02-سبتمبر-2020

تظاهرة في بيروت يوم 1 أيلول/سبتمبر 2020 (فاسيلي بولاركياس/Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير 

حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحزاب السياسية الحاكمة في لبنان من مخاطر عدم الالتزام بتشكيل حكومة كفاءات خلال الأسبوعين القادمين، ملوحًا في ختام زيارته الثانية التي يجريها إلى لبنان خلال أقل من شهر بأنه في حال عدم وفاء الأحزاب اللبنانية بالتزاماتها فإن باريس ستلجأ بالتنسيق مع منظومة الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على لبنان. موجهًا دعوته للرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس الحكومة المكلف حديثًا مصطفى أديب، إلى جانب رئيس مجلس النواب نبيه بري لزيارة قصر الإليزيه الشهر القادم.

أنهى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته إلى لبنان بفرض برنامج عمل على الرئاسات الثلاث والتشكيلة السياسية، ما أثار انتقادات محلية بخصوص الدور الفرنسي المستجد 

وقال ماكرون في مؤتمر صحفي عقد في قصر الصنوبر، مقر السفارة الفرنسية في بيروت، إن "الأطراف السياسية كافة من دون استثناء التزمت هذا المساء بألا يستغرق تشكيل الحكومة أكثر من 15 يومًا"، وهي حالة نادرة في تاريخ الحكومات اللبنانية التي كانت العادة تستغرق في تشكيلها عدة أسابيع قد تمتد لأشهر أحيانًا بسبب خلاف الأحزاب الرئيسية على الحقائب الوزارية.

اقرأ/ي أيضًا: لبنان يكلف سفيره السابق في ألمانيا بتشكيل الحكومة بعد "ضغوط فرنسية"

كما شدد ماكرون في حديثه بشأن  الحكومة المكلف أديب بتشكيلها على وجوب ضمها لـ"شخصيات صاحبة كفاءة، مؤلفة من مجموعة مستقلة ستحظى بدعم كافة الأطراف السياسية التي التزمت مع رئيس الحكومة (أديب)"، مضيفًا أن بلاده ستنظم مؤتمر دعم دولي جديد مع الأمم المتحدة في باريس في النصف الثاني من شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل، بحضور رئيس لبنان إلى جانب رئيسي الحكومة ومجلس النواب لتقييم ما حققته السلطات اللبنانية. لافتًا إلى أنه بموازاة هذا المؤتمر ستتم دعوة الرؤساء الثلاثة إلى مؤتمر آخر لتقييم ما تم تحقيقه من خارطة الطريق.

وكان الرئيس الفرنسي صارمًا في حديثه الموجه للأحزاب السياسية بتحذيره أن "خارطة الطريق ليست شيكًا على بياض أعطي إلى السلطات اللبنانية"، موضحًا بأنه "إذا لم يتم الإيفاء بالوعود في تشرين الأول/أكتوبر، ستكون هناك عواقب (...) إنه مطلب محدد له برنامج زمني يمتد بين 6 إلى 8 أسابيع"، دون أن يستبعد فرض عقوبات على لبنان بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي في حال عدم وفاء الأحزاب اللبنانية بالتزامتها، قبل أن ينهي مؤتمره بالقول إن "فرنسا لن تتخلى عن لبنان". 

فيما تخللت زيارة ماكرون التي بدأت في وقت متأخر من مساء الاثنين 31 آب/أغسطس 2020، زيارة التقى فيها الفنانة اللبنانية الشهيرة فيروز، ورئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، في حين استهل جولته صباح الثلاثاء 1 أيلول/سبتمبر بغرس شتلة شجرة الأرز في محمية غابات في سلسلة الجبال إلى شمال شرق بيروت، رافقها تحليق فريق العروض للقوات الجوية الفرنسية على ارتفاع منخفض. 

