع تحت سيطرة الحكومة".

أما آخر المحاولات الانقلابية التي أسدل عليها الستار في إفريقيا عام 2022 فكانت المحاولة التي تمّت في أصغر دولة أفريقية غامبيا (غرب أفريقيا) في الحادي والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر عندما أعلنت القيادة العليا للقوات المسلحة في غامبيا إحباط محاولة انقلاب عسكري على الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا، في وقت رجّحت مصادر أن تكون من تدبير عناصر مرتبطة بالنظام السابق واعتقل على إثر تلك المحاولة حتى الآن "أربعة عسكريين"، وقال بيان حكومي إنهم "كانوا يخططون للإطاحة بإدارة الرئيس أداما بارو"، مضيفًا أن "الجيش يلاحق ثلاثة شركاء آخرين مزعومين وأن التحقيقات جارية".

يشار إلى أن منطقة غرب ووسط أفريقيا سجلت خلال أقل من 3 أعوام استيلاء الجيوش على السلطة، على الرغم من أنها شهدت تراجعًا كبيرًا لعدد الانقلابات خلال العقد الماضي الأمر الذي حدا ببعض المتابعين إلى التوقع أنها ماضي في اتجاه الانتقال الديمقراطي وتجاوز سمعتها "كحزام انقلابي".

"انقلاب في ألمانيا"

إلى جانب هذه الأحداث التي يسهل وضعها ضمن قائمة الانقلابات العسكرية، ثمّة تغييرات سياسية شهدها هذا العام تظهر صراعًا على الحكم، لكنه لم ينتهي عبر صناديق الانتخابات، على غرار سحب الثقة من عمران خان في باكستان وما أثير حول التخطيط "لانقلاب" في ألمانيا، وإزاحة الرئيس البيروفي من منصبه واعتقاله من طرف البرلمان ما أدخل البلاد في أزمة سياسية بفعل احتجاجات واسعة انتشرت تقريبا في كامل البيرو.

getty

تمتلك ألمانيا، مكتبًا "لحماية الدستور" مهمته الأساسية مكافحة المحاولات الانقلابية ومحاولات التأثير الخارجية على برلين. وخلال هذا العام وبشكلٍ مفاجئ أعلنت الحكومة الألمانية عن أكبر عملية أمنية في تاريخ البلاد الحديث وألقي القبض من الشرطة على 50 شخصًا في 11 ولاية فدرالية يشتبه في تآمرهم للانقلاب على الحكومة، وينتمي جميع الموقوفين على ذمة القضية لليمين المتطرف الألماني وبعضهم ناشط في "حكومة مواطني الرايخ المتطرفة" التي ترفض الاعتراف بدولة ألمانيا الحديثة.

وفي حينه، تحدث وزير العدل الألماني، ماركو بوشمان، في معرض تعليقه على الاعتقالات عن "عملية كبيرة تجري حاليا لمكافحة الإرهاب، لمشتبه بهم في تخطيط لهجوم مسلح على هيئات دستورية"، في وقت أكد فيه المدعي العام الفيدرالي الألماني أن المشتبه بهم  كانوا يخططون "لانقلاب عنيف منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2021، وأن أعضاء من مجلسهم  المركزي عقدوا اجتماعات منتظمة منذ ذلك الحين".

وأضاف مكتب المدعي الفيدرالي أن من وصفهم ب"المتآمرين" قاموا بالفعل بوضع "خطط لحكم ألمانيا شملت تعيين إدارات في مجالات الصحة والعدل والشؤون الخارجية، وإنهم أدركوا أنهم لا يستطيعون تحقيق أهدافهم إلا من خلال "الوسائل العسكرية والعنف ضد ممثلي الدولة وهذا يشمل تنفيذ عمليات قتل".

