09-يناير-2022

(Getty Images)

العلاج بالأعشاب، والزيوت والمكملات الغذائية، أو العلاج بالطاقة أو اليوغا أو الوخز بالإبر أو لسع النحل، وغيرها العديد من الممارسات المستخدمة في التطبيب التي لا تنتمي للطب الحديث المبني على حقائق علمية تندرج جميعها تحت مسمى الطب البديل.

يعتبر الطب الصيني من أشهر أنواع الطب البديل، ويتمتع بتاريخ طويل من الادعاءات الضخمة في الحماية من الأمراض، وزيادة القوة والمناعة، وحتى الخصوبة والقدرة الجنسية. 

 

يعتبر الطب الصيني من أشهر أنواع الطب البديل، ويتمتع بتاريخ طويل من الادعاءات الضخمة في الحماية من الأمراض، وزيادة القوة والمناعة، وحتى الخصوبة والقدرة الجنسية. 

وقد دعمت منظمة الصحة العالمية هذه الظاهرة بغير قصد عندما تضمنت أحدث نسخة من موجزها العالمي المؤثر للأمراض والمشكلات الصحية فصلا كاملا عن الطب الصيني التقليدي لأول مرة، وذلك بعد أن أثبتت مجموعة من العلاجات المتعلقة بالطب الصيني التقليدي فائدتها علميا، وفوز العالمة الصينية تو يويو بجائزة نوبل في الطب عام 2015، لعملها في علاج الملاريا الذي اعتمد على الممارسات التقليدية والفولوكلور.

بحسب مقالة نشرها موقع سي ان ان فإن بعض الأطباء الأوروبيين يعتقدون أن الطب الصيني يجب أن يأتي مع تحذير صحي. وحذر المجلس الاستشاري العلمي للأكاديميات الأوروبية واتحاد الأكاديميات الأوروبية للطب في بيان مشترك من إدراج الطب الصيني التقليدي في موجز منظمة الصحة العالمية، إذ قد يدفع البعض لاعتباره تشريعا لما هو في الواقع ادعاءات لا أساس لها من الصحة. كما أبدوا قلقهم من لجوء البعض إلى الإنترنت للحصول على العلاجات المنزلية.

تعد الصين من الحضارات الرائدة في مجال الطب الشعبي التقليدي (Getty)

قال جورج غريفين أستاذ الأمراض المعدية والطب في جامعة سانت جورج في لندن: تسهل وسائل التواصل الاجتماعي الآن الحصول على معلومات مضللة. يمكن للأشخاص عديمي الضمير الذين يرغبون في بيع هذه المنتجات وضعها على وسائل التواصل الاجتماعي دون أي إثبات رسمي.

وذكر المقال أنه بالرغم من تقدير قيمة صناعة الطب الصيني التقليدي بنحو 130 مليون دولار في الصين وحدها، فقد كافحت حتى وقت قريب للحصول على قبول واسع خارج شرق اسيا.

في مراجعة للوخز بالإبر وجدت جمعية الطب القائم على العلم ومقرها الولايات المتحدة، ممارسين يقدمون علاجات لكل شيء، من السرطان والسكتة والدماغية ومرض باركنسون وأمراض القلب، إلى الربو والتوحد.

في عام 2009 قام باحثون في جامعة ماريلاند بعمل سبعين مراجعة منهجية للأدوية التقليدية بما في ذلك الوخز بالإبر، والعلاجات العشبية، والعلاج بالكي، وحرق الأعشاب بالقرب من الجلد، ولم يجدوا أي نتائج قوية لصالح الطب الصيني التقليدي بسبب قلة الأدلة، أو ضعف منهجية البحث.

في تجارب أخرى خاضعة للرقابة العلمية أظهرت بعض المنتجات المستخدمة في الطب الصيني بعض الفوائد، مما يثبت مصداقية الطب الصيني التقليدي في نظر مؤيدي منهج الطب البديل. وكانت هناك دعوات لتجديد البحث في هذا المجال ولدراسة العلاجات القديمة الاخرى التي قد تحمل أدلة للتطورات الطبية في المستقبل. وما يثير قلق العديد من العلماء والأطباء هو أنه غالبا ما يتم اعتبار هذه النتائج دليلا على صحة مجال الطب الصيني التقلييدي بأكمله، في حين أن الكثير من ممارساته ليس لها أساس في العلم، ويمكن أن تكون خطرة أو حتى قاتلة. وقد أكدت وكالة الأنباء الصينية ( اكس ان هوا) التي تديرها الدولة قلقها بشأن تفسير هذه الخطوة على أنها خطوة رئيسية في طريق انتشار الطب الصيني إلى العالمية.

بدأت شركات التكنولوجيا في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الادعاءات الطبية المضللة، وأعلنت جووجل أنها تحظر الإعلان عن تقنيات طبية غير مثبتة أو تجريبية، كالعلاج بالخلايا الجذعية والعلاج الخلوي (غير الجذعي) والعلاج الجيني، وتعهد فيس بوك بتقليل المحتوى الصحي المضلل. لكن تأثير الحملة كان محدودا ولا زالت العلاجات الدجالة وفيرة، كما لا زالت بعض الادعاءات المشكوك فيها موجودة على فيس بوك ويوتيوب حول فعالية استخدام الطب الصيني التقليدي في علاج السرطان والأمراض المزمنة الأخرى بسهولة. وقد تزامن انتشارها مع الارتفاع المستمر في حركة مناهضة المطاعيم، والتي كان لها آثار سلبية كبيرة على الصحة العامة في بعض البلدان.

بينما قد يرى العديد من المرضى فوائد في استخدام العلاجاات البديلة بما في ذلك الطب الصيني التقليدي جنبا إلى جنب مع الأدوية الإخرى، تظهر المخاطر عندما يتجنب الأشخاص التدخل الطبي القائم على العلم ويعالجون أنفسهم بعلاجات بديلة.

وأخيرا يذكر المقال أن منتجات الطب الصيني التقليدي ليست ضارة بالضرورة، إلا أن مراجعة شاملة للأدوية والمنتجات الصحية التي يتم بيعها تحت ملصق الطب الصيني التقليدي في هونج كونج في، وجدت أن العديد منها تعرض مستخدميها لخطر شديد بسبب ممارسة الغش، والآثار الجانبية الخطيرة المحتملة. في بعض الحالات تم ربط الوخز بالإبر بإصابة الأنسجة بالعدوى وردود الفعل التحسسية والالتهابة الأخرى. بالإضافة إلى خسارة المرضى الوقت والمال من خلال الاعتماد على بعض طرق الطب البديل غير المجدية التي يمكن أن توفر - في أحسن الأحوال - استجابة وهمية عابرة.

إستراتيجيات الإقناع بالطب البديل 

بالرغم من عدم استناد ممارسي الطب البديل عادة على أي مصادر أو أبحاث علمية، وعدم دراسة معظمهم لأي تخصص طبي، إلا أنهم قادرون على إقناع الناس بأفكارهم، وبارعون في استغلال وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لمنهجهم المزعوم في العلاج من خلال:

  1. استخدام كلمات إنجليزية ومصطلحات طبية لصبغ الحديث صبغة علمية مقنعة.
  2. استخدام حيلة خالف تعرف، إذ يركزون في حديثهم على مخالفة النصائح والمعلومات الطبية السائدة، وشيطنة الأدوية الصيدلانية، وزعم استحداثهم لمنهج الحياة الصحي.
  3. استخدام مصطلح الطب التقليدي بدلا من مصطلح الطب الحديث لإعطائه صورة القديم والبالي، وغير المتجدد حسب حاجات الناس. واستخدام مصطلح الطب البديل لممارساتهم لإظهاره بصورة البطل المنقذ.
  4. محاولة ربط ممارساتهم بمعتقدات دينية وروحية وادعاء قدرة بعض الممارسات على الحماية من الأرواح الشريرة أو السحر والحسد.
  5. الحديث المنمق عن المفعول السحري والسريع لعلاجات الطب البديل، وسهولة وأمان ممارساتهم، بعكس الطب الحديث المتهم لديهم دائما باستخدام الأدوية المسرطنة والجراحات الشريرة.
  6. الظهور بشكل جذاب، جسم صحي ووزن مثالي، وشعر كثيف، وبشرة نقية. لا نستطيع تأكيد أو إلغاء أثر استخدامهم للطب البديل على مظهرهم الجذاب، أو إن كان لجيناتهم الوراثية أو طبيب التجميل وزراعة الشعر دور خفي في ذلك، لكننا نستطيع تأكيد أرباحهم المادية الهائلة من ملايين المشاهدات التي يحصدونها على اليوتيوب، ومن بيع مؤلفاتهم والمكملات الغذائية التي ينتجونها أو يروجون لها على قنواتهم، أو من مواقعهم الإلكترونية التي يستقبلون عليها استشارات المرضى أو يعقدون عليها دورات تدريبية.

لا ننكر الأثر الإيجابي للطب البديل في إقناع ومساعدة العديد من الأشخاص في عيش نظام حياة صحي وتخفيف الوزن، وإظهار خطورة تناول السكر والأطعمة الجاهزة، ونشر أهمية تناول الغذاء الصحي وتقوية المناعة، لكن في كثير من الأحيان قد يسبب الاعتماد الحصري عليه في تفاقم المشكلات الصحية للأشخاص الذين اعتمدوا عليه، ولم يلجؤوا للطب الحديث. ولا ننكر الفوائد الغذائية للأعشاب والزيوت المستخرجة منها، إلا أن الأمر المسلم به هو أن العلاج يجب أن يوصف من طبيب مختص، يعتمد في عمله على الطرق العلمية الحديثة في التشخيص والعلاج.ِ

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أورام الرحم الليفية.. 4 معلومات تلزم معرفتها لكل امرأة

الصحة في العراق.. غاب الدواء وحضرت الأعشاب!

الصحة في اليمن.. موت بالرصاص وآخر بالمرض