07-فبراير-2020

كان مشهد تبرئة ترامب صوريًا (Getty)

في خطوة وصفها الديمقراطيون بأنها "صورية"، صوت الجمهوريون في مجلس الشيوخ على براءة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من التهم التي كان يواجهها تمهيدًا لعزله، دون أن يحدث في التصويت أي مفاجأة كان الديمقراطيون يعولون عليها، لتساعدهم على أقل تقدير بإرغام الجمهوريين على استدعاء مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون للإدلاء بشهادته.

في خطوة وصفها الديمقراطيون بأنها "صورية"، صوت الجمهوريون في مجلس الشيوخ على براءة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من التهم التي كان يواجهها تمهيدًا لعزله

وبعدما كان لدى بعض الجمهوريين توجه داخل المجلس بالتصويت لصالح استدعاء الشهود، وفقًا لتقارير أشارت لوجود ستة جمهوريين على الأقل يرغبون بالاستماع للشهود في قضية "أوكرانيا غيت"، وتصويت الجمهوريين ميت رومني وسوزان كولينز على استدعاء الشهود وجمع الأدلة في وقت سابق، لم يستطع الديمقراطيون الحصول على صوتين إضافيين يجعل نسبة التصويت مناصفةً 50 بالمائة، ما قد يعزز موقفهم  في إجراءات العزل، إلا أن براءة ترامب في مجلس الشيوخ انتهت فصولها بعد أقل من شهر واحد على بدايتها.

اقرأ/ي أيضًا: انقسام جمهوري جمهوري.. هل زاد تسريب كتاب بولتون فرص عزل ترامب؟

الجمهوريون ينقذون ترامب بالإجماع على براءته

وكما كان متوقعًا لم تشكل نتيجة التصويت أي صدمة لدى الديمقراطيين قبل الرأي العام الأمريكي، بتصويت الديمقراطيين الأعضاء الـ47 في المجلس إلى جانب السيناتور الجمهوري ميت رومني على تهمة إساءة ترامب لاستخدام السلطة، مقابل رفضها من قبل 52 جمهوريًا، في حين صوت الديمقراطيون الـ47 على تهمة عرقلة ترامب لإجراءات الكابيتول هيل مقابل رفض كامل الأعضاء الجمهوريين الـ53 لها، في مشهد أنقذ خلاله الجمهوريون ترامب من العزل قبل بضعة أشهر من انطلاق الجولة النهائية لانتخابات الرئاسة الأمريكية.

وقال ترامب أمام حشد من أنصاره في الغرفة الشرقية للبيت الأبيض خلال احتفاله بتبرئته من قبل مجلس الشيوخ، إنه ارتكب "أشياء خاطئة" في حياته "لكن هذه هي النتيجة النهائية"، وتحدث ترامب لأنصاره حاملًا نسخة من صحيفة واشنطن بوست الأمريكية كتب عليها عنوان "براءة ترامب"، قبل أن يسلمها لزوجته معربًا عن إمكانية وضع الصحيفة في إطار.

واستبق رئيس اللجنة القضائية في الكابيتول هيل جيرولد نادلر جلسة تصويت مجلس الشيوخ على عزل ترامب، بإشارته لإمكانية استدعائهم للصقر الجمهوري بولتون للإدلاء بإفادته، وأشار النائب الديمقراطي إلى أنهم لن يطلبوا من بولتون الشهادة بقضية معاملات ترامب مع أوكرانيا فقط، إنما ستشمل شهادته تحقيقات الكابيتول هيل المختلفة التي بدأها ضد الرئيس بتصويت الأغلبية العام الماضي، وهو ما يحتاج لإصدار أمر من المحكمة قد لا يصدر قبل موعد انتخابات الرئاسة، الأمر الذي فضّل تجنبه الديمقراطيون سابقًا.

وشرع الكابيتول هيل منذ يوم 12 آب/أغسطس لعام 2019 بفتح تحقيق مبني على شكوى قدمها موظف في البيت الأبيض يبلغ عن إساءة الرئيس ترامب للسلطة، بممارسته ضغوطًا على الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينيسكي لإعادة فتح التحقيق في شأن المعاملات التجارية للمرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية جو بايدن ونجله هانتر، إذا ما أرادت كييف الحصول على المساعدات العسكرية من واشنطن المقدرة بـ391 مليون دولار.