إذ قامت طائرات القوات الجوية الفرنسية بإطلاق سحب دخانية تحمل ألوان علم لبنان، وذلك بمناسبة مرور 100 عام على إعلان حدود دولة "لبنان الكبير" في إطار الاتفاقية الاستعمارية التي صاغها البريطاني مارك سايكس والفرنسي جورج بيكو في عام 1916، قبل أن ينال لبنان استقلاله في عام 1943. بعد ذلك توجه ماكرون للقاء الرئيس عون، أعقبها بلقاء مع زعماء وممثلين عن الأحزاب السياسية لإبلاغهم شروط فرنسا والمجتمع الدولي في مقابل حصول لبنان على الدعم المالي لانتشاله من أزمته.

شهدت العاصمة بيروت تظاهرات احتجاجية بعد إعلان التكليف الحكومي مطالبة باستقالة الرئيس اللبناني ورئيس البرلمان

وعلى مقربة من مرفأ بيروت تجمع المئات أمام مجلس النواب في وسط العاصمة، مساء الأول من أيلول/سبتمبر، احتجاجًا على سوء الإدارة والفساد الحكومي الذي أنتجته الأحزاب السياسية الحاكمة في البلاد لما يقارب عقدين من الزمن، مطالبين باستقالة الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري، وتخلل الاحتجاجات محاولات لاقتحام مبنى البرلمان ردت عليها قوات مكافحة الشغب بإطلاق الغاز المسيل للدموع.

اقرأ/ي أيضًا: أبرز 21 مقطع فيديو يوثّق انفجار مرفأ بيروت

يشار إلى أن زيارة ماكرون الثانية قوبلت بكثير من الحذر والشك بحسب تقرير لموقع ميدل إيست أي البريطاني استطلع آراء شرائح مختلفة من المجتمع المحلي اللبناني، والذين تساءلوا بخصوص إمكانية ماكرون أو أحقيته في  لعب هذا الدور البارز في دفع الأحزاب السياسية لتسريع عجلة الإصلاح.

ليعكس تقرير الموقع البريطاني مخاوف المجتمع المحلي بشأن الدور الفرنسي البارز في لبنان، من خلال حصول سفير لبنان السابق في ألمانيا على دعم المجتمع الدولي، بما فيه باريس نفسها، لتشكيل حكومة جديدة. وتتجه مخاوف اللبنانيين إلى حصول الحكومة الجديدة على دعم ماكرون مع قادة الدول الأجنبية، متجاهلين بذلك مسؤولية الأحزاب السياسية إلى حد كبير عن الأزمة التي تعصف بلبنان في الوقت الراهن. 

كما يصف الموقع البريطاني العرض الجوي الذي رافق جولة ماكرون بأنه من "أكثر اللحظات صعوبة"، بعدما ذكّر هدير الطائرات الصاخب والدخان الأحمر الذي أطلق في السماء بانفجار مرفأ بيروت. مشيرًا إلى تعرض العديد من سكان العاصمة بيروت للصدمة من الأصوات، كما أنها تسببت بضغوط نفسية لا داعي لها، في وقت لا زال يعاني سكان العاصمة من أزمات نفسية خلفتها صدمة ما بعد الانفجار الذي لم يمر على حدوثه شهر واحد بعد.

على الرغم من الجهود التي يبذلها ماكرون لدعم تشكيل حكومة وحدة وطنية من الكفاءات لتنفيذ الإصلاحات التي يطالب المجتمع الدولي الساسة اللبنانيين الشروع بتنفيذها، فإن العديد من اللبنانيين عبروا عن عدم ثقتهم بتشكيل مثل هذه الحكومة بما أن الأسباب التي أوصلتهم إلى هذه الفوضى لا تزال نفسها دون أن تتغير. هذا في إشارة لسيطرة الأحزاب السياسية على مفاصل القرار العام في البلاد، رابطين زيارة ماكرون الأخيرة بتاريخ فرنسا الاستعماري الأمر الذي يدعو بنظرهم لـ"القلق".

 

اقرأ/ي أيضًا: