22-يوليو-2020

إعادة إحياء مفاوضات سد النهضة (أ.ب)

ألترا صوت – فريق التحرير

توّصل زعماء مصر وإثيوبيا والسودان المعنية بأزمة سد النهضة الإثيوبي الكبير إلى اتفاق على استئناف المحادثات التي توقفت في وقت سابق من الشهر الجاري، بعد فشل الأطراف الثلاثة بالاتفاق على صيغة واضحة بشأن الخلافات على الشؤون الفنية والقانونية، وإظهار صور الأقمار الاصطناعية بدء أديس أبابا المراحل الأولى من تعبئة السد رغم اعتراض الجانب المصري، الأمر الذي اضطره للتهديد بالانسحاب من المفاوضات.

توّصل زعماء مصر وإثيوبيا والسودان المعنية بأزمة سد النهضة الإثيوبي الكبير إلى اتفاق على استئناف المحادثات التي توقفت في وقت سابق 

فيما قال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إن الدول الثلاثة توصلوا خلال "الاجتماع الاستثنائي" الذي عقد عبر تقنية الفيديو إلى "تفاهم مشترك كبير يمهد الطريق أمام اتفاق انفراجة"، وتابع البيان مشددًا على حاجة أديس أبابا  لسد النهضة من أجل توليد الكهرباء، وأنها أنجزت فعليًا العام الأول من تعبئة السد بفضل موسم الأمطار في منطقة النيل الأزرق.

اقرأ/ي أيضًا: توقف مفاوضات سد النهضة.. طور جديد من الأزمة؟

وكانت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية قد أشارت الأسبوع الماضي إلى أن وكالة الفضاء الأوروبية التقطت صور تعبئة السد يوم التاسع من الشهر الجاري، وأضافت نقلًا عن المحلل في مجموعة الأزمات الدولية ويليام دافيسون أن الترجيحات تدور في إطار أن تكون تعبئة الخزان ناجمة عن "التراكم الطبيعي للمياه خلف السد" خلال موسم الأمطار، مشيرًا لانتظار أديس أبابا فيضان موسم الأمطار على النيل لبدء تعبئة السد منتصف الشهر الجاري

وأشار البيان الذي صدر بعد القمة المصغرة التي ترأسها رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا إلى أن المياه بدأت بالفيضان فعليًا عن السد الذي لا يزال تحت الإنشاء، وشدد على أن أديس بابا ملتزمة بمفاوضات تفضي نتائجها في النهاية إلى توازن يمنح مكاسب لجميع الأطراف المعنية بأزمة السد، فضلًا عن تأكيد البيان أن يعود نهر النيل بالنفع على الدول المعنية بالسد، فيما اقتصر تعليق رامابوسا على نتائج القمة المصغرة بالقول: "لا تزال المفاوضات الثلاثية على المسار الصحيح".

في حين قال بيان صادر عن الرئاسة المصرية إنه تم التوافق في ختام الاجتماع الثلاثي على "مواصلة المفاوضات والتركيز في الوقت الراهن على منح الأولوية لبلورة اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة"، بينما غرد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك عبر حسابه الرسمي على تويتر بالقول: "كان اليوم (الثلاثاء) لقاء مثمر في القمة الأفريقية المصغرة حول سد النهضة وانتهينا بالتفاهم لمواصلة التفاوض للوصول لاتفاق لملء وتشغيل السد".

وفشلت الدول الثلاث بالتوصل لاتفاق واضح يرضي جميع الأطراف المعنية بأزمة السد خلال المفاوضات التي أعيد إحياؤها مطلع الشهر الجاري، قبل أن تصطدم بعد 11 يومًا من انعقادها، نهار الاثنين 13 تموز/يوليو، بالخلافات الأساسية بين الجانبين المصري والإثيوبي بشأن الأمور الفنية والقانونية لقواعد تعبئة السد، وقالت تقارير صحفية إن الأطراف المجتمعة اتفقت على نقطتين قانونيتين مرتبطتين بمدى إلزامية الاتفاقية، والآلية التي سيتم الاتفاق عليها لفض النزاعات، فيما بقي الخلاف قائمًا على باقي النقاط.

تسود مخاوف لدى مصر والسودان من أن تؤدي عملية تعبئة السد إلى نقص في حصة كل منهما من مياه النيل الأزرق، لكن مخاوف القاهرة تبرز أكثر من جارتها الخرطوم، حيث تخشى أن تؤدي تعبئة السد إلى تناقص أكبر في مياه النيل الذي تحصل القاهرة من روافده على 90 بالمائة من مياهها العذبة، فيما تقول أديس أبابا إن الهدف من بناء السد هو توليد الطاقة الكهربائية.

يظهر موقف الخرطوم في وضعية أفضل من جارتها القاهرة فيما يتعلق بأزمة السد، بالنظر لما نقل على لسان وزير الطاقة والتعدين المكلف في الحكومة السودانية خيري عبد الرحمن عن وجود اتفاقيتين وقعتهما الحكومة السودانية مع نظيرتها الإثيوبية، وبينما تنص الاتفاقية الأولى على توفير أديس أبابا ثلاثة آلاف ميغاواط من الكهرباء للسودان، فإن الاتفاقية الثانية إقليمية تخص خمس دول تحصل بموجبها الخرطوم على ألف ميغاواط بأقل كلفة.

يقع سد النهضة المتوقع الانتهاء من بنائه خلال الأسابيع القادمة على النيل الأزرق من الجانب الأثيوبي قرب الحدود مع السودان، وتقول مصر إن السد يعتبر تهديدًا وجوديًا محتملًا، وتشدد على الوصول إلى صيغة نهائية لاتفاق مع أديس أبابا يضمن لها الحد الأدنى من تدفق مياه النيل قبل أن يبدأ تشغيل السد، في الوقت الذي تؤكد أديس أبابا على أحقيتها باستخدام مياه النيل من أجل تنمية اقتصادها.

اقرأ/ي أيضًا: أزمة سد النهضة.. دليلٌ على فشل الدبلوماسية المصرية

وأعلنت أديس أبابا شروعها ببناء سد النهضة بكلفة أربعة مليارات دولار في عام 2011، وتشير تقارير صحفية إلى أن السد صمم ليكون حجر الزاوية في مساعي إثيوبيا لتصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا من خلال توليد أكثر من 6000 ميغاواط، وقالت وزارة المياه والطاقة الإثيوبية في وقت سابق إن السد بعدما تأخر بناؤه سيبدأ الإنتاج بحلول نهاية عام 2020، على أن يبدأ تشغيله كاملًا في عام 2022.

تسود مخاوف لدى مصر والسودان من أن تؤدي عملية تعبئة السد إلى نقص في حصة كل منهما من مياه النيل الأزرق

وكانت عديد التقارير قد أشارت إلى أن عملية تعبئة السد من الجانب الإثيوبي ستكون على خمس مراحل تستغرق عامين، تبدأ المرحلة الأولى منها الشهر الجاري، ليكون بذلك السد معبئًا بـ 595 مترًا، وتصبح حينها جميع توربينات الطاقة الكهرومائية في السد جاهزة للعمل، وترى القاهرة أن هذه العملية ستجعلها عرضةً لفقدان أكثر من مليون وظيفة مع 1.8 مليار دولار من الناتج الاقتصادي سنويًا، كما ستفقد كهرباء بقيمة 300 مليون دولار.