وكان أعضاء مجلس الشيوخ قد وافقوا بالإجماع على بدء إجراءات محاكمة ترامب في منتصف الشهر الماضي، بعد ساعات من تصويت الكابيتول هيل على إحالة تهمتي إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس للمجلس تمهيدًا للشروع بعزل ترامب من منصبه، لكن آمال الديمقراطيين تضاءلت بتصويت غالبية الجمهوريين (51 سيناتورًا) على رفض استدعاء الشهود وجمع الأدلة في وقت سابق من الأسبوع الجاري، باستثناء السيناتورين الجمهوريين روميت رومني وسوزان كولينز بانضمامهم لـ47 سيناتورًا ديمقراطيًا صوتوا لصالح القرار.

الجمهوري الوحيد الذي صوت على إساءة استخدام ترامب للسلطة  

يعتبر السيناتور عن ولاية يوتا ميت رومني الوحيد من بين الجمهوريين الذين أيدوا خلال الأيام السابقة استدعاء مجلس الشيوخ للشهود للإدلاء بإفادتهم، كما أنه قاد جهودًا داخل المجلس جعلت زعيم الجمهوريين ميتش ماكونيل  يوافق على تمديد الوقت المخصص للبيانات الافتتاحية ثلاثة أيام بدلًا من يومين كما حددها في الجلسة الافتتاحية.

وتعليقًا على تصويته برفض تهمة عرقلة عمل الكابيتول هيل الموجهة لترامب، قال رومني إن تصويته بالرفض كان بسبب فشل الديمقراطيين في استنفاد خيارتهم القانونية لتأمين الشهادات وباقي الأدلة، رغم إثباتهم التهمة الأولى المرتبطة بإساءة الرئيس استخدام منصبه بممارسة ضغوطًا على كييف للتحقيق مع بايدن الأب لأسباب سياسية.

ويدرك رومني بأن تصويته على تهمة إساءة الرئيس لاستخدامة السلطة ستجعله "يعاني من تداعيات سياسية"، لا سيما وأن الرئيس ترامب يتوقع أن يحظى بالولاء المطلق من قبل الجمهوريين الأعضاء في مجلسي الكونغرس والشيوخ، وسرعان ما تُرجم حديث رومني الذي نقلته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى أفعال بدعوة دونالد ترامب الابن الحزب الجمهوري لطرد رومني من الحزب.

ورأى الإعلامي في قناة فوكس نيوز الأمريكية إريك بولينج أن تصويت رومني على تهمة إساءة السلطة منعت ترامب من القول إن التصويت على براءته في مجلس الشيوخ حظي بموافقة جميع الجمهوريين، مشيرًا إلى وجوب عزله من جميع الأدوار القيادية المكلف بها من قبل الحزب، متأملًا ألا يحظى تصويت رومني في المجلس باهتمام ترامب في إجابته على سؤال مرتبط إن كان الرئيس الأمريكي سيولي قرار السيناتور الجمهوري اهتمامًا.

ولم ينتظر ترامب الكثير من الوقت للرد على إدانة رومني له في مجلس الشيوخ، فقد خصص جزءًا من كلمته التي ألقاها خلال مراسم إفطار يوم الصلاة الوطني لمهاجتمه أمام حشد من النواب والمشرعين من كلا الحزبين، بالإضافة لنخبة رجال الأعمال الأمريكيين وضيوف خاصين من دول أخرى تجري دعوتهم بشكل شخصي لحضور المناسبة التي أصبحت تقام بشكل سنوي كل أول يوم خميس من شهر شباط/فبراير منذ عهد الرئيس ديفيد إيزنهاور عام 1953.

وقال ترامب خلال الكلمة السنوية مهاجمًا زعيمة الديمقراطيين في الكابيتول هيل نانسي بيلوسي إلى جانب الجمهوري رومني إنه لا يحب "الناس الذين يستغلون معتقداتهم ذريعة للقيام بما يعلمون أنه خطأ"، كما أنه لا يحب "الناس الذين يقولون.. أنا أصلي من أجلك.. بينما تعلم أن هذا غير صحيح"، وهو ما يعتبر أول تصريح علني منذ إعلان براءته أمام مجلس الشيوخ.

وجاءت تصريحات ترامب ردًا على حديث رومني بأن تصويته على بند إدانة الرئيس سببه "إيمانه" الذي يفرض عليه ذلك، فيما كانت بيلوسي قد قالت في وقت سابق من العام الماضي إنها "تصلي من أجل ترامب"، وبعد تصريحات ترامب ردت النائبة الديمقراطية على تصريحات الرئيس باعتبارها "غير لائقة"، مشككة بحديثه عن "الإيمان والصلاة" لأنه لا "يعرف عنهما سوى القليل".

