10-أبريل-2020

سعى ابن زايد لتقويض اتفاق إدلب (رويترز)

كشف تقرير عن دور حاولت الإمارات العربية المتحدة لعبه، لتعطيل وقف إطلاق النار بين القوات الروسية والنظام السوري والميليشيات التابعة له من جهة، وفصائل المعارضة المدعومة من تركيا في إدلب، في شمال غرب سوريا.

حاول ولي عهد أبوظبي، وصاحب السلطة الفعلية في البلاد، محمد ابن زايد، منع تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الدي سبق وأن وقعه الرئيسان الروسي فلاديمر بوتين والتركي رجيب طيب أردوغان

وحسب ما بين استقصاء نشره موقع "ميديل إيست" آي البريطاني، حاول ولي عهد أبوظبي، وصاحب السلطة الفعلية في البلاد، محمد ابن زايد، منع تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي سبق وأن وقعه الرئيسان الروسي فلاديمر بوتين والتركي رجيب طيب أردوغان.

اقرأ/ي أيضًا: تطبيع نظام الأسد.. التقاء "عربي" إسرائيلي

حيث تواصل ولي عهد أبوظبي مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، لتشجيعه على إعادة الهجوم على المدينة المكتظة بالنازحين، والتي تُعد آخر معاقل المعارضة السورية، ومكان تهدد ظروفه في حال عودة هجمات روسيا والنظام، بكارثة إنسانية.

وحسب ما جاء في كشف الموقع البريطاني، فإن السلطات الإماراتية، أرسلت قبل أيام من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في الكرملين في الخامس من الشهر الماضي، وفدًا من مسؤولين إماراتيين للتفاوض على صفقة مع الأسد في دمشق لإعادة الهجوم على المحافظة في شمال البلاد. وقد تم التفاوض على الصفقة بسرية تامة، وسط قلق أبوظبي من معرفة الأمريكيين بأي تفاصيل.

وحسب التفاصيل التي نشرها التقرير، فقد تم الاتفاق على دفع الإمارات مئات الملايين للأسد بعد توقف الدعم الإيراني للنظام. لكن وبعد أن كان الأسد قد بدأ بالفعل في إعادة بناء قواته لشن الهجوم على المواقع التركية في إدلب، عرفت موسكو بشأن الاتفاقية التي أثارت الغضب على ما يبدو في أوساط الكرملين، ما دفع بوتين لإرسال وزير دفاعه، سيرجي شويغو، في زيارة غير مخطط لها إلى دمشق لوقف الهجوم الوشيك. وكانت الرسالة التي حملها شويغو للأسد واضحة، كما يبين "ميديل إيست آي": "لا نريدك أن تعيد الهجوم".

في المقابل، فإن مسؤولًا تركيًا رفيع المستوى، قال للموقع إن الإمارات قدمت بالفعل مثل هذا العرض. مضيفًا أن "كل ما يمكنني قوله هو أن محتوى التقرير صحيح".

مع القلق من انتشار الأنباء عن الخطة السرية، ووصولها إلى واشنطن بشكل خاص، بالتزامن مع تسرب تفاصيل عن اتصال بين ولي عهد أبوظبي، وبشار الأسد، فإن وكالة الأنباء الإماراتية نشرت خبرًا عن اتصال بين الأسد وابن زايد، كما أن الأخير نشر تغريدة عبر حسابه في تويتر، يتحدث فيها عن "دعم دولة الإمارات ومساعدتها للشعب السوري الشقيق (..) التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار". وهو ما لم يكن سوى محاولة على ما يبدو، للتغطية على السبب الحقيقي للتواصل المستمر من فترة.

وحتى بعد علم موسكو، استمرت الإمارات في محاولة تحريض الأسد على بدء هجوم جديد، بهدف إقحام أنقرة في حرب محتملة في شمال سوريا، وتشتيت القوات التركية عن طرابلس، ضمن خطة لدعم قوات حفتر، التي تمثل المصالح الإماراتية في الساحة الليبية.

تأتي تلك التطورات بعد عدة خطوات قامت بها أبوظبي لتطبيع العلاقات مع النظام المستبد في دمشق، وإعادة العلاقات الدبلوماسية معه، عطفًا على المحاولات المستمرة لإعادة فرضه على الجامعة العربية، والترويج له دوليًا. بالإضافة إلى الضغط على دول مثل البحرين لإعادة إرسال بعثاتها الدبلوماسية إلى دمشق، وسابقًا دفع الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير إلى اللقاء بالأسد، قبل فترة قصيرة من الإطاحة به.

ويبقى مصير عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية مثار تساؤلات، خاصة مع دفع بعض الدول نحو تلك الخطوة، من بينها الإمارات نفسها والبحرين وتونس والجزائر، بالإضافة إلى الأنظمة العربية المتحالفة مع الأسد أصلًا.

وكانت الجامعة العربية قد علقت عضوية النظام في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2011، مع البطش المتزايد في البلاد بالمدنيين، ما راح بسببه مئات آلاف الضحايا حتى اليوم.

لكن وفي كانون الأول/ديسمبر 2018، أعادت أبوظبي فتح سفارتها في العاصمة السورية، بعد إغلاق دام 7 سنوات، في خطوة اخترقت الإجماع العربي المفترض، وجاءت بعد تطبيع اقتصادي بوصول قافلة تجارية إماراتية إلى الأراضي السورية ومن ثم اللبنانية، دخلت من معبر نصيب - جابر الحدودي بين سوريا والأردن.

ومن بداية الثورة السورية، كان هناك العديد من المواقف التي أظهرت أن الإمارات تخفي تأييدًا لبشار الأسد، وهو ما شعر به الدبلوماسيون السعوديون في الإمارات وأرسلوا برقية تم تسريبها عبر ويكليكس، كانت صادرة في شباط/فبراير 2012، تحذر من انشقاق الإمارات عن الإجماع الخليجي. وورد فيها أن "السفير السوري بالإمارات لم يُبلغ بالمغادرة، على عكس الموقف الخليجي"، كما أشارت البرقية إلى رفض الإمارات فرض أية عقوبات اقتصادية على النظام السوري.

اقرأ/ي أيضًا:  كيف شغلت الإمارات دحلان لتوظيف مليشيات مرتزقة أمريكية وإسرائيلية في اليمن؟

كما شنت أبوظبي سابقًا حملة اعتقالات استهدفت مواطنين بتهمة تأييد الثورة السورية، وقامت بطرد عدد آخر من السوريين، في عملية وصفها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في تشرين/أكتوبر 2017، بأنها تهجير قسري حدث لنحو 50 عائلة سورية أصول أغلبهم من محافظة درعا. ولا يُنسى في سياق العلاقات الإماراتية مع الأسد، أنها عملت على تأمين ملجأ آمن لشقيقة الأسد ولوالدته حتى وفاتها عام 2016، على الأراضي الإماراتية، بالإضافة إلى العديد من رجال الأعمال السوريين المؤيدين لبشار الأسد، ممن يعملون بكل حرية داخل الإمارات.
حتى بعد علم موسكو، استمرت الإمارات في محاولة تحريض الأسد على بدء هجوم جديد، بهدف إقحام أنقرة في حرب محتملة في شمال سوريا، وتشتيت القوات التركية عن طرابلس

وتشير بعض التقارير إلى أن العلاقة مع رجال الأعمال السوريين المؤيدين للأسد، ارتبطت بعمليات غسيل أموال كبرى تجري، عبر شركات تدار لصالحهم مقرها دبي، إضافة لشركات أخرى تبيع النفط والسلع لسورية تدار من الإمارات ولبنان.