08-ديسمبر-2022
gettyimages

تظاهرة حركة "مواطنو الرايخ" أمام البرلمان الألماني عام 2021 (Getty)

توقع مسؤولون ألمان حدوث حملة اعتقالات ثانية بعد مراجعة السلطات الأمنية للمزيد من الأدلة بشأن مخطط إسقاط الحكومة، من قبل مجموعة من حركة "مواطنو الرايخ". وشنت قوات الأمن الألمانية، يوم الأربعاء، حملات اعتقالات أدت إلى توقيف 25 شخصًا من أعضاء ومناصري الجماعة.

توقع مسؤولون ألمان حدوث حملة اعتقالات ثانية بعد مراجعة السلطات الأمنية للمزيد من الأدلة بشأن مخطط إسقاط الحكومة

من جهتها، أعلنت الشرطة الإيطالية اعتقال ضابط سابق في الجيش الألماني في إيطاليا على علاقة باليمين المتطرف الألماني، في حين اعتقلت السلطات النمساوية شخصًا قالت إنه على صلة بما يجري في ألمانيا.

وبحسب بعض التفاصيل المسربة عن العملية، فإن أجهزة الأمن الألمانية، قامت بتنفيذ أكبر عملية أمنية في عهد ألمانيا الاتحادية، من خلال قيام الشرطة بعمليات دهم واسعة شملت 11 ولاية ألمانية، وشارك فيها 3 آلاف من أفراد وحدات النخبة في جهاز مكافحة الإرهاب، وجرى تفتيش أكثر من 130 عقارًا، استهدفت أعضاء في "حركة مواطني الرايخ" الذين خططوا لاقتحام البرلمان الألماني، والاستيلاء على السلطة، وتنفيذ هجمات مسلحة على مؤسسات تشريعية ألمانية أخرى.

ووصفت الحكومة الألمانية عملية الدهم ضد "حركة مواطني الرايخ" بالناجحة، وأنها دليل على أن "ألمانيا في حالة تأهب"، في حين قالت وسائل إعلام ألمانية بأن عمليات المداهمة هي "إحدى أكبر عمليات الشرطة التي شهدتها البلاد".

وأفاد جهاز الاستخبارات العسكرية الألمانية بأن مؤسس القوات الخاصة الألمانية، وعددًا من جنود الاحتياط من بين الموقوفين، كما تم توقيف النائبة السابقة عن حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف بيرجيت مالزاك وينكمان، والتي كانت عضوًا في البرلمان بين عامي 2017 و2021.

وذكر الادعاء العام بأن "المتهمين أسسوا أيضًا ذراعًا عسكريةً هدفها القضاء على دولة القانون الديمقراطية على مستوى البلديات والمقاطعات"، وأضاف أن "أعضاء الهيئة المركزية للتنظيم يجتمعون بانتظام منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 من أجل التخطيط للاستيلاء المزمع على السلطة في ألمانيا، وإنشاء هياكل دولة خاصة بهم".

وكشف الإدعاء العام أن التحقيقات انطلقت بعد اعترافات أظهرت صلات بين أعضاء التنظيم وأعضاء مجموعة "الوطنيون المتحدون" الذين تم اعتقالهم في نيسان/ أبريل الماضي، على خلفية التخطيط لاختطاف وزير الصحة الألماني كارل لاوترباخ. وأضاف ممثلو الادعاء أن المجموعة كانت تشتري معدات عسكرية وتحاول تجنيد أعضاء جدد وتقدم تدريبات في إطلاق النار. مع السعي لتجنيد أفراد في الشرطة والجيش الألماني. وأشار الادعاء إلى أن المحققين يتابعون شبهات حول أن أعضاء الجماعة لديهم خطط فعلية لاقتحام مجلس النواب الألماني في برلين من خلال مجموعة مسلحة صغيرة.