والخلاف بين رومني وترامب الذي يصفه الجمهوريون بأنه "معّقد" ليس الأول من نوعه، فقد هاجم السيناتور الجمهوري في مقال نشره في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في كانون الثاني/يناير العام الماضي سياسة ترامب في البيت الأبيض، بعدما أشار في مقدمته إلى عدم اختياره لنجم تلفزيون الواقع الأمريكي ليكون مرشح الجمهوريين للرئاسة الأمريكية.

وأضاف في مقاله أن أداء ترامب خلال العامين الماضيين (2017 – 2018) لم يكن يرقى للمهام الموكلة إليه في المكتب البيضاوي، وعلى الرغم من تأييده لبعض التغييرات التي أحدثها ترامب في سياسة البيت الأبيض، فإنه عاد ليستدرك ذلك بقوله إن "السياسات والتعيينات ليست سوى جزءًا من الرئاسة"، وأنه يجب على الرئيس أن يبرهن على تمتعه بـ"الصفات الأساسية للصدق والنزاهة"، وأن يكون خطابه الوطني "هادئًا" يقوم على "الاحترام المتبادل"، وهي الصفات غير المتوفرة في شخصية الرئيس الترامب، والتي كان آخر فصولها تبادله الشتائم مع المرشح الديمقراطي مايكل بلومبيرغ.

وتابع رومني في مقاله مشيرًا إلى أن "كلمات وأفعال ترامب تسببت بإثارة الفزع في جميع أنحاء العالم"، وعلق على ذلك بالقول إن العالم "يحتاج إلى قيادة أمريكية من مصلحة الولايات المتحدة توفيرها"، مؤكدًا على أنه سيستمر بالحديث للصحافة منتقدًا التصريحات المثيرة للجدل، والمرتبطة بالعنصرية، التمييز الجنسي، ومناهضة اللاجئين، وغيرها من القضايا الأمنية أو "المدمرة للمؤسسات الديمقراطية".

ترامب يريد البقاء "للأبد" في المكتب البيضاوي

لا تعتبر محاكمة ترامب استثناءً في تاريخ رؤساء الولايات المتحدة الـ45، فقد سبقه إليها الديمقراطي أندرو جونسون الذي برأه مجلس الشيوخ من التهم الموجهة إليه في عام 1868، وبعدها بـ125 عامًا تقريبًا عاد المجلس مجددًا لتبرئة الديمقراطي بيل كلينتون في عام 1998، ليبقى الجمهوري ريتشارد نيكسون الذي استقال من منصبه قبل أن يواجه العزل رسميًا على خلفية فضيحة "ووتر غيت" في عام 1974 الرئيس الوحيد الذي لم ينج من محاكمة العزل، وهو الأمر الذي أراد الجمهوريون تفادي حصوله برفضهم استدعاء "الشاهد النجم" بولتون للإدلاء بشهادته أمام لجان مجلس الشيوخ.

وبعد الإعلان عن براءته من التهم الموجهة إليه، قام ترامب بإعادة نشر مقطع فيديو مركب عبر حسابه الرسمي على منصة تويتر يعلن من خلاله رغبته البقاء في المكتب البيضاوى إلى أجل غير مسمى، ويبدأ المقطع بقصاصات صغيرة مركبة تظهر على غلاف مجلة تايم الأمريكية كتب عليها "ترامب 2024.. 2028.. 2032" وصولًا إلى رقم 90 ألف، قبل أن ينتهي المقطع بصورة ترامب يتوسطها عبارة "4EVA" أي ترامب للأبد، وهو ما يحظره الدستور الأمريكي لاقتصاره على فترتين متواليتين للرئيس كحد أقصى.

لكن ترامب عاد عقب تغريدته للمقطع المصور – كان قد نشره لأول مرة في تاريخ في 22 تموز/يوليو للعام الماضي – بسبع ساعات لنشر تغريدة  ثانية وصف فيها تصويت مجلس الشيوخ على تبرئته بأنه "نصر ساحق"، مشيرًا إلى أن إجراءات المساءلة التي قادها الديمقراطيون ليست سوى "خدعة" لليسار الراديكالي على حد تعبيره.

وقالت المسؤولة الديمقراطية بيلوسي في بيان صادر عنها إن ترامب قد تم عزله "بدعم من غالبية الشعب الأمريكي"، مضيفةً أنه من غير الممكن وجود "حكم بالبراءة من غير محاكمة"، أو "بدون استدعاء الشهود" وجلب "الوثائق والأدلة"، مشيرةً إلى أنه بسبب "خيانة الجمهوريين في مجلس الشيوخ للدستور"، فإن ترامب سيبقى "يمثل تهديدًا مستمرًا للديمقراطية الأمريكية مع إصراره على أنه فوق القانون".

