19-يونيو-2020

خلافات بني القاهرة وأديس أبابا في ملف سد النهضة (رويترز)

ألترا صوت – فريق التحرير

بعد أقل من عشرة أيام على عودة المفاوضات المشتركة بين السودان ومصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة، أعلنت الدول المعنية بالاجتماع توقفها مجددًا بسبب خلافات على الأمور الفنية بين أديس أبابا من طرف، والقاهرة من طرف آخر، قبل أسابيع من بدء أديس أبابا تشغيل السد، في الوقت الذي تقدمت فيه الخرطوم بمقترح يفضي بإحالة الخلاف إلى رؤساء وزراء الدول الثلاث لإيجاد حلول لأبرز النقاط الخلافية بينهم.

تقول مصر، التي تحصل على 90 % من المياه العذبة من نهر النيل، إن سد النهضة يعتبر تهديدًا وجوديًا محتملًا

وكانت المفاوضات اليومية التي تتابعها واشنطن والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا كمراقبين قد عادت للانعقاد يوميًا بحضور وزراء المياه والري والفرق الفنية في التاسع من الشهر الجاري، بعدما توقفت نهائيًا في شباط/فبراير الماضي، غير أن المجتمعين في مفاوضاتهم الأخيرة فشلوا بالتوصل لاتفاق واضح بشأن آلية تشغيل السد قبل أقل من شهر على موعد تشغيله في مرحلته الأولى.

اقرأ/ي أيضًا: أزمة سد النهضة.. دليلٌ على فشل الدبلوماسية المصرية

وقال وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، إن وفد السودان "طلب إحالة الملفات الخلافية لرؤساء الوزراء في الدول الثلاثة للوصول لتوافق سياسي بشأنها بما يوفر الإرادة السياسية التي تسمح باستئناف المفاوضات في أسرع وقت"، غير أن القاهرة أوضحت أن المفاوضات لم تحقق أي تقدم يذكر، مضيفةً أن أديس أبابا رفضت مقترح الخرطوم.

لكن وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبية على عكس تصريحات وفدي القاهرة والخرطوم قالت إن المفاوضات انتهت باتفاق على مواصلة المفاوضات بعد أن تشاور وفد السودان مع رئيس وزراء بلاده، وشددت في بيانها على أن "أبرز القضايا الفنية يتم حلها من خلال المفاوضات.. ومع ذلك فإن الانتهاء الكامل للمفاوضات سيتطلب حل القضايا القانونية".

يقع سد النهضة المتوقع الانتهاء من بنائه خلال الأسابيع القادمة على النيل الأزرق من الجانب الأثيوبي قرب الحدود مع السودان، وتقول مصر التي تحصل على 90 % من المياه العذبة من نهر النيل إن السد يعتبر تهديدًا وجوديًا محتملًا، وتشدد على الوصول إلى صيغة نهائية لاتفاق مع أديس أبابا يضمن لها الحد الأدني من تدفق مياه النيل قبل أن يبدأ تشغيل السد، في الوقت الذي تؤكد أديس أبابا على أحقيتها باستخدام مياه النيل من أجل تنمية اقتصادها.

فيما أعلنت أديس أبابا شروعها ببناء سد النهضة الإثيوبي الكبير بكلفة أربعة مليارات دولار في عام 2011، وتشير تقارير صحفية إلى أن السد صمم ليكون حجر الزاوية في مساعي إثيوبيا لتصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا من خلال توليد أكثر من 6000 ميغا واط، وقالت وزارة المياه والطاقة الإثيوبية في وقت سابق إن السد بعدما تأخر بناؤه سيبدأ الإنتاج بحلول نهاية عام 2020، على أن يبدأ تشغيله كاملًا في عام 2022.

بينما تشير تقارير صحفية إلى أن الخلافات الأساسية بين الجانبين المصري والإثيوبي تتمحور حول نسبة التدفق السنوي للمياه التي ينبغي أن تحصل عليها مصر، وكيفية إدارة عمليات التدفق أثناء فترات الجفاف، حيثُ تسود لدى القاهرة مخاوف من تزامن المرحلة الأولى من تشغيل السد مع فترة جفاف شديد في النيل الأزرق من الجانب الإثيوبي، على غرار ما حدث في 1979 و1980، مشددةً على تمديد فترة العامين للحفاظ على منسوب المياه في السد العالي بأسوان من التراجع إلى أقل من 165 مترًا.

في الوقت الذي حذر  فيه تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية هذا العام من أن دول مصر وإثيوبيا والسودان يمكن أن تدخل في أزمة دبلوماسية إذا لم تبرم صفقة قبل تشغيل السد، وتقدمت القاهرة بورقة تقترح على أديس أبابا والخرطوم حضور اجتماع لوزراء الخارجية والمياه نهاية تموز/يوليو من العام 2019، غير أن المقترح وفقًا لمذكرة صادرة عن الحكومة المصرية بتاريخ 12 آب/أغسطس من العام عينه قوبل برفض إثيوبي، واقترحت بدلًا من ذلك عقد اجتماع لوزراء المياه لمناقشة وثيقة تضمنت مقترحًا لها من عام 2018.

كما تشير التقارير إلى أن عملية تعبئة السد من الجانب الإثيوبي ستكون على خمس مراحل تستغرق عامين، تبدأ المرحلة الأولى منها الشهر القادم، ليكون بذلك السد معبئًا بـ 595 مترًا، وتصبح حينها جميع توربينات الطاقة الكهرومائية في السد جاهزة للعمل، فإن القاهرة ترى أن هذه العملية ستجعلها عرضةً لفقدان أكثر من مليون وظيفة مع 1.8 مليار دولار من الناتج الاقتصادي سنويًا، كما ستفقد كهرباء بقيمة 300 مليون دولار.

اقرأ/ي أيضًا: ارتفاع جديد لأسعار المياه وحلول الحكومة المصرية: "معلش"

 وطالب المقترح المصري تدفق ما لا يقل عن 40 مليار متر مكعب من مياه السد سنويًا بعد بدء المرحلة الأولى من تعبئة السد، بينما تقترح أديس أبابا تدفق 35 مليار متر مكعب، وقالت المذكرة المصرية إن أديس أبابا وصفت المقترح المصري بأنه "يضع عملية تعبئة السد في وضع مستحيل"، مشيرةً إلى أن "المقترح الإثيوبي ينحاز بقوة لإثيوبيا ومجحف بشدة" بمصالح الدول التي يصب فيها نهر النيل.

 حذر تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية هذا العام من أن دول مصر وإثيوبيا والسودان يمكن أن تدخل في أزمة دبلوماسية إذا لم تبرم صفقة قبل تشغيل السد

وكانت مصادر مصرية قد رجحت أن يتطلب حل النقاط الخلافية بشأن سد النهضة تدخل رؤساء الحكومات الثلاث أولًا، وتأجيل حسم بعض القضايا إلى ما بعد التعبئة الأولى للسد ثانيًا، مشيرةً إلى أن المفاوضات التي كان ينتظر منها حسم الأمور الفنية العالقة لم يحسم منها إلا القليل "مع عدم تحقق توافق كامل بين مصر وإثيوبيا على المسودة التوافقية التي أعدها السودان".

 

اقرأ/ي أيضًا:

أزمة جيوسياسية كبيرة حول السيطرة على النهر العظيم

مصر.. إنها حرب المياه