10-مارس-2024
 أول من اكتشف القهوة

اكتشاف القهوة من الأحداث التاريخية المثيرة للاهتمام فقد دار حول ذلك الكثير من القصص والأساطير

مرت القهوة برحلة تاريخية طويلة، حيث انطلقت من شبه الجزيرة العربية، وانتقلت عبر العديد من الثقافات والحضارات قبل أن تنتشر في جميع أنحاء العالم. ويعتبر اكتشاف القهوة من الأحداث التاريخية المثيرة والمثيرة للاهتمام التي تفتح الباب أمام العديد من القصص والأساطير. فمن بين هذه القصص هنالك العديد من التساؤلات حول من اكتشف القهوة وكيف تم اكتشافها لأول مرة في العالم. 

ويعود تاريخ القهوة إلى قرون عديدة مضت، حيث ترافقت معها العديد من القصص الشيقة والأساطير المثيرة. وقد تم اكتشاف القهوة لأول مرةٍ في إثيوبيا حيث نمت شجرة البن، ومن هناك انتقلت إلى اليمن، ثم انتشرت في العالم الإسلامي وصولاً إلى أوروبا وباقي أنحاء العالم.

جاء اكتشاف القهوة في حوالي القرن التاسع، حيث شُربت للمرة الأولى في إثيوبيا.

 

من أول من اكتشف القهوة؟

جاء اكتشاف القهوة في حوالي القرن التاسع، حيث شُربت للمرة الأولى في إثيوبيا. ولكن تطور استخدام حبوب القهوة ليصبح مشروبًا يعتبر من أكثر المشروبات شعبية في العالم كان في المملكة العربية، خصوصًا في منطقة اليمن، وخصوصاً مدينة مخا، كانت مركزاً رئيسياً لإنتاج وتجارة القهوة، ومن هنا انتشرت إلى العالم الإسلامي ومن ثم إلى أوروبا وبقية أنحاء العالم. تطوّر استخدام القهوة لتصبح جزءاً لا يتجزأ من عادات وثقافات مختلفة، وأصبحت ترمز إلى اللقاء والتواصل الاجتماعي في العديد من الثقافات.

 

هنالك عدة أساطير حول أول من اكتشف القهوة، حيث تُعتبر واحدة من أشهرها قصة راعي غنم إثيوبي يُدعى "خالدي" أو "كالدي" الذي لاحظ تفاعل غنمه بشكلٍ غير عادي بعد تناول حبات من شجرة البُن. وحسب الأسطورة قرر خالدي تجربة هذه الحبوب بنفسه واستشعار فوائدها. وبعد تجربته للقهوة شعر بنشاطٍ وحيوية غير عادية، وبدأ يشارك الناس الآخرين في هذا الاكتشاف. ثم بدأ تناول القهوة ينتشر تدريجيًا في المنطقة ومن ثم امتدت شهرتها إلى العالم. وتعتبر هذه الأسطورة جزءًا من التراث الثقافي الغني لإثيوبيا وتضيف الجوانب المغامرة والإثارة إلى قصة اكتشاف هذا المشروب الشهير.

الصوفيين كانوا من بين أوائل من استخدموا القهوة كشراب.

 

وتتعدد المصادر التاريخية والروايات حول اكتشاف واستخدام القهوة، ومن هذه المصادر ما يشير  بأن الصوفيين كانوا من بين أوائل من استخدموا القهوة كشراب، حيث كان الغرض من تناولها هو مساعدتهم على الاستيقاظ طوال الليل لأداء الصلوات. ومع مرور الزمن انتشر استهلاك القهوة في جميع أنحاء العالم، وتطوّرت عمليات إعدادها وتقديمها بشكلٍ متنوع ومبتكر.

 

وفي قصةٍ أخرى وهي من أشهر قصص اكتشاف القهوة؛ أنه قد شاهد صوفي يمني واسمه نور الدين أبو الحسن علي بن عمر الشاذلي خلال رحلته للتعبد إلى أثيوبيا طيورًا وهي تأكل من ثمار شجرةٍ ما، ولاحظ تفاعل ونشاط غير عادي للطيور أثناء تناولها هذه الثمار وبعد تناولها، فجربها ولاحظ نفس الحيوية لنفسه عند تناوله الثمار وأصبح يتناولها عند رغبته بالسهر للتعبد حتى يزيد من نشاطه وتركيزه.  وعُرف فيما بعد أن هذه الثمار هي حبوب القهوة.

 

وتشير روايات أخرى وفقًا لسجلات قديمة في اكتشاف القهوة إلى تلميذ الشيخ أبي الحسن الشاذلي، واسمه عمر ، أنه قد فُرض النفي عليه مرةً من مدينة  موخا (المخا) أو موكا في اليمن ليوضع في كهفٍ صحراوي بالقرب من منطقة تُسمى أوساب. وفي يومٍ وجد نفسه جائعًا ووجد حبوبًا من الشجيرات المحلية، ثم مضغها ووجدها مرة المذاق. ثم حاول تحميص هذه الحبوب لتحسين نكهتها، ولكنها أصبحت صلبة بعد التحميص، ثم حاول غليها لجعلها لينة وكانت  النتيجة سائل بني اللون ذو رائحةٍ عطرة. فشربه وشعر  بالنشاط بعد شرب هذا السائل الذي عُرف انه القهوة، وانتشرت قصة هذه الحبوب وهذا المشروب في مدينته التي نُفي منها موخا (مخا)، ثم طُلب منه العودة من المنفى بعد العفو عنه لاكتشافه هذه الحبوب وأصبح بعدها قديسًا.