ترامب يرد على الديمقراطيين في خطاب الاتحاد بدعم صوت يميني

على الرغم من أن براءة ترامب من التهم التي وجهها الديمقراطيون إليه سارت كما أراد لها الجمهوريون أن تكون، فإنها لم تكن ضمن المخطط الزمني الذي وضعه لها رئيس المجلس ماكونيل، بمحاولته الانتهاء منها قبل يوم واحد من خطاب الاتحاد الذي ألقاه ترامب يوم الأربعاء في مبنى الكابيتول هيل حيثُ شهد تصويت الديمقراطيين على تهمتي عزله.

وشهد خطاب الاتحاد أجواءً مشحونة بعد رفض ترامب مصافحة بيلوسي عندما قدم لها خطابه مطبوعًا، لكن عدسات وسائل الإعلام تحولت مع نهاية الخطاب إلى بيلوسي التي قامت بمتزيق النسختين المطبوعتين من خطاب الرئيس، ووفقًا لما نقل أحد معاوني سجل الملاحظات الديمقراطيين فإن بيلوسي استقبلت بحفاوة بالغة من المشرعين الديمقراطيين في تجمع انتخابي لهم يوم الأربعاء.

وعلقت المسؤولة الديمقراطية على لقطات تمزيقها القرار بأنها "حاولت العثور على صفحة واحدة لا تحوي كذبة"، مضيفةً بأنها "عندما بلغت ربعها.. فكرت..أتعلمون؟ إنه يبيع مشروع قانون سلع مثل بائع زيت ثعابين.. لا يمكننا السماح بذلك.. لذا.. بدأت في جمع أوراقي بطريقة تجعلها قابلة للتمزيق"، نافيةً أن يكون تمزيقها الخطاب بسبب عدم مصافحة ترامب لها، بسؤالها "من يهتم؟".

وركّز ترامب في خطابه الذي من المتوقع أن يكون الأخير في حال فشل بالفوز بولاية ثانية في انتخابات الرئاسة القادمة، على نمو الاقتصاد خلال فترة ولايته الأولى بتوفيره سبعة ملايين وظيفة على حد ما جاء في خطابه، وتطرق إلى سياسة بلاده الخارجية في الشرق الأوسط بالإشارة لاستهداف موكب قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، وعملية الإنزال الجوي التي قتلت زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أبي بكر البغدادي داخل الأراضي السورية.

وواجه ترامب العديد من الانتقادات الداخلية عقب استهدافه لموكب سليماني أثناء مغادرته مطار بغداد الدولي مطلع الشهر الماضي، ولم تقتصر الانتقادات على الديمقراطيين، بل شملت كذلك الأمر صحفيين في وسائل إعلام معروفة بولائها للجمهوريين، كما الحال مع مذيع قناة فوكس نيوز الأمريكية تكر كارلسون الذي رأى أن ترامب ناقض ياستهدافه للجنرال الإيراني أحد أهم بنود حملته الانتخابية المتضمن التوقف عن تنفيذ العمليات العسكرية الخارجية، وعودة الجنود الأمريكيين إلى بلادهم.  

لكن الأهم من ذلك ما أثاره ترامب عقب الانتهاء من خطاب الاتحاد بتقليده الإذاعي المثير للجدل راش ليمبو لأعلى وسام مدني في الولايات المتحدة، ويعد ليمبو واحدًا من أبرز الأصوات السياسية اليمينية داخل الولايات المتحدة على مدى عقود، بمهاجمته للأصوات الناقدة للأمريكيين البيض الذين كانوا يضطهدون الأمريكيين من البشرة السمراء، كما أنه واحد من الأصوات التي تهاجم بشكل مستمر حقوق المهاجرين والمرأة والتنوعات العرقية ومجتمع LGTB.

