29-نوفمبر-2019

استمر الآلاف بالتظاهر في ساحات لبنان (Getty)

نفّذ أصحاب محطات البنزين وملّاك مكاتب الصرافة، اليوم الجمعة، وعدهم بالإضراب العام احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعاني منها لبنان، وهو الإضراب الذي أدخل الدولة في حالة شلل مؤقت بالتزامن قطع الطرقات اعتراضًا على عدم وجود وقود، وهو ما أدى بدوره إلى انفجار بعض الاشتباكات والمناوشات.

نظم المئات من المتظاهرين اليوم مسيرات انطلقت من عدة أماكن متجهة نحو مصرف لبنان المركزي مُطالبين بتحمل الدولة مسؤوليتها عن الوضع الاقتصادي المتأزم

كانت نقابة أصحاب محطات الوقود قد أعلنت الإضراب المفتوح بدءًا من أمس الخميس في جميع نواحي لبنان اعتراضًا على ما وصفوه بالخسائر الفادحة التي تحملوها والناجمة عن ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة اللبنانية في السوق السوداء، مع توقف البنوك عن صرف الدولار مما أدى إلى ارتفاع أسعار استيراد الوقود، مُطالبين الدولة بتوفير الوقود بالليرة اللبنانية والتوقف عن التعامل بالدولار الأمريكي.

اقرأ/ي أيضًا: "زعران" أمل وحزب الله يحولون بيروت إلى ساحة حرب

وقد أدى إغلاق محطات البنزين إلى تكدس المواطنين أمام المحطات وقطع الطرقات في المناطق المتواجدة فيها، حيث شهدت مناطق الكولا ووطى المصيطبة ووسط بيروت والحازمية في بيروت بالإضافة إلى مناطق أخرى في بعلبك وطرابلس وصيدا تجمهرًا كبيرًا من المواطنين وإغلاق الطريق مُطالبين بتوفير الوقود مما أدى إلى عدة اشتباكات، أدى أحدها إلى دهس مواطن من قبل إحدى السيارات في بيروت، وقد سيّر الجيش عدة دوريات بهدف فتح الطريق ودوريات أخرى أمام محطات البنزين لمنع الاشتباكات، فيما توقفت سيارات بعض المواطنين على الطرق الرئيسية بفعل نفاد الوقود من سياراتهم.

وفي تصريحات تلفزيونية ظهر اليوم الجمعة، قال سامي البراكس، نقيب أصحاب محطات الوقود، إن رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، كان قد أصدر توجيهات للشركات المستوردة للوقود خلال اجتماعه الأخير بهم تُفيد بوجوب بيع الوقود إلى محطات البنزين بالليرة اللبنانية، بينما تراجعت هذه الشركات وفق كلام البراكس وقاموا باشتراط أن تدفع المحطات 15 بالمائة من المبالغ بالدولار الأمريكي، مُضيفًا "نحن نبيع الوقود للمواطن بالليرة ونريد أن نشتريه بالليرة نحن أيضًا".

إضرابٌ آخر نفذته اليوم مكاتب الصرافة في لبنان وهو الإضراب التحذيري الذي دعت إليه نقابة الصرّافين أمس ليوم واحد اعتراضًا على الاتهامات الموجهة إليهم بالتسبب في رفع سعر صرف الدولار والتلاعب بأسعار العملة، قائلين في بيان لهم بأن السبب وراء ذلك هو سوء وتردي الأوضاع المالية والاقتصادية، وأن قيمة العملة تتأثر بالأزمة مثل غيرها من القطاعات الاقتصادية.

 وقد انخفض سعر صرف الدولار الأمريكي اليوم في السوق السوداء ليتراوح بين 2050 إلى 2100 ليرة للدولار الأمريكي الواحد بعد أن وصل سعره أمس إلى 2300 ليرة للدولار الواحد، وهو ما عزاه البعض إلى ضخ حزب الله رواتب للأسر التابعة له بالدولار الأمريكي فيما قال آخرون بأنه بفعل ضخ الدولة لكمية كبيرة من الدولار.

وتزامنًا مع تلك الأوضاع الاقتصادية المتردية عقد رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، اجتماعًا اقتصاديًا بالقصر الجمهوري في بعبدا ضم الوزراء علي حسن خليل، وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، وسليم جريصاتي، وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية، ومنصور بطيش، وزير الاقتصاد والتجارة، وعادل أفيوني، وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والاستثمار، وكذلك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير والمستشار الاقتصادي لرئيس حكومة تصريف الأعمال، للتشاور بشأن الأزمة الاقتصادية الحالية.

اقرأ/ي أيضًا: احتجاجات لبنان والوعي المتجاوز لخطاب مجموعة الحكم

وعقب انتهاء الاجتماع تلا رئيس جمعية المصارف بيانًا قال فيه إن رئيس الجمهورية قد قام بعرض عدة اقتراحات للخروج من الأزمة، وبعد تداولها بين الحاضرين تم تكليف حكام مصرف لبنان المركزي باتخاذ التدابير اللازمة بالتنسيق مع جمعية المصارف ورفع الاقتراحات التي تحتاج إلى نصوص قانونية في سبيل المحافظة على الاستقرار والثقة بالقطاع المصرفي والنقدي، مُشيرًا إلى سداد لبنان قسطًا من الديون أمس الخميس في موعده المُستحق ولكن دون الإشارة إلى الإجراءات التي تم الاتفاق عليها في الاجتماع.

 انخفض سعر صرف الدولار الأمريكي اليوم في السوق السوداء ليتراوح بين 2050 إلى 2100 ليرة للدولار الأمريكي الواحد بعد أن وصل سعره أمس إلى 2300 ليرة للدولار الواحد

وقد نظم المئات من المتظاهرين اليوم مسيرات انطلقت من عدة أماكن متجهة نحو مصرف لبنان المركزي مُطالبين بتحمل الدولة مسؤوليتها عن الوضع الاقتصادي المتأزم، حاملين لافتات ومرددين شعارات مناهضة لحاكم مصرف لبنان. وقد وقعت مشادة وتلاسن كلامي تطور إلى الاشتباك بالأيدي بين إحدى المتظاهرات وأحد أفراد الجيش قامت دورية الجيش الحاضرة أمام المصرف على إثره باعتقال المتظاهرة دون توضيح لاحق، فيما استمر الآلاف بالتظاهر في الساحات في بيروت وطرابلس وصيدا وبعلبك والنبطية استكمالًا للانتفاضة التي اندلعت في 17 من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي مُطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.