 

وفي قصة أخيرة  ذكر الشيخ شهاب الدين أحمد بن موسى بن عبد الغفار المالكي المصري في كتابه "رسالة عن القهوة"، والمؤرخ عبد القادر بن محمد الجزيري الأنصاري في كتابه "عمدة الصفوة في حل القهوة"، والعلامة مدين بن عبد الرحمن الطبيب في رسالته المخطوطة "تلخيص عمدة الصفوة في حل القهوة"، وجميعهم استقصوا اكتشاف القهوة وتوصلوا إلى أن الشيخ جمال الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد المعروف بالذبحاني المذحجي اليمني هو من اكتشف القهوة. ووفقًا للنص جاء مبدأ اكتشاف القهوة ومكتشفها من خلال الشيخ جمال الدين الذي استفاد من فوائدها ووجد أنها تزيل النعاس وتعزز النشاط، وعندما اتجه إلى طريق التصوف بدأ هو وغيره من الصوفية في عدن باستخدامها. وانتشرت بعد ذلك في المدينة واستخدمها الناس بمختلف الطبقات لمساعدتهم في القراءة والتركيز، وغيرها من الأعمال.

استخدمت القهوة في الثقافات القديمة بشكلٍ شائع لأغراض عديدة.

 

بذور القهوة
شكل ثمار القهوة قبل تحميصها وطحنها

 

 

القهوة في الثقافات القديمة

استخدمت القهوة في الثقافات القديمة بشكلٍ شائع لأغراض عديدة، حيث كانت تُعتبر مشروبًا مهمًا في المجتمعات. وكانت تُستخدم كطريقةٍ للتفاعل الاجتماعي، وتعزيز الروابط بين الأفراد خلال التجمعات والاجتماعات. كما كانت تُستخدم أيضًا لأغراض طبية ولزيادة مستوى الطاقة واليقظة.

 

تناول القهوة كان له دور في تاريخ الفلسفة والثقافة، حيث استخدمها البعض كوسيلة لزيادة التركيز والانتباه أثناء التأمل والفكر. ويعتقد بعض الفلاسفة أن تناول القهوة يمكن أن يحفز عملية التفكير ويعزز الانتباه للأفكار والأفكار الجديدة. وفي العديد من الثقافات كانت القهوة تُعتبر مشروبًا يُشجع على الحوار وتبادل الأفكار، حيث كانت تُقدم خلال الاجتماعات والمناسبات الاجتماعية كرمز للضيافة والترحيب. وهذه الجوانب الثقافية والاجتماعية لتناول القهوة تعكس دورها البارز في تاريخ الثقافة والفلسفة.

 

تطور اكتشاف القهوة

زُرعت نباتات البن في مناطق مختلفة حول العالم بعد اكتشاف قيمتها وشهرتها. وتوسعت زراعة البن في بلاد مختلفة مثل البرازيل وكولومبيا، حيث أصبحت هذه الدول من أكبر منتجي حبوب البن في العالم. كما ازدهرت صناعات تحميص وتجارة القهوة في بلدان مختلفة، مما جذب اهتمام عشَّاق القهوة للاستمتاع بالنكهات المميزة.

وشهدت عملية تحضير وصناعة القهوة تطورًا طوال فترات التاريخ. فبدأ استخدام أوراق نبات البن كشراب في بداية اكتشاف هذه المادة، ثم تطوَّر إلى استخدام حبوب البن بعد اكتشاف فوائدها. وظهرت أساليب مختلفة لطحن وتحضير حبوب القهوة، مثل استخدام المطحَّنات التقليدية يدويًا في أقدم الأزمان، ثم تطور ذلك إلى استخدام مطاحن كهربائية وآلات إسبرسو حديثة.

 

قهوة العرب وتاريخها

تعتبر قهوة العرب جزءًا لا يتجزأ من تاريخ وثقافة الشرق، حيث ارتبطت باللحظات الاجتماعية والروحية على مدى القرون كما وضحنا في الفقرات السابقة. كما تمثل قهوة العرب رمزًا من رموز الضيافة والترحيب في المجتمعات الشرقية، ويُعد تحضير وتقديم فنجان قهوة للضيف علامة على التكريم والاحترام.

ثم إن انتشار قهوة العرب عبر المنطقة العربية أسهم في تشكيل تقاليدها المختلفة في شرب القهوة. وتختلف طُرق تحضير وتذوَّق القهوة من بلد إلى آخر، حيث تجد أساليب مختلفة مثل قهوة التُست، والأُسبرسو، وغيرها. كما يُعَد شرب القهوة خلال مناسبات مختلفة جزءًا من تقاليد المجتمعات العربية.

بالنهاية فإنّ جميع قصص وروايات تاريخ قهوة العرب تحكي عن رحلة هذا المشروب من أصوله ومراحل اكتشافه إلى انتشاره عبر العالم أجمع، مما يجسِّد أهمية هذه المشروبات في إغناء التاريخ والثقافات المختلفة.

 

عرض المقال قصة اكتشاف القهوة وكيف تطورت مراحل زراعتها وإنتاجها في العديد من الدول. وبهذه الطريقة تُظهر قصة اكتشاف القهوة كيف أن العثور على شيء بسيط مثل حبة البُن يمكن أن يُحدث تأثيراً كبيراً على تاريخ البشرية وثقافتها. إنها قصة تبرز قيمة الاكتشاف والفضول، وتُذكِّرنا بأن الأمور الصغيرة قد تحمل في طياتها أسرارًا كبيرة.