28-يوليو-2020

تستمر أزمة سد النهضة بعد سنوات من التفاوض (Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير

بعدما كانت بعض المؤشرات تدل على وجود تقارب في وجهات النظر حول الخلافات الفنية والقانونية التي تعيق مصر وإثيوبيا والسودان من التوصل لاتفاق يرضي جميع الأطراف بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي الكبير، عاد التوتر بين الأطراف الثلاثة للظهور مجددًا بعد توجيه الخرطوم والقاهرة انتقادات لأديس أبابا بسبب بدئها عملية تعبئة السد من جانب أحادي.

عاد التوتر في ملف سد النهضة للظهور مجددًا بعد توجيه الخرطوم والقاهرة انتقادات لأديس أبابا بسبب بدئها عملية تعبئة السد من جانب أحادي

حيث قالت وزارة الموارد المائية والري المصرية في بيان صادر عنها إن القاهرة والخرطوم أعربتا خلال الجولة الثانية من المفاوضات مع أديس أبابا برعاية الاتحاد الأفريقي عن "شواغلهما إزاء الملء الأحادى الذى قامت به إثيوبيا"، لافتًة إلى أن تصرف أديس أبابا الأحادي يثير الكثير من التساؤلات "حول جدوى المسار الحالي للمفاوضات والوصول الى اتفاق عادل للملء والتشغيل وهو ما سبق وحذرت منه الدول"، وأضاف البيان أن الأطراف الثلاثة اتفقوا على عقد جولة جديدة من المفاوضات في الثالث من الشهر القادم.

اقرأ/ي أيضًا: توقف مفاوضات سد النهضة.. طور جديد من الأزمة؟

وفيما لم يصدر أي تعليق رسمي عن أديس أبابا بشأن الجولة الثانية من المفاوضات، فإن الخرطوم سجلت تحفظها على إجراء أديس أبابا الأحادي بعد قيامها بتنفيذ المرحلة الأولى من تعبئة السد قبل التوصل لاتفاق ملزم بين الأطراف الثلاثة، وقالت وكالة الأنباء السودانية (سونا) إن وزير الري والموارد المائية ياسر عباس اعتبر أن التصرف الأحادي سابقة مضرة ومقلقة في مسار التعاون بين الدول المعنية، مشيرةً إلى أن عباس عدّد الآثار السلبية لهذا الإجراء الأحادي غير المقبول لبلاده.

وتتشارك القاهرة والخرطوم المخاوف من أن تؤدي عملية تعبئة السد إلى نقص في حصة كل منهما من مياه النيل الأزرق، لكن مخاوف القاهرة تبرز أكثر من جارتها الخرطوم، حيث تخشى أن تؤدي تعبئة السد إلى تناقص أكبر في مياه النيل الذي تحصل القاهرة من روافده على 90 بالمائة من مياهها العذبة، فيما تقول أديس أبابا إن الهدف من بناء السد الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار هو توليد الطاقة الكهربائية.

في السياق، كانت وكالة أسوشييتد برس الأمريكية قد أشارت في وقت سابق من الشهر الجاري إلى أن وكالة الفضاء الأوروبية التقطت صور تعبئة السد يوم التاسع من الشهر عينه، وأضافت نقلًا عن المحلل في مجموعة الأزمات الدولية ويليام دافيسون أن الترجيحات تدور في إطار أن تكون تعبئة الخزان ناجمة عن "التراكم الطبيعي للمياه خلف السد" خلال موسم الأمطار، مشيرًا لانتظار أديس أبابا فيضان موسم الأمطار على النيل لبدء تعبئة السد منتصف الشهر الجاري.

وخلال عقد من الزمن فشلت المفاوضات بالتوصل لاتفاق يرضي جميع الأطراف المعنية بأزمة السد، وكانت أحدث جولة من المفاوضات الثلاثية قد عقدت مطلع الشهر الجاري، قد فشلت بعد 11 يومًا من انعقادها، نهار الاثنين 13 تموز/يوليو، مصطدمة بالخلافات الأساسية بين الجانبين المصري والإثيوبي بشأن الأمور الفنية والقانونية لقواعد تعبئة السد، قبل أن يتوصلوا لاتفاق على عقد جولة جديدة من المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقيي، وحضور مندوبين عن واشنطن والاتحاد الأوروبي.

من جهة أخرى، نقلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية على لسان ستة مسؤولين ومساعدين في الكابيتول هيل لديهم اطلاع على أزمة السد، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "تدرس فرض العقوبات على خلفية موقف أديس أبابا اتجاه مشروع سد النهضة، والذي أدى إلى توتر شديد في علاقتها مع دولتي المصب السودان ومصر"، مضيفةً أن العديد من المسؤولين تحدثوا عن أن الإدارة الأمريكية يمكن أن تمضي قدمًا في خفض المساعدات لإثيوبيا إذا وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود آخر ولم يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق نهائي.

ويشير التقرير الذي نشر نهاية الأسبوع الماضي إلى أن بعض المسؤولين اعتبروا أن أزمة السد تساهم "بتغذية الانقسامات والارتباك داخل الحكومة الأمريكية، منذ أن طلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من نظيره الأمريكي دونالد ترامب المساعدة في التوسط في المفاوضات بشأن السد العام الماضي"، فيما أخبر مسؤول أمريكي مطلع فورين بوليسي بأن الإدارة الأمريكية "أدركت أنها يجب أن تقف إلى جانب مصر في هذا الصدد"، وتابع موضحًا "يبدو أنه لا يوجد أحد في البيت الأبيض ينظر إلى ذلك من خلال عدسة إفريقيا وتأثيره (سد النهضة) على إثيوبيا".

عملية تعبئة السد من الجانب الإثيوبي ستكون على خمس مراحل تستغرق عامين، تبدأ المرحلة الأولى منها الشهر الجاري

وكانت عديد التقارير قد أشارت إلى أن عملية تعبئة السد من الجانب الإثيوبي ستكون على خمس مراحل تستغرق عامين، تبدأ المرحلة الأولى منها الشهر الجاري، ليكون بذلك السد معبئًا بـ 595 مترًا، وتصبح حينها جميع توربينات الطاقة الكهرومائية في السد جاهزة للعمل، وترى القاهرة أن هذه العملية ستجعلها عرضةً لفقدان أكثر من مليون وظيفة مع 1.8 مليار دولار من الناتج الاقتصادي سنويًا، كما ستفقد كهرباء بقيمة 300 مليون دولار.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 أزمة سد النهضة.. دليلٌ على فشل الدبلوماسية المصرية