08-ديسمبر-2022
gettyimages

أعضاء في حركة "مواطنو الرايخ" يتظاهرون أمام البرلمان الألماني رفضًا لقيود جائحة كورونا عام 2021 (Getty)

مواطنو الرايخ هي حركة قومية ألمانيا (Reichsbürger movement)، تنكر وجود الجمهورية الألمانية الاتحادية، أي الدولة التي نتجت بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، ويرون في أنفسهم امتدادًا للرايخ، ويعتقدون أن الدولة الحالية ليست أكثر من هيكلية إدارية لا تزال خاضعة لسيطرة القوى الغربية وتحديدًا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا ويعتقد بعضهم أن ألمانيا خاضعة للاحتلال العسكري، كما تعتقد بضرورة العودة إلى حدود ألمانيا كما كانت في عام 1937، وذلك نظرًا لقناعاتهم بأن الرايخ الثالث ما يزال يمثل السلطة الشرعية، ويشار إليهم باعتبارهم يمتلكون مواقف متطرفة أكثر من معتنقي "النازية الجديدة".

مواطنو الرايخ هي حركة قومية ألمانيا (Reichsbürger movement)، تنكر وجود الجمهورية الألمانية الاتحادية

تشكل القومية والتفوق الألماني الأساس للقاعدة الفكرية "لمواطنو الرايخ"، لكنها تمتلك أيضًا أفكارًا يمينية متطرفة أخرى مثل معاداة السامية ورهاب الإسلام والمثلية والهجرة والاتحاد الأوروبي والعولمة، وبعضها يميل للتوجهات الجمهورية الألمانية والآخر للملكية.

وتتكون الحركة من حوالي 21 ألف شخص في ألمانيا، ويقيم غالبيتهم في ولايات براندنبورغ ومكلنبورغ- فوربومرن وبافاريا. ولا يعتقدون أن هناك شرعيةً للسلطات الاتحادية الحكومية أو للدستور الألماني، فقد رفضوا دفع الضرائب لها وأعلنوا عن قيام أقاليمهم الوطنية الخاصة والتي يطلقون عليها "الإمبراطورية الألمانية الثانية" أو "دولة بروسيا الحرة" أو "إمارة جرمانيا". كما أنهم يقومون بطباعة جوازات سفر ورخص قيادة خاصة بهم، ويمتلكون أعلامهم الخاصة. وتتحدث منشوراتهم على مواقع الإنترنت "عن المواجهة المسلحة ضد جمهورية ألمانيا الاتحادية".

تشعر المجموعة بالحنين إلى زمن الرايخ الثالثة والنازية، وترغب باستعادته وتمارس ذلك من خلال إصدار جوازات سفر مثل تلك التي صدرت عام 1937 والتي يظهر فيه التمييز الواضح بين "الألمان الحقيقيين" (أي دمهم ألماني)، وأولئك الذين يمتلكون جواز سفر ألماني لكنهم لا يمتلكون دمًا ألمانيًا، بحسب اعتقادات التفوق العرقي التي حكمت ألمانيا في حينه. وعلى سبيل المثال نصب ألكسندر شلواك نفسه رئيسًا للحكومة "الشرعية" في المنفى للرايخ الألماني، ويلتزم وأنصاره بقوانين ألمانية من عام 1867.

getty

تصنف ألمانيا 5% من أعضاء الحركة بوسمهم بالعناصر الخطرة والمتطرفة، أمّا عن شكل الحركة فهي في غالبيتها تتكون من الذكور الذين تتراوح أعمارهم حول 50 عامًا. وتؤمن الجماعة بشكلٍ كبير في نظرية المؤامرة، وخلال انتشار جائحة كوفيد- 19 رفضوا الالتزام والاعتراف بأي قيود للوقاية من الجائحة. ورغم رفض النظام الرسمي بالمطلق، إلّا أنهم يتعاطون معه من خلال تقديم عدد ضخم من الاعتراضات على المخالفات أو المطالبات بالدفع من قبل الجهات الرسمية.

تعمل الحركة على شراء وتخزين كميات ضخمة من السلاح، وهم على استعداد "لارتكاب أعمال عنف خطيرة"، بحسب تقديرات السلطات الألمانية. وكانت الشرطة الألمانية قد عثرت على مخازن للأسلحة والذخيرة خلال مداهمات لمنازل أعضاء "مواطنو الرايخ". فيما يتكون جزء كبير من أعضاء المجموعة من جنود سابقين في الجيش الألماني (جيش ألمانيا الاتحادية) أو جيش ألمانيا الشعبية (جيش ألمانيا الشرقية).

ونفذت الحركة خلال السنوات الماضية عدة عمليات إطلاق نار، خاصةً تجاه الشرطة التي كانت تنفذ مداهمات لمنازل الأعضاء فيها أو معتنقي فكرها الذين اتجهوا للخيار المسلح. بالإضافة إلى أن مجموعة "مواطنو الرايخ" في مدينة هوكستر الواقعة شمال الراين- وستفاليا، والتي تنتمي إلى مجموعة "دولة بروسيا الحرة" حاولت بناء ميليشيا خاصة بها عن طريق تهريب الأسلحة من خارج ألمانيا في عام 2014.

getty

وكانت وكالة المخابرات الألمانية قد بدأت بتعقب أعضاء "الرايخسبورغ" في عام 2016 بعد أن قتل أحد منتسبيها ضابطًا في الشرطة خلال مداهمة لمصادرة الأسلحة التي يمتلكها. فيما يشار إلى أنه في السنوات الأخيرة ارتفعت ملكية السلاح في المجموعة.

تنتشر هذه المجموعات عبر مواقع الإنترنت وتستقطب الأعضاء من خلالها، ويعلن بعضها عن تشكيل حكومات ألمانية في المنفى، وفي غالبيتها غير مترابطة عضويًا مع بعضها البعض. بعد كشف السلطات الألمانية عن محاولة انقلابية في ألمانيا، اعتقلت شخصًا يصنف نفسه باعتباره قياديًا للحركة. ويطلق على نفسه اسم هاينريش الثالث عشر، وهو سليل عائلة إرستقراطية كانت تحكم "إمارة رويس" حتى العام  1918، عندما تنازل جده عن الحكم.

هاينريش الثالث عشر، وهو سليل عائلة إرستقراطية كانت تحكم "إمارة رويس" حتى العام  1918

وكان هاينريش الثالث عشر وعلى مدار سنوات، يعمل على رعاية مدافن العائلة وأشرف على عمليات حفر بالمقابر بحثًا عن قبرٍ لأحد أفراد عائلته، فيما يعرف عنه إيمانه في نظرية المؤامرة ومعاداة السامية، وفي عام 2019 قدم محاضرةً في زيوريخ بسويسرا بعنوان "تجربة صعود وسقوط النخبة ذات الدم الأزرق"، وخلالها انتقد عائلة روتشيلد معتبرًا أن الحرب العالمية الأولى أجبرت القيصر الألماني على الخضوع للمصالح المالية الدولية، وهي ادعاءات منبعها تصورات معادية للسامية نظرًا لكون عائلة روتشيلد يهودية والزعم الأوروبي عن كون اليهود يسيطرون على المعاملات المالية، وأن ألمانيا الحديثة هي مجرد وهم.