24-أبريل-2019

استلهمت الاحتجاجات في تشاد شعارات الثورة السودانية (تويتر)

منذ اقتلاع نظام الرئيس السوداني عمر البشير والتحفظ عليه بعد اعتقاله في مكان مجهول، بدا الرئيس التشادي إدريس ديبي يتحسس مقعده في القصر الرئاسي بالعاصمة انجمينا، فهو أيضًا يوصف بالديكتاتور، وتعاني بلاده من حروب وأزمات سياسية واقتصاديىة طاحنة، ووصاية فرنسية مقابل الحماية العسكرية، بجانب حالة اصطفاف قبلي، كرس لهما ديبي خلال سنوات حكمه التي امتدت لنحو ثلاثة عقود.

أطلق تشاديون نسخة ثائرة من "تجمع المهنيين التشاديين" بشعارات رافضة للنظام وحراك متواصل في الأرض وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، استهدف تغيير الحكومة ورحيل إدريس ديبي

في الأسبوع الماضي، أطلق ناشطون تشاديون نسخة ثائرة من "تجمع المهنيين التشاديين" بشعارات رافضة للنظام وحراك متواصل في الأرض وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، استهدف بالمرة تغيير الحكومة ورحيل إدريس ديبي. وحمل إعلان الحرية شعارات واضحة، هي "لا للفساد لا للظلم لا للقبيلية لا للعنصرية لا لغلاء المعيشة"، فيما أكد الناشطون على سلمية الثورة بهتاف "تمرق بس".

اقرأ/ي أيضًا: احتجاجات عالمية على شروط معولمة.. السترات الصفراء أطلقت الشرارة

تمرق بس

وشهدت الحملة تفاعلات شعبية في مختلف المدن والأرياف التشادية وسط تحفز أمني وانتشار الشرطة في شوارع العاصمة أنجمينا، دون أن تفلح حالة الاستعداد في منع التشاديين من التعبير عن رفضهم، واستخدام وسائل متعددة لإيصال رسائلهم، من بينها النقود التي كتبوا عليها "تمرق بس" ورفع العلم التشادي واللافتات المناهضة للنظام، وتركزت الدعوات في موقعي تويتر وفيسبوك، وأيضًا وسط المهاجرين التشاديين في فرنسا وأمريكا.

عدل ديبي الذي فرض سلطته بالقوة على التشاديين، الدستور أكثر من مرة بغية الاستمرار في الحكم، كما أنه يقاتل في عدة جبهات سياسية وعسكرية، وبعد الدعوات الأخيرة للخروج عليه دعا لاجتماع طارئ في القصر الرئاسي، حيث اجتمع ببعض أبناء قبيلته التي لا تناصره بالكامل، منبهًا لهم من انتقال العدوى الثورية من الجارة السودان، لافتًا إلى أن الثورة التشادية في الشمال لا بد من التصدي لها بكل الطرق، واعتبر دعوات من وصفهم بالمنشقين على حد زعمه "أمرًا جديًا ولا يمكن التغافل عنه"، لافتًا إلى أن هذه المرحلة هي المرحلة الحاسمة والفرصة الأخيرة لبقائهم على سدة الحكم.

موكب الخميس التشادي

في الوقت عينه تواصلت الدعوات إلى مواكب جماهيرية في العاصمة أنجمينا وبقية المدن الولائية نهاية الأسبوع الجاري، وأصدرت وزارة الداخلية التشادية بيانًا حذرت فيه من المسيرة السلمية التي دعا إليها التحالف التشادي لمواجهة غلاء المعيشة، كما نظم تشاديو الشتات وقفات أمام سفارات غربية، وشددت بيانات من قبل المعارضة التشادية على أن الدفاع عن الحريات والعمل على تفكيك الاستبداد ومحاربة الفساد أصبح اليوم نفيرًا عامًا، لا يعذر أحد من المشاركة الفاعلة فيه، و"كل من يتخلف عن هذا الواجب فهو إما متعاون مع المستبدين أو جاهل يحتاج لتوعية، أو جبان يحتاج لمن يذكره بواقعه المؤلم " وفقًا للدعوات.

حرب الشهور التسعة

ولا يبدو أن سلطة الرئيس ديبي تملك السيطرة التي يروج لها أنصاره، ففي شباط/فبراير من العام 2018 غطت سحابة من الدخان سماء أنجمينا، التي شهدت حالة انفلات لم تشهدها تشاد منذ ما يعرف بحرب الشهور التسعة عام 1979، وفقد الجيش السيطرة على الأوضاع، فيما فقد النظام مقاليد السلطة السياسية، لولا تدخل القاعدة العسكرية الفرنسية المتواجدة في تشاد، والتي يبدو أن مهمتها حماية النظام الذي استطاع أن يضمن لها مصالحها، ومكن للشركات الفرنسية التي تحتكر استخراج النفط والذهب واليورانيوم داخل الأراضي التشادية.

 وقام الطيران الفرنسي أيضًا الأسابيع الماضية بقصف رتل عسكري، كان يتجه إلى العاصمة التشادية أنجمينا، للإطاحة بالرئيس الحالي إدريس ديبي، وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إن تدخل بلاده عسكريًا في تشاد، كان يهدف لوقف انقلاب عسكري، يسعى للإطاحة بالرئيس إدريس ديبي، مشيرًا إلى أن التحرك العسكري الفرنسي جرى وفقًا للقانون الدولي، بعد رسالة خطية من ديبي إلى فرنسا لحمايته.

اقرأ/ي أيضًا: قبلة الدكتاتوريات.. لماذا توطد إسرائيل علاقاتها في أفريقيا؟

الحرية ليست كعكعة

تزامنًا مع دعوات الإطاحة بالرئيس ديبي انضم العديد من الفنانين ورموز المجتمع والجماعات التشادية ضد الحياة الباهظة للسوق، ودفع ناشطون تشاديون في المهاجر مذكرة إلى المنظمات الأممية تطالب بالحقوق المتساوية للشعب التشادي، وممارسة حق التعبير والعمل السياسي، وتساءلت المذكرة "ما الحرية إذا كان المواطن يمنع من الكلام، وطلب الكهرباء ومياه الشرب والإنترنت والحطب والمستشفيات والغاز، في مطالبة قصيرة وكرامة محتقرة؟"، مشددة على أن ديبي يجب أن يغادر لأنه قام ببرمجة تشاد من أجله، وحضت المذكرة من وصفتهم بالوطنيين في الشتات التشادي وفرنسا والمدن التشادية على الخروج بكثافة في الـ25 من الشهر الجاري، والمشاركة بفعالية في المظاهرة ضد نظام ديبي، وأضافت المذكرة أن "الحرية ليست كعكة مقدمة على الجانب الآخر من الشارع".

تزامنًا مع دعوات الإطاحة بالرئيس ديبي انضم العديد من الفنانين ورموز المجتمع ضد الحياة الباهظة للسوق، ودفع ناشطون تشاديون في المهاجر مذكرة إلى المنظمات الأممية تطالب بالحقوق المتساوية

سُلطة مهددة بالتصدع

ورغم أن ديبي يحظى بدعم فرنسا والإمارات التي يقاتل أيضًا إلى جانب رجلها في ليبيا الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، إلا أنه يعاني من معارضة تهدد سلطته بقوة، فهو لا يأتمن أحدًا باستثناء ولده زكريا ديبي الذي يتحفز لوراثة الحكم عن والده، ويعتبر الداعم لتطبيع العلاقة مع إسرائيل، وكان مهندس تبادل الزيارات بين ديبي ونتنياهو، حيث يسعى الرئيس التشادي مؤخرًا لفتح المجال الأفريقي أمام إسرائيل، مقابل الحصول على دعم عسكري لمواجهة المعارضة في شمال البلاد وشرقها، وتوطيد أركان سلطته المهددة بالتصدع.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الشارع السوداني ينتفض ضد الجوع والقمع.. لا شيء لدى السلطة إلا "البوليس"

ضد الغلاء والفساد.. أبرز الاحتجاجات العربية في 2018