07-مايو-2018

عمال ألستوم يتظاهرون ضد فساد مشغلهم وإنكار حقوقهم النقابية (سبستيان بوزون/أ.ف.ب)

ألترا صوت - فريق التحرير

تاريخ سيئ السمعة من الفضائح المتعلقة بالرشاوى فضلًا عن التورط في مشروع لتهويد القدس والاستيطان في الضفة الغربية، بالإضافة إلى فضائح تمس سمعتها وإدارتها المالية، مع ذلك، تتوغل شركة ألستوم الفرنسية في الاقتصاد المصري من خلال تنفيذ مشروعات ضخمة، كالخط الثالث للمترو عام 2015، وستتعاقد أيضًا على تنفيذ مشروعات سكة حديد تربط العاصمة الإدارية الجديدة الأثيرة لدى النظام بمدينة 6 أكتوبر، إضافة إلى ما نشرته تقارير صحفية رسمية عن اعتزام الحكومة المصرية التعاون مع شركة ألستوم لتنفيذ مشروعات كهرباء وقطارات داخل البلاد وتحديدًا مشروع ربط منطقة "العين السخنة"، بمنطقة "العلمين".

قامت حركة المقاطعة بتوجيه حملات عديدة ضد شركة ألستوم الفرنسية بسبب علاقتها الاستثمارية مع الاحتلال الإسرائيلي

من تهويد القدس إلى سرقة النيل

ألستوم الفرنسية هي شركة تعمل في مجال الطاقة والبنية التحتية والسكك الحديدية، وتتورط الشركة في المنطقة العربية فيما يُسمى بمشروع " الخطة 8000" وهو مشروع السكة القطار الخفيف في القدس، الذي يهدف إلى ربط "القدس الغربية" بالمستعمرات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، من أجل ترسيخ قبضة إسرائيل على المستوطنات الاستعمارية "غير القانونية" التي بنيت على الأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس وحولها.  

أقرت "ألستوم" بدفعها رشاوى لعدة مسؤلين في عدة بلدان من بينها مصر، لحصولها على تسهيلات

اقرأ/ي أيضًا: لماذا لا يثور الغلابة؟

ولا تنتهي فضائح شركة ألستوم عند هذا الحد، ففي عام 2014، فرضت عليها وزارة العدل الأمريكية غرامة مالية ضخمة قدرها 772 مليون دولار، وذلك بعد إقرار شركة ألستوم بدفعها رشاوى لعدة مسؤولين في عدة بلدان من بينها مصر، لحصولها على تسهيلات لإنشاء مشروعات في دول عديدة من بينها إندونيسيا والمملكة العربية السعودية وجزر البهاما. ووفقًا لأعضاء النيابة في الولايات المتحدة، فإن شركة ألستوم دفعت حوالي 75 مليون دولار رشاوى لتأمين مشاريع فى جميع أنحاء العالم، تكلفتها الاستثمارية 4 مليارات دولار، تدرّ أرباحًا قدرها حوالي 300 مليون دولار".

حينئذ صرح نائب المدعي العام الأمريكي: "ظل نظام ألستوم للفساد مستمرًا على مدى أكثر من عقد وعبر عدة قارات". وأضاف "لقد كانت شركة ألستوم مذهلة  في اتساعها وقسوتها وعواقبها في جميع أنحاء العالم. وإنني أتوقع - وأنا أعتزم - أن القرار الشامل الذي نعلنه اليوم سيبعث برسالة لا لبس فيها إلى الشركات الأخرى في جميع أنحاء العالم".

لا تحاول السلطات المصرية أن تقاطع ألستوم، رغم أنها وقعت عقدًا استثماريًا في سد النهضة في إثيوبيا 

ولا تحاول السلطات المصرية أن تقاطع ألستوم، خاصة وأن الشركة الفرنسية وقعت عقدًا منذ خمس سنوات لتمويل سد النهضة في إثيوبيا عام 2013 بقيمة 250 مليون يورو، لتوريد التوربينات والمولدات لمحطة الطاقة الكهرومائية في السد. و قالت شركة ألستوم نفسها تعليقًا على الصفقة على صفحتها على الانترنت، بأن هذا العقد "يعزز مكانة ألستوم البارزة في سوق الطاقة الكهرمائية في إفريقيا. مع توريد أول توربينات ذات قدرة عالية في فترة زمنية قصيرة، تُظهر ألستوم قدرتها على تلبية احتياجات البلاد من الطاقة بأسرع ما يمكن". وهو ما يعني أن لها دور أساسي في تطوير قدرة السد وزيادة طاقته الإنتاجية على حساب حصة مصر من النيل التي من المقرر أن تقل  بشكل كارثي مع بداية تشغيله.

ألستوم .. فساد أكثر في مصر

الأمور المتناقضة في مصر، باتت أمرًا مألوفًا، أما غير المألوف فهو أن صحفًا مصرية محلية نشرت من قبل تقارير عن ملفات الفساد السوداء لشركة ألستوم، حيث نشرت إحدى هذه الصحف أن هناك مخالفاتِ هندسية جسيمة بالمشروع إلى جانب فساد مالي وإداري وإهدار للمال العام قدر بـنحو301  مليار جنيه.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا بعد تعويم الجنيه؟.. إجراءات و"ثورة"؟

ففي "15 من إبريل/نيسان 2014، قررت هيئة مفوضي الدولة قبول الدعوى رقم 65/25781، بقضايا مجلس الدولة، المقدمة من المهندس الاستشاري، عمرو رؤوف، التي طالبت بوقف أعمال تنفيذ الخط الثالث للمترو، ليس فقط بسبب الأخطاء الهندسية في المشروع وإنما أيضًا بسبب تاريخ شركة ألستوم وسمعتها السيئة، فضلًا عن سوء تنفيذ مشروعات أخرى أدارتها وقامت الشركة نفسها بتنفيذها داخل مصر، منها محطات كهرباء في عدة مناطق منها طلخا والنوبارية والتبين، إضافة إلى تورط ألستوم في إحداث شروخ وعيوب خطيرة في جسم السد العالي.

من المؤكد في النهاية أن هناك خيارات كثيرة أكثر إفادة ومصداقية من ألستوم لتنفيذ مشروعات البنية التحتية في مصر، لا تلوثها سمعة فساد عالمية، ولا تلاحقها ملفات الفساد في كل بلد تطأه، لكن أجنحة الفساد للشركات الكبرى تتلاقى في كثير من الأحيان مع أجندات الفساد المحلية، لتشكل في النهاية كوارث تمس حياة الناس اليومية، وتهددهم في أمنهم و معاشهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أزمة سد النهضة.. دليلٌ على فشل الدبلوماسية المصرية

لماذا استغرق بناء المتحف المصري الكبير 15 عامًا؟