09-يونيو-2018

بتعيينه مدبولي يكافئ السيسي الفساد (تويتر)

ألترا صوت - فريق التحرير

كلف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مصطفى مدبولي وزير الإسكان، برئاسة الوزراء، عقب استقالة شريف إسماعيل رئيس الوزراء السابق بسبب ظروفه الصحية.

سرعان ما يتحول أرشيف الصحف المصرية إلى شاهد على وقائع فساد لم يتم التحقيق فيها

استقال إسماعيل بعد تقلده الرئاسة لثلاث سنوات، وبدأ مصطفى مدبولي ذراع السيسي اليمين، مهمته الجديدة، بعد أن أطلق الأخير يده وحبس عنه "بلاوي" المساءلة القانونية، فيما يتعلق بفضائح فساد لها أول وليس لها آخر، تصل إلى ملايين الجنيهات على مدى عدة سنوات. فما هي وقائع الفساد تلك؟ ولماذا لم يحاسبه السيسي عليها؟

أرشيف الصحف شاهد على الوقائع

 في مصر لا أحد يقرأ أرشيف الصحف، لكنه سرعان ما يتحول بتقاريره المتعددة والمتنوعة إلى شاهد على وقائع فساد لم يتم التحقيق فيها، وهو ما بدا واضحًا في حالة رئيس الحكومة الجديد، حيث يُظهر أرشيف ذات الصحف التي احتفت بقرار السيسي تعيين مصطفى مدبولي، تورط الأخير بوقائع فساد مثبتة بالمستندات.

تتحدث معظم وقائع الفساد المرتبطة بمدبولي عن "كرمه" مع العاملين في مكتبه، أو في أجهزة إدارة المدن الجديدة "درة تاج الرئاسة"، التي تصرف ببذخ كبير على هذه المشروعات العمرانية الجديدة.

وتتناول التقارير الصحفية منذ العام 2015 وقائع فساد رئيس الوزراء الجديد، بدءًا من شغله منصب رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمراني، حيث تحدثت هيئة الرقابة الإدارية وهي الجهة التي كانت منوطة وقتها بفتح التحقيقات، حول وقائع استيلاء على المال العام، واستغلال نفوذ وهدر موارد للدولة، وكشفت التحقيقات الإدارية في القضية رقم 123 لعام 2011، إهدار ما قيمته 27 مليون جنيه في "مكافآت وبدلات جلسات لجان وهمية، حسب تأكيد محمد كمال علي عبد الله، المفتش المالي بالإدارة المركزية للتفتيش المالى بوزارة المالية أمام النيابة الإدارية، الذي نقلت التحقيقات على لسانه أن الدكتور مصطفى مدبولي أساء استخدام السلطة، إذ كوّن 26 لجنة بجانب 20 لجنة مشكّلة بقرارات وزارية ليكون المجموع 46 لجنة بتسميات ووظائف مختلفة، تضم عشرات من العاملين من المحظوظين والمقربين لرئيس الهيئة ونائبه، إذ كشفت التحقيقات أن تلك اللجان لا فائدة منها وأن مدبولي أساء استخدام السلطة وصرف أموالًا طائلة على تلك اللجان تصل إلى 27 مليون جنيه مقابل حضور جلسات تصل إلى 5 جلسات شهريًا، فى حين أن حاجة العمل لا تتطلب ذلك".

اقرأ/ي أيضًا: شركة ألستوم الفرنسية في ضيافة السيسي.. "كوكتيل" الفساد المعولم مع التطبيع

كما بينت التحقيقات أن مصطفى مدبولي صرف مبالغ مالية تصل إلى مليون و400 ألف جنيه في بند مكافآت تخصه شخصيًا، فضلًا عن استخدمه المال لتوزيعه على أهل الحظوة من العاملين معه، حيث "صرف مبلغ مليون و100 ألف جنيه تحت اسم مكافأة العطلات، وذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، والمتضمن صرف أجر يوم مضاعف فى تلك الحالة، وأن القرار الوزاري الصادر بصرف أجر شهر للعاملين غير قانوني ويعتبر هدرًا للمال العام".

أما بعد وصوله إلى الوزارة فقد اتهمه تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، بمخالفة البند د/14 من المادة 77 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، لحصوله على تخصيص قطعة الأرض رقم 141 بالحي 13 المجاورة السادسة بأكتوبر، بالأمر المباشر. وهو ما يعني أنه حصل على قطعة الأرض تلك بالأمر المباشر مخالفًا للقانون لأنه عامل مدني بالدولة، ولا يمكنه الحصول على أراضٍ بالأمر المباشر لأن ذلك يعني الاستيلاء على أراضي الدولة.

