08-أبريل-2024
عجائب الدنيا السبع القديمة وما بقي منها

الأهرامات هي الأعجوبة الوحيدة الصامدة من عجائب الدنيا السبع القديمة

قديمًا، حين كان العالم كبيرًا والقارات والبلدان فسيحة وشاسعة، ولم يكن البشر يعيشون في العالم بوصفه قرية صغيرة، كان الناس ممن أتيح لهم السفر يقضون عمرًا طويلًا في التنقل وزيارة المدن والتعرف على معمارها وبنيانها ومسلك أهلها في المعيشة، وكان المسافر من بلده يتعجب لوجود حضارات مجاورة ربما لا تقل عن حضارته تميزًا إن لم تتفوق عليها، ولكن لم يكن متاحًا آنذاك التدوين والتأريخ كما هو الحال الآن فاندثرت الكثير من الوثائق والسجلات، وفنيت العديد من الحضارات، ودمرت الكثير من الأبنية العظيمة المشيدة ظنًا بأنها تهزم الدهر، ولكن لم يبق منها إلا القليل مما يدل على وجودها في ما نجا من مخطوطات مدونة أو أنقاض ظلت هامدة بانتظار أن يجيء من ينبشها.

 

عجائب الدنيا السبع القديمة

عجائب الدنيا السبع القديمة هي معالم شيدها البشر في مختلف البقاع، وهي تنتسب إلى منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط عمومًا، تداول الحديث عنها الرحالة الهيلينيون، من خلال عبورهم أراضي مصر وبابل والعراق، وقد وثق الحديث عنها الشاعر اليوناني أنتيباتر الصيداوي في قصائده التي تؤرخ في فترة القرن الثاني. وعلى الرغم من اندثارها كلها عدا الأهرامات، إلا أنها حظيت بمهابة الناس وإعجابهم في مختلف العصور، وهذه العجائب هي:

  1. الهرم الأكبر

يقع الهرم الأكبر على الضفة الغربية لنهر النيل في الجيزة شمال العاصمة المصرية القاهرة، وهو الوحيد من عجائب الدنيا السبع القديمة الباقي حتى اليوم، وهو هرم خوفو. وقد تم بناؤه في الفترة الممتدة بين 2700-2500 ق.م، وكان الهدف من بنائه أن يكون مقبرة ملكية، إلى جانب هرمين آخرين (مقبرتين) هما هرم خفرع وهرم منقرع.

يحتل هرم خوفو الأكبر مساحة 13 فدانًا، ويقدر عدد الكتل الحجرية التي يحتوي عليها بنحو 2 مليون كتلة، تزن الواحد منها ما بين 2-30 طنًا! ويعد الهرم الأكبر أطول ما بناه الإنسان لقرابة 4000 عام، وقد وجد علماء الآثار كنوزًا عظيمة في هذه المقابر، مع ترجيحهم أن معظم الكنوز قد سرقت مسبقًا بعد 200 -250 عام من اكتمال بنائها. ومن اللافت أنه لم يتمكن الإنسان المعاصر من تشييد ما هو أطول منه حتى امتلك من الوسائل ما يساعده على ذلك، خلال القرن الـ19، فكيف تمكن الفراعنة من بناء الأهرامات دون تكنولوجيا؟؟

يسود الاعتقاد بأن العمال استخدموا البكرات الخشبية والمزلاجات لنقل الحجارة ورفعها عبر الجدران المنحدرة، وانحدارها كمحاكاة لأشعة الشمس التي كان الفراعنة قد اتخذوا من الإله رع إلهًا للشمس يعبدونه. ولعل الطريقة الفعلية لبناء الأهرامات ما تزال لغزًا يحير العلماء حتى اللحظة، فمن يدري.. قد يطلع علينا في المستقبل من يجد دلائل تحل هذا اللغز.