"نهاية كاذبة" على طريقة السينما الهوليوودية

وصفت وكالة رويترز الفصول الأخيرة من محاكمة ترامب بأنها "نهاية كاذبة"، مثل تلك النهايات التي يطلقها "العاملون في صناعة السينما الهوليوودية عندما يبدو أن القصة على وشك الانتهاء رغم ذلك تواصل الأحداث"، إلا أن نهاية القصة بشكل كامل لن تكون إلا عندما يتوجه الناخبون الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لاخيتار رئيس جديد للولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

وفي اللحظة التي عقد مجلس الشيوخ جلسته لتبرئة الرئيس من التهم الموجهة إليه، كان ترامب على بعد ميل واحد يجتمع مع أسرته وفريق الدفاع ومجموعة من الجمهوريين والإعلاميين ورجال الأعمال المؤيدين له، ضمن أجواء مليئة بشرائح اللحم وكؤوس النبيذ، وصفتها نيويورك تايمز بأنها لحظة من لحظات "الحفاظ على أمريكا العظمى"، أحد الشعارات المرفوعة في حملة ترامب الانتخابية، وتشير التقارير إلى دفع اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري ما يزيد على 440 ألف دولار (ما يعادل 24.4 ألف كأس نبيذ أبيض) للفندق عينه منذ انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة.

وكان ترامب قد قضى الساعات التي استبقت جلسة مجلس الشيوخ مع أعضاء إدارته، قبل أن يتناول وجبة الغذاء مع وزير الدفاع مارك إسبر، ثم التقى بعد ذلك بزعيم المعارضة الفنزويلية خوان جايدو، غير أنه ألغى ظهوره العلني إلى جانب جايدو بشكل مفاجئ دون أي تفسير، لينتقل بعدها للاجتماع من الدائرة المقربة منه في فندق ترامب الدولي للاحتفال تبرئة مجلس الشيوخ سجله من التهم التي واجهها.

وعلى الرغم من براءة ترامب بعد أقل من ستة أشهر على بدء تحقيق الكابيتول هيل، فإن التحقيق ساهم برفع الغطاء عن الفوضى التي سببتها إدارة ترامب في السياسة الخارجية لواشنطن، إلا أنه عمل بشكل أو بآخر على ارتفاع نسبة شعبيته إلى 49 بالمائة، وهي أعلى نسبة يحصل عليها منذ توليه منصبه رسميًا في كانون الثاني/يناير 2017.

وبينما استمرت نسبة المنادين بعزل الرئيس مستقرة رغم جميع التحولات المثيرة التي رافقت تحقيقات المساءلة خلال الأشهر الماضية، فإن الدعم لكلا الحزبين بقي مستقرًا إلى حد كبير كما هو مظهرًا انقسامًا حزبيًا واضحًا، في حين توافق الناخبون من كلا الحزبين بشكل قوي على تقديم المزيد من الشهود والوثائق والأدلة لجلسات المساءلة التي عقدها مجلس الشيوخ.

اقرأ/ي أيضًا: بنود عزل ترامب تمر لمجلس الشيوخ.. ووثائق جديدة تؤكد ممارسة ضغوط على كييف

وفي استطلاع آخر للرأي أجرته رويترز يومي الثالث والرابع من الشهر الجاري، وافق 42 بالمائة على أداء ترامب مقابل استنكار 53 بالمائة لأدائه، وهي ذات النسبة التقريبية لاستطلاع مماثل أجري في أيلول/سبتمبر الماضي، بعدما أظهر موافقة 43 بالمائة على أدء ترامب مقابل استنكار 52 لأدائه، ورأى مدير مركز الدراسات السياسية بجامعة فرجينيا لاري ساباتو أن المحاكمة "حققت أمرًا واحدًا طيبًا للديمقراطيين" من خلال إيقاظها "لبعض الناشطين على مدى واقعية احتمال فوز ترامب بولاية ثانية".

على الرغم من أن براءة ترامب من التهم التي وجهها الديمقراطيون إليه سارت كما أراد لها الجمهوريون أن تكون، فإنها لم تكن ضمن المخطط الزمني الذي وضعه لها رئيس المجلس ماكونيل

أخيرًا، ومع نهاية الأحداث الدرامية التي وقعت خلال الأشهر الماضية في مسلسل مساءلة ترامب تمهيدًا لعزله، فإن جميع الوقائع تشير إلى أن هذه النهاية أذنت ببداية حقبة جديدة من الصراع الحزبي في المشهد السياسي الداخلي للولايات المتحدة، وأكد عليها تكرار الجمهوريين وصفهم للمحاكمة بأنها قائمة على أساس حزبي لاستخدامها "كسلاح سياسي" في سباق الانتخابات الرئاسية، بينما جدد الديمقراطيون اتهامهم للجمهوريين بأنهم تخلوا عن "واجباتهم الدستورية" بدعمهم السياسي لترامب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فرص عزل ترامب.. البيت الأبيض ينتظر "عدالة" مجلس الشيوخ

بعد الجلسات العلنية الأولى.. خطط الجمهوريين لاستغلال إجراءات عزل ترامب