17-نوفمبر-2019

وقفة احتجاجاية لموظفي القطاع العام في لبنان (صحف لبنانية)

بدأت معالم أزمة بين العمال وأرباب العمل تلوح في الأفق بلبنان، في ظل استفحال للأزمة الاقتصادية في البلاد. وقد أبدت العديد من الشركات ومؤسسات العمل عجزًا عن الإيفاء بالتزاماتها المالية لعمالها وموظفيها، في مقابل لجوئها لتنفيذ سياسات خصم واقتطاع من رواتب العمال، وصلت إلى 50%، الأمر الذي فاقم توتر العلاقة التعاقدية بين العمال وأرباب العمل.

بدأت تتفاقم الأزمة بين العمال وأرباب العمل في لبنان، في ظل استفحال الأزمة الاقتصادية في البلاد

تدابير مخالفة للقانون

يعد الاقتطاع من الرواتب مخالفًا للقانون، الأمر الذي أشار إليه المستشار المالي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حسن دياب، موضحًا لـ"الترا صوت" أن علاقة العمل قائمة على ثلاثة عناصر، هي الأجر والعمل والتبعية. وبحسب دياب، تمثل العناصر الثلاثة شروطًا لا غنى عنها، و"إذا فقد عنصر واحد من هذه العناصر تسقط علاقة العمل حكمًا"، كما قال.

اقرأ/ي أيضًا: أزمة الوقود تتفجر في لبنان وأهل الحكم "خارج التغطية"

وتسريح العمال بشكل مفاجئ بما يخالف طبيعة العقد الموقع، أمرٌ مخالف للقانون كما أوضح دياب، الذي وصفه بـ"التصرف التعسفي"، كما أن تخفيض الأجر أو اقتطاع جزء منه "يندرج ضمن الإخلال بموجبات عقد العمل".

وفي حين يعطي القانون الحق للعامل باللجوء في هذه الحالات لوزارة العمل ومجلس العمل التحكيمي لتقديم الشكوى، إلا أنه في الحالة اللبنانية يستغرق البت في الشكوى فترات زمنية طويلة، بما يعود بالمزيد من الخسارة على العامل.

يقول حسن دياب: "العدالة بنت زمنها. والعدالة المُؤخّرة هي عدالة منقوصة، خاصة إن كانت تخص مسائل جوهرية تتعلق بوجود وحياة العامل".

الحماية للأضعف

"الهدف من قوانين العمل والضمان، والتي تسمى بالقوانين الحمائية؛ حماية العامل"، يؤكد حسن دياب، بالإشارة إلى تكرر حالات اقتطاع أجزاء من رواتب العمال والموظفين في لبنان تحت مبرر الأزمة الاقتصادية، بما يعنيه ذلك من تحميل العبء على الحلقة الأضعف في معادلة العمل، أي العامل.

ولذلك وُجدت القوانين الحمائية، التي تتوسع في تفسير النص لصالح العامل، لأن "الحماية للأضعف" كما يقول دياب، موضحًا دور القانون في حالات اقتطاع الرواتب، بقوله: "حتى لو وافق العامل على الخصم من راتبه بسبب عدم وجود حلول بديلًا، فإن ذلك يعد مخالفًا للقانون".

وسائل حمائية بديلة

في ظل هذه الأوضاع، ومع تراكم رأس المال في يد القلّة من أصحاب العمل، وفي ظل تباطؤ المؤسسات المعنية بالدولة في حماية العمال؛ يلعب الإعلام دورًا هامًا في تسليط الضوء على قضايا العمال، وكذلك الحال مع المجتمع المدني، بتشكيل مجموعات ضغط لصالح حقوق العمال.

سنا مازح، فتاة لبنانية تحتج أمام المطعم الذي تعمل فيه بسبب اقتطاع 40% من راتبها

هذه ما يمكن تسميتها بـ"وسائل الحمائية البديلة". وفي لبنان، ومع انحسار دور الدولة عن متابعة قضايا العمال، لتداخل المصالح السياسية بالاقتصادية؛ تلعب "الميديا" ومجموعات الضغط المدنية أدوارًا أكثر فعالية في قضايا العمال، من جهة تسليط الضوء وتنظيم الحركة المطلبية، وتقديم الدعم القانوني.

في ظل انحسار دور الدولة عن متابعة قضايا العمال، تبرز وسائل حماية بديلة للعمال تتمثل في "الميديا" ومجموعات الضغط المدنية

كما يلجأ بعض العمال بشكل فردي للاحتجاج المطلبي، كما فعلت سنا مازح، التي تعمل بأحد مطاعم العاصمة بيروت، إذ لجأت للوقوف احتجاجًا أمام المطعم بعد أن خُصم 40% من راتبها. وبعد وقتٍ قليل، تجمعت الحشود أمام المطعم تضامنًا مع سنا مازح، ما اضطر صاحب العمل إلى أن يتراجع عن قرار الخصم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"يسقط حكم المصرف".. عقدة رياض سلامة في منشار الاقتصاد اللبناني

الفساد يلاحق المواطنين إلى قبورهم في لبنان!