  1. حدائق بابل المعلقة

شهدت ضفة نهر الفرات في العراق ولادة حكاية عن بناء حدائق بابل المعلقة، وهي ربما تكون أقرب إلى الأسطورة، لأنه لم يتمكن أي عالم من اكتشاف أي أثر مهما كان صغيرًا يدل على وجودها، فهل هي حقيقة؟ أم محض حكاية متداولة.. لا أحد يعرف على وجه اليقين، ولو وجدت حقًا ذات يوم ولم يبق منها أثر، أيكفي هذا لنسف حقيقة وجودها لطالما لم يبق هناك شهود عليها؟

وثق الشعراء اليونانيون وجود حدائق في مدينة بابل، كان نبوخذ نصر قد أمر ببنائها لمواساة زوجته التي أحبها. فقد حزنت لمفارقة وطنها في فارس وحنّت لخضرته وجماله. فأصدر أمره ببناء حدائق على ارتفاع 75 قدم على شرفة مربعة مرتكزة على درجات مثل المسارح. ولهذا الغرض يقال إن البابليين استخدموا نظام ري متقدم ليتمكنوا من سقاية النباتات. كل ما وصل إلينا كان من تسجيل الشعراء اليونانيين والرومانيين، والشعر لا يعد وثيقة معترفًا بها، خاصة في حال عدم العثور على أي أثر يحكي عن الحدائق في النقوش المسمارية البابلية.

  1. تمثال الإله زيوس

الإله زيوس هو ملك الآلهة حسب الأساطير اليونانية. ولمكانته صنع النحات الأثيني فيدياس في حوالي نتصف القرن الـ5 ق.م تمثالا بالغ الضخامة، يصور زيوس عاري الصدر على عرش خشبي وزين التمثال بالذهب والعاج. وقد نقل التمثال إلى معبد زيوس في أولمبيا (حيث كانت تجرى الألعاب الأولمبية قديمًا) ويقال إنه كان من الضخامة إلى حد أن رأسه كاد يلامس سقف المعبد، وبقدر ارتفاعه بنحو 40 قدمًا. ظل التمثال في مكانه قرابة 8 قرون، حتى دخلت المسيحية على روما وأقنع رجال الدين الإمبراطور بإغلاق المعبد الوثني في القرن الـ4، وبذلك نقل التمثال إلى القسطنطينية وقد دمر بعد نقله بسبب الحرائق عام 462.

  1. معبد أرتميس

يعود الفضل في بناء معبد أرتميس (إله الصيد في الأساطير اليونانية) إلى المعماريين الكريتيين (من جزيرة كريت اليونانية)  تشيرسيفرون وابنه ميتاجينيس، وقد بني المعبد في المدينة الساحلية اليونانية أفسس. وقد دمر المعبد ورمم أكثر من مرة، ويقال إنه في الليلة التي ولد فيها الإسكندر الكبير احترق المبنى بفعل مواطن يوناني أراد أن يخلد اسمه فحرق المعبد، وذلك قرابة 356 ق.م وأعدم جراء فعلته. وبعد هذه الحاثة أعيد بناء المعبد من جديد وأحيط المبنى بشرفة رخامية طولها يزيد عن 400 متر تضم 127 عمودًا رخاميا بارتفاع 60 قدمًا، وتمثال للإله أرتميس. وبحلول القرن الثالث للميلاد كان المعبد قد دمر تمامًا، ولم يتمكن أحد من تتبع أثره حتى  ستينات القرن الـ19.

تعد منارة الإسكندرية من أهم عجائب الدنيا السبع القديمة، لأهمية موقعها ولدورها في قيادة السفن عبر نهر النيل

  1. ضريح هاليكارناسوس

ضريح هاليكارناسوس الواقع في جنوب تركيا هو مقبرة لملك كارنيا في آسيا الصغرى؛ الملك موسولوس، وقد تم البناء بأمر من زوجته الملكة أرتميسيا، وذلك عام 353 ق.م، وتقول الأسطورة إنها من شدة حزنها قد خلطت رماد جثته المحروقة بالماء وشربته، وأمرت ببناء الضريح.