بينت التحقيقات أن مصطفى مدبولي صرف مبالغ مالية تصل إلى مليون و400 ألف جنيه في بند مكافآت تخصه شخصيًا

و تحدثت التقارير الصحفية عن صرف مكافآت وحوافز في بنود مالية، تصل إلى أكثر من 15 مليونًا للعاملين بمكتبه تحت بند أسماه "تسيير الأعمال العاجلة". وتبين التقارير تحميل بنود الأجور مبالغ طائلة لجلسات وهمية ومسميات وظيفية ليس لها أساس على أرض الواقع.

ووفقًا للقانون فإن الجرائم التي اقترفها مدبولي تخضع للمواد 112 و113 و115 و116 من قانون العقوبات، وأن العقوبة في مثل تلك الجرائم تبدأ من 3 سنوات وتصل إلى المؤبد.

إن التهم موجهة إلى رئيس الوزراء الجديد بالجملة، وهي مثبتة بأوراق رسمية في هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات، لكنه لا يحظى فقط بالحصانة، ولكنه أيضًا من رجال السيسي المقربين.

لماذا يفضل السيسي مدبولي و ليس غيره؟

السؤال مهم، لكن إجابته ليست لغزًا على الإطلاق. في عام 2016 وفي أثناء تداول الهيئات الرقابية لملفات فساد مدبولي، داعب السيسي الأخير في أحد اللقاءات أثناء افتتاح مجموعة من الوحدات السكنية في مدينة 6 أكتوبر قائلًا: "أنا جنبك وهدافع عنك". وذلك عندما طالبه السيسي برفع أسعار الوحدات السكنية المعروضة، فخشي الوزير من رد فعل الإعلام عليه.

يطيع مدبولي السيسي فيما يأمر، سواء كان منطقيًا أو جالبًا للانتقاد، وهو كفيل بالرد على منتقدي رجاله الذين ينفذون الأوامر. ولكن ملفات فسادهم تظل معروفة، وإن كانت حبيسة الأدراج حتى يتم فتحها إذا استدعى الأمر.

 تذكر هذه التفاصيل بقصة وزير الزراعة صلاح هلال، الذي تم تعيينه وزيرًا في آذار/مارس عام 2015 في عهد السيسي، قبل أن يتم القبض عليه فيما بعد بتهمة تلقيه رشوة بمبالغ مالية كبيرة، ثم الحكم عليه لاحقًا بعشر سنوات.

أما عن الكيفية التي يختار بها السيسي رجاله، فهي ليست مرتبطة بالنزاهة بالتأكيد، وقد تكون تقارير الفساد المتداولة حولهم، جزءًا من استراتيجية السيسي في السيطرة على الحكومة، من خلال وزراء مهددين بالسجن في أي لحظة، مع أدلة جاهزة.

اقرأ/ي أيضًا: مصر..إعلام برتبة شريك في الفساد

إبراهيم محلب أيضًا هو أحد رؤساء الوزراء الأربعة الذين تقلدوا المنصب إبان حكم السيسي، والذي أدرج اسمه ضمن المتورطين في قضية قصور الرئاسة، بصفته مسؤولًا عن أعمال الإنشاءات لتلك القصور والفيلات، والتي بُنيت بأموال الشعب في حكم مبارك.

يطيع مدبولي السيسي فيما يأمر، سواء كان منطقيًا أو جالبًا للانتقاد

ومن الجدير بالذكر أن المحكمة طالبت بضبطه وإحضاره على ذمة القضية، لكن محلب لم يكن في مصر وقتها، ولم يعد إلا بعد 30 يونيو/حزيران رئيسًا للوزراء رغم ما تم تداوله عن تورطه في قضايا فساد.

تبين هذه اللقطة من سجل الفساد في الحكومة أن التوازن بين ثنائية الفساد والولاء وحده يدير المشاهد في كواليس الحكومات المصرية، منذ مبارك وحتى الآن، وقد يتم التغاضي عن فسادك إن كنت مطيعًا، وهذه قاعدة قديمة، لكن الأهم والجديد، أن التغاضي عن فسادك رغم وجود أدلة، هو ما يجبرك أن تكون مطيعًا في أي مكان أو منصب، وهذه على ما بدا، استراتيجية السيسي الواضحة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

السياسية الخارجية المصرية: الرقص مع الشيطان!

لماذا استغرق بناء المتحف المصري الكبير 15 عامًا؟