وأعلنت وزارة العدل الألمانية عن وجود قائدَين للمجموعة، وكشفت وسائل إعلام ألمانية عن أن الأول يدعى الأمير رويس هاينريخ الثالث عشر رويس، الذي نصب نفسه "زعيمًا للدول المستقبلية"، والثاني يدعي روديجر في بي الذي عين قائدًا "للذراع العسكرية للدولة". وكشفت وسائل إعلام  ألمانية أن رويس هو رجل أعمال سبعيني، واعتُقل في فرانكفورت، وكان يملك قصرًا تمّ اقتحامه قرب باد لوبنشتاين وسط البلاد.

.

وفي وقت لاحق، قال مكتب الادعاء العام الألماني أن رويس هاينريخ والذي يلقب بالأمير ينحدر من سلالة ملوك ولاية تورينغن التي حكمت شرق البلاد، وتواصل مع أشخاص من "روسيا تعتبرهم المجموعة جهة الاتصال المركزية لتأسيس نظامها الجديد"، وأشار الادعاء الألماني إلى أنه "لا يوجد دليل على أن الممثلين الروس ردوا بشكل إيجابي على طلب هاينريخ للتواصل معهم"، إلا أنه ذكر في بيانه بأن امرأة روسية قالت عنها الصحافة الألمانية بأنها رفيقة "الأمير"، عملت وسيطة في محاولة للاتصال بالسلطات الروسية للحصول على دعم محتمل، وهي من بين المعتقلين في المداهمة.

بدورها، قالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر أن قوات الأمن تبحث عن أي علاقة محتملة لروسيا بالمخطط الذي تم كشف عنه، وأضافت الوزيرة "يبدو أن التنظيم يتكون من قيادة سياسية وجناح عسكري". من جهتها، نفت السفارة الروسية في برلين أي علاقة مع ما وصفتها بـ"الجماعات الإرهابية"، مؤكدةً أن "المكاتب الدبلوماسية، والقنصلية الروسية في ألمانيا لا تقيم اتصالات مع ممثلي جماعات إرهابية أو كيانات غير قانونية أخرى".

وفي نفس السياق، قالت الرئاسة الروسية إنه "لا يمكن الحديث عن أي تدخل روسي في التحضير لانقلاب في ألمانيا"، وأضافت أن "العملية الأمنية ضد حركة مواطني الرايخ شأن داخلي ألماني بحت". وحركة "مواطنو الرايخ" تضم في صفوفها النازيين الجدد، ومنظري نظرية المؤامرة، والمتحمسين للسلاح، ولا يعترف أعضاؤها بالجمهورية الألمانية الحديثة، ولا بالمؤسسات والقوانين الألمانية، ويعتقدون بأن الحكومة والبرلمان والسلطتين القضائية والأمنية مجرد دمى تعيّنها وتديرها جهات خارجية، لذا يرفضون دفع الضرائب أو الغرامات الحكومية أو الاستجابة للدعوات الموجهة من قبل المحاكم والسلطات.

ويرفض أعضاء الحركة امتلاك هويات رسمية أو جوازات سفر، ويحملون بدلًا عنها وثائق غير رسمية يطلقون عليها "هوية مواطني الرايخ"، إذ يؤمن أتباع  التنظيم بالرايخ الألماني وهو الاسم الرسمي للإمبراطورية الألمانية، ويصر التنظيم على أن حدود ألمانيا تمثل الحدود التي كانت قبل الحرب العالمية الثانية، وتضم أجزاءً من بولندا وفرنسا، وأن حدود الرايخ  من عام 1871 لعام 1937 لا تزال موجودة، وأن "الدولة الحديثة بناء إداري لا يزال محتلًا من قبل قوات الحلفاء".

قدرت جهات أمنية ألمانية عدد منتسبي التنظيم بحدود 20 ألفًا

وقدرت جهات أمنية ألمانية عدد منتسبي التنظيم بحدود 20 ألفًا، استفاد في السنوات الأخيرة من أزمة تفشي "وباء كورونا"، وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، لتطوير خطابه الذي يرتكز على الترويج لـ"نظرية المؤامرة".