بني الضريح بالرخام الأبيض كاملًا، ويعتقد ان ارتفاعه قد وصل إلى 135 قدمًا، ويتكون من 3 طبقات مستطيلة؛ الأولى قاعدة من الدرجات بارتفاع 60 قدمًا، والثانية تحتوي على 36 عمود وسقف متدرج على شكل هرم، وفي أعلى سطحه بني الضريح المزين على يد 4 نحاتين، مع تمثال رخامي لعربة تجرها 4 أحصنة بطول 20 قدمًا، ويعد البناء محاولة للتوفيق بين الأساليب المعمارية اليونانية والمصرية والليسية. 

تعرض الضريح للدمار بحلول القرن الـ13 م بسبب الزلازل، وقد استخدمت الأنقاض في تحصين القلاع، وتوجد بعض الأنقاض في المتحف البريطاني في لندن.

  1. تمثال رودس

بني تمثال رودس تعظيما لإله الشمس (هيليوس)، وهو تمثال برونزي ضخم بني على مدار 12 عامًا على يد أمهر البنائين الروديين، في القرن الـ3 ق.م، وقد صممه النحات تشاريس ليكون أطول تمثال آنذاك بارتفاع 100 قدم. ولا يعرف العلماء الموقع الدقيق للتمثال أو كيف كان يبدو على وجه التحديد لأنه دمر بفعل الزلازل ولم يبق منه أثر. وهناك نظريات لهيئة التمثال، فشاع أنه يصور إله الشمس واقفًا بيده شعلة وباليد الأخرى يحمل رمحًا، كما قيل إن التمثال يقف مستندًا على ساق واحدة، ولكن المرجح أنه صمم واقفًا على قدميه القريبتين من بعضهما لدعم وزنه الهائل.

  1. منارة الإسكندرية

تعد منارة الإسكندرية من أهم عجائب الدنيا السبع القديمة، لأهمية موقعها ولدورها في قيادة السفن في نهر النيل عبر ميناء مدينة الإسكندرية المزدحم. بنيت المنارة على جزيرة صغيرة تسمى فاروس وقد صممها معماري يوناني سوستراتوس، وقدا اكتمل بناؤها عام 270 ق.م. وقد بلغت المنارة من الأهمية حد أن نقشت على العملات المعدينة المصكوكة آنذاك، ومن خلال عثور علماء الآثار على هذه العملات عُرف شكلها، الذي كان يتخذ 3 طبقات القاعدة مربعة تعلوها في الوسط قاعدة مثمنة الأضلاع، وأخيرًا القمة الأسطوانية. وفوق القمة تمثال لبطليموس الثاني على الأرجح، ويعتقد العلماء أن طولها بلغ 380 قدمًا، وداخل الجزء العلوي المفتوح من المنارة كانت هناك مرآة كبيرة منحنية كانت تستخدم لتعكس ضوء الشمس أثناء النهار والنار في الليل. ويقال إن البحارة يمكنهم رؤية الضوء على مسافة تصل إلى 35 ميلاً. وتقول الأساطير إن الضوء كان ساطعًا جدًا لدرجة أنه يمكن استخدامه لحرق سفن العدو. وقد دمرت بفعل الزلازل حتى اندثرت عبر الزمن، وبقي منها بعض الأنقاض غافية في نهر النيل. 

 

كل هذه العجائب السبع القديمة اندثرت ما عدا الأهرامات، وذلك كان سببًا لأن تدعو مؤسسة سويسرية إلى حملة للتصويت لقائمة لعجائب الدنيا السبع الجديدة عام 2000، أتاحت للناس في مختلف البلاد بالمشاركة عبر الإنترنت أو الرسائل، وقد اعتمدت نتائج التصويت بحلول عام 2007، ويلحظ أن هذه القائمة ضمت معالم من مختلف القارات ولم تقتصر على منطقة حوض البحر المتوسط كسابقتها، ورغم كل شيء، أدرجت الأهرامات في القائمة الجديدة أيضًا، ربما لأن هذه المقابر المهيبة ستظل أعجوبة على مر الزمان.