باكستان.. خان يتهم قائد الجيش بالتآمر

في التاسع من نيسان/ أبريل 2022 حجب البرلمان الباكستاني الثقة عن حكومة رئيس الوزراء عمران خان، ما أدخل البلاد في أزمة سياسية جديدة ما تزال فصولها مستمرة، وعلى الرغم من أن حدث إسقاط الحكومات ليس جديدًا على باكستان، واتهم خان وأنصاره للجيش بالتآمر مع الولايات المتحدة لإسقاط حكومته، فيما كان رئيس باكستان وبطلب من خان قد أعلن حل البرلمان الذي سحب الثقة من الحكومة قبل ذلك بيومين، لكن اللجنة القضائية الخاصة المكونة من قضاة المحكمة العليا في باكستان ألغت قرار الحل.

getty

وعاد عمران خان مجددًا، في كانون الأول/ديسمبر بعد قيادته لسلسة احتجاجات في أنحاء البلاد، إلى اتهام الجيش وبالأخص القائد السابق للجيش الجنرال قمر جاويد باجوا بالتآمر مع الولايات المتحدة لإسقاط حكومته. مبررًا تأخره في الكشف عن هذه المعلومة بأنه "لم يكن يستطيع الكشف عن دور الجنرال في وقت سابق خشية اتهامه بالتحريض على القوات المسلحة لذا انتظر حتى تنتهي ولاية الجنرال باجوا"، معتبرًا أن حكومة شهباز شريف، التي وصفها بحكومة لصوص من اختيار قائد الجيش  الذي اتهمه أيضا بالتغاضي عن قضايا فساد "تتجاوز 5 مليارات دولار تخص أعضاء الحكومة الحالية".

ويدعو عمران خان إلى ضرورة تنظيم انتخابات عامة مبكرة، "للوصول إلى حالة استقرار سياسي تصل بالبلاد إلى استقرار اقتصادي" حسب تعبيره، يشار إلى أن خان تعرض لمحاولة اغتيال مطلع شهر تشرين ثاني/ نوفمبر خلال واحدة من التظاهرات التي قادها.

البيرو... عزل كاستيلو يشعل احتجاجات شعبية

عزل البرلمان البيروفي 7 كانون الأول/ ديسمبر رئيس البلاد بيدرو كاستيلو، وعيّن نائبته دينا بولوارت، خلفًا له وذلك بعد اعتقال الرئيس المنتخب الذي كان في صراع محموم مع البرلمان الذي حاول عزله قبل ذلك مرتين وفتح ضده 6 تحقيقات ترافقت مع احتجاجات واسعة ضد حكومته، كما أدت الأزمة السياسية إلى تشكيل أربع حكومات خلال فترة لم تتجاوز ثمانية أشهر، في سابقةٍ بالبلاد.

getty

وتطورت الأحداث بشكلٍ سريع في البيرو، بعد إعلان الرئيس كاستيلو، حلّ البرلمان. داعيًا في خطاب مُتلفز، أعضاء الكونغرس القادم إلى"وضع دستور جديد للأمة الواقعة في جبال الأنديز"، مؤكدًا أنه "سيحكم بمراسيم تشريعية"، وأمر بفرض حظر للتجول ليلًا. مستبقًا محاولة عزل جديد له.

كما تحدث كاستيلو عن أنه "سيعيد تنظيم القضاء والشرطة والمحكمة الدستورية في البلاد"، وتحدث عن نفسه قائلًا "الفلاح الذي تحول إلى رئيس، يدفع ثمن الأخطاء التي ارتكبت بسبب قلة الخبرة، لكن هناك قطاعًا معينًا من أعضاء الكونغرس لديه بند وحيد في جدول أعماله، وهو أن يعزلني من المنصب، لأنهم لم يقبلوا نتائج الانتخابات التي قررتموها أنتم، مواطني البيرو، بأصواتكم".

لكن البرلمان تمكّن من عزله وأودع السجن وسط ترحيب أمريكي، لكن أنصار الرئيس المعزول لم يلتزموا الصمت بل خرجوا في احتجاجات كبيرة شهدت سقوط 7 متظاهرين خلال أقل من 36 ساعة. ويطالب المحتجون، باستقالة الرئيسة الحالية والذهاب نحو تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية سابقة لأوانها. مما دفع الرئيسة الحالية إلى الإعلان عن أنها ستقدم مشروع قانون لإجراء الانتخابات قبل موعدها بعامين، بحيث تقام في نيسان/ أبريل 2024، وهو ما رفضه المحتجّون.

حكومات المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا أصدرت بيانًا مشتركًا أعلنت فيه دعم الرئيس اليساري المعزول بيدرو كاستيلو

وكانت حكومات المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا أصدرت بيانًا مشتركًا أعلنت فيه دعم الرئيس اليساري المعزول بيدرو كاستيلو، واعتبر بيان الدول الأربعة أن الرئيس المعزول الذي تسلّم السلطة في 2021 ضحيةً لحركة عدائية ومناهضة للديمقراطية.