21-يوليو-2022
Kais Saied

أفردت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقال الرأي لهيئة تحريرها للحديث عن المخاطر الكبرى التي تواجه التجربة الديمقراطية التونسية.

الواشنطن بوست: استخدم سعيّد سلطته الشعبوية في تقويض المؤسسات السياسية المنتخبة

بدأ المقال بالحديث عن رحلة الرئيس الأمريكي جو بايدن للشرق الأوسط، والتي هيمنت على الأخبار واستحوذت على الاهتمام الدبلوماسي، وتقول الصحيفة أن هذا الانشغال الإعلامي بالجولة كان لا مفرّ منه، لكنه صرف الانتباه عن أخبار مهمة أخرى، كالتهديد الذي يلاحق الديمقراطية في تونس، وينذر بالقضاء عليها في مهدها. 

وجاء في افتتاحية "الواشنطن بوست" أنه وعلى "الرغم من انتخاب الرئيس قيس سعيّد بشكل شرعي في عام 2019 ، إلا أنّه قد استخدم سلطته في تقويض المؤسسات السياسية التي كانت واعدة في البلاد، والتي تأسست في أعقاب ثورة 2011 ضد الدكتاتورية".

فقد أشعلت الثورة التونسية شرارة الربيع العربي الذي انتهى إلى مآلات مأساوية بسبب موجة الثورات المضادة والقمع العنيف، في مختلف أنحاء المنطقة العربية. 

وفي تونس، يخطط قيس سعيّد لوضع دستور جديد، يسعى إلى فرضه عبر الاستفتاء المقرر في 25 تموز/يوليو القادم، وهو ما من شأنه أن يعمق حالة الاستعصاء السياسي في البلاد، وينقلها إلى مرحلة من حكم "الرجل الواحد"، بحسب تحذير الصحيفة. 

ويصادف تاريخ الاستفتاء على الدستور الجديد الذكرى الأولى لإجراءات قيس سعيّد الاستثنائية والتي تم بموجبها إقالة رئيس الوزراء وتعليق عمل البرلمان. كما تشير الافتتاحية إلى أن السلطات قد لجأت إلى هذا الخيار للتعامل مع الأزمة السياسية والاقتصادية التي لا يمكن إنكارها في تونس، فمنعت قوات الجيش المشرعين من دخول البرلمان وهو بحسب "الواشنطن بوست" إشارة إلى أن الرئيس التونسي يحظى بتأييد العسكر.

على أرض الواقع، وبالنظر إلى الإحباط الحاصل جراء الفساد وتردّي المشهد السياسي وتفاقم الأزمة الاقتصادية، تفاءل تونسيون بخطوات سعيّد، ورأوا فيها مخرجًا محتملًا ما، إلا أن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية لم تفتأ تتزايد وتتعمّق. 

أمام كل ذلك، لجأ الرئيس التونسي إلى الحكم بمراسيم مثيرة للجدل، بالتزامن مع قمع أولئك الذين يعارضونه ويقاومون استفراده بالسلطة، بما في ذلك البرلمان المنتخب الذي قام بحله في 30 آذار/مارس انتقامًا لمحاولته إعادة التأكيد على صلاحياته الدستورية.

مقال الصحيفة الأمريكية يذهب إلى التأكيد أن قيس سعيّد استفرد في  صياغة الدستور الجديد المقترح، والذي خلص من صياغته في 8 تموز/يوليو الماضي، وهو دستور يمكّن الرئيس من تعيين وإقالة رئيس الوزراء دون تدخل من البرلمان، ليبقى السبيل الوحيد أمام المجلس ضد حكومة الرئيس المختارة هو اقتراح حجب الثقة، إلا أن ذلك يتطلب أغلبية الثلثين من أجل وقوعه.

كما ويمكن للرئيس حل البرلمان، إلا أنه نفسه يظل محصنًا من العزل، فرئيس الجمهورية في مشروع الدستور الجديد ينتخب مباشرة من الشعب، ولا تتوفر أية آلية لمساءلته أو سحب الثقة منه خلال فترة ولايته، وهو الذي يعين ويقيل الحكومة دون عودة لمجلس نواب الشعب.

يصف مقال الواشنطن بوست قيس سعيّد بالشعبوي الذي تم انتخابه بأكثر من 70% من الأصوات في عام 2019، حيث يقوم اليوم بحملته الانتخابية للترويج للدستور الجديد بالاعتماد على شعبيته المتبقية المقرونة باللامبالاة من قبل الناخبين والافتقار التام للمعلومات، وفي أجواء من التضليل والتهديد والإقصاء، وذلك للفوز بهذا الاستفتاء الذي تم الترتيب له على عجل.

كما تتوقف افتتاحية "لواشنطن بوست أمام رد الفعل السلبي من حلفاء تونس في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الذين أصدروا العديد من التحذيرات اللفظية، كان أحدثها بيان للاتحاد الأوروبي الذي وإن جاء فاترًا بشكل خاص، إلا إنه يعبر عن المخاوف بشأن الدستور الجديد. 

الواشنطن بوست: الديمقراطية التونسية هي الخاسرة في ظل الدستور الجديد

يختتم مقال الصحيفة الأمريكية بالقول إنه ما يزال هنالك فرصة للضغط على قيس سعيد من البيت الأبيض في حال توافرت الرغبة الحقيقية في الدفاع عن الديمقراطية فيها، وذلك عبر التهديد باستخدام ورقة المساعدات الاقتصادية، خاصة في ظل احتياج تونس إلى خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي. وبخلاف ذلك، فإن الحالة الديمقراطية العربية ستكون هي الخاسر الأكبر.