29-نوفمبر-2019

من تظاهرة أمام فرع المصرف المركزي في صيدا (أ.ف.ب)

ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة اللبنانية في السوق السوداء، لأرقام غير مسبوقة، مع إجراءات بنكية مُشددة فيما يتعلق بالسحوبات المالية من الحسابات الشخصية، وذلك بالتزامن مع سداد سندات دولية مستحقة على لبنان، في وقت يدخل فيه مصير تشكيل الحكومة الجديدة إلى نفق مظلم.

ارتفع سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية في السوق السوداء وصولًا لأكثر من 2300 ليرة في حين يبلغ سعره الرسمي 1515 ليرة

الدولار إلى 2300 ليرة

وقال ثلاثة متعاملين مع مكاتب وشركات الصرافة اللبنانية، إن سعر الدولار وصل إلى 2300 ليرة لبنانية، في حين يبلغ سعره الرسمي حوالي 1515 ليرة مقابل الدولار الأمريكي.

اقرأ/ي أيضًا: "يسقط حكم المصرف".. عقدة رياض سلامة في منشار الاقتصاد اللبناني 

عزا البعض ذلك التدهور إلى نقص السيولة الدولارية في السوق والبنوك، نتيجة الأزمة السياسية المستمرة منذ اندلاع الانتفاضة الجارية في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، واستقالة حكومة سعد الحريري وضبابية المشهد وخيارات الخروج من المأزق الحالي.

الليرة اللبنانية
وصل سعر الدولار الواحد لـ2300 ليرة لبنانية في السوق السوداء

كما أشارت بعض المصادر إلى أن أحد الأسباب الرئيسية لنقص الدولار من السوق خلال الأيام الماضية، هو سداد الدولة لسندات دولية مُستحقة، يوم أمس الخميس 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، بلغت قيمتها 1.5 مليار دولار، بالاستناد إلى تصريحات سابقة لحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، قال فيها إن مصرف لبنان المركزي مُستعد لسداد استحقاقات الدين العام عند حلولها، وأنه –أي مصرف لبنان المركزي –قد وضع خططًا لضمان سداد تلك القروض لحماية الاستقرار المالي للدولة.

خفض الحد الأقصى للسحب

هذا وقد أفاد معهد التمويل الدولي في تقريره عن الأزمة الاقتصادية في لبنان، بأن حوالي 10 مليارات دولار قد تم سحبها من الإيداعات الدولارية في البنوك اللبنانية، نصفها قد تم تهريبه إلى خارج البلاد، في الوقت الذي خفضت فيه بعض البنوك الحد الأقصى الأسبوعي للسحب ليبلغ 500 دولار فقط، مثل بنكي بلوم وبيروت، بينما وصلت في بنك عودة إلى 300 دولار فقط. 

هذا وقد أشارت شركة رفينيتيف المالية البريطانية، إلى أن بيروت قد أصدرت سندات جديدة بقيمة ثلاث مليارات دولار، نصفها لأجل 10 سنوات، والنصف الآخر لأجل 16 عامًا، في حين يعاني لبنان أعباء دين عام تُعتبر من الأكبر في العالم، حيث يبلغ الدين أكثر من 86 مليار دولار وهو ما يمثل حوالي 152% من الناتج المحلي الإجمالي.

تعقد المشهد اللبناني

ويشهد القطاع المالي والمصرفي في لبنان أزمة تزداد يومًا بعد يوم، في ظل تعقد المشهد السياسي، وفشل السُلطة حتى الآن في تسمية رئيس جديد للحكومة، بعد إعلان سعد الحريري، رئيس حكومة تصريف الأعمال، رفضه تولي الحكومة الجديدة ورفضه أيضًا دعم اسم بعينه، ما أدى لتراجع فرص رجل الأعمال سمير الخطيب، المدير العام لشركة خطيب وعلمي، الذي تم تداول اسمه كأبرز المرشحين للمنصب، خاصة في ظل تمسكه بدعم علني من الحريري ودار الفتوى، كما تكشف مصادر صحفية.

من جهة أخرى، عقد وزير خارجية تصريف الأعمال ورئيس التيار الوطني الحُر، جبران باسيل، مؤتمرًا صحفيًا، ظهر أمس الخميس، قال فيه إن التيار قد أعلن عن توقيع اقتراح قانون لكشف حركة الحسابات، يهدف إلى تعديل صلاحيات هيئة التحقيق الخاصة، ليكون "أسرع وأكثر فاعلية ويُعطي نتائج فورية".

 مقترح القانون الذي وصفه البعض بمحاولة لإرضاء المتظاهرين في الشارع، يتيح لهيئة التحقيق الخاصة إصدار أحكامها وفرض عقوبات واسترداد الأموال لصالح الخزينة دون عوائق قانونية مثل الحصانة.

 

 

وقال باسيل إن القانون "يتلاءم مع المعايير الدولية، ويضع الجميع تحت المشرحة، ويساعد على محاربة الفساد وفق ما يطالب به الحراك في الشارع"، غير أنه لم يفصح عن أية معلومات حول تشكيل الحكومة المرتقبة، مكتفيًا بالقول: "إن شاء الله الأسبوع المقبل سيكون هناك موقف لتكتل لبنان القوي".

هذا ونظم المئات من المتظاهرين وقفة احتجاجية أمام مصرف لبنان بشارع الحمراء في بيروت، مرددين شعارات ضد حاكم المصرف، رياض سلامة، مُتهمينه بأنه السبب الرئيسي في الأزمة الاقتصادية الحالية.

 نظم مئات المتظاهرين وقفة احتجاجية أمام مصرف لبنان، مرددين شعارات ضد رياض سلامة، متهمينه بأنه السبب الرئيسي في الأزمة الاقتصادية

وفي حين أعلن البعض منهم اعتصامهم المفتوح أمام باب المصرف، قام البعض الآخر بخلع الجدار الخشبي الفاصل، مقتحمين باحة المصرف، ما دفع العناصر الأمنية إلى التدخل لإخراجهم مرة أخرى حيث قاموا بقطع الطريق أمام السيارات وإيقاف الحركة في الشارع الرئيسي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

العمال في لبنان.. تحميل أعباء الأزمة الاقتصادية على الحلقة الأضعف

قدرة اللبنانيين الشرائية.. سبات اقتصادي عميق