08-أبريل-2024
نبتة سانت جون رمزيتها وطرق العناية بها

يتوافق تاريخ إزهار النبتة مع عيد القديس يوحنا

عشبة سانت جون أو (القديس يوحنا) هي عشبة لها زهور صفراء خماسية البتلات، وتنمو في الكثير من المناطق، ولها حوالي 700 نوع، وهي من الأعشاب المعمرة دائمة الخضرة، يتراوح طولها بين 60- 80 سم، سميت بهذا الاسم نسبة إلى القديس يوحنا المعمدان؛ لأن الاحتفال به في الأعراف المسيحية يوافق التاريخ الذي تزهر فيه النبتة. إذا يقال إن دمه تدفق إلى التربة وسقى هذه النبتة بعد قطع رأسه. حتى إن فرك البتلات الصفراء بأصابع اليد يُنتج نسغًا أحمر اللون!

كان المسيحيون في العصور الوسطى يستخدمون نبتة سانت جون لعلاج الاكتئاب

رمزية نبتة سانت جون

لطالما كانت التعاليم المسيحية تدعو إلى تأمل بديع صنع الكون، ومن عادة الرهبان إطلاق أسماء القديسين على النباتات وغيرها، لقناعتهم بأن الطبيعية تحكي عن عظمة الرب، وأن فيها كل ما يحتاج إليه الإنسان للحفاظ على صحته، وقد أطلقوا على عشبة سانت جون اسم العشبة المعجزة. ولمّا لاحظوا إزهار النبتة في 24 حزيران/يونيو جعلوا رابطًا بين الإزهار والعيد.

وتكتسب هذه الرمزية مكانة هامة في الإرث المسيحي، فيوحنا المعمدان (يحيى المعمداني) حسب المرويات هو ابن زكريا، وهو القديس الذي عمّد المسيح في نهر الأردن، وكان قتله حدثًا مأساويًا، فقد قتل لمعارضته زواج الملك هيرودس من زوجة أخيه، وفي حفلة ماجنة رقصت ابنة زوجته سالومي فوعدها بتحقيق ما تتمنى، وكان ما طلبته بعد مشاورة أمها؛ رأس القديس يوحنا على طبق. وقد كان لها ما تمنت! لذلك كانت هذه النبتة باعتقاد المسيحيين الأوائل تختص بصفات روحية فإضافة إلى توافق تاريخ الإزهار مع عيد القديس يوحنا فإن أوراقها تنتج سائلا أحمر بلون الدم رأوا فيه دلالة على دم القديس المسفوك،

واعتقدوا أن هذه العشبة لها قدرة على طرد الشياطين أو الأرواح الشريرة، وجاءت هذه الرمزية من كون عيد القديس يوافق أطول نهار خلال العام فيكون النور فيه أقوى من الظلمة. لذلك كان المسيحيون في العصور الوسطى يستخدمونها لعلاج الاكتئاب باعتبار أن الحزن سببه الأرواح الشيطانية التي تسيطر على الإنسان.

عادة ما تُختار البذور الطويلة التي يميل لونها إلى البني المحمر لزراعتها

طرق العناية بنبتة سانت جون

تختلف طرق العناية اللازمة لنبتة سانت جون حسب موقع زراعتها، ولكنها عمومًا من النباتات التي لا تتطلب الكثير من الرعاية، لذا يمكن زراعتها في الحدائق أو كنبات داخلي، ويجب زراعتها في مكان مشرق (دون شمس مباشرة) أو كثير الظل، تبدأ فترة إزهارها في عيد القديس يوحنا وتستمر حتى شهر كانون الأول/ أكتوبر وبعد تلقيحها تتشكل عقد الثمار الخضراء المشوبة بالبني. وفيما يأتي بعض التعليمات التي تساعد في تنمية نبتة سانت جون

  1. يفضل زراعة النبتة في تربة جيدة التصريف، وبعض الأنواع تناسبها التربة الحمضية، وبعضها الآخر يناسبه التربة الجيرية. ويمكن زراعة النبتة أو شراء الشتلة النامية من المشاتل. 
  2. عند شراء البذور لزراعتها في حوض، من الضروري حفظها في مكان بارد قبل غرسها في التربة، ويمكن وضع البذور قبل زراعتها في الثلاجة مدة 6 أسابيع. وبعدها تزرع وتغطى بطبقة رفيعة من التربة أو تترك دون تغطية وذلك لتتلقى أكبر قدر من ضوء الشمس اللازم للإنبات، وعادة ما تُختار البذور الطويلة التي يميل لونها إلى البني المحمر لزراعتها. يجب الحفاظ على رطوبة التربة في بيئة حرارتها 20 درجة مئوية تقريبًا. ومن المتوقع أن تظهر أولى الشتلات بعد 2-3 أسابيع. 
  3. يمكن أيضًا زراعة البذور في الحديقة في فصل الخريف حتى تظل في البرد الخارجي بدل الثلاجة، والانتظار حتى يحل الربيع وتنمو البراعم، وبعدها يمكن أخذ شتلات منها وزراعتها بعد بضعة أسابيع.
  4. يوصى بتجنب الإفراط في تسميد النبتة، لأن زيادة النيتروجين في تربتها يقلل من خصائصها العلاجية، ويمكن استخدام السماد العضوي المستخدم لأي نبات مناسبًا لهذه النبتة.
  5. لا تحتاج نبتة سانت جون إلى الكثير من الري بخلاف السنة الأولى لزراعتها، وأثناء الجو الحار والجاف، ويجب الاعتناء ببقاء التربة رطبة إلى جافة قدر الإمكان.
  6. تعد نبتة سانت جون من النباتات القوية المعمرة، وفي مواسم البرد تحتاج النبتة المزروعة في الأحواض الداخلية إلى بعض الحماية بعزلها باستخدام أكياس خاصة أو بالصوف. أما الخارجية منها فإن تأجيل تقليم النبتة للتخلص من الأجزاء الميتة حتى الربيع سيؤمن بعض الحماية لها في الشتاء.

يمكن حصاد نبتة سانت جون للأغراض الطبية فقط، بجمع الزهور والأغصان بمجرد إزهارها في حزيران، وأفضل توقيت لقطفها هو الصباح الباكر إذا تكون المواد الفاعلة في أعلى مستوياتها. ويجب استخدامها في أسرع وقت من أجل الاستفادة القصوى من خصائصها. وذلك إما بتجفيف أوراقها وأزهارها لصنع الشاي. أو من خلال استخلاص زيتها، بملء قارورة بالأزهار وإضافة زيت نباتي وتخزينها في مكان مشمس ودافئ لمدة 6 أسابيع، وسيلحظ اصطباغ الزيت باللون الأحمر. ويمكن الاستفادة من الزيت لعدة شهور.

يمكن استخدام زيت نبتة سانت جون على البشرة لعلاج الإصابات والجروح وآلام العضلات

الفوائد الطبية لنبتة سانت جون

الأجزاء المستخدمة من نبتة سانت جون هي ما ينمو فوق التربة أي؛ الأزهار والبتلات والجذع، وتحتوي هذه الزهرة على مادتين كيميائيتين لهما تأثير على الناقلات العصبية في جسم الإنسان، وهما الهيبريسين، والهايبرفورين، يمكن تناول العشبة من خلال شرب شايها أو الأقراص، ويمكن استخدام مستخلص زيتها أو المرهم المصنوع منها. وفيما يأتي استخدامات العشبة الطبية الموثوقة: 

  1. تستخدم نيتة سانت جون لعلاج الاكتئاب الخفيف أو المتوسط، لكنها لا تؤثر في المصابين بالاكتئاب الشديد والحاد.
  2. قد تساعد النبتة في علاج الاضطرابات الجسدية رغم محدودية الدراسات حول هذا التأثير.
  3. يمكن استخدام زيت نبتة سانت جون على البشرة لعلاج الإصابات والجروح وآلام العضلات وحتى الحروق من الدرجة الأولى.

هناك فوائد شائعة لنبتة سانت جون رغم أنها لم تخضع إلى اختبارات أو أبحاث تؤكدها، رغم ذلك يستخدمها الناس كمهدئ للمزاج، ولتخفيف تشنجات الحيض، وكمضاد للالتهابات كالتهاب المهبل، ومضاد للفيروسات مثل فيروس نقص المناعة البشرية، بل حتى يعتقد بقدرتها على التأثير في الأورام، وتساعد على تخفيف الأرق، وتهدئة الآلام الناجمة عن عرق النسا والتهاب المفاصل الروماتويدي، كما أن استخدامها خارجيًا يخفف من تهيج الجلد والحكة وحروق الشمس.

يظهر مفعول تأثير العشبة الطبي خلال 4-6 1 أسابيع، وفي حال عدم الشعور بالتحسن يجب أخذ علاج مناسب آخر. وبكل الأحوال لا بد من استشارة الطبيب ومقدم الرعاية الصحية قبل استخدام العشبة خارجيًا أو تناولها مع الشاي.

 

لا شك أن عشبة القديس يوحنا بغض النظر عن مدى فعالية خصائصها الطبية تحتل قيمة كبيرة في وجدان الشعوب، بالإضافة إلى جمالها وبهاء صُفرتها وإشراقها، وما تبعثه من بهجة في النفس، فهي فعلًا تعطي طابعًا احتفاليًا متناسبًا مع العيد المرتبط فيها، ورغم هذه الإشراقة والبشارات التي تتضمنها هذه الرمزية إلا أنها تنطوي على أكثر القصص تأثيرًا في الإرث المسيحي، وقد صور نيكوس كازنتزاكيس الروائي اليوناني في روايته (الإغواء الأخير للمسيح)، وصول خبر مقتل يوحنا المعمداني إلى يسوع، ويقول على لسان أليعازر الذي جاء بالخبر المفجع: "قبض الملك على يوحنا المعمداني وقطع رأسه" ثم أكمل منتحبًا: "لقد نُحر عنق العالَم، وأُخمِد صوت الصحراء، من الذي سيتوجّه إلى الرب باسمنا نحن الخاطئين؟ لقد يُتِّم العالم!"