01-فبراير-2024
دمار واسع في البنية التحتية في غزة (GETTY)

(Getty) دمار واسع في البنية التحتية بغزة

اعتبرت هيئة تجارية تابعة للأمم المتحدة أن اقتصاد غزة قد يستغرق عقودًا من الزمن للعودة للوضع الذي كان عليه قبل العدوان الإسرائيلي المستمر، وذلك في حال توفر برنامج إنعاش مدعوم وممول من قِبل المجتمع الدولي.

جاء ذلك في تقرير أعده مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" لتقييم تأثير الدمار على القطاع الاقتصادي في قطاع غزة، نتيجة الهجمات الإسرائيلية المستمرة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.

ويقيم  تقرير الهيئة الأممية تأثير العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة من خلال التركيز على أربعة عوامل رئيسية، وهي: الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي، والأفق الزمني للانتعاش، والتأثير المباشر على الأنشطة الاقتصادية بسبب الأضرار والآثار المتوسطة الأجل على الفقر وإنفاق الأسر المعيشية.

وأشار التقرير إلى أنه قبل اندلاع العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة، ظلت الكثير من الأضرار الناجمة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة دون معالجة. فقد كان سكان قطاع غزة محصورين في واحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية بالعالم، في ظروف الصراع المزمن، مع عدم كفاية الوصول إلى المياه النظيفة، ودون كهرباء لنصف اليوم، وبدون نظام صرف صحي مناسب. وكان ما يقرب من نصف القوى العاملة عاطلًا عن العمل، فيما يعيش ثلثا سكان القطاع في حالة من الفقر.

وأسفرت العملية الإسرائيلية الحالية في غزة عن عدد غير مسبوق من الضحايا، وتدمير للبنية التحتية المدنية، ونزوح جماعي لسكان القطاع من جزءه الشمالي إلى الجزء الجنوبي. وقد ضاعفت الكثافة السكانية العالية للغاية بمنطقة جغرافية محددة، في ظل ظروف نظام المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية التالفة على نطاق واسع، مما يهدد برفع مخاطر الصحة العامة إلى مستويات خطيرة.

أشارت "الأونكتاد"، بأنه في أحسن الأحوال، سيظل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة حتى عام 2035 لا يصل إلى مستوى عام 2006

وبحلول 28 كانون الأول/يناير 2024، أي بعد أكثر من ثلاثة أشهر من العملية العسكرية، بلغ عدد الضحايا المبلغ عنهم في غزة أكثر من 26 ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء. وأصيب ما لا يقل عن 65 ألف شخص، كما تم الإبلاغ عن فقدان العديد منهم من الأشخاص، ومن المحتمل أن يكونوا محاصرين أو لقوا حتفهم تحت الأنقاض.

وبفعل العملية العسكرية، أصبح ما يقدر بنحو 1.9 مليون شخص، وهو ما يقرب من 85 % من سكان غزة، نازحين داخليًا، بسبب أوامر إخلاء من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.

كما تم تسجيل ما يقرب من 1.72 مليون من هؤلاء النازحين داخليًا في مرافق مكتظة بشدة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، في حين لجأ الباقون إلى المدارس والمستشفيات وقاعات الأفراح والمكاتب والمراكز المجتمعية، وينصب بعضهم خيامًا في أماكن مفتوحة بالقرب من الملاجئ.

وتشير أحدث البيانات المتاحة إلى أنه خلال النصف الأول من عام 2023، تقلص الناتج المحلي الإجمالي في غزة بنسبة 4.5 %. وبحسب تقديرات عام 2023، فقد انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في القطاع  بنسبة 26.1% عن العام الماضي نتيجة الحرب.

وأشارت "الأونكتاد" بأنه، في أحسن الأحوال، سيظل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في غزة حتى عام 2035 لا يصل إلى مستوى عام 2006. أي قبل الحصار البري والبحري والجوي الذي فرضته "إسرائيل" عام 2007 على القطاع.

كما قدمت الوكالة الأممية أرقامًا مفزعة عن نسبة البطالة في القطاع، فبحلول نهاية الربع الثالث من عام 2023، بلغت نسبة البطالة في غزة 45.1 %. وقدرت منظمة العمل الدولية أن 61 % من العمالة فقدت مناصب العمل، أي ما يعادل 182 ألف وظيفة. وبحلول كانون الأول/ديسمبر 2023، وصلت نسبة البطالة إلى 79.3 %.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي الذي يعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة مع "الأونكتاد"، رامي العزة، لوكالة "رويترز" للأنباء: "سيستغرق الأمر حتى عام 2092، حتى تعود غزة إلى مستواها الاقتصادي في عام 2022، الذي لم يكن مكانًا جيدًا لحياة الناس إطلاقًا"، وأضاف: "بالنظر إلى مستوى الدمار وكثافة الأضرار التي نشهدها حاليًا في غزة، فإن الرقم المطلوب للإنعاش  الاقتصادي سيكون أضعاف الرقم المحدد بعد حرب عام 2014، والذي قدر بـ 3.9 مليار دولار".

وأشار العزة إلى أن اقتصاد غزة هو في حالة من الفوضى حتى قبل العدوان، بسبب الحصار الاقتصادي الذي تفرضه "إسرائيل.

 "لا أعتقد أن المجتمع الدولي أو الناس في غزة يمكنهم تحمل عقود من الكارثة الإنسانية"، كما أكّد العزة، مشددًا على أن غزة يجب أن تكون جزءًا من جدول أعمال التنمية، بدلًا من معاملتها كحالة